- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا ۖ فَإِنۢ بَغَتْ إِحْدَىٰهُمَا عَلَى ٱلْأُخْرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِى تَبْغِى حَتَّىٰ تَفِىٓءَ إِلَىٰٓ أَمْرِ ٱللَّهِ ۚ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوٓاْ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ
- عربى - نصوص الآيات : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ۖ فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ۚ فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا ۖ إن الله يحب المقسطين
- عربى - التفسير الميسر : وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا فأصلحوا -أيها المؤمنون- بينهما بدعوتهما إلى الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والرضا بحكمهما، فإن اعتدت إحدى الطائفتين وأبت الإجابة إلى ذلك، فقاتلوها حتى ترجع إلى حكم الله ورسوله، فإن رجعت فأصلحوا بينهما بالإنصاف، واعدلوا في حكمكم بأن لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم الله وحكم رسوله، إن الله يحب العادلين في أحكامهم القاضين بين خلقه بالقسط. وفي الآية إثبات صفة المحبة لله على الحقيقة، كما يليق بجلاله سبحانه.
- السعدى : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
هذا متضمن لنهي المؤمنين، [عن] أن يبغي بعضهم على بعض، ويقاتل بعضهم بعضًا، وأنه إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين، فإن على غيرهم من المؤمنين أن يتلافوا هذا الشر الكبير، بالإصلاح بينهم، والتوسط بذلك على أكمل وجه يقع به الصلح، ويسلكوا الطريق الموصلة إلى ذلك، فإن صلحتا، فبها ونعمت، وإن { بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } أي: ترجع إلى ما حد الله ورسوله، من فعل الخير وترك الشر، الذي من أعظمه، الاقتتال، [وقوله] { فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ } هذا أمر بالصلح، وبالعدل في الصلح، فإن الصلح، قد يوجد، ولكن لا يكون بالعدل، بل بالظلم والحيف على أحد الخصمين، فهذا ليس هو الصلح المأمور به، فيجب أن لا يراعى أحدهما، لقرابة، أو وطن، أو غير ذلك من المقاصد والأغراض، التي توجب العدول عن العدل، { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } أي: العادلين في حكمهم بين الناس وفي جميع الولايات، التي تولوها، حتى إنه، قد يدخل في ذلك عدل الرجل في أهله، وعياله، في أدائه حقوقهم، وفي الحديث الصحيح: "المقسطون عند الله، على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم، وما ولوا"
- الوسيط لطنطاوي : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
ثم انتقلت السورة إلى دائرة أوسع وأرحب ، فدعت المؤمنين إلى التدخل بين الطوائف المتنازعة لقعد المصالحة بينها ، وإلى قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى حكم الله - تعالى - فقال - سبحانه - : ( وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين . . . لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) .
وقد ذكروا فى سبب نزول هاتين الآيتين روايات منها : ما رواه الإِمام أحمد عن أنس قال : قيل للنبى - صلى الله عليه وسلم - لو أتيت عبد الله بن أبى؟ فانطلق إليه النبى - صلى الله عليه وسلم وركب حمارا ، وانطلق المسلمون يمشون ، وهى أرض سبخة ، فلما انطلق إليه - عليه الصلاة والسلام - قال إليكم عنى ، فو الله لقد آذانى ريح حمارك . فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله أطيب ريحا منك .
قال : فغضب لعبد الله رجال من قومه ، وغضب للأنصارى أصحابه . قال : فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدى . . فبلغنا أنه أنزلت فيهم ( وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين . . ) .
والخطاب فى الآية لأول الأمر من المسلمين ، والأمر فى قوله ( فَأَصْلِحُواْ ) للوجوب ، والطائفة : الجماعة من الناس .
أى : وإن حدث قتال بين طائفتين من المؤمنين ، فعليكم يا أولى الأمر من المؤمنين أن تتدخلوا بينهما بالإِصلاح ، عن طريق بذل النصح ، وإزالة أسباب الخلاف .
والتعبير " بإن " للإِشعار بأنه لا يصح أن يقع قتال بين المؤمنين ، فإن وقع على سبيل الندرة ، فعلى المسلمين أن يعملوا بكل وسيلة على إزالته .
وجاء " إقتتلوا " بلفظ الجمع ، لأن لفظ الطائفة وإن كان مفردا فى اللفظ إلا أنه جمع فى المعنى ، فروعى فيه المعنى هنا . وروعى فيه اللفظ فى قوله ( بَيْنَهُمَا ) .
قالوا : والنكنة فى ذلك أنهم فى حال القتال يكونون مختلطين فلذا جاء الاسلوب بصيغة الجمع ، وفى حال الصلح يكونون متميزين متفرقين فلذا جاء الأسلوب بصيغة التثنية .
ثم بين - سبحانه - حكمه فى حال اعتداء إحداهما على الأخرى فقال : ( فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الأخرى فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي حتى تفياء إلى أَمْرِ الله ) .
والبغى : التعدى وتجاوز الحد والامتناع عن قبول الصلح المؤدى إلى الصواب .
أى : فإن بغت إحدى الطائفتين على الأخرى ، وتجاوزت حدود العدل والحق ، فقاتلوا - أيها المؤمنون - الفتة الباغية ، حتى تفئ وترجع إلى حكم الله - تعالى - وأمره ، وحتى تقبل الصلح الذى أمرناكم بأن تقيموه بينهم .
وقوله : ( فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بالعدل وأقسطوا ) بيان لما يجب على المؤمنين أن يفعلوه مع الفئة الباغية ، إذا ما قبلت الصلح ورجعت إلى حكم الله - تعالى - .
أى : فإن رجعت الفئة الباغية عن بغيها ، وقبلت الصلح ، وأقلعت عن القتال ، فأصلحوا بين الطائفتين إصلاحا متسما بالعدل التام وبالقسط الكامل .
وقيد - سبحانه - الإِصلاح بالعدل . ثم أكد ذلك بالأمر بالقسط حتى يلتزم الذين يقومون بالصلح بينهما العدالة الى لا يشوبها أى حيف أو جور على إحدى الطائفتين .
وقوله : ( إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين ) تذييل المقصود به حض المؤمنين على التقيد بالعدل فى أحكامهم ، لأن الله - تعالى - يحب من يفعل ذلك .
- البغوى : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
قوله - عز وجل - : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) الآية .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا مسدد ، حدثنا معتمر قال : سمعت أبي يقول : إن أنسا قال : قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : لو أتيت عبد الله بن أبي ، فانطلق إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون معه ، وهي أرض سبخة ، فلما أتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إليك عني ، والله لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من الأنصار منهم : والله لحمار رسول الله أطيب ريحا منك ، فغضب لعبد الله رجل من قومه فتشاتما ، فغضب لكل واحد منهما أصحابه ، فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنها نزلت : " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " .
ويروى أنها لما نزلت قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاصطلحوا وكف بعضهم عن بعض .
وقال قتادة : نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مداراة في حق بينهما ، فقال أحدهما للآخر : لآخذن حقي منك عنوة ، لكثرة عشيرته ، وإن الآخر دعاه ليحاكمه إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يتبعه ، فلم يزل الأمر بينهما حتى تدافعوا وتناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال ، ولم يكن قتال بالسيوف .
وقال سفيان عن السدي : كانت امرأة من الأنصار يقال لها أم زيد تحت رجل ، وكان بينها وبين زوجها شيء فرقي بها إلى علية وحبسها ، فبلغ ذلك قومها فجاءوا ، وجاء قومه فاقتتلوا بالأيدي والنعال ، فأنزل الله - عز وجل - : " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " بالدعاء إلى حكم كتاب الله والرضا بما فيه لهما وعليهما ( فإن بغت إحداهما ) تعدت إحداهما ، ( على الأخرى ) وأبت الإجابة إلى حكم كتاب الله ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء ) ترجع ( إلى أمر الله ) في كتابه ( فإن فاءت ) رجعت إلى الحق ( فأصلحوا بينهما بالعدل ) بحملهما على الإنصاف والرضا بحكم الله ( وأقسطوا ) اعدلوا ( إن الله يحب المقسطين ) .
- ابن كثير : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
يقول تعالى آمرا بالإصلاح بين المسلمين الباغين بعضهم على بعض : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) ، فسماهم مؤمنين مع الاقتتال . وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج من الإيمان بالمعصية وإن عظمت ، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم . وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن ، عن أبي بكرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب يوما ومعه على المنبر الحسن بن علي ، فجعل ينظر إليه مرة وإلى الناس أخرى ويقول : " إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " . فكان كما قال ، صلوات الله وسلامه عليه ، أصلح الله به بين أهل الشام وأهل العراق ، بعد الحروب الطويلة والواقعات المهولة .
وقوله : ( فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) أي : حتى ترجع إلى أمر الله وتسمع للحق وتطيعه ، كما ثبت في الصحيح عن أنس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " . قلت : يا رسول الله ، هذا نصرته مظلوما فكيف أنصره ظالما ؟ قال : " تمنعه من الظلم ، فذاك نصرك إياه " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عارم ، حدثنا معتمر قال : سمعت أبي يحدث : أن أنسا قال : قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : لو أتيت عبد الله بن أبي ؟ فانطلق إليه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وركب حمارا ، وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سبخة ، فلما انطلق إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إليك عني ، فوالله لقد آذاني ريح حمارك " فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله أطيب ريحا منك . قال : فغضب لعبد الله رجال من قومه ، فغضب لكل واحد منهما أصحابه ، قال : فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنه أنزلت فيهم : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما )
ورواه البخاري في " الصلح " عن مسدد ، ومسلم في " المغازي " عن محمد بن عبد الأعلى ، كلاهما عن المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، به نحوه .
وذكر سعيد بن جبير : أن الأوس والخزرج كان بينهما قتال بالسعف والنعال ، فأنزل الله هذه الآية ، فأمر بالصلح بينهما .
وقال السدي : كان رجل من الأنصار يقال له : " عمران " ، كانت له امرأة تدعى أم زيد ، وإن المرأة أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها في علية له لا يدخل عليها أحد من أهلها . وإن المرأة بعثت إلى أهلها ، فجاء قومها وأنزلوها لينطلقوا بها ، وإن الرجل قد كان خرج ، فاستعان أهل الرجل ، فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها ، فتدافعوا واجتلدوا بالنعال ، فنزلت فيهم هذه الآية . فبعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصلح بينهم ، وفاءوا إلى أمر الله .
وقوله : ( فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ) أي : اعدلوا بينهم فيما كان أصاب بعضهم لبعض ، بالقسط ، وهو العدل ، ( إن الله يحب المقسطين )
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا عبد الأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ بين يدي الرحمن ، بما أقسطوا في الدنيا " .
ورواه النسائي عن محمد بن المثنى ، عن عبد الأعلى ، به . وهذا إسناده جيد قوي ، رجاله على شرط الصحيح .
وحدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور على يمين العرش ، الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا " .
ورواه مسلم والنسائي ، من حديث سفيان بن عيينة ، به .
- القرطبى : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
قوله تعالى : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين .
فيه عشر مسائل :
الأولى : قوله تعالى : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا روى المعتمر بن سليمان عن أنس بن مالك قال : قلت : يا نبي الله ، لو أتيت عبد الله بن أبي ؟ فانطلق إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سبخة ، فلما أتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إليك عني! فوالله لقد آذاني نتن حمارك . فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطيب ريحا منك . فغضب لعبد الله رجل من قومه ، وغضب لكل واحد منهما أصحابه ، فكان بينهم حرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنه أنزل فيهم هذه الآية .
وقال مجاهد : نزلت في الأوس والخزرج . قال مجاهد : تقاتل حيان من الأنصار بالعصي والنعال فنزلت الآية . ومثله عن سعيد بن جبير : أن الأوس والخزرج كان بينهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتال بالسعف والنعال ونحوه ، فأنزل الله هذه الآية فيهم .
وقال قتادة : نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مدارأة في حق بينهما! فقال أحدهما : لآخذن حقي عنوة ، لكثرة عشيرته . ودعاه الآخر إلى أن يحاكمه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يتبعه ، فلم يزل الأمر بينهما حتى تواقعا وتناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال والسيوف ، فنزلت هذه الآية . وقال الكلبي : نزلت في حرب سمير وحاطب ، وكان سمير قتل حاطبا ، فاقتتل الأوس والخزرج حتى أتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فنزلت . وأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين أن يصلحوا بينهما . وقال السدي : كانت امرأة من الأنصار يقال لها : أم زيد تحت رجل من غير الأنصار ، فتخاصمت مع زوجها ، أرادت أن تزور قومها فحبسها زوجها وجعلها في علية لا يدخل عليها أحد من أهلها ، وأن المرأة بعثت إلى قومها ، فجاء قومها فأنزلوها لينطلقوا بها ، فخرج الرجل فاستغاث أهله فخرج بنو عمه ليحولوا بين المرأة وأهلها ، فتدافعوا وتجالدوا بالنعال ، فنزلت الآية .
والطائفة تتناول الرجل الواحد والجمع والاثنين ، فهو مما حمل على المعنى دون اللفظ ; لأن الطائفتين في معنى القوم والناس . وفي قراءة عبد الله ( حتى يفيئوا إلى أمر الله فإن فاءوا فخذوا بينهم بالقسط ) وقرأ ابن أبي عبلة ( اقتتلتا ) على لفظ الطائفتين . وقد مضى في آخر ( براءة ) القول فيه . وقال ابن عباس في قوله - عز وجل - : وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين قال : الواحد فما فوقه ، والطائفة من الشيء القطعة منه . فأصلحوا بينهما بالدعاء إلى كتاب الله لهما أو عليهما . فإن بغت إحداهما على الأخرى تعدت ولم تجب إلى حكم الله وكتابه . والبغي : التطاول والفساد . فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله أي ترجع إلى كتابه . فإن فاءت أي فإن رجعت فأصلحوا بينهما بالعدل أي احملوهما على الإنصاف . وأقسطوا أيها الناس فلا تقتتلوا . وقيل : أقسطوا أي : اعدلوا . إن الله يحب المقسطين أي العادلين المحقين .
الثانية : قال العلماء : لا تخلو الفئتان من المسلمين في اقتتالهما ، إما أن يقتتلا على سبيل البغي منهما جميعا أو لا . فإن كان الأول فالواجب في ذلك أن يمشى بينهما بما يصلح ذات البين ويثمر المكافة والموادعة . فإن لم يتحاجزا ولم يصطلحا وأقامتا على البغي صير إلى مقاتلتهما . وأما إن كان الثاني وهو أن تكون إحداهما باغية على الأخرى ، فالواجب أن تقاتل فئة البغي إلى أن تكف وتتوب ، فإن فعلت أصلح بينها وبين المبغي عليها بالقسط والعدل . فإن التحم القتال بينهما لشبهة دخلت عليهما وكلتاهما عند أنفسهما محقة ، فالواجب إزالة الشبهة بالحجة النيرة والبراهين القاطعة على مراشد الحق . فإن ركبتا متن اللجاج ولم تعملا على شاكلة ما هديتا إليه ونصحتا به من اتباع الحق بعد وضوحه لهما فقد لحقتا بالفئتين الباغيتين . والله أعلم .
الثالثة : هذه الآية دليل على وجوب قتال الفئة الباغية المعلوم بغيها على الإمام أو على أحد من المسلمين ، وعلى فساد قول من منع من قتال المؤمنين ، واحتج بقوله - عليه السلام - : ( قتال المؤمن كفر ) . ولو كان قتال المؤمن الباغي كفرا لكان الله تعالى قد أمر بالكفر ، تعالى الله عن ذلك! وقد قاتل الصديق - رضي الله عنه - : من تمسك بالإسلام وامتنع من الزكاة ، وأمر ألا يتبع مول ، ولا يجهز على جريح ، ولم تحل أموالهم ، بخلاف الواجب في الكفار . وقال الطبري : لو كان الواجب في كل اختلاف يكون بين الفريقين الهرب منه ولزوم المنازل لما أقيم حد ولا أبطل باطل ، ولوجد أهل النفاق والفجور سبيلا إلى استحلال كل ما حرم الله عليهم من أموال المسلمين وسبي نسائهم وسفك دمائهم ، بأن يتحزبوا عليهم ، ويكف المسلمون أيديهم عنهم ، وذلك مخالف لقوله - عليه السلام - : ( خذوا على أيدي سفهائكم ) .
الرابعة : قال القاضي أبو بكر بن العربي : هذه الآية أصل في قتال المسلمين ، والعمدة في حرب المتأولين ، وعليها عول الصحابة ، وإليها لجأ الأعيان من أهل الملة ، وإياها عنى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ( تقتل عمارا الفئة الباغية ) . وقوله - عليه السلام - في شأن الخوارج : ( يخرجون على خير فرقة أو على حين فرقة ] ، والرواية الأولى أصح ، لقوله - عليه السلام - : ( تقتلهم أولى الطائفتين إلى الحق ) . وكان الذي قتلهم علي بن أبي طالب ومن كان معه . فتقرر عند علماء المسلمين وثبت بدليل الدين أن عليا - رضي الله عنه - كان إماما ، وأن كل من خرج عليه باغ وأن قتاله واجب حتى يفيء إلى الحق وينقاد إلى الصلح ; لأن عثمان - رضي الله عنه - قتل والصحابة برآء من دمه ; لأنه منع من قتال من ثار عليه وقال : لا أكون أول من خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمته بالقتل ، فصبر على البلاء ، واستسلم للمحنة وفدى بنفسه الأمة . ثم لم يمكن ترك الناس سدى ، فعرضت على باقي الصحابة الذين ذكرهم عمر في الشورى ، وتدافعوها ، وكان علي كرم الله وجهه أحق بها وأهلها ، فقبلها حوطة على الأمة أن تسفك دماؤها بالتهارج والباطل ، أو يتخرق أمرها إلى ما لا يتحصل . فربما تغير الدين وانقض عمود الإسلام . فلما بويع له طلب أهل الشام في شرط البيعة التمكن من قتلة عثمان وأخذ القود منهم ، فقال لهم علي - رضي الله عنه - : ادخلوا في البيعة واطلبوا الحق تصلوا إليه . فقالوا : لا تستحق بيعة وقتلة عثمان معك تراهم صباحا ومساء . فكان علي في ذلك أشد رأيا وأصوب قيلا ; لأن عليا لو تعاطى القود منهم لتعصبت لهم قبائل وصارت حربا ثالثة ، فانتظر بهم أن يستوثق الأمر وتنعقد البيعة ، ويقع الطلب من الأولياء في مجلس الحكم ، فيجري القضاء بالحق .
ولا خلاف بين الأمة أنه يجوز للإمام تأخير القصاص إذا أدى ذلك إلى إثارة الفتنة أو تشتيت الكلمة . وكذلك جرى لطلحة والزبير ، فإنهما ما خلعا عليا من ولاية ولا اعترضا عليه في ديانة ، وإنما رأيا أن البداءة بقتل أصحاب عثمان أولى .
قلت : فهذا قول في سبب الحرب الواقع بينهم . وقال جلة من أهل العلم : إن الوقعة بالبصرة بينهم كانت على غير عزيمة منهم على الحرب بل فجأة ، وعلى سبيل دفع كل واحد من الفريقين عن أنفسهم لظنه أن الفريق الآخر قد غدر به ; لأن الأمر كان قد انتظم بينهم ، وتم الصلح والتفرق على الرضا . فخاف قتلة عثمان - رضي الله عنه - من التمكين منهم والإحاطة بهم ، فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا ، ثم اتفقت آراؤهم على أن يفترقوا فريقين ، ويبدءوا بالحرب سحرة في العسكرين ، وتختلف السهام بينهم ، ويصيح الفريق الذي في عسكرعلي : غدر طلحة والزبير . والفريق الذي في عسكر طلحة والزبير : غدر علي . فتم لهم ذلك على ما دبروه ، ونشبت الحرب ، فكان كل فريق دافعا لمكرته عند نفسه ، ومانعا من الإشاطة بدمه . وهذا صواب من الفريقين وطاعة لله تعالى ، إذ وقع القتال والامتناع منهما على هذه السبيل . وهذا هو الصحيح المشهور . والله أعلم .
الخامسة : قوله تعالى : فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله أمر بالقتال . وهو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، ولذلك تخلف قوم من الصحابة - رضي الله عنهم - عن هذه المقامات ، كسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمرو ومحمد بن مسلمة وغيرهم . وصوب ذلك علي بن أبي طالب لهم ، واعتذر إليه كل واحد منهم بعذر قبله منه . ويروى أن معاوية - رضي الله عنه - لما أفضى إليه الأمر ، عاتب سعدا على ما فعل ، وقال له : لم تكن ممن أصلح بين الفئتين حين اقتتلا ، ولا ممن قاتل الفئة الباغية . فقال له سعد : ندمت على تركي قتال الفئة الباغية . فتبين أنه ليس على الكل درك فيما فعل ، وإنما كان تصرفا بحكم الاجتهاد وإعمالا بمقتضى الشرع . والله أعلم .
السادسة : وقوله تعالى : فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ومن العدل في صلحهم ألا يطالبوا بما جرى بينهم من دم ولا مال ، فإنه تلف على تأويل . وفي طلبهم تنفير لهم عن الصلح واستشراء في البغي . وهذا أصل في المصلحة . وقد قال لسان الأمة : إن حكمة الله تعالى في حرب الصحابة التعريف منهم لأحكام قتال أهل التأويل ، إذ كان أحكام قتال أهل الشرك قد عرفت على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفعله .
السابعة : إذا خرجت على الإمام العدل خارجة باغية ولا حجة لها ، قاتلهم الإمام بالمسلمين كافة أو من فيه كفاية ، ويدعوهم قبل ذلك إلى الطاعة والدخول في الجماعة ، فإن أبوا من الرجوع والصلح قوتلوا . ولا يقتل أسيرهم ولا يتبع مدبرهم ولا يذفف على جريحهم ، ولا تسبى ذراريهم ولا أموالهم . وإذا قتل العادل الباغي ، أو الباغي العادل وهو وليه لم يتوارثا . ولا يرث قاتل عمدا على حال . وقيل : إن العادل يرث الباغي ، قياسا على القصاص .
الثامنة : وما استهلكه البغاة والخوارج من دم أو مال ثم تابوا لم يؤاخذوا به . وقال أبو حنيفة : يضمنون . وللشافعي قولان . وجه قول أبي حنيفة أنه إتلاف بعدوان فيلزم الضمان . والمعول في ذلك عندنا أن الصحابة - رضي الله عنهم في حروبهم لم يتبعوا مدبرا ولا ذففوا على جريح ولا قتلوا أسيرا ولا ضمنوا نفسا ولا مالا ، وهم القدوة . وقال ابن عمر : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( يا عبد الله أتدري كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة ) ؟ قال : الله ورسوله أعلم . فقال : ( لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيؤها ) . فأما ما كان قائما رد بعينه . هذا كله فيمن خرج بتأويل يسوغ له . وذكر الزمخشري في تفسيره : إن كانت الباغية من قلة العدد بحيث لا منعة لها ضمنت بعد الفيئة ما جنت ، وإن كانت كثيرة ذات منعة وشوكة لم تضمن ، إلا عند محمد بن الحسن رحمه الله فإنه كان يفتي بأن الضمان يلزمها إذا فاءت . وأما قبل التجمع والتجند أو حين تتفرق عند وضع الحرب أوزارها ، فما جنته ضمنته عند الجميع . فحمل الإصلاح بالعدل في قوله : فأصلحوا بينهما بالعدل على مذهب محمد واضح منطبق على لفظ التنزيل . وعلى قول غيره وجهه أن يحمل على كون الفئة الباغية قليلة العدد . والذي ذكروا أن الغرض إماتة الضغائن وسل الأحقاد دون ضمان الجنايات ليس بحسن الطباق المأمور به من أعمال العدل ومراعاة القسط . قال الزمخشري : فإن قلت : لم قرن بالإصلاح الثاني العدل دون الأول ؟ قلت : لأن المراد بالاقتتال في أول الآية أن يقتتلا باغيتين أو راكبتي شبهة ، وأيتهما كانت فالذي يجب على المسلمين أن يأخذوا به في شأنهما إصلاح ذات البين وتسكين الدهماء بإراءة الحق والمواعظ الشافية ونفي الشبهة ، إلا إذا أصرتا فحينئذ تجب المقاتلة ، وأما الضمان فلا يتجه . وليس كذلك إذا بغت إحداهما ، فإن الضمان متجه على الوجهين المذكورين .
التاسعة : ولو تغلبوا على بلد فأخذوا الصدقات وأقاموا الحدود وحكموا فيهم بالأحكام ، لم تثن عليهم الصدقات ولا الحدود ، ولا ينقض من أحكامهم إلا ما كان خلافا للكتاب أو السنة أو الإجماع ، كما تنقض أحكام أهل العدل والسنة ، قاله مطرف وابن الماجشون . وقال ابن القاسم : لا تجوز بحال . وروي عن أصبغ أنه جائز . وروي عنه أيضا أنه لا يجوز كقول ابن القاسم . وبه قال أبو حنيفة ; لأنه عمل بغير حق ممن لا تجوز توليته . فلم يجز كما لو لم يكونوا بغاة . والعمدة لنا ما قدمناه من أن الصحابة - رضي الله عنهم ، لما انجلت الفتنة وارتفع الخلاف بالهدنة والصلح ، لم يعرضوا لأحد منهم في حكم . قال ابن العربي : الذي عندي أن ذلك لا يصلح ; لأن الفتنة لما انجلت كان الإمام هو الباغي ، ولم يكن هناك من يعترضه والله أعلم .
العاشرة : لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به ، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأرادوا الله عز وجل ، وهم كلهم لنا أئمة ، وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم ، وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر ، لحرمة الصحبة ولنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سبهم ، وأن الله غفر لهم ، وأخبر بالرضا عنهم . هذا مع ما قد ورد من الأخبار من طرق مختلفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض ، فلو كان ما خرج إليه من الحرب عصيانا لم يكن بالقتل فيه شهيدا . وكذلك لو كان ما خرج إليه خطأ في التأويل وتقصيرا في الواجب عليه ; لأن الشهادة لا تكون إلا بقتل في طاعة ، فوجب حمل أمرهم على ما بيناه . ومما يدل على ذلك ما قد صح وانتشر من أخبار علي بأن قاتل الزبير في النار . وقوله : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( بشر قاتل ابن صفية بالنار ) . وإذا كان كذلك فقد ثبت أن طلحة والزبير غير عاصيين ولا آثمين بالقتال ; لأن ذلك لو كان كذلك لم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلحة : ( شهيد ) . ولم يخبر أن قاتل الزبير في النار . وكذلك من قعد غير مخطئ في التأويل . بل صواب أراه الله الاجتهاد . وإذا كان كذلك لم يوجب ذلك لعنهم ، والبراءة منهم وتفسيقهم ، وإبطال فضائلهم وجهادهم ، وعظيم غنائهم في الدين - رضي الله عنهم . وقد سئل بعضهم عن الدماء التي أريقت فيما بينهم فقال : تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون .
سئل بعضهم عنها أيضا فقال : تلك دماء طهر الله منها يدي ، فلا أخضب بها لساني . يعني في التحرز من الوقوع في خطأ ، والحكم على بعضهم بما لا يكون مصيبا فيه . قال ابن فورك : ومن أصحابنا من قال : إن سبيل ما جرت بين الصحابة من المنازعات كسبيل ما جرى بين إخوة يوسف مع يوسف ، ثم إنهم لم يخرجوا بذلك عن حد الولاية والنبوة ، فكذلك الأمر فيما جرى بين الصحابة . وقال المحاسبي : فأما الدماء فقد أشكل علينا القول فيها باختلافهم . وقد سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال : قتال شهده أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وغبنا ، وعلموا وجهلنا ، واجتمعوا فاتبعنا ، واختلفوا فوقفنا . قال المحاسبي : فنحن نقول كما قال الحسن ، ونعلم أن القوم كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا ، ونتبع ما اجتمعوا عليه ، ونقف عند ما اختلفوا فيه ولا نبتدع رأيا منا ، ونعلم أنهم اجتهدوا وأرادوا الله عز وجل ، إذ كانوا غير متهمين في الدين ، ونسأل الله التوفيق .
- الطبرى : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)
يقول تعالى ذكره: وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا, فأصلحوا أيها المؤمنون بينهما بالدعاء إلى حكم كتاب الله, والرضا بما فيه لهما وعليهما, وذلك هو الإصلاح بينهما بالعدل ( فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى ) يقول: فإن أبَت إحدى هاتين الطائفتين الإجابة إلى حكم كتاب الله له, وعليه وتعدّت ما جعل الله عدلا بين خلقه, وأجابت الأخرى منهما( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ) يقول: فقاتلوا التي تعتدي, وتأبى الإجابة إلى حكم الله ( حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) يقول: حتى ترجع إلى حكم الله الذي حكم في كتابه بين خلقه ( فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ ) يقول: فإن رجعت الباغية بعد قتالكم إياهم إلى الرضا بحكم الله في كتابه, فأصلحوا بينها وبين الطائفة الأخرى التي قاتلتها بالعدل: يعني بالإنصاف بينهما, وذلك حكم الله في كتابه الذي جعله عدلا بين خلقه.
وينحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) فإن الله سبحانه أمر النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله, وينصف بعضهم من بعض, فإن أجابوا حكم فيهم بكتاب الله, حتى ينصف المظلوم من الظالم, فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ, فحقّ على إمام المؤمنين أن يجاهدهم ويقاتلهم, حتى يفيئوا إلى أمر الله, ويقرّوا بحكم الله.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا )... إلى آخر الآية, قال: هذا أمر من الله أمر به الوُلاة كهيئة ما تكون العصبة بين الناس, وأمرهم أن يصلحوا بينهما, فإن أبوْا قاتل الفئة الباغية, حتى ترجع إلى أمر الله, فإذا رجعت أصلحوا بينهما, وأخبروهم أن المؤمنين إخوة, فأصلحوا بين أخويكم; قال: ولا يقاتل الفئة الباغية إلا الإمام.
وذُكر أن هذه الآية نـزلت في طائفتين من الأوس والخزرج اقتتلتا في بعض ما تنازعتا فيه, مما سأذكره إن شاء الله تعالى.
* ذكر الرواية بذلك:
حدثني محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا معتمر بن سليمان, عن أبيه, عن أنس, قال: قيل للنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: لو أتيت عبد الله بن أُبيّ, قال: فانطلق إليه وركب حمارا, وانطلق المسلمون, وهي أرض سبخة; فلما أتاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: إليك عني, فوالله لقد آذاني نتن حمارك, فقال رجل من الأنصار: والله لنتن حمار رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أطيب ريحا منك, قال: فغضب لعبد الله بن أُبيّ رجل من قومه قال: فغضب لكل واحد منهما أصحابه, قال: فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال, فبلغنا أنه نـزلت فيهم ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ).
حدثني أبو حُصين عبد الله بن أحمد بن يونس, قال: ثنا عبثر, قال: ثني حصين, عن أبي مالك في قوله ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) قال: رجلان اقتتلا فغضب لذا قومه, ولذا قومه, فاجتمعوا حتى اضربوا بالنعال حتى كاد يكون بينهم قتال, فأنـزل الله هذه الآية.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا هشيم, عن حصين, عن أبي مالك, في قوله ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) قال: كان بينهم قتال بغير سلاح.
حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن أبي مالك, في قوله ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) قال: كانا حيين من أحياء الأنصار, كان بينهما تنازع بغير سلاح.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: أخبرنا جرير, عن منصور, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, في قوله ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) قال: كان قتالهم بالنعال والعصيّ, فأمرهم أن يصلحوا بينهم.
قال: ثنا مهران, قال: ثنا المُبارك بن فَضَالة, عن الحسن ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) قال: كانت تكون الخصومة بين الحيين, فيدعوهم إلى الحكم, فيأبَوْن أن يجيبوا فأنـزل الله : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) يقول: ادفعوهم إلى الحكم, فكان قتالهم الدفع.
قال: ثنا مهران, قال: ثنا سفيان, عن السديّ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) قال: كانت امرأة من الأنصار يقال لها أم زيد, تحت رجل, فكان بينها وبين زوجها شيء, فرقاها إلى علية, فقال لهم: احفظوا, فبلغ ذلك قومها, فجاءوا وجاء قومه, فاقتتلوا بالأيدي والنعال فبلغ ذلك النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فجاء ليصلح بينهم, فنـزل القرآن ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى ) قال: تبغي: لا ترضى بصلح رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, أو بقضاء رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) قال: الأوس والخزرج اقتتلوا بالعصيّ بينهم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا )... الآية, ذُكر لنا أنها نـزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مدارأة في حقّ بينهما, فقال أحدهما للآخر: لآخذنه عنوة لكثرة عشيرته, وأن الآخر دعاه ليحاكمه إلى نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأبى أن يتبعه, فلم يزل الأمر حتى تدافعوا, وحتى تناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال, ولم يكن قتال بالسيوف, فأمر الله أن تُقاتل حتى تفيء إلى أمر الله, كتاب الله, وإلى حكم نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; وليست كما تأوّلها أهل الشبهات, وأهل البدع, وأهل الفراء على الله وعلى كتابه, أنه المؤمن يحلّ لك قتله, فوالله لقد عظَّم الله حُرمة المؤمن حتى نهاك أن تظنّ بأخيك إلا خيرا, فقال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ... الآية.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن, أن قوما من المسلمين كان بينهم تنازع حتى اضطربوا بالنعال والأيدي, فأنـزل الله فيهم ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) قال قتادة: كان رجلان بينهما حقّ, فتدارءا فيه, فقال أحدهما: لآخذنَّه عنوة, لكثرة عشيرته; وقال الآخر: بيني وبينك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فتنازعا حتى كان بينهما ضرب بالنعال والأيدي.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, قال: ثني عبد الله بن عباس, قال: قال زيد, في قول الله تعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) , وذلك الرجلان يقتتلان من أهل الإسلام, أو النفر والنفر, أو القبيلة والقبيلة; فأمر الله أئمة المسلمين أن يقضوا بينهم بالحقّ الذي أنـزله في كتابه: إما القصاص والقود, وإمَّا العقل والعير, وإمَّا العفو,( فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى ) بعد ذلك كان المسلمون مع المظلوم على &; 22-296 &; الظالم, حتى يفيء إلى أمر الله, ويرضى به.
حدثنا ابن البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: أخبرنا نافع بن يزيد, قال: أخبرنا ابن جُرَيج, قال: ثني ابن شهاب وغيره: يزيد في الحديث بعضهم على بعض, قال: " جلس رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في مجلس فيه عبد الله بن رواحة, وعبد الله بن أُبيّ بن سلول: فلما ذهب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال عبد الله بن أُبيّ بن سلول: لقد آذانا بول حماره, وسدّ علينا الروح, وكان بينه وبين ابن رواحة شيء حتى خرجوا بالسلاح, فأتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأتاهم, فحجز بينهم, فلذلك يقول عبد الله بن أُبيّ:
مَتـى مـا يَكُـنْ مَوْلاكَ خَصْمَكَ جاهدا
تُظَلَّــم وَيَصْـرَعْكَ الَّـذينَ تُصَـارِعُ (2)
قال: فأنـزلت فيهم هذه الآية ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ).
وقوله ( وَأَقْسِطُوا ) يقول تعالى ذكره: واعدلوا أيها المؤمنون في حكمكم بين من حكمتم بينهم بأن لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم الله وحكم رسوله ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) يقول: إن الله يحب العادلين في أحكامهم, القاضين بين خلقه بالقسط.
------------------------
الهوامش:
(2) البيت لعبد الله بن أبي بن سلول ، كما عزاه المؤلف . وقد وردت قصيدة ابن سلول هذه في السيرة لابن هشام الطبعة الأولى بمطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بالقاهرة 2 : 236 ، 237 . وورد في أثنائها البيت ومعه بيت آخر ، رواه ابن هشام عن غير ابن إسحاق وهما :
متـى مـا يكن مولاك خصمك لا تـزل
تــذل ويصـرعك الـذين تصــارع
وهـل ينهـض البـازي بغـير جناحه
وإن جـذ يومـا ريشـه فهـو واقـع
وكان النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارًا ، قاصدًا إلى سعد بن عبادة يعوده من شكو أصابه ، فمر بطريقه بأطم ابن سلول ، فنزل يسلم عليه ، وتلا عنده شيئا من القرآن . فكلم رسول الله كلامًا خشنًا ، ونهاه أن يغشى مجالس الأنصار ، ويعرض عليهم القرآن . وكان ابن رواحة حاضرًا ، فتلطف برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : بلى فاغشنا به ، وائتنا في مجالسنا ودورنا وبيوتنا ، هو والله مما نحب ، ومما أكرمنا الله به ، وهدانا له ، فقال ابن أبي حين رأى من خلاف قومه ما رأى ... البيتين .
- ابن عاشور : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9(
لما جرى قوله : { أن تصيبوا قوماً بجهالة } [ الحجرات : 6 ] الآية كان مما يصدق عليه إصابة قوم أن تقع الإصابة بين طائفتين من المؤمنين لأن من الأخبار الكاذبة أخبار النميمة بين القبائل وخطرها أكبر مما يجري بين الأفراد والتبين فيها أعسر ، وقد لا يحصل التبيّن إلا بعد أن تستعر نار الفتنة ولا تجدي الندامة . وفي «الصحيحين» عن أنس بن مالك : أن الآية نزلت في قصة مرور رسول الله صلى الله عليه وسلم على مجلس فيه عبد الله بنُ أبيّ بنُ سلول ورسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وبال الحمار ، فقال عبد الله بن أُبَيّ : خلّ سبيل حمارك فقد آذانا نتنه . فقال له عبد الله بن رواحة : والله إن بول حماره لأطيَبُ من مسكك فاستَبَّا وتجالدا وجاء قوماهما الأوس والخزرج ، فتجالدوا بالنعال والسعف فرجع إليهم رسول الله فأصلح بينهم . . . فنزلت هذه الآية . وفي «الصحيحين» عن أسامة بن زيد : وليس فيه أن الآية نزلت في تلك الحادثة .
ويناكد هذا أن تلك الوقعة كانت في أول أيام قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة . وهذه السورة نزلت سنة تسع من الهجرة وأن أنس بن مالك لم يجزم بنزولها في ذلك لقوله : فبلغنا أن نزلت فيهم { وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } . اللهم أن تكون هذه الآية ألحقت بهذه السورة بعد نزول الآية بمدة طويلة . وعن قتاده والسدي : أنها نزلت في فتنة بين الأوس والخزرج بسبب خصومة بين رجل وامرأته أحدهما من الأوس والآخر من الخزرج انتصر لكل منهما قومه حتى تدافعوا وتناول بعضهم بعضاً بالأيدي والنعال والعصيّ فنزلت الآية فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأصلح بينهما وهذا أظهر من الرواية الأولى فكانت حكماً عاماً نزل في سبب خاص .
و { إنْ } حرف شرط يُخلّص الماضي للاستقبال فيكون في قوة المضارع وارتفع { طائفتان } بفعل مقدر يفسره قوله : { اقتتلوا } للاهتمام بالفاعل . وإنما عدل عن المضارع بعد كونه الأليق بالشرط لأنه لما أريد تقديم الفاعل على فعله للاهتمام بالمسند إليه جعل الفعل ماضياً على طريقة الكلام الفصيح في مثله مما أولِيَت فيه { إنْ } الشرطية الاسم نحو { وإن أحد من المشركين استجارك } [ التوبة : 6 ] ، { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً } [ النساء : 128 ] . قال الرضي «وحق الفعل الذي يكون بعد الاسم الذي يلي ( إنْ ( أن يكون ماضياً وقد يكون مضارعاً على الشذوذ وإنما ضعف مجيء المضارع لحصول الفصل بين الجازم وبين معموله» . ويعود ضمير { اقتتلوا } على { طائفتان } باعتبار المعنى لأن طائفة ذات جمع ، والطائفة الجماعة . وتقدم عند قوله تعالى : { فلتقم طائفة منهم معك } في سورة النساء ( 102 ( .
والوجه أن يكون فعل اقتتلوا } مستعملاً في إرادة الوقوع مثل
{ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } [ المائدة : 6 ] ومثل { والذين يظّاهرون من نسائهم ثم يَعُودون لما قالوا } [ المجادلة : 3 ] ، أي يريدون العود لأن الأمر بالإصلاح بينهما واجب قبل الشروع في الاقتتال وذلك عند ظهور بوادره وهو أولى من انتظار وقوع الاقتتال ليمكن تدارك الخطب قبل وقوعه على معنى قوله تعالى : { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصَّلحا بينهما صلحاً } [ النساء : 128 ] .
وبذلك يظهر وجه تفريع قوله : { فإن بغت إحداهما على الأخرى } على جملة { اقتتلوا } ، أي فإن ابتدأتْ إحدى الطائفتين قتال الأخرى ولم تنصع إلى الإصلاح فقاتلوا الباغية .
والبغي : الظلم والاعتداء على حق الغير ، وهو هنا مستعمل في معناه اللغوي وهو غير معناه الفقهي ف { التي تبغي } هي الطائفة الظالمة الخارجة عن الحق وإن لم تقاتل لأن بغيها يحمل الطائفة المبغِي عليها أن تدافع عن حقها . وإنما جعل حكم قتال الباغية أن تكون طائفة لأن الجماعة يعسر الأخذ على أيدي ظلمهم بأفراد من الناس وأعواننِ الشرطة فتعين أن يكون كفهم عن البغي بالجيش والسلاح .
وهذا في التقاتل بين الجماعات والقبائل ، فأما خروج فئة عن جماعة المسلمين فهو أشد وليس هو مورد هذه الآية ولكنها أصل له في التشريع . وقد بغى أهل الردة على جماعة المسلمين بغياً بغير قتال فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه ، وبغى بغاة أهل مصر على عثمان رضي الله عنه فكانوا بغاةً على جماعة المؤمنين ، فأبى عثمان قتالهم وكره أن يكون سبباً في إراقة دماء المسلمين اجتهاداً منه فوجب على المسلمين طاعته لأن وليُّ الأمر ولم يَنفُوا عن الثوار حكم البغي .
ويتحقق وصف البغي بإخبار أهل العلم أن الفئة بغت على الأخرى أو بحكم الخليفة العالم العدل ، وبالخروج عن طاعة الخليفة وعن الجماعة بالسيف إذا أمر بغير ظلم ولا جور ولم تُخش من عصيانه فتنةٌ لأن ضر الفتنة أشد من شدّ الجور في غير إضاعة المصالح العامة من مصالح المسلمين ، وذلك لأن الخروج عن طاعة الخليفة بغي على الجماعة الذين مع الخليفة .
وقد كان تحقيق معنى البغي وصُورهُ غيرَ مضبوط في صدر الإسلام وإنما ضبطه العلماء بعد وقعة الجمل ولم تطل ثم بعد وقعة صفين ، وقد كان القتال فيها بين فئتين ولم يكن الخارجون عن علي رضي الله عنه من الذين بايعوه بالخلافة ، بل كانوا شرطوا لمبايعتهم إياه أخذ القَوَد من قتلة عثمان منهم ، فكان اقتناع أصحاب معاوية مجالاً للاجتهاد بينهم وقد دارت بينهم كتب فيها حجج الفريقين ولا يعلم الثابت منها والمكذوب إذ كان المؤرخون أصحاب أهواء مختلفة . وقال ابن العربي : كان طلحة والزبير يريان البداءة بقتل قتلة عثمان أولى ، إلا أن العلماء حققوا بعد ذلك أن البغي في جانب أصحاب معاوية لأن البيعة بالخلافة لا تقبل التقييد بشرط .
وقد اعترف الجميع بأن معاوية وأصحابه كانوا مدافعين عن نظر اجتهادي مخطىء ، وكان الواجب يقضى على جماعة من المسلمين الدعاء إلى الصلح بين الفريقين حسب أمر القرآن وجوب الكفاية فقد قيل : إن ذلك وقع التداعي إليه ولم يتم لانتقاض الحَرورية على أمر التحكيم فقالوا : لا حكم إلا لله ولا نحكم الرجال .
وقيل : كيدت مكيدة بين الحَكَمين ، والأخبار في ذلك مضطربة على اختلاف المتصدين لحكاية القضية من المؤرخين أصحاب الأهواء . والله أعلم بالضمائر .
وسئل الحسن البصري عن القتال بين الصحابة فقال : شهد أصحاب محمد وغبنا وعلموا وجهلنا . وقال المُحاسبي : تَعلّم أن القوم كانوا أعلم بما دخلوا فيه مِنّا .
والأمر في قوله : { فقاتلوا التي تبغي } للوجوب ، لأن هذا حُكم بين الخصمين والقضاء بالحق واجب لأنه لحفظ حق المحق ، ولأن ترك قتال الباغية يجرّ إلى استرسالها في البغي وإضاعة حقوق المبغي عليها في الأنفس والأحوال والأغراض والله لا يحب الفساد ، ولأن ذلك يجرىء غيرها على أن تأتي مثل صَنيعها فمقاتلها زجر لغيرها . وهو وجوب كفاية ويتعين بتعيين الإمام جيشاً يوجهه لقتالها إذ لا يجوز أن يلي قتال البغاة إلا الأيمة والخلفاء . فإذا اختلّ أمر الإمامة فليتولَّ قتال البغاة السوادُ الأعظم من الأمة وعلماؤها . فهذا الوجوب مطلق في الأحوال تقيده الأدلة الدالة على عدم المصير إليه إذا علم أن قتالها يجرّ إلى فتنة أشد من بغيها . وقد تلتبس الباغية من الطائفتين المتقاتلتين فإن أسباب التقاتل قد تتولد من أمور لا يُؤْبَهُ بها في أول الأمر ثم تثور الثائرة ويتجالد الفريقان فلا يضبط أمر الباغي منهما ، فالإصلاح بينهما يزيل اللبس فإن امتنعت إحداهما تعين البغي في جانبها لأن للإمام والقاضي أن يجبر على الصلح إذا خشي الفتنة ورأى بوارقها ، وذلك بعد أن تُبيَّن لكلتا الطائفتين شبهتها إن كانت لها شبهة وَتُزال بالحجة الواضحة والبراهين القاطعة ومن يَأْب منهما فهو أعق وأظلم .
وجعل الفَيْء إلى أمر الله غاية للمقاتلة ، أي يستمر قتال الطائفة الباغية إلى غاية رجوعها إلى أمر الله ، وأمر الله هو ما في الشريعة من العدل والكف عن الظلم ، أي حتى تقلع عن بغيها ، وأُتْبع مفهوم الغاية ببيان ما تُعامَل به الطائفتان بعد أن تفي الباغية بقوله : { فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل } ، والباء للملابسة والمجرور حال من ضمير { اصلحوا } .
والعدل : هو ما يقع التصالح عليه بالتراضي والإنصاف وأن لا يضر بإحدى الطائفتين فإن المتالف التي تلحق كلتا الطائفتين قد تتفاوت تفاوتا شديداً فتجب مراعاة التعديل .
وقُيد الإصلاحُ المأمور به ثانياً بقيد أن تفيء الباغية بقيد { بالعدل } ولم يقيد الإصلاح المأمور به ، وهذا القيد يقيد به أيضاً الإصلاح المأمور به أولاً لأن القيد من شأنه أن يعود إليه لاتحاد سبب المطلق والمقيد ، أي يجب العدل في صورة الإصلاح فلا يضيعوا بصورة الصلح منافع عن كلا الفريقين إلا بقدر ما تقتضيه حقيقة الصلح من نزول عن بعض الحق بالمعروف .
ثم أمر المسلمين بالعدل بقوله : { وأقسطوا } أمراً عاماً تذييلاً للأمر بالعدل الخاص في الصلح بين الفريقين ، فشمل ذلك هذا الأمر العام أن يعدلوا في صورة ما إذا قاتلوا التي تبغي ، ثم قال : { فإن فاءت فأصلحوا بينهما } . وهذا إصلاح ثان بعد الإصلاح المأمور به ابتداء . ومعناه : أن الفِئة التي خضعت للقوة وألقت السلاح تكون مكسورة الخاطر شاعرة بانتصار الفئة الأخرى عليها فأوجب على المسلمين أن يصلحوا بينهما بترغيبهما في إزالة الإحن والرجوع إلى أخُوَّة الإسلام لئلا يعود التنكر بينهما .
قال أبو بكر بن العربي : ومن العدل في صلحهم أن لا يطالبوا بما جرى بينهم مدة القتال من دم ولا مال فإنه تلف على تأويل وفي طلبهم به تنفير لهم عن الصلح واستشراء في البغي وهذا أصل في المصلحة اه . ثم قال : لا ضمان عليهم في نفس ولا مال عندنا المالكية . وقال أبو حنيفة يضمنون . وللشافعي فيه قولان . فأما ما كان قائماً رُدّ بعينه وانظر هل ينطبق كلام ابن العربي على نوعي الباغية أو هو خاص بالباغية على الخليفة وهو الأظهر .
فأما حكم تصرف الجيش المقاتل للبغاة فكأحوال الجهاد إلا أنه لا يقتل أسيرهم ولا يتَّبع مدبرهم ولا يذفّف على جريحهم ولا تسبى ذراريهم ولا تغنم أموالهم ولا تسترق أسراهم . وللفقهاء تفاصيل في أحوال جبر الأضرار اللاحقة بالفئة المعتدَى عليها والأضرار اللاحقة بالجماعة التي تتولى قتال البغاة فينبغي أن يؤخذ من مجموع أقوالهم ما يرى أولو الأمر المصلحة في الحمل عليها جرياً على قوله تعالى : { وأقسطوا إن الله يحب المقسطين } .
- إعراب القرآن : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
«وَإِنْ» الواو حرف استئناف وإن شرطية «طائِفَتانِ» فاعل مرفوع بالألف لفعل محذوف «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» صفة طائفتان «اقْتَتَلُوا» ماض وفاعله والجملة تفسيرية وجملة الشرط المحذوفة ابتدائية لا محل لها «فَأَصْلِحُوا» الفاء واقعة في جواب الشرط وأمر مبني على حذف النون والواو فاعله «بَيْنَهُما» ظرف مكان والجملة في محل جزم جواب الشرط «فَإِنْ بَغَتْ» الفاء حرف عطف وإن شرطية وماض «إِحْداهُما» فاعل «عَلَى الْأُخْرى » متعلقان بالفعل والجملة ابتدائية «فَقاتِلُوا» الفاء واقعة في جواب الشرط وأمر مبني على حذف النون والواو فاعله «الَّتِي» مفعول به والجملة في محل جزم جواب الشرط «تَبْغِي» مضارع فاعله مستتر والجملة صلة «حَتَّى تَفِي ءَ» حرف غاية وجر ومضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى فاعله مستتر «إِلى أَمْرِ» متعلقان بالفعل «اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلقان بقاتلوا «فَإِنْ» حرف عطف وإن شرطية جازمة «فاءَتْ» ماض في محل جزم فعل الشرط «فَأَصْلِحُوا» الفاء واقعة في جواب الشرط وأمر والواو فاعله والجملة في محل جزم جواب الشرط «بَيْنَهُما» ظرف مكان «بِالْعَدْلِ» متعلقان بالفعل «وَأَقْسِطُوا» معطوف على أصلحوا «إِنَّ اللَّهَ» إن واسمها «يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» مضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة خبر إن والجملة الاسمية تعليل
- English - Sahih International : And if two factions among the believers should fight then make settlement between the two But if one of them oppresses the other then fight against the one that oppresses until it returns to the ordinance of Allah And if it returns then make settlement between them in justice and act justly Indeed Allah loves those who act justly
- English - Tafheem -Maududi : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(49:9) If two parties of the believers happen to fight, *12 make peace between them. *13 But then, if one of them transgresses against the other, fight the one that transgresses *14 until it reverts to Allah's command. *15 And if it does revert, make peace between them with justice, *16 and be equitable for Allah loves the equitable. *17
- Français - Hamidullah : Et si deux groupes de croyants se combattent faites la conciliation entre eux Si l'un d'eux se rebelle contre l'autre combattez le groupe qui se rebelle jusqu'à ce qu'il se conforme à l'ordre d'Allah Puis s'il s'y conforme réconciliez-les avec justice et soyez équitables car Allah aime les équitables
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und wenn zwei Gruppen von den Gläubigen miteinander kämpfen so stiftet Frieden zwischen ihnen Wenn die eine von ihnen gegen die andere widerrechtlich vorgeht dann kämpft gegen diejenige die widerrechtlich vorgeht bis sie zu Allahs Befehl zurückkehrt Wenn sie zurückkehrt dann stiftet Frieden zwischen ihnen nach Gerechtigkeit und handelt dabei gerecht Allah liebt ja die Gerechten
- Spanish - Cortes : Si dos grupos de creyentes combaten unos contra otros ¡reconciliadles Y si uno de ellos oprime al otro ¡combatid contra el opresor hasta reducirle a la obediencia de Alá Y cuando sea reducido ¡reconciliadles de acuerdo con la justicia y sed equitativos Alá ama a los que observan la equidad
- Português - El Hayek : E quando dois grupos de fiéis combaterem entre si reconciliaios então E se um grupo provocar outro combatei oprovocador até que se cumpram os desígnios de Deus Se porém se cumprirem os desígnios então reconciliaioseqüitativamente e sede equânimes porque Deus aprecia os equânimes
- Россию - Кулиев : Если две группы верующих сражаются между собой то примирите их Если же одна из них притесняет на другую то сражайтесь против той которая притесняет пока она не вернется к повелению Аллаха Когда же она вернется то примирите их по справедливости и будьте беспристрастны Воистину Аллах любит беспристрастных
- Кулиев -ас-Саади : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
Если две группы верующих сражаются между собой, то примирите их. Если же одна из них притесняет другую, то сражайтесь против той, которая притесняет, пока она не вернется к повелению Аллаха. Когда же она вернется, то примирите их по справедливости и будьте беспристрастны. Воистину, Аллах любит беспристрастных.Всевышний запретил верующим сражаться друг против друга и проявлять насилие по отношению к своим братьям. Если же все-таки между правоверными начнется сражение, то верующие, которые непричастны к враждующим сторонам, обязаны остановить это великое зло и помирить мусульман. Они должны выполнить свою посредническую миссию самым лучшим образом, дабы между братьями воцарился мир. Если им удастся добиться мира и согласия, то это прекрасно. Если же одна из сторон станет притеснять другую, то мусульмане должны сражаться против тех, кто несправедлив, пока они не подчинятся решению Аллаха и Его посланника, да благословит его Аллах и приветствует, и не согласятся делать добро и пресекать зло, величайшим проявлением которого является кровопролитие и насилие. При этом мусульманам велено способствовать заключению мира на справедливых условиях. Примирить противников можно и не по справедливости, когда права одной из сторон окажутся попраны и нарушены, но Всевышний запрещает правоверным заключать друг с другом подобные договора. Поэтому ни одна из сторон не должна ставить интересы своих родственников или своей родины выше принципов справедливости, дабы не нарушить приказ Аллаха. О правоверные! Будьте беспристрастны, когда принимаете решение или выносите приговор. А также справедливо относитесь к своим женам и детям. В достоверном хадисе сообщается, что посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Беспристрастные судии усядутся пред Аллахом на седалищах из света. Это - те, которые принимали справедливые решения и справедливо относились к своим семьям и подчиненным».
- Turkish - Diyanet Isleri : Eğer müminlerden iki topluluk birbirleriyle savaşırlarsa aralarını düzeltiniz; eğer biri diğeri üzerine saldırırsa saldıranlarla Allah'ın buyruğuna dönmelerine kadar savaşınız; eğer dönerlerse aralarını adaletle bulunuz adil davranınız şüphesiz Allah adil davrananları sever
- Italiano - Piccardo : Se due gruppi di credenti combattono tra loro riconciliateli Se poi [ancora] uno di loro commettesse degli eccessi combattete quello che eccede finché non si pieghi all'Ordine di Allah Quando si sarà piegato ristabilite con giustizia la concordia tra di loro e siate equi poiché Allah ama coloro che giudicano con equità
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهگهر دوو دهسته یان دوو تاقم لهموسوڵمانان بوو بهشهڕیان ئهوهدهستبهجێ ههوڵ بدهن ڕێکیان بخهن و ئاشتیان بکهنهوه خۆ ئهگهر لایهکیان ههر دهستدرێژی دهکردهسهر لاکهی تر ئهوا ئێوه بهگژ ئهوهیاندا بچن کهستهم و دهستدرێژی دهکات ههتا دهگهڕێتهوه بۆ فهرمانی خوا جا گهر لایهنه سهرکهشهکهبۆ فهرمانی خوا سهری دانهواند ئهوهئێوه ناوبژیوانێکی دادگهرانهلهنێوانیاندا بکهن و دادپهروهری ئهنجام بدهن چونکهبهڕاستی خوا ئهوانهی خۆش دهوێت کهدادپهروهری ئهنجام دهدهن
- اردو - جالندربرى : اور اگر مومنوں میں سے کوئی دو فریق اپس میں لڑ پڑیں تو ان میں صلح کرا دو۔ اور اگر ایک فریق دوسرے پر زیادتی کرے تو زیادتی کرنے والے سے لڑو یہاں تک کہ وہ خدا کے حکم کی طرف رجوع لائے۔ پس جب وہ رجوع لائے تو وہ دونوں فریق میں مساوات کے ساتھ صلح کرا دو اور انصاف سے کام لو۔ کہ خدا انصاف کرنے والوں کو پسند کرتا ہے
- Bosanski - Korkut : Ako se dvije skupine vjernika sukobe izmirite ih; a ako jedna od njih ipak učini nasilje drugoj onda se borite protiv one koja je učinila nasilje sve dok se Allahovim propisima ne prikloni Pa ako se prikloni onda ih nepristrasno izmirite i budite pravedni; Allah zaista pravedne voli
- Swedish - Bernström : Om två grupper av troende skulle råka i delo med varandra försök då mäkla fred mellan dem men om den ena [gruppen] grovt kränker den andras rätt ingrip då mot de skyldiga tills de fogar sig efter Guds bud; och om de fogar sig medla då mellan dem båda med rättvisa och opartiskhet Gud älskar de opartiska
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan kalau ada dua golongan dari mereka yang beriman itu berperang hendaklah kamu damaikan antara keduanya Tapi kalau yang satu melanggar perjanjian terhadap yang lain hendaklah yang melanggar perjanjian itu kamu perangi sampai surut kembali pada perintah Allah Kalau dia telah surut damaikanlah antara keduanya menurut keadilan dan hendaklah kamu berlaku adil; sesungguhnya Allah mencintai orangorang yang berlaku adil
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
(Dan jika ada dua golongan dari orang-orang mukmin) hingga akhir ayat. Ayat ini diturunkan berkenaan dengan suatu masalah, yaitu bahwa Nabi saw. pada suatu hari menaiki keledai kendaraannya, lalu ia melewati Ibnu Ubay. Ketika melewatinya tiba-tiba keledai yang dinaikinya itu kencing, lalu Ibnu Ubay menutup hidungnya, maka berkatalah Ibnu Rawwahah kepadanya, "Demi Allah, sungguh bau kencing keledainya jauh lebih wangi daripada bau minyak kesturimu itu," maka terjadilah antara kaum mereka berdua saling baku hantam dengan tangan, terompah dan pelepah kurma (berperang) Dhamir yang ada pada ayat ini dijamakkan karena memandang dari segi makna yang dikandung lafal Thaaifataani, karena masing-masing Thaaifah atau golongan terdiri dari sekelompok orang. Menurut suatu qiraat ada pula yang membacanya Iqtatalataa, yakni hanya memandang dari segi lafal saja (maka damaikanlah antara keduanya) dan Dhamir pada lafal ini ditatsniyahkan karena memandang dari segi lafal. (Jika berbuat aniaya) atau berbuat melewati batas (salah satu dari kedua golongan itu terhadap golongan yang lain maka perangilah golongan yang berbuat aniaya itu sehingga golongan itu kembali) artinya, rujuk kembali (kepada perintah Allah) kepada jalan yang benar (jika golongan itu telah kembali kepada perintah Allah maka damaikanlah antara keduanya dengan adil) yaitu dengan cara pertengahan (dan berlaku adillah) bersikap jangan memihaklah. (Sesungguhnya Allah menyukai orang-orang yang berlaku adil.)
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : যদি মুমিনদের দুই দল যুদ্ধে লিপ্ত হয়ে পড়ে তবে তোমরা তাদের মধ্যে মীমাংসা করে দিবে। অতঃপর যদি তাদের একদল অপর দলের উপর চড়াও হয় তবে তোমরা আক্রমণকারী দলের বিরুদ্ধে যুদ্ধ করবে; যে পর্যন্ত না তারা আল্লাহর নির্দেশের দিকে ফিরে আসে। যদি ফিরে আসে তবে তোমরা তাদের মধ্যে ন্যায়ানুগ পন্থায় মীমাংসা করে দিবে এবং ইনছাফ করবে। নিশ্চয় আল্লাহ ইনছাফকারীদেরকে পছন্দ করেন।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : முஃமின்களில் இருசாரார் தங்களுக்குள் சண்டை செய்து கொண்டால் அவ்விருசாராருக்கிடையில் சமாதானம் உண்டாக்குங்கள் பின்னர் அவர்களில் ஒரு சாரார் மற்றவர் மீது அக்கிரமம் செய்தால் அக்கிரமம் செய்வோர் அல்லாஹ்வுடைய கட்டளையின் பால் திரும்பும் வரையில் அவர்களுடன் போர் செய்யுங்கள்; அவ்வாறு அவர்கள் அல்லாஹ்வின் பால் திரும்பி விட்டால் நியாயமாக அவ்விரு சாராரிடையே சமாதானம் உண்டாக்குங்கள் இதில் நீங்கள் நீதியுடன் நடந்து கொள்ளுங்கள் நிச்சயமாக அல்லாஹ் நீதியாளர்களை நேசிக்கிறான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และหากมีสองฝ่ายจากบรรดาผู้ศรัทธาทะเลาะวิวาทกัน พวกเจ้าก็จงไกล่เกลี่ยระหว่างทั้งสองฝ่าย หากฝ่ายหนึ่งในสองฝ่ายนั้นละเมิดอีกฝ่ายหนึ่ง พวกเจ้าก็จงปรามฝ่ายที่ละเมิดจนกว่าฝ่ายนั้นจะกลับสู่พระบัญชาของอัลลอฮฺ ฉะนั้นหากฝ่ายนั้นกลับ สู่พระบัญชาของอัลลอฮฺ แล้ว พวกเจ้าก็จงประนีประนอมระหว่างทั้งสองฝ่ายด้วยความยุติธรรม และพวกเจ้าจงให้ความเที่ยงธรรมแก่ทั้งสองฝ่าย เถิด แท้จริงอัลลอฮฺทรงรักใคร่บรรดาผู้ให้ความเที่ยงธรรม
- Uzbek - Мухаммад Содик : Агар мўминлардан икки тоифа урушиб кетсалар бас ўрталарини ислоҳ қилинг Агар улардан бири иккинчисига тажовуз қилса сиз тажовуз қилганига қарши то у Аллоҳнинг амрига қайтгунича урушинг агар қайтса бас ўрталарини адолат билан ислоҳ қилинг Одил бўлинг албатта Аллоҳ адолат қилгувчиларни суядир
- 中国语文 - Ma Jian : 如果两伙信士相斗,你们应当居间调停。如果这伙压迫那伙,你们应当讨伐压迫的这伙,直到他们归顺真主的命令。如果他们归顺,你们应当秉公调停,主持公道;真主确是喜爱公道者的。
- Melayu - Basmeih : Dan jika dua puak dari orangorang yang beriman berperang maka damaikanlah di antara keduanya; jika salah satunya berlaku zalim terhadap yang lain maka lawanlah puak yang zalim itu sehingga ia kembali mematuhi perintah Allah; jika ia kembali patuh maka damaikanlah di antara keduanya dengan adil menurut hukum Allah serta berlaku adillah kamu dalam segala perkara; sesungguhnya Allah mengasihi orangorang yang berlaku adil
- Somali - Abduh : Hadday Laba qolo oo mu'miniinta ah dagaallamaan heshiisiiya dhexdooda hadday midu ku xadgudubto tan kale la dirira tan xadgudubtay intay amarka Eebe uga noqoto xaqa aqoonsato Hadday u noqotana si caddaalad ah u wanaajiya dhexdooda una garsoora Eebe wuxuu jecelahay kuwa garsooree
- Hausa - Gumi : Kuma idan jama'a biyu ta mũminai suka yi yãki to kuyi sulhu a tsakãninsu Sai idan ɗayansu ta yi zãlunci a kan gudar to sai ku yãƙi wadda ke yin zãlunci har ta kõma zuwa ga umurnin Allah To idan ta kõma sai ku yi sulhu a tsakãninsu da ãdalci kuma ku daidaita Lalle Allah na son mãsu daidaitãwa
- Swahili - Al-Barwani : Na ikiwa makundi mawili katika Waumini yanapigana basi yapatanisheni Na likiwa moja la hao linamdhulumu mwenzie basi lipigeni linalo dhulumu mpaka lirejee kwenye amri ya Mwenyezi Mungu Na likirudi basi yapatanisheni kwa uadilifu Na hukumuni kwa haki Hakika Mwenyezi Mungu anawapenda wanao hukumu kwa haki
- Shqiptar - Efendi Nahi : Nëse dy grupe muslimanësh luftojnë në mes vete pajtoni ata e nëse njëra prej tyre sulmon atë tjetrën atëherë luftoni kundër sulmuesit përderisa të mos kthehet në dispozitat e Perëndisë E nëse kthehet atëherë pajtoni ata mes tyre me të drejtë dhe bëhuni të drejtë Perëndia me të vërtetë i do të drejtët
- فارسى - آیتی : و اگر دو گروه از مؤمنان با يكديگر به جنگ برخاستند، ميانشان آشتى افكنيد. و اگر يك گروه بر ديگرى تعدى كرد، با آن كه تعدى كرده است بجنگيد تا به فرمان خدا باز گردد. پس اگر بازگشت، ميانشان صلحى عادلانه برقرار كنيد و عدالت ورزيد كه خدا عادلان را دوست دارد.
- tajeki - Оятӣ : Ва агар ду гурӯҳ аз мӯъминон бо якдигар ба чанг бархостанд, миёнашон оштӣ андозед. Ва агар як гурӯҳ бар дигаре даст дарозӣ кард, бо он ки даст дарозӣ кардааст, биҷангед, то ба фармони Худо бозгардад. Пас агар бозгашт, миёнашон сулҳе одилона барқарор кунед ва адолат кунед, ки Худо одилонро дӯст дорад,
- Uyghur - محمد صالح : ئەگەر مۆمىنلەردىن ئىككى گۇرۇھ ئۇرۇشۇپ قالسا، ئۇلارنىڭ ئارىسىنى تۈزەپ قويۇڭلار، ئەگەر ئۇلارنىڭ بىرى ئىككىنچىسىگە تاجاۋۇز قىلسا، تاجاۋۇز قىلغۇچى تاكى اﷲ نىڭ ھۆكمىگە قايتقانغا قەدەر (يەنى تاجاۋۇزىنى توختاتقانغا قەدەر) ئۇنىڭ بىلەن ئۇرۇشۇڭلار، ئەگەر ئۇلار (اﷲ نىڭ ئەمرىگە) قايتسا، ئۇلارنىڭ ئارىسىنى (ھېچبىر تەرەپكە يان باسماستىن) ئادىللىق بىلەن تۈزەپ قويۇڭلار، (ھەممە ئىشتا) ئادىل بولۇڭلار، اﷲ ھەقىقەتەن ئادىللارنى دوست تۇتىدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : സത്യവിശ്വാസികളിലെ രണ്ടു വിഭാഗം പരസ്പരം പോരടിച്ചാല് നിങ്ങള് അവര്ക്കിടയില് സന്ധിയുണ്ടാക്കുക. പിന്നെ അവരിലൊരു വിഭാഗം മറു വിഭാഗത്തിനെതിരെ അതിക്രമം കാട്ടിയാല് അതിക്രമം കാണിച്ചവര്ക്കെതിരെ നിങ്ങള് യുദ്ധം ചെയ്യുക; അവര് അല്ലാഹുവിന്റെ കല്പനയിലേക്ക് മടങ്ങിവരും വരെ. അവര് മടങ്ങി വരികയാണെങ്കില് നിങ്ങള് അവര്ക്കിടയില് നീതിപൂര്വം സന്ധിയുണ്ടാക്കുക. നീതി പാലിക്കുക. നീതി പാലിക്കുന്നവരെ അല്ലാഹു ഇഷ്ടപ്പെടുന്നു.
- عربى - التفسير الميسر : وان طائفتان من اهل الايمان اقتتلوا فاصلحوا ايها المومنون بينهما بدعوتهما الى الاحتكام الى كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم والرضا بحكمهما فان اعتدت احدى الطائفتين وابت الاجابه الى ذلك فقاتلوها حتى ترجع الى حكم الله ورسوله فان رجعت فاصلحوا بينهما بالانصاف واعدلوا في حكمكم بان لا تتجاوزوا في احكامكم حكم الله وحكم رسوله ان الله يحب العادلين في احكامهم القاضين بين خلقه بالقسط وفي الايه اثبات صفه المحبه لله على الحقيقه كما يليق بجلاله سبحانه
*12) Instead of saying: "When two parties of the believers fight mutually", it has been said: 'If two parties of the believers fall to mutual fighting." From these words it by itself follows that mutual fighting is not the character of the Muslims, nor should it be. It is not expected that being the believers they would fight mutually. However, if such a thing ever happens, the procedure that follows should be adopted. Moreover, the word ta 'ifah has been used for a group instead of firqah: the words ta'ifah and firqah in Arabic are used for a large group and a small group respectively. This also shows that it is indeed a highly offensive state in the sight of Allah in which large groups of the Muslims cannot be expected to be involved.
*13) The recipients of this Command are all those Muslims who may not be a party to either of the groups and for whom it may be possible to try to make peace between them. In other words, Allah dces not approve that the other Muslims should just sit and watch the clash when two groups of their own community have fallen to mutual fighting. But whenever such a sad situation arises alI the believers should become concerned and should do whatever they can to bring about peace and reconciliation between the parties. They should urge the parties to desist from fighting; they should exhort them to fear God; their influential people should go and talk to the responsible men of the two sides, should find out the causes of the dispute and do whatever they can to effect reconciliation between them.
*14) That is, "The Muslims also should not allow the aggressor to continue his aggression and leave the victim alone, or, still worse, join hands with the aggressor. But their duty is that if all their efforts at reconciliation between the parties fail, they should find out as to who is in the right and who is the aggressor. Then they should join hands with the one who is in the right and fight the aggressor. As this fighting has been enjoined by Allah, it is obligatory and comes under Jihad,' it is not the fitnah (mischief) about which the Holy Prophet has said: "It is a situation in which the one standing is bettor than the one moving, and the one sitting is better than the one standing" For that fitnah implies the mutual fighting of the Muslims in which the parties might be fighting out of bigotry, or for a false sense of honour and worldly possessions and neither may be having the truth on its side. As for the fight that is undertaken in support of the group who is in the right against the aggressor, it is not taking part in the fitnah but carrying out Allah's Command. All the jurists arc agreed on its bring an obligation, and there was no difference of opinion among the Holy Prophet's Companions about its being obligatory. (AI-Jassas, Ahkam al-Qur'an). Some jurists even regard it as superior to Jihad itself and their reasoning is that Hadrat 'AIi spent the entire period of his caliphate in fighting against the rebels instead of performing Jihad against the disbelievers. (Ruh al-Ma ani). If a person argues that it was not obligatory because Hadrat `Abdullah bin `Umar and some other Companions had not participated in the wars fought by Hadrat `Ali, he would be in the wrong. Ibn 'Umar himself says: "I have never been so much grieved at heart on anything as on account of this verse as to why I did not fight the rebels as enjoined by Allah. " (Hakim, al-Mustadrik).
The Command to "fight" the aggressor does not necessarily mean that he should be fought with the weapons and killed, but it implies the use of force against him, the real object being the removal of his aggression. For this object whatever force is necessary should be used, and no more and no less force should be used than what is absolutely necessary.
The addressees of this Command are the people who have the power to repel the aggression by the use of force.
*15) This shows that the fighting is not meant to punish the rebel (the aggressing pang) for his rebellion (aggression), but to force him to return to the Command of AIIah. Allah's Command unplies that the rebel group should submit to what isright according to the Book of Allah and the Sunnah of the Messenger of AIIah, and should give up the attitude and conduct that amounts to aggression according to this criterion of the truth. As soon as a rebel group becomes ready and willing to follow this Command, use of force against it should be stopped, for this is the actual object of the fighting and its target. The one who commits an excess after this would himself become the aggressor. As for this as to what is the truth and what is the aggression in a dispute according to the Book of AIIah and the Sunnah of His Messenger, its determination is inevitably the job of those people of the Ummah, who have the ability to carry out research by virtue of their knowledge and insight
*16) The Command is not only to make peace but to make peace with justice and equity. This shows that in the sight of AIIah the peace (and reconciliation) which is brought about only to stop fighting, overlooking the distinction between the truth and falsehood, and in which pressure is used against the party that is in the right to come to terms with the aggressor, is not commendable. True peace is that which is based on justice. This alone can avert disaster and mischief; otherwise the inevitable result of pressing those in the right and encouraging the aggressors would be that the real causes of the evil would remain as they were, rather would go on adding up, and cause the mischief to appear and re-appear over and over again.
*17) This verse forms the actual basis of the Islamic law about the mutual fighting between the Muslims. No explanation of this law is found in the Sof the Holy Prophet except one Hadith which we shall take up below. For in the time of the Holy Prophet no war took place between the Muslims; hence nothing is found in his practice and sayings that could throw light on the commandments concerning it Afterwards when during the caliphate of Hadrat 'AIi wars took place between the Muslims themselves authentic explanation of this law became possible At that time since a large number of the Companions were still living, a detailed code of this aspect of the Islamic law was compiled in the light of their practice and statements. Hadrat 'Ali's personal example in particular has been the real source in this matter for aII the jurists. Below we give a brief resume of this code:
(1) There are several forms of mutual fighting between Muslims and each has its own separate injunctions:
(a) When both the fighting groups may be the subjects of a Muslim government: In this case it is the duty of the government to make peace between them, or to decide as to who is the aggressor between them, and to compel him by use of force to revert to the truth.
(b) When the parties may be two powerful groups, or two Muslim governments, and both may be fighting for the sake of the world: In this case, the believers should absolutely refrain from taking part in the fitnah and should exhort the parties concerned to fear God and desist from fighting.
(c) When one of the belligerent parties as mentioned under (b) above may be in the right and the other the aggressor, who may not be listening to counsel nor be inclined to make peace: In this case believers should side with and support the party that is in the right against the aggressor.
(d) When one of the parties may be the subjects, who may have revolted against the government, i.e. the Muslim government: The jurists use the term "baghi"(rebel) for this very party which is guilty of rebelling.
(2) The rebels against the government may also be of several kinds:
Those who may have risen only to create chaos and confusion, and may have no legal ground for their revolt. There is consensus that against such people it is lawful for the government to wage war, and it is obligatory for the believers to side with it, no matter whether it is a just government or not.
(b) Those who may revolt against a government in order to depose it from power, and may have no legal ground for this, and may also appear to be unjust and evil. In this case, if the government is just, it is obligatory to side with it without any question, but even if it is unjust, it is obligatory to fight in order to sustain it, for there is peace and order in the country because of it.
(c) Those who may revolt against a government on the basis of a legal ground, but their ground may be false and their belief vicious and perverse, e.g. the Khwarij. In this case also a Muslim government. whether it is just or unjust, has a lawful right to fight them and it is obligatory to side with it. I
(d) Those who may revolt against a just government when its head might have assumed power lawfully. In this case whether they have a legal ground or do not have any, the government in any case is justified to wage war against them and it is obligatory to side with it.
(e) Those who may revolt against an unjust government, which might have come to power by coercion and whose leaders might be wicked and the rebels might have risen to establish justice and enforce articles of the Divine Law, and they might appear to be righteous. In this case, acute difference of opinion has appeared among the jurists as to whether they should be declared the "rebels"(i.e. transgressors) and whether it is obligatory to fight them or not. This we state below briefly:
The generality of the jurists and the Ahl al-Hadith hold the view that it is unlawful to rise in revolt against a ruler whose government has once been established and there is complete peace and order in the land under him, no matter whether he is just or unjust, and he has come to power in any way whatever, except in case he commits disbelief openly. Imam Sarakhsi writes: "In a case when the Muslims are agreed on a ruler and they enjoy peace under him and the roads are safe, if a group of the Muslims rises in revolt against him, everyone who has power is under obligation to side with the ruler of the Muslims and wage war against the rebels." (Al-Mabsut, Bab al-Khwarij) Imam Nawawi writes in his commentary of Sahih Muslim:"It is forbidden to rise in revolt and fight against the Imams (i.e. the Muslim rulers) even if they are wicked and unjust." Imam Nawawi claims that there is consensus on this. But this claim of the consensus is not cornet. A large group of the jurists of Islam which includes some major scholars, declares those rising in revolt as "rebels only in case they rise in revolt against a just ruler. They do not regard as rebellion" in the Qur'anic terminology the rising in revolt of the righteous against the unjust and wicked rulers, nor declare the waging of war against them as obligatory. The view of Imam Abu Hanifah about fighting against unjust rulers is. well known among the scholars. Abu Bakr al Jassas clearly writes in his Ahkam al-Qur an that the Imam regarded this fighting not only as permissible but as obligatory in favourable conditions. (Vol. I, p. 81; Vol. II, p. 39). In Zaid bin 'Ali's rcvolt against the Umayyads he not only provided financial help but urged others also to do the same. (AI-Jassas, Vol I, p. 81). In Nafs al-Zakiyah's rcvolt against Mansur he went on earnestly supporting Nafs al-Zakiyah, and he declared this war as superior to a war against the disbelievers. (AI-jassas, Vol. I, p. 81; AI-Kardari, Manaqib Abi Hanifah, Vol. II, pp. 71-72). Then the view as stated by Imam Sarakhsi is the just ruler." Ibn 'Aqil and Ibn al-Jawzi from among the Hanbalis not unanimous even among the Hanafi jurists. Ibn Humam writes in Fath al-Qadir (commentary of Hedaya): "In the parlance of the jurists the rebel is he who gives up obedience of regard rising in revolt against an unjust ruler as lawful and present Hadrat Husain's revolt as an argument. (Al-Infaf, Vol. -X, Bab Qital Ahl al-Baghyi). Imam Shafe`i in his Kitab al-Um regards as rebel the one who fights against a just ruler (Vol. IV, p. 135). Imam Malik's view as cited in Al-Mudawwanah is: "If the rebels come out to fight against a just ruler, they should be forcibly opposed." (Vol. I, p. 407). Qadi Abu Bakr Ibn al-`Arabi has cited his this view in Ahkam al-Qur 'an: "When a person rises in rcvolt against a just ruler like 'Umar bin Abdul 'Aziz, it is obligatory to resist and repel him; as for some other kind of the ruler, he should be left alone. AIlah will punish him through some other unjust person and then both of them through some third unjust person." Another saying of Imam Malik that has been cited is: "When the pledge has been sworn to a ruler, and then his brothers rise in revolt against him, they will be fought against, if he is a just ruler. As for the rulers of our tune, there is no pledge for them, for pledge to them has been taken by coercion. " Then the view of the Maliki scholars that the Qadi has cited with reference to Sahnun is: 'Fighting will be undertaken only under the just ruler, whether the just ruler is the former one or the one who has risen in revolt against him later, but if neither is just, one should keep away from both. However, if one's own self is attacked, or the Muslims are being subjected to tyranny, one should put up resistance." After citing these different views, Qadi Abu Bakr says: "We will not fight except on the side of the just ruler, whom the truth-loving people have made their head of their own free will. "
(3) If the ones rising in revolt are small in number, and may have no large party on their back, nor be possessing any substantial war equipment, the law of rebellion will not be applied against them, but they will be proceeded against under the common penal law, i.e. if they kill, they will be subjected to the law of retaliation, and if they damage property, they will be required to pay the penalties. The law of sedition is applied only against those rebels who might be powerful, and rise in revolt in large numbers and with substantial military equipment.
(4) As long as the ones rising in revolt only express their false and perverse beliefs or hostile and seditious ideas against the government or its head, they cannot be killed or imprisoned. War will be waged against them only when they actually rise in armed revolt and start shedding blood. (Al-Mabsut, Bab al-Khwarij; Fath al-Qadir, Bab al-Bighat, al-Jassas, Ahkam al-Qur an).
(5) Before starting war against the rebels they will first be invited, according to the Qur'anic instructions, to give up the way of rebellion and adopt the way of justice; if they have some doubts and objections, effort will be made to remove them; even then if they do not listen, and fighting begins from their side, force will be used to deal with them. (Fath al-Qadir,' al Jassas, Ahkam al-Qur 'an).
(6) The code of regulations that has to be observed in the war against the rebels is based on the Holy Prophet's following Command that has been related by Hakim, Bazzar and al-Jassas on the authority of Hadrat `Abdullah bin `Umar:
"The Holy Prophet asked Hadrat `Abdullah bin Mas`ud: O Ibn Umm 'Abd: Do you know what is Allah's Command concerning the rebels of this Ummah? He replied: Allah and His Messenger have the best knowledge. The Holy Prophet said: Their wounded ones will not be laid hands on and their captives will not be killed, and the one who flees, will not be pursued, and their properties will not be distributed as spoils." The second source of this code which has been held as trust-worthy by aII the jurists is the word and deed of Hadrat 'AIi. After attaining victory in the Battle of the Camel, he announced; "Do not pursue him who flees; do not attack the wounded; do not kill the captives; give shelter to him who surrenders; do not make forcible entry into the people's houses; and do not raise your hands at the women even if they are abusing and cursing you." Some of his soldiers made the demand that the opponents and their. family members be taken prisoners and distributed. At this he became furious and said: 'Who among you will take 'A'ishah, mother of the Faithful, as his share"
(7) The injunction concerning the properties of the rebels as derived from the good example of Hadrat 'AIi is that no part of it, whether it is found on the battlefield or behind them in their houses, and whether they are living or have been killed, will be declared as the spoils nor distributed among the army. However. no compensation will be necessary for the properties that have been damaged or destroyed. As soon as the war comes to an end and rebellion has been put down, their properties and belongings will be returned to them. Their weapons and conveyances, if seized during the war, will be used- against them, but will not be made the possession of the victors and distributed as the spoils; and if there is no more fear of a rebellion from them, their these things also will be returned to them. Only Imam Abu Yusuf has expressed the opinion that the government will declare them to be the spoils, (AI-Mabsut; Fath al-Qadir,' al-Jassas).
(8) Their prisoners of war, after they have pledged not to rise in rebellion again, w i l l be set free . (Al-Mabsut).
(9) To cut off the heads of the slain rebels and to take theta about the streets is a highly undesirable thing, for this is mutilation which the Holy Prophet has strictly forbidden. When the head of a Roman patriarch was brought before Hadrat Abu Bakr, he expressed great displeasure at it, and said: "We are not here to imitate the Romans and Iranians." When it is not allowed to meet out such a treatment to the unbelievers, how much more so should it be with regard to the Muslims. (AI-Mabsut).
(10) Whatever damage might have been caused to life and property by the rebels during the war, no retaliation and recompense for it will be imposed on them after the war has come to an end and peace has been restored. Neither will there be any retaliation for a slain person nor any recompense for the lost property, so as to avoid any chance of the recurrence of the sedition. This same law was observed in the mutual fighting between the Companions. (Al-Mabsut: al.Jassas; Ibn al-'Arabi, Ahkam al-Qur 'an). (11) After the government has recaptured the territories which had gone under the rebels and where they had established their rule and order and collected the zakat and other taxes, it will not demand the zakat and the taxes from the people once again. If the rebels have spent the money thus collected lawfully, the payers will be deemed to have paid them off lawfully in the sight of AIIah as well. but if the rebels have spent the money unlawfully, it will be a matter between the payers and their God; if they so like they may pay their zakat dues once again. (Fat-h al-Qadir, al-Jassas; Ibn al-'Arabi).
(12) The decisions of the judges, who may be just and may have given the decisions according to the Shari'ah in the courts established by the rebels in the territories under them, will be up-held although the ones who appointed them might be guilty of sedition. However, if their decisions are against the Shari'ah. and they are brought before the courts of the government after the rebellion has been put down, they will not be enforced. Moreover, no warrant or summons issued by the courts established by the rebels will be acceptable in the courts of the government. (AI-Mabsut; al-Jassas).
(13) The evidence of the rebels will not be acceptable in the Islamic courts, for it is iniquitous to fight against the just. Imam Muhammad says: "As long as they do not fight and actually rise in revolt against the people of justice, their evidence will be acceptable, but when they have already fought, I will not accept their evidence" (AI-Jassas).
From these ruings it becomes plain as to what is the difference between the law of fighting against the disbelievers and of fighting against the Muslim rebels