- عربي - نصوص الآيات عثماني : بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
- عربى - نصوص الآيات : بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما في السماوات والأرض ۖ وهو العزيز الحكيم
- عربى - التفسير الميسر : نزَّه الله عن السوء كلُّ ما في السموات والأرض من جميع مخلوقاته، وهو العزيز على خلقه، الحكيم في تدبير أمورهم.
- السعدى : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وسعة سلطانه، أن جميع ما في السماوات والأرض من الحيوانات الناطقة والصامتة وغيرها، [والجوامد] تسبح بحمد ربها، وتنزهه عما لا يليق بجلاله، وأنها قانتة لربها، منقادة لعزته، قد ظهرت فيها آثار حكمته، ولهذا قال: { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فهذا فيه بيان عموم افتقار المخلوقات العلوية والسفلية لربها، في جميع أحوالها، وعموم عزته وقهره للأشياء كلها، وعموم حكمته في خلقه وأمره.
- الوسيط لطنطاوي : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
مقدمة وتمهيد
1- سورة «الحديد» هي السورة السابعة والخمسون في ترتيب المصحف، وسميت بذلك لقوله- تعالى- فيها: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ.
وعدد آياتها تسع وعشرون آية في المصحف الكوفي، وثمان وعشرون في غيره.
2- وقد اختلف المفسرون في كونها مدنية أو مكية، فابن كثير والقرطبي يقولان بأنها مدنية، ولا يذكران خلافا في ذلك.
بينما نرى صاحب الكشاف يقول إنها مكية، ولا يذكر- أيضا- خلافا في ذلك.
ومن المفسرين من يرى بأن سورة الحديد منها ما هو مكي ومنها ما هو مدني.
قال الآلوسى: أخرج جماعة عن ابن عباس أنها نزلت بالمدينة وقال النقاش وغيره: هي مدنية بإجماع المفسرين، ولم يسلم له ذلك، فقد قال قوم إنها مكية.
وقال ابن عطية: لا خلاف أن فيها قرآنا مدنيا. لكن يشبه أن يكون صدرها مكيا..
ويشهد لهذا ما أخرجه البزار في مسنده، والطبراني وابن مردويه.. عن عمر- رضى الله عنه- أنه دخل على أخته قبل أن يسلم، فإذا صحيفة فيها أول سورة الحديد، فقرأه حتى بلغ قوله- تعالى-: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فأسلم «1» .
والذي يبدولنا- بعد تدبرنا لهذه السورة الكريمة- أنها يغلب عليها طابع القرآن المدني، الذي يتحدث عن الجهاد في سبيل الله، وعن الإنفاق من أجل إعلاء كلمته، وعن سوء مصير المنافقين، وعن إرشاد المؤمنين إلى كيفية إقامة الدولة القوية العادلة.. وهذا لا يمنع من أن يكون من بين آياتها ما هو مكي، متى ثبت ذلك عن طريق النقل الصحيح.
3- وقد افتتحت السورة الكريمة ببيان أن الله- تعالى- قد نزهه عن كل ما لا يليق به، جميع ما في السموات وما في الأرض، وأنه- عز وجل- هو مالكها، وهو الأول والآخر، والظاهر والباطن والمحيي والمميت والخالق لكل شيء، والعليم بكل شيء.
قال- تعالى-: سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
4- ثم حضت السورة الكريمة المؤمنين على الثبات على إيمانهم، وعلى الإنفاق في سبيل الله، ووعدتهم على ذلك بأجزل الثواب.
قال- تعالى-: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ، وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ.
5- ثم تتحدث السورة الكريمة بعد ذلك بأسلوبها البليغ المؤثر، عن حسن عاقبة المؤمنين، وسوء عاقبة المنافقين، فتحكى جانبا مما يدور بين الفريقين من محاورات فتقول:
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ، قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً، فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ، يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؟ قالُوا: بَلى، وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ، وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ، حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ.
6- وبعد أن تنتقل السورة الكريمة إلى حث المؤمنين على الخشوع لله، وعلى تذكر الموت، وعلى البذل في سبيل الله ... بعد كل ذلك تبين لهم مصير الحياة الدنيا، وتدعوهم إلى إيثار الآجلة على العاجلة، والباقية على الفانية فتقول: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ، وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ، ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً، وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ، وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ، سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ، وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.
7- ثم تقرر السورة بعد ذلك أن كل شيء بقضاء الله وقدره، وأنه- سبحانه- قد أرسل رسله، وأنزل عليهم كتبه، وأمرهم بنشر العدل بين الناس، كما أمرهم بإعداد القوة لإرهاب أعداء الحق، لأن الناس في كل زمان ومكان فيهم المهتدون، وفيهم الضالون، كما قال- تعالى-: فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ.
8- ثم ختم- سبحانه- السورة بهذا النداء الحكيم للمؤمنين فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.
9- وبعد، فهذا عرض مجمل لسورة «الحديد» ومنه نرى أنها زاخرة بالحديث عن مظاهر قدرة الله- تعالى-، وعن صفاته الجليلة.. وعن دعوة المؤمنين إلى التمسك بتعاليم دينهم، تمسكا يكون مقدما على كل شيء من زينة هذه الحياة الدنيا، لأن هذا التمسك يجعلهم يعيشون سعداء في دنياهم، وينالون بسببه الفوز والفلاح في أخراهم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
افتتحت سورة " الحديد " بتنزيه الله - تعالى - عن كل مالا يليق به ، وبالثناء عليه - تعالى - بما هو أهله ، وببيان جانب من صفاته الجليلة ، الدالة على وحدانيته ، وقدرته ، وعزته ، وحكمته ، وعلمه المحيط بكل شىء .
افتتحت بقوله - عز وجل - : ( سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض وَهُوَ العزيز الحكيم ) .
وقوله : ( سَبَّحَ ) من التسبيح ، وأصله الإبعاد عن السوء ، من قولهم سبح فلان فى الماء ، إذا توغل فيه ، وسبح الفرس ، إذا جرى بعيدا وبسرعة .
قالوا : وهذا الفعل ( سَبَّحَ ) قد يتعدى بنفسه ، كما فى قوله - تعالى - : ( وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) وقد يتعدى باللام كما هنا . وهى للتأكيد والتبيين أى : سبح لله لا لغيره .
والمراد بالتسبيح هنا : تنزيه الله - تعالى - عن كل مالا يليق بجلاله وكماله .
والمعنى : نزه الله - تعالى - وعظمه وخضع له ، وانقاد لمشيئته ، جميع ما فى السموات والأرض من كائنات ومخلوقات . . . لا يعلمها إلا هو - سبحانه - .
وقد جاء التسبيح تارة بصيغة الفعل الماضى كما فى هذه السورة ، وكما فى سورتى الحشر والصف ، وتارة بصيغة المضارع ، كما فى سورتى الجمعة والتغابن ، وتارة بصيغة الأمر كما فى سورة الأعلى ، وتارة بصيغة المصدر كما فى سورة الإسراء .
جاء التسبيح بهذه الصيغ المتنوعة ، للإشعار بأن تسبيح هذه المخلوقات لله - تعالى - شامل لجميع الأوقات والأحوال .
قال - تعالى - ( تُسَبِّحُ لَهُ السماوات السبع والأرض وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ) وختم - سبحانه - الآية الكريمة بقوله : ( وَهُوَ العزيز الحكيم ) ، والعزيز : هو الغالب على كل شىء ، إذ العزة معناها : الغلية على الغير ، ومنه قوله - تعالى - : ( وَعَزَّنِي فِي الخطاب ) أى : غلبنى فى الخصام .
وفى أمثال - العرب : من عزَّ بزَّ ، أى : من غلب غيره تفوق عليه .
والحكيم مأخوذ من الحكمة ، وهى وضع الأمور فى مواضعها اللائقة بها .
أى : وهو - سبحانه - الغالب الذى لا يغلبه شىء - الحكيم الذى يضع الأمور فى مواضعها السليمة .
- البغوى : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
مدنية وآيها تسع وعشرون "سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم".
- ابن كثير : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
تفسير سورة الحديد وهي مدنية
قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن عبد ربه ، حدثنا بقية بن الوليد ، حدثني بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن ابن أبي بلال ، عن عرباض بن سارية ، أنه حدثهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ، وقال : " إن فيهن آية أفضل من ألف آية " .
وهكذا رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، من طرق عن بقية به . وقال الترمذي : حسن غريب .
ورواه النسائي ، عن ابن أبي السرح ، عن ابن وهب ، عن معاوية بن صالح ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . . . فذكره مرسلا لم يذكر عبد الله بن أبي بلال ، ولا العرباض بن سارية
والآية المشار إليها في الحديث هي - والله أعلم - قوله : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ) كما سيأتي بيانه إن شاء الله ، وبه الثقة
يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السماوات والأرض أي : من الحيوانات والنباتات ، كما قال في الآية الأخرى : ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) [ الإسراء : 44 ] .
وقوله : ( وهو العزيز ) أي : الذي قد خضع له كل شيء ) الحكيم ) في خلقه ، وأمره ، وشرعه
- القرطبى : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
مدنية في قول الجميع ، وهي تسع وعشرون آية
عن العرباض بن سارية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بالمسبحات قبل أن يرقد ويقول : إن فيهن آية أفضل من ألف آية ، يعني بالمسبحات : ( الحديد ) و ( الحشر ) و ( الصف ) و ( الجمعة ) و ( التغابن ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم
قوله تعالى : سبح لله ما في السماوات والأرض أي : مجد الله ونزهه عن السوء . وقال ابن عباس : صلى لله ما في السماوات ممن خلق من الملائكة والأرض من شيء فيه روح أو لا روح فيه . وقيل : هو تسبيح الدلالة . وأنكر الزجاج هذا وقال : لو كان هذا تسبيح الدلالة وظهور آثار الصنعة لكانت مفهومة ، فلم قال : ولكن لا تفقهون تسبيحهم وإنما هو تسبيح مقال . واستدل بقوله تعالى : وسخرنا مع داود الجبال يسبحن فلو كان هذا تسبيح دلالة فأي تخصيص لداود ؟ !
قلت : وما ذكره هو الصحيح ، وقد مضى بيانه والقول فيه في ( سبحان ) عند قوله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده وهو العزيز الحكيم
- الطبرى : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
يعني تعالى ذكره بقوله: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) أن كلّ ما دونه من خلقه يسبحه تعظيما له، وإقرارا بربوبيته، وإذعانا لطاعته، كما قال جلّ ثناؤه تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ .
وقوله: ( وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) يقول: ولكنه جلّ جلاله العزيز في انتقامه ممن عصاه، فخالف أمره مما في السموات والأرض من خلقه ( الْحَكِيمُ ) في تدبيره أمرهم، وتصريفه إياهم فيما شاء وأحبّ.
- ابن عاشور : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)
افتتاح السورة بذكر تسبيح الله وتنزيهه مؤذن بأن أهم ما اشتملت عليه إثبات وصف الله بالصفات الجليلة المقتضية أنه منزّه عما ضل في شأنه أهل الضلال من وصفه بما لا يليق بجلاله ، وأول التنزيه هو نفي الشريك له في الإِلهية فإن الوحدانية هي أكبر صفة ضل في كنهها المشركون والمانوية ونحْوهم من أهل التثنية وأصحاب التثليث والبراهمة ، وهي الصفة التي ينبىء عنها اسمه العَلَم أعني «الله» لما علمت في تفسير الفاتحة من أن أصله الإِله ، أي المنفرد بالإِلهية .
وأتبع هذا الاسم بصفات ربانية تدل على كمال الله تعالى وتنزّهُهُ عن النقص كما يأتي بيانه فكانت هذه الفاتحة براعة استهلال لهذه السورة ، ولذلك أتبع اسمهُ العلَم بعشر صفات هي جامعة لصفات الكمال وهي : العزيز ، الحكيم ، له ملك السماوات والأرض ، يحيي ، ويميت ، وهو على كل شيء قدير ، هو الأول ، والآخر ، والظاهر ، والباطن ، وهو بكل شيء عليم .
وصيغ فعل التسبيح بصيغة الماضي للدلالة على أن تنزيهه تعالى أمر مقرر أمر الله به عباده من قبل وألهمه الناس وأودعَ دلائله في أحوال ما لا اختيار له ، كما دل عليه قوله تعالى : { ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال } [ الرعد : 15 ] وقوله : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } [ الإسراء : 44 ] .
ففي قوله : { سبح } تعريض بالمشركين الذين أهملوا أهم التسبيح وهو تسبيحه عن الشريك والند .
واللام في قوله : { لله } لام التبيين . وفائدتها زيادة بيان ارتباط المعمول بعامله لأن فعل التسبيح متعدَ بنفسه لا يحتاج إلى التعدية بحرف ، قال تعالى : { فاسجد له وسبحه } [ الإنسان : 26 ] ، فاللام هنا نظيره اللام في قولهم : شكرتُ لك ، ونصحتُ لك ، وقوله تعالى : { ونقدس لك } [ البقرة : 30 ] ، وقولهم سَقْيا لك ورعيا لك ، وأصله : سقَيَك ورَعْيَك .
و { ما في السموات والأرض } يعم الموجودات كلها فإن { ما } اسم موصول يعمّ العقلاء وغيرهم ، أو هو خاص بغير العقلاء فجرى هنا على التغليب ، وكلها دال على تنزيه الله تعالى عن الشريك فمنها دلالة بالقول كتسبيح الأنبياء والمؤمنين ، ومنها دلالة بالفعل كتسبيح الملائكة ، ومنها دلالة بشهادة الحال كما تنبىء به أحوال الموجودات من الافتقار إلى الصانع المنفرد بالتدبير ، فإن جُعل عموم { ما في السموات والأرض } مخصوصاً بمن يتأتى منهم النطق بالتسبيح وهم العقلاء كان إطلاق التسبيح على تسبيحهم حقيقة .
وإن حمل العموم على ظاهره لزم تأويل فعل { سبح } بما يشمل الحقيقة والمجاز فيكون مستعملاً في حقيقته ومجازه .
والعزيز : الذي لا يغلب ، وهذا الوصف ينفي وجود الشريك في الإِلهية .
و { الحكيم } الموصوف بالحكمة ، وهي وضع الأفعال حيثُ يليق بها ، وهي أيضاً العلم الذي لا يخطىء ولا يتخلف ولا يحول دون تعلقه بالمعلومات حائل ، وتقدما في سورة البقرة . وهذا الوصف يثبت أن أفعاله تعالى جارية على تهيئة المخلوقات لما به إصابة ما خُلقت لأجله ، فلذلك عززها الله بإرشاده بواسطة الشرائع .
- إعراب القرآن : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
«سَبَّحَ لِلَّهِ» ماض وللّه متعلقان بالفعل «ما» فاعل والجملة ابتدائية لا محل لها «فِي السَّماواتِ» متعلقان بمحذوف صلة الموصول «وَالْأَرْضِ» معطوف على السموات ، «وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» الواو حالية ومبتدأ وخبران والجملة الاسمية حالية.
- English - Sahih International : Whatever is in the heavens and earth exalts Allah and He is the Exalted in Might the Wise
- English - Tafheem -Maududi : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(57:1) All that is in the heavens and the earth extols the glory of Allah. *1 He is the Most Mighty, the Most Wise. *2
- Français - Hamidullah : Tout ce qui est dans les cieux et la terre glorifie Allah Et c'est Lui le Puissant le Sage
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Allah preist alles was in den Himmeln und auf der Erde ist Und Er ist der Allmächtige und Allweise
- Spanish - Cortes : Lo que está en los cielos y en la tierra glorifica a Alá Él es el Poderoso el Sabio
- Português - El Hayek : Tudo quanto existe nos céus e na terra glorifica Deus porque Ele é o Poderoso o Prudentíssimo
- Россию - Кулиев : Славит Аллаха то что на небесах и на земле Он - Могущественный Мудрый
- Кулиев -ас-Саади : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
Славит Аллаха то, что на небесах и на земле. Он - Могущественный, Мудрый.Всевышний сообщил о Своем величии и могуществе, а также Своей безграничной власти на небесах и на земле. Все творения, обладающие даром речи, все безмолвные и безжизненные создания славословят Ему и прославляют Его совершенство и безупречность. Все они покорны Господу, смиренны пред Его величием и исполнены доказательств Его божественной мудрости. Среди Его прекрасных имен - Могущественный и Мудрый. В Его помощи нуждаются все творения, обитающие на небесах и на земле. Перед Его величием и мощью преклоняется все сущее. Он создает и повелевает, но при этом делает только то, что подобает Его божественной мудрости. Затем Всевышний Аллах сообщил о необъятности Его царствия, сказав:
- Turkish - Diyanet Isleri : Göklerde ve yerde olanlar Allah'ı tesbih ederler O güçlüdür Hakim'dir
- Italiano - Piccardo : Glorifica Allah ciò che è nei cieli e nella terra Egli è l'Eccelso il Saggio
- كوردى - برهان محمد أمين : ههرچی لهئاسمانهکان و زهویدا ههیه تهسبیحات و ستایشی خوا دهکات ئهویش زاتێکی باڵادهست و دانایه
- اردو - جالندربرى : جو مخلوق اسمانوں اور زمین میں ہے خدا کی تسبیح کرتی ہے۔ اور وہ غالب اور حکمت والا ہے
- Bosanski - Korkut : Allaha hvali sve što je na nebesima i na Zemlji i On je Silni i Mudri
- Swedish - Bernström : ALLT det som himlarna rymmer och det som jorden bär prisar Gud Han är den Allsmäktige den Vise
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Semua yang berada di langit dan yang berada di bumi bertasbih kepada Allah menyatakan kebesaran Allah Dan Dialah Yang Maha Perkasa lagi Maha Bijaksana
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(Semua yang berada di langit dan yang berada di bumi bertasbih kepada Allah) memahasucikan-Nya dari semua yang tidak layak bagi-Nya. Huruf Lam adalah Zaidah, dan dipakai lafal Ma bukannya Man karena memandang dari segi mayoritasnya. (Dan Dia-lah Yang Maha Perkasa) di dalam kerajaan-Nya (lagi Maha Bijaksana) di dalam perbuatan-Nya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : নভোমন্ডল ও ভূমন্ডলে যা কিছু আছে সবাই আল্লাহর পবিত্রতা ঘোষণা করে। তিনি শক্তিধর; প্রজ্ঞাময়।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : வானங்களிலும் பூமியிலும் உள்ளயாவும் அல்லாஹ்வுக்கே தஸ்பீஹு செய்து துதி செய்து கொண்டிருக்கின்றன அவன் யாவரையும் மிகைத்தோன் ஞானம் மிக்கவன்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : สิ่งที่อยู่ในชั้นฟ้าทั้งหลาย และในแผ่นดินแซ่ซ้องสดุดีแด่อัลลอฮ และพระองค์เป็นผู้ทรงอำนาจ ผู้ทรงปรีชาญาณ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Осмонлардаги ва ердаги нарсалар Аллоҳга тасбиҳ айтди Ва У азиз ва ҳакимдир
- 中国语文 - Ma Jian : 天地万物,都赞颂真主超绝万物,他确是万能的,确是至睿的。
- Melayu - Basmeih : Segala yang ada di langit dan di bumi tetap mengucap tasbih kepada Allah; dan Dia lah Yang Maha Kuasa lagi Maha Bijaksana
- Somali - Abduh : Waxaa Eebe sharrifa oo wayneeya waxa ku sugan Samawaadka iyo Dhulka Eebana waa adkaade falsan
- Hausa - Gumi : Abin da ke cikin sammai da ƙasa yã yi tasbĩhi ga Allah Kuma Shĩ ne Mabuwãyi Mai hikima
- Swahili - Al-Barwani : Kinamsabihi kumtakasa Mwenyezi Mungu kila kiliomo ndani ya mbingu na ardhi Na Yeye ndiye Mwenye nguvu Mwenye hikima
- Shqiptar - Efendi Nahi : Perëndinë e falenderon çdo gjë që është në qiej dhe në Tokë e Ai është i Plotëfuqishëm dhe i Gjithëdijshëm
- فارسى - آیتی : خداوند را تسبيح مىگويند، هر چه در آسمانها و زمين است، و او پيروزمند و حكيم است.
- tajeki - Оятӣ : Худовандро тасбеҳ мегӯянд, ҳар чӣ дар осмонҳову замин аст ва Ӯ ғолибу ҳаким аст!
- Uyghur - محمد صالح : ئاسمانلاردىكى ۋە زېمىندىكى نەرسىلەرنىڭ ھەممىسى اﷲ قا تەسبىھ ئېيتتى، اﷲ غالىبتۇر، ھېكمەت بىلەن ئىش قىلغۇچىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ആകാശ ഭൂമികളിലുള്ളവയൊക്കെയും അല്ലാഹുവിന്റെ മഹത്വം കീര്ത്തിക്കുന്നു. അവന് അജയ്യനും യുക്തിജ്ഞനുമാണ്.
- عربى - التفسير الميسر : نزه الله عن السوء كل ما في السموات والارض من جميع مخلوقاته وهو العزيز على خلقه الحكيم في تدبير امورهم
*1) 'That is, "It has always been so that everything in the universe has proclaimed the truth that its Creator and Sustainer is free from every blemish and defect, every weakness, error and evil. He is glorified in His essence, He is glorified in His attributes, He is glorified in His works as well as His commands whether they relate to the creation, or to the religious law for mankind. Here sabbaha has been used in the past tense; at other places yusabbihu has been used which includes both the present and the future tenses. This would signify that every particle in the universe has always been extolling the glory of its Creator and Sustainer in the past, is doing 60 at present and will continue to do the same in the future for ever and ever."
*2) That is, not only is He All-Mighty and All-Wist, but the truth is that He afoot is AII-Mighty and All-Wise. The word 'Aziz signifies a mighty and powerful Being Whose decrees cannot be prevented by any power in the world from being enforced, Whom no one can oppose and resist, Who has to be obeyed by every one whether one likes it or not, Whose rebel cannot escape His accountability and punishment in any way; and Hakim signifies that whatever He does He does it wisely. His creation, His administration and rule, His commands and guidance, all are based on wisdom. None of His works is tarnished by any tract of folly or ignorance.
There is another fine point here, which one should fully understand. Seldom in the Qur'an has Allah's attribute of `Aziz (AII-Mighty) been accompanied by His attributes of being Qawi (Strong), Mugtadir(Powerful), Jabber (Omnipotent), Dhuntiqam (Avenger) and the like, which only signify His absolute power, and this has been so only in places where the context demanded that the wicked and disobedient be warned of Allah's relentless punishment. Apart from such few places, wherever the word 'Aziz has been used for Allah, it has everywhere been accompanied by one Or other of His attributes of being Hakim (Wise), Alim (Knower), Rahim (Merciful), Ghafur (Forgiving), Wahhab (Generous) and Hamid (Praiseworthy). The reason is that if a being who wields un-limited power is at the same time foolish, ignorant, un-forgiving as well as stingy and devoid of character, its power and authority cannot but lead to injustice and wickedness Thus, wherever injustice and wickedness is being committed in the world, it is only because the one who wields authority over Others, is either using his power un-wisely and foolishly, or he is merciless and hardhearted, or evil-minded and wicked. Wherever power is coupled with these evil traits of character, no good can be expected to result. That is why in the Holy Qur'an Allah's attribute of `Aziz has necessarily been accompanied by His attributes of being All-Wise and Knowing, Compassionate and Forgiving, Praiseworthy and Generous, so that man may know that the God Who is ruling this universe has, on the' one hand, such absolute power that no one, from the earth to the heavens, can prevent His decrees from being enforced, but, on the other, He is also AlI-Wise: His each decision is based on perfect wisdom; He is also AII-Knowing whatever decision He makes, it precisely according to knowledge; He is also Compassionate: He does not use infinite power mercilessly; He is Forgiving as well: He does not punish His creatures for trifling faults, but overlooks their errors; He is also Generous: He does not treat His subjects stingily, but liberally and benevolently; and He is also Praiseworthy: He combines in Himself all praiseworthy virtues and excellences.
The full importance of this statement of the Qur'an can be better understood by those people who are aware of the discussions of the philosophy of politics and law on the question of sovereignty. Sovereignty connotes that the one who possesses it should wield un-limited power: there should be no internal and external power to change or modify his decision or prevent it from being enforced, and none should have any alternative but to obey him. At the mere concept of this infinite and un-limited power, man's common-sense necessarily demands that whoever attains to such power, should be faultless and perfect in knowledge and wisdom, for if the one holding this power is ignorant, merciless and evil, his sovereignty will inevitably lead to wickedness and corurption. That is why the philosophers who regarded a single man, or a man-made institution, or an assembly of men as the holder of this power, have had to presume that he or it would be infallible. But obviously, neither can un limited sovereignty be actually attained by a human power, nor is it possible for a king, or a parliament, or a nation, or a party that it may use the sovereignty attained by it in a limited circle faultlessly and harmlessly. The reason is that the wisdom that is wholly free of every trace of folly, and the knowledge that fully comprehends all the related truths, is not at all possessed even by entire mankind, not to speak of its being attain d by an individual, or an institution, or a nation. Likewise, as long as man is man, his being wholly free of and above selfishness, sensuality, fear, greed, desires, prejudice and sentimental love, anger and hate is also not possible. If a person ponders over these truths, he will realize that the Qur'an is indeed presenting here a correct and perfect view of sovereignty. It says that no one except Allah in this universe is possessor of absolute power, and with this unlimited power He alone is faultless, All-Wise and All-Knowing, Compassionate and Forgiving, and Praiseworthy and Generous in His dealings with Hid subjects.