- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍۢ ۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ
- عربى - نصوص الآيات : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ۖ واتقوا الله ۚ إن الله خبير بما تعملون
- عربى - التفسير الميسر : يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، خافوا الله، واحذروا عقابه بفعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه، ولتتدبر كل نفس ما قدمت من الأعمال ليوم القيامة، وخافوا الله في كل ما تأتون وما تَذَرون، إن الله سبحانه خبير بما تعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهو مجازيكم عليها.
- السعدى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يوجبه الإيمان ويقتضيه من لزوم تقواه، سرا وعلانية، في جميع الأحوال، وأن يراعوا ما أمرهم الله به من أوامره وشرائعه وحدوده، وينظروا ما لهم وما عليهم، وماذا حصلوا عليه من الأعمال التي تنفعهم أو تضرهم في يوم القيامة، فإنهم إذا جعلوا الآخرة نصب أعينهم وقبلة قلوبهم، واهتموا بالمقام بها، اجتهدوا في كثرة الأعمال الموصلة إليها، وتصفيتها من القواطع والعوائق التي توقفهم عن السير أو تعوقهم أو تصرفهم، وإذا علموا أيضا، أن الله خبير بما يعملون، لا تخفى عليه أعمالهم، ولا تضيع لديه ولا يهملها، أوجب لهم الجد والاجتهاد.
وهذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه، وأنه ينبغي له أن يتفقدها، فإن رأى زللا تداركه بالإقلاع عنه، والتوبة النصوح، والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه، وإن رأى نفسه مقصرا في أمر من أوامر الله، بذل جهده واستعان بربه في تكميله وتتميمه، وإتقانه، ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه وبين تقصيره، فإن ذلك يوجب له الحياء بلا محالة.
- الوسيط لطنطاوي : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
ثم وجه - سبحانه - نداء إلى المؤمنين أمرهم فيه بتقواه وبتقديم العمل الصالح الذى ينفعهم يوم يلقونه ، ونهاهم عن التشبه بالقوم الفاسقين . . . فقال - تعالى - : ( ياأيها الذين آمَنُواْ . . . ) .
والمراد بالغد فى قوله - تعالى - : ( ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ . . ) يوم القيامة . .
أى : يا من آمنتم بالله - تعالى - حق الإيمان ( اتقوا الله ) أى صونوا أنفسكم عن كل ما يغضب الله - تعالى - ، وراقبوه فى السر والعلن . وقفوا عند حدوده فلا تتجاوزوها .
( وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) أى : ولتنظر كل نفس ، ولتتأمل فى الأعمال التى عملتها فى الدنيا . والتى ستحاسب عليها فى يوم القيامة ، فإن كانت خيرا ازدادت منها ، وإن كانت غير ذلك أقلعت عنها .
وعبر - سبحانه - عن يوم القيامة بالغد ، للإشعار بقربه ، وأنه آت لا ريب فيه ، كما يأتى اليوم الذى يلى يومك . والعرب تخبر عن المستقبل القريب الغد كما فى قول الشاعر :
فإن يك صدر هذا اليوم ولى ... فإن غدا لناظره قريب
وقال - سبحانه - : ( وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ ) لإفادة العموم ، أى : كل نفس عليها أن تنظر نظرة محاسبة ومراجعة فى أعمالها بحيث لا تقدم إلا على ما كان صالحا منها .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما معنى تنكير النفس والغد؟ قلت : أما تنكير النفس فاستقلالا للأنفس النواظر فيما قدمت للآخرة ، كأنه قيل : ولتنظر نفس واحدة فى ذلك ، وأما تنكير الغد ، فلتعظيمه وإبهام أمره ، كأنه قيل : لغد لا يعرف كنهه لعظمه .
وعن مالك بن دينار : مكتوب على باب الجنة : وجدنا ما عملنا ، وربحنا ما قدمنا ، وخسرنا ما خلفنا . .
وكرر - سبحانه - الأمر بالتقوى فقال : ( واتقوا الله ) للتأكيد . أى : اتقوا الله بأن تؤدوا ما كلفكم به من واجبات ، وبأن تجتنبوا ما نهاكم عنه من سيئات .
وقوله - سبحانه - : ( إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) تعليل للحض على التقوى أى : اتقوه فى كل ما تأتون وما تذرون ، لأنه - تعالى - لا تخفى عليه خافية من أعمالكم ، بل هو - سبحانه - محيط بها إحاطة تامة ، وسيجازيكم عليها بما تستحقون يوم القيامة .
وقد جاء الأمر بتقوى الله - تعالى - فى عشرات الآيات من القرآن الكريم ، لأن تقوى الله - تعالى - هى جماع كل خير ، وملاك كل بر ، ومن الأدلة على ذلك . أننا نرى القرآن يبين لنا أن تقوى الله قد أمر بها كل نبى قومه ، قال - تعالى - : ( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المرسلين إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ ) وتارة نجد القرآن الكريم يبين لنا الآثار الطيبة التى تترتب على تقوى الله فى الدنيا والآخرة ، فيقول : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى آمَنُواْ واتقوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السمآء والأرض . . ) ويقول : ( وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ )
ويقول - سبحانه - : ( الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين ) ويقول - عز وجل - : ( إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ).
- البغوى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
قوله - عز وجل - ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ) يعني ليوم القيامة أي : لينظر أحدكم أي شيء قدم لنفسه عملا صالحا ينجيه أم سيئا يوبقه ( واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )
- ابن كثير : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن المنذر بن جرير ، عن أبيه قال : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدر النهار ، قال : فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار - أو العباء - متقلدي السيوف ، عامتهم من مضر ، بل كلهم من مضر فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى بهم من الفاقة ، قال : فدخل ثم خرج ، فأمر بلالا فأذن وأقام الصلاة ، فصلى ثم خطب ، فقال : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ) إلى آخر الآية : ( إن الله كان عليكم رقيبا ) [ النساء : 1 ] . وقرأ الآية التي في الحشر : ( ولتنظر نفس ما قدمت لغد ) تصدق رجل من ديناره ، من درهمه ، من ثوبه ، من صاع بره ، من صاع تمره - حتى قال - : ولو بشق تمرة " . قال : فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها ، بل قد عجزت ، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب ، حتى رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتهلل وجهه كأنه مذهبة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من سن في الإسلام سنة حسنة ، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " .
انفرد بإخراجه مسلم من حديث شعبة بإسناد مثله .
فقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ) أمر بتقواه ، وهي تشمل فعل ما به أمر ، وترك ما عنه زجر .
وقوله : ( ولتنظر نفس ما قدمت لغد ) أي : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ، ( واتقوا الله ) تأكيد ثان ، ( إن الله خبير بما تعملون ) أي : اعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم لا تخفى عليه منكم خافية ، ولا يغيب عنه من أموركم جليل ولا حقير .
- القرطبى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله في أوامره ونواهيه ، وأداء فرائضه واجتناب معاصيه .
ولتنظر نفس ما قدمت لغد يعني يوم القيامة . والعرب تكني عن المستقبل بالغد . وقيل : ذكر الغد تنبيها على أن الساعة قريبة ; كما قال الشاعر قرار بن أجدع :
فإن بك صدر هذا اليوم ولى وإن غدا لناظره قريب
وقال الحسن وقتادة : قرب الساعة حتى جعلها كغد . ولا شك أن كل آت قريب ; والموت لا محالة آت . ومعنى ما قدمت يعني من خير أو شر .
واتقوا الله ، أعاد هذا تكريرا ، كقولك : اعجل اعجل ، ارم ارم . وقيل : التقوى الأولى التوبة فيما مضى من الذنوب ، والثانية اتقاء المعاصي في المستقبل .
إن الله خبير بما تعملون قال سعيد بن جبير : أي بما يكون منكم . والله أعلم .
- الطبرى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
وقوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ) يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ووحدوه، اتقوا الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه.
وقوله: ( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) يقول: ولينظر أحدكم ما قدّم ليوم القيامة من الأعمال، أمن الصالحات التي تنجيه أم من السيئات التي توبقه؟ .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) : ما زال ربكم يقرّب الساعة حتى جعلها كغد، وغدٌ يوم القيامة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) يعني يوم القيامة.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) يعني يوم القيامة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، وقرأ قول الله عزّ وجلّ( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) يعني يوم القيامة الخير والشرّ؛ قال: والأمس في الدنيا، وغدٌ في الآخرة، وقرأ كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ قال: كأن لم تكن في الدنيا.
وقوله: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ ) يقول: وخافوا الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه ( إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) يقول: إن الله ذو خبرة وعلم بأعمالكم خيرها وشرّها، لا يخفى عليه منها شيء، وهو مجازيكم على جميعها.
- ابن عاشور : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)
انتقال من الامتنان على المسلمين بما يسرّ الله من فتح قرية بني النضير بدون قتال ، وما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم منهم ، ووصف ما جرى من خيبتهم وخيبة أملهم في نصرة المنافقين ، ومن الإِيذان بأن عاقبة أهل القرى الباقية كعاقبة أسلافهم . وكذلك موقف أنصارهم معهم ، إلى الأمر بتقوى الله شكراً له على ما منح وما وعد من صادق الوعد فإن الشكر جزاء العبد عن نعمة ربه إذ لا يستطيع جزاء غير ذلك فأقبل على خطاب الذين آمنوا بالأمر بتقوى الله .
ولما كان ما تضمنته السورة من تأييد الله إياهم وفَيض نعمه عليهم كان من منافع الدنيا ، أعقبه بتذكيرهم بالإِعداد للآخرة بقوله : { ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ } أي لتتأمل كل نفس فيما قدمته للآخرة .
وجملة { ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ } ، عطف أمر على أمر آخر . وهي معترضة بين جملة { اتقوا الله } وجملة { إن الله خبير بما تعملون } . وذِكر { نفس } إظهار في مقام الإِضمار لأن مقتضى الظاهر : وانظروا ما قدمتم ، فعُدل عن الإِظهار لقصد العموم أي لتنظروا وتنظر كل نفس .
وتنكير { نفس } يفيد العموم في سياق الأمر ، أي لتنظر كل نفس ، فإن الأمر والدعاء ونحوهما كالشرط تكون النكرة في سياقها مثل ما هي في سياق النفي كقوله تعالى { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره } [ التوبة : 6 ] وكقول الحريري :
يا أهلَ ذا المَغْنَى وُقيتم ضُرّا ... ( أي كل ضر ) .
وإنما لم يعرَّف بلام التعريف تنصيصاً على العموم لئلا يتوهم نفسٌ معهودة
وأطلق «غد» على الزمن المستقبل مجازاً لتقريب الزمن المستقبل من البعيد لملازمة اقتراب الزمن لمفهوم الغَد ، لأن الغد هو اليوم الموالي لليوم الذي فيه المتكلم فهو أقرب أزمنة المستقبل كما قال قرّاد بن أجدع :
فإن يَكُ صدْرُ هذا اليوم ولّى ... فإن غداً لناظره قريب
وهذا المجاز شائع في كلام العرب في لفظ ( غد ) وأخواته قال زهير :
وأعْلَمُ عِلْم اليوممِ والأمسسِ قبلَه ... ولكنني عن علم ما في غدٍ عَمِ
يريد باليوم الزمن الحاضر ، وبالأمس الزمن الماضي ، وبالغد الزمن المستقبل .
وتنكير «غد» للتعظيم والتهويل ، أي لغدٍ لا يعرف كنهه .
واللام في قوله : { لغدٍ } لام العلة ، أي ما قدمتْه لأجل يوم القيامة ، أي لأجل الانتفاع به .
والتقديم : مستعار للعمل الذي يُعمل لتحصيل فائدته في زمن آت شبه قصد الانتفاع به في المستقبل بتقديم من يَحلّ في المنزل قبل ورود السائرين إليه من جيش أو سَفر ليهيّء لهم ما يصلح أمرهم ، ومنه مقدمة الجيش وتقديم الرائد قبل القافلة . قال تعالى : { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله } [ البقرة : 110 ] ويقال في ضده : أَخَّر ، إذا ترك عمل شيء قال تعالى : { علمت نفس ما قدمت وأخرت }
[ الأنفطار : 5 ] .
وإعادة { واتقوا الله } ليبنَى عليه { إن الله خبير بما تعملون } فيحصل الربط بين التعليل والمعلل إذ وقع بينهما فصل { ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ } . وإنما أعيد بطريق العطف لزيادة التأكيد فإن التوكيد اللفظي يؤتى به تارة معطوفاً كقوله تعالى : { أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى } [ القيامة : 34 ، 35 ] وقوله : { كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون } [ التكاثر : 3 4 ] . وقول عدي بن زيد : «وألفَى قولها كذباً ومَيناً» .
وذلك أن في العطف إيهام أن يكون التوكيد يجعل كالتأسيس لزيادة الاهتمام بالمؤكد .
فجملة { إن الله خبير بما تعملون } تعليل للحث على تقوى الله وموقع { إنَّ } فيها موقع التعليل .
ويجوز أن يكون { اتقوا الله } المذكور أولاً مراداً به التقوى بمعنى الخوف من الله وهي الباعثة على العمل ولذلك أردف بقوله : { ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ } ويكون { اتقوا الله } المذكور ثانياً مراداً به الدوام على التقوى الأولى ، أي ودوموا على التقوى على حد قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله } [ النساء : 136 ] ولذلك أردف بقوله : { إن الله خبير بما تعملون } أي بمقدار اجتهادكم في التقوى ، وأردف بقوله : { ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم } [ الحشر : 19 ] أي أهملوا التقوى بعد أن تقلّدوها كما سيأتي أنهم المنافقون فإنهم تقلّدوا الإِسلام وأضاعوه قال تعالى : { نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون } [ التوبة : 67 ] . وفي قوله : { إن الله خبير بما تعملون } إظهار اسم الجلالة في مقام الإِضمار ، فتكون الجملة مستقلة بدلالتها أتمّ استقلال فتجري مجرى الأمثال ولتربية المهابة في نفس المخاطبين .
- إعراب القرآن : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» سبق إعرابها «اتَّقُوا اللَّهَ» أمر وفاعله ومفعوله والجملة ابتدائية لا محل لها ، «وَلْتَنْظُرْ» مضارع مجزوم بلام الأمر والجملة معطوفة على ما قبلها «نَفْسٌ» فاعل «ما» مفعول به «قَدَّمَتْ» ماض فاعله مستتر والجملة صلة ما «لِغَدٍ» متعلقان بالفعل ، «وَاتَّقُوا اللَّهَ» معطوفة على ما قبلها ، «إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ» إن واسمها وخبرها والجملة تعليل «بِما» متعلقان بخبير «تَعْمَلُونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة.
- English - Sahih International : O you who have believed fear Allah And let every soul look to what it has put forth for tomorrow - and fear Allah Indeed Allah is Acquainted with what you do
- English - Tafheem -Maududi : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(59:18) Believers, *28 fear Allah and let every person look to what he sends forward for the morrow. *29 Fear Allah; Allah is well aware of all that you do.
- Français - Hamidullah : O vous qui avez cru Craignez Allah Que chaque âme voit bien ce qu'elle a avancé pour demain Et craignez Allah car Allah est Parfaitement Connaisseur de ce que vous faites
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O die ihr glaubt fürchtet Allah Und eine jede Seele schaue was sie für morgen vorausschickt Und fürchtet Allah; gewiß Allah ist Kundig dessen was ihr tut
- Spanish - Cortes : ¡Creyentes ¡Temed a Alá ¡Que cada uno considere lo que prepara para Mañana ¡Temed a Alá Alá está bien informado de lo que hacéis
- Português - El Hayek : Ó fiéis temei a Deus E que cada alma considere o que tiver oferecido para o dia de amanhã; temei pois a Deus porque Deus está bem inteirado de tudo quanto fazeis
- Россию - Кулиев : О те которые уверовали Бойтесь Аллаха и пусть душа посмотрит что она приготовила на завтрашний день Бойтесь Аллаха ведь Аллах ведает о том что вы совершаете
- Кулиев -ас-Саади : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
О те, которые уверовали! Бойтесь Аллаха, и пусть душа посмотрит, что она приготовила на завтрашний день. Бойтесь Аллаха, ведь Аллах ведает о том, что вы совершаете.- Turkish - Diyanet Isleri : Ey inananlar Allah'tan sakının; herkes yarına ne hazırladığına baksın; Allah'tan sakının çünkü Allah işlediklerinizden haberdardır
- Italiano - Piccardo : O voi che credete temete Allah e che ognuno rifletta su ciò che avrà preparato per l'indomani Temete Allah in verità Allah è ben informato di quello che fate
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی ئهوانهی باوهڕتان هێناوه خواناس و پارێزکاربن و له سنوورهکانی مهترازێن با ههموو کهسێك سهرنج بدات و بزانێت چی بۆ سبهی دهست پێشکهری کردووه ههوڵ بدهن ههمیشهو بهردهوام پارێزکارو دیندارو خواناس بن چونکه بهڕاستی خوا زۆر ئاگایه بهههموو ئهو کاروکردهوانهی که ئهنجامی دهدهن
- اردو - جالندربرى : اے ایمان والوں خدا سے ڈرتے رہو اور ہر شخص کو دیکھنا چاہیئے کہ اس نے کل یعنی فردائے قیامت کے لئے کیا سامان بھیجا ہے اور ہم پھر کہتے ہیں کہ خدا سے ڈرتے رہو بےشک خدا تمہارے سب اعمال سے خبردار ہے
- Bosanski - Korkut : O vjernici Allaha se bojte i neka svaki čovjek gleda šta je za sutra pripremio i Allaha se bojte jer On dobro zna šta radite
- Swedish - Bernström : TROENDE Frukta Gud och tänk på vad ni sänder framför er var och en till morgondagen Ja frukta Gud Han är väl underrättad om vad ni gör
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai orangorang yang beriman bertakwalah kepada Allah dan hendaklah setiap diri memperhatikan apa yang telah diperbuatnya untuk hari esok akhirat; dan bertakwalah kepada Allah sesungguhnya Allah Maha Mengetahui apa yang kamu kerjakan
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
(Hai orang-orang yang beriman! Bertakwalah kepada Allah dan hendaklah setiap diri memperhatikan apa yang telah diperbuatnya untuk hari esok) yakni untuk menghadapi hari kiamat (dan bertakwalah kepada Allah, sesungguhnya Allah Maha Mengetahui apa yang kalian kerjakan).
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : মুমিনগণ তোমরা আল্লাহ তা’আলাকে ভয় কর। প্রত্যেক ব্যক্তির উচিত আগামী কালের জন্যে সে কি প্রেরণ করে তা চিন্তা করা। আল্লাহ তা’আলাকে ভয় করতে থাক। তোমরা যা কর আল্লাহ তা’আলা সে সম্পর্কে খবর রাখেন।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : ஈமான் கொணடவர்களே அல்லாஹ்வுக்கு அஞ்சி நடந்து கொள்ளுங்கள் மேலும் ஒவ்வொருவரும் மறுமை நாளுக்காக தான் முற்படுத்தி வைத்திருப்பதைப் பார்த்துக் கொள்ளட்டும் இன்னும் நீங்கள் அல்லாஹ்வை அஞ்சி நடந்து கொள்ளுங்கள் நீங்கள் செய்பவற்றை நிச்சயமாக அல்லாஹ் நன்கறிந்தவன்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : โอ้บรรดาผู้ศรัทธาเอ๋ยพวกเจ้าจงยำเกรงอัลลอฮฺเถิด และทุกชีวิตจงพิจารณาดูว่าอะไรบ้างที่ตนได้เตรียมไว้สำหรับพรุ่งนี้ วันกิยามะฮฺ และจงยำเกรงอัลลอฮฺเถิด แท้จริงอัลลอฮฺนั้นทรงรู้ดียิ่งในสิ่งที่พวกเจ้ากระทำ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй иймон келтирганлар Аллоҳга тақво қилинглар Ҳар ким эрталик учун нима тақдим қилганига назар солсин Аллоҳга тақво қилинглар Албатта Аллоҳ нима қилаётганингиздан хабардордир Қиёмат нисбатан жуда яқин вақт шунинг учун ҳам у эрта дейилади Демак ҳар бир инсон қиёмат куни учун нима иш қилганини ўйлаб қўйиши керак
- 中国语文 - Ma Jian : 信道的人们啊!你们应当敬畏真主,各人应当想一想自己为明日而预备了什么,你们应当敬畏真主,真主确是彻知你们的行为的。
- Melayu - Basmeih : Wahai orangorang yang beriman Bertaqwalah kepada Allah dengan mengerjakan suruhanNya dan meninggalkan laranganNya; dan hendaklah tiaptiap diri melihat dan memerhatikan apa yang ia telah sediakan dari amalamalnya untuk hari esok hari akhirat Dan sekali lagi diingatkan Bertaqwalah kepada Allah sesungguhnya Allah Amat Meliputi PengetahuanNya akan segala yang kamu kerjakan
- Somali - Abduh : Kuwa xaqa rumeeyey waa inay Eebe ka dhawrsadaan Nafwalbana waa inay eegtaa waxay u hormarsatay barri qiyaamaha Eebena ha laga yaabo illeen wax walba waa ogyahaye
- Hausa - Gumi : Yã kũ waɗanda suka yi ĩmãni Ku bi Allah da taƙawa kuma rai ya dũbi abin da ya gabãtar dõmin gõbe kuma ku bi Allah da taƙawa lalle Allah Mai ƙididdigewa ne ga abin da kuke aikatãwa
- Swahili - Al-Barwani : Enyi mlio amini Mcheni Mwenyezi Mungu na kila nafsi iangalie inayo yatanguliza kwa ajili ya Kesho Na mcheni Mwenyezi Mungu Hakika Mwenyezi Mungu anazo khabari ya mnayo yatenda
- Shqiptar - Efendi Nahi : O besimtarë druajuni Perëndisë dhe çdo njeri le të shikojë se ç’ka përgatitur për të nesërmen duke mos e kundërshtuar Perëndinë sepse Ai di çdo gjë që punoni ju
- فارسى - آیتی : اى كسانى كه ايمان آوردهايد، از خدا بترسيد. و هر كس بايد بنگرد كه براى فردايش چه فرستاده است. از خدا بترسيد كه خدا به كارهايى كه مىكنيد آگاه است.
- tajeki - Оятӣ : Эй касоне, ки имон овардаед, аз Худо битарсед. Ва ҳар кас бояд бингарад, ки барои фардояш чӣ фиристодааст. Аз Худо битарсед, ки Худо ба корҳое, ки мекунед, огоҳ аст!
- Uyghur - محمد صالح : ئى مۆمىنلەر! اﷲ تىن قورقۇڭلار، ھەر ئادەم ئەتە (يەنى قىيامەت كۈنى) ئۈچۈن (ياخشى ئەمەللەردىن) نېمىلەرنى تەييارلىغانلىقىغا قارىسۇن، اﷲ تىن قورقۇڭلار، اﷲ ھەقىقەتەن قىلىۋاتقان ئىشىڭلاردىن تولۇق خەۋەرداردۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : സത്യവിശ്വാസികളേ, നിങ്ങള് ദൈവഭക്തരാവുക. നാളേക്കുവേണ്ടി താന് തയ്യാറാക്കിയത് എന്തെന്ന് ഓരോ മനുഷ്യനും ആലോചിക്കട്ടെ. അല്ലാഹുവോട് ഭക്തിയുള്ളവരാവുക. നിങ്ങള് ചെയ്യുന്നതൊക്കെയും നന്നായറിയുന്നവനാണ് അല്ലാഹു.
- عربى - التفسير الميسر : يا ايها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه خافوا الله واحذروا عقابه بفعل ما امركم به وترك ما نهاكم عنه ولتتدبر كل نفس ما قدمت من الاعمال ليوم القيامه وخافوا الله في كل ما تاتون وما تذرون ان الله سبحانه خبير بما تعملون لا يخفى عليه شيء من اعمالكم وهو مجازيكم عليها
*28) It is a rule of the Qur'an that whenever the hypocritical Muslims are taken to task for their hypocrisy, they are given admonition also so that whoever of them has some life left in his conscience, may feel remorse for his conduct and attitude and may make an effort, out of the fear of Allah, to come out of the pit into which his worship of the self has thrown him. This whole section (vv, 18-24) consists of such admonition.
*29) "For the morrow": for the Hereafter. That is, this whole worldly life is "today", whose "tomorrow" is the Day of Resurrection, which is going to follow it. Adopting this style Allah has, in a wise manner, made man understand the trnth that just as that person is highly foolish, who gambles away his all for the enjoyment of today and dces not realize whether tomorrow he would be left with anything to eat and a place of shelter or not, so is that person also only working for his own doom, who is too absorbed in making; his world to pay heed to the Hereafter, whereas the Hereafter is to follow this world just as today is to be followed by tomorrow, and there he would find nothing if he has sent nothing ahead for the morrow. Besides, the other wise point here is that every person has been appointed his own censor. Unless a person develops in himself the sense of what is good for him and what is evil, he cannot appreciate whether what he is doing will make his future in the Hereafter or mar it. And when this sense becomes active in himself, he will have to calculate and see for himself whether the way in which he is expending his time, his wealth, his energies and capabilities leads to Heaven or Hell. To do so is in his own interest; for if he does not do so he will ruin his own future itself,