- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٍۢ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ۖ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَٰتٍۢ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَءَاتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَسْـَٔلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْـَٔلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
- عربى - نصوص الآيات : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ۖ الله أعلم بإيمانهن ۖ فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار ۖ لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ۖ وآتوهم ما أنفقوا ۚ ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ۚ ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ۚ ذلكم حكم الله ۖ يحكم بينكم ۚ والله عليم حكيم
- عربى - التفسير الميسر : يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إذا جاءكم النساء المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام، فاختبروهن؛ لتعلموا صدق إيمانهن، الله أعلم بحقيقة إيمانهن، فإن علمتموهن مؤمنات بحسب ما يظهر لكم من العلامات والبينات، فلا تردُّوهن إلى أزواجهن الكافرين، فالنساء المؤمنات لا يحلُّ لهن أن يتزوجن الكفار، ولا يحلُّ للكفار أن يتزوجوا المؤمنات، وأعطوا أزواج اللاتي أسلمن مثل ما أنفقوا عليهن من المهور، ولا إثم عليكم أن تتزوجوهن إذا دفعتم لهنَّ مهورهن. ولا تمسكوا بنكاح أزواجكم الكافرات، واطلبوا من المشركين ما أنفقتم من مهور نسائكم اللاتي ارتددن عن الإسلام ولحقن بهم، وليطلبوا هم ما أنفقوا من مهور نسائهم المسلمات اللاتي أسلمن ولحقن بكم، ذلكم الحكم المذكور في الآية هو حكم الله يحكم به بينكم فلا تخالفوه. والله عليم لا يخفى عليه شيء، حكيم في أقواله وأفعاله.
- السعدى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
لما كان صلح الحديبية، صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين، على أن من جاء منهم إلى المسلمين مسلما، أنه يرد إلى المشركين، وكان هذا لفظا عاما، [مطلقا] يدخل في عمومه النساء والرجال، فأما الرجال فإن الله لم ينه رسوله عن ردهم، إلى المشركين وفاء بالشرط وتتميما للصلح الذي هو من أكبر المصالح، وأما النساء فلما كان ردهن فيه مفاسد كثيرة، أمر الله المؤمنين إذا جاءهم المؤمنات مهاجرات، وشكوا في صدق إيمانهن، أن يمتحنوهن ويختبروهن، بما يظهر به صدقهن، من أيمان مغلظة وغيرها، فإنه يحتمل أن يكون إيمانها غير صادق بل رغبة في زوج أو بلد أو غير ذلك من المقاصد الدنيوية.
فإن كن بهذا الوصف، تعين ردهن وفاء بالشرط، من غير حصول مفسدة، وإن امتحنوهن، فوجدن صادقات، أو علموا ذلك منهن من غير امتحان، فلا يرجعوهن إلى الكفار، { لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } فهذه مفسدة كبيرة في ردهن راعاها الشارع، وراعى أيضا الوفاء بالشرط، بأن يعطوا الكفار أزواجهن ما أنفقوا عليهن من المهر وتوابعه عوضا عنهن، ولا جناح حينئذ على المسلمين أن ينكحوهن ولو كان لهن أزواج في دار الشرك، ولكن بشرط أن يؤتوهن أجورهن من المهر والنفقة، وكما أن المسلمة لا تحل للكافر، فكذلك الكافرة لا تحل للمسلم أن يمسكها ما دامت على كفرها، غير أهل الكتاب، ولهذا قال تعالى: { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } وإذا نهى عن الإمساك بعصمتها فالنهي عن ابتداء تزويجها أولى، { وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ } أيها المؤمنون، حين ترجع زوجاتكم مرتدات إلى الكفار، فإذا كان الكفار يأخذون من المسلمين نفقة من أسلمت من نسائهم، استحق المسلمون أن يأخذوا مقابلة ما ذهب من نسائهم إلى الكفار، وفي هذا دليل على أن خروج البضع من الزوج متقوم، فإذا أفسد مفسد نكاح امرأة رجل، برضاع أو غيره، كان عليه ضمان المهر، وقوله: { ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ } أي: ذلكم الحكم الذي ذكره الله وبينه لكم يحكم به بينكم { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } فيعلم تعالى، ما يصلح لكم من الأحكام، ويشرع لكم ما تقتضيه الحكمة
- الوسيط لطنطاوي : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ثم انتقلت السورة الكريمة إل بيان بعض الأحكام التى تتعلق بالنساء المؤمنات ، اللاتى تركن أزواجهن الكفار ، ورغبن فى الهجرة إلى دار السلام فقال - تعالى - : ( ياأيها الذين آمَنُواْ إِذَا . . . . ) .
قال الإمام القرطبى : قوله - تعالى - : ( ياأيها الذين آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ المؤمنات مُهَاجِرَاتٍ ) : لما أمر الله المسلمين بترك موالاة المشركين ، واقتضى ذلك مهاجرة المسلمين عن بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، وكان التناكح من أوكد أسباب الموالاة ، فبين - سبحانه - أحكام مهاجرة النساء .
قال ابن عباس : جرى الصلح مع مشركى قريش عام الحديبية على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم ، فجاءت سعيدة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب ، والنبى - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية بعد ، فأقبل زوجها - وكان كافرا . . . فقال : يا محمد ، اردد على امرأتى ، فإنك شرطت ذلك ، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد ، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية .
وقيل : " جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط ، فجاء أهلها يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يردها .
وقيل : هربت من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخويها وحبسها ، فقالوا للنبى - صلى الله عليه وسلم - ردها علينا للشرط ، فقال : "
كان الشرط فى الرجال لا فى النساء " فأنزل الله هذه الآية " .والمعنى : يا من آمنتم بالله - تعالى - حق الإيمان ، ( إِذَا جَآءَكُمُ المؤمنات مُهَاجِرَاتٍ ) ، من دار الكفر الى دار الإيمان ، وراغبات فى فراق الكافرين ، والبقاء معكم .
( فامتحنوهن ) أى : فاختبروهن اختبارا يغلب معه الظن بأنهن صادقات فى هجرتهن وفى إيمانهن ، وفى موافقة قلوبهن لألسنتهن .
وقد ذكر ابن جرير فى كيفية امتحانهن صيغا منها : ما جاء عن ابن عباس أنه قال : كانت المرأة إذا أتت رسول الله - صلى الله عليها وسلم - حلفها بأنها ما خرجت بغضا لزوجها ، ولا رغبة فى الانتقال من أرض إلى أرض ، ولا التماسا لدنيا ، وإنما خرجت حبا لله ولرسوله .
وجملة : ( الله أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ) معترضة لبيان أن معرفة خفايا القلوب ، مردها إلى الله - تعالى - وحده .
قال صاحب الكشاف : قوله : ( الله أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ) أى : منكم ، لأنكم لا تكسبون فيه علما تطمئن معه نفوسكم ، وإن استحلفتموهن ودرستم أحوالهن ، وعند الله حقيقة العلم به .
والمراد بالعلم فى قوله - تعالى - : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار ) الظن الغالب .
أى : فإن غلب على ظنكم بعد امتحانهن أنهن مؤمنات صادقات فى إيمانهن ، فأبقوهن عندكم ، ولا ترجعوهن إلى أزواجهن أو إلى أهلهن من الكفار .
وسمى الظن القوى علما للإيذان بأنه كالعلم فى وجوب العمل بمقتضاه ، وإنما رد الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرجال الذين جاءوه مؤمنين بعد صلح الحديبية ، ولم يرد النساء المؤمنات ، لأن شرط الرد كان فى الرجال ولم يكن فى النساء - كما سبق أن ذكرنا نقلا عن القرطبى - ، ولأن الرجل لا يخشى عليه من الفتنة فى الرد ما يخشى على المرأة ، من إصابة المشرك إياها ، وتخويفها ، وإكراهها على الردة .
قال بعض العلماء : قال كثير من المفسرين : إن هذه الآية مخصصة لما جاء فى معاهدة صلح الحديبية ، والتى كان فيها من جاء من الكفار مسلما إلى المسلمين ردوه إلى المشركين ، ومن جاء من المسلمين كافرا للمشركين ، لا يردونه على المسلمين ، فأخرجت الآية النساء من المعاهدة ، وأبقت الرجال ، من باب تخصيص العموم .
وتخصيص السنن بالقرآن ، وتخصيص القرآن بالسنن ، أمر معلوم .
ومن أمثلة تخصيص السنة بالكتاب ، قوله : - صلى الله عليه وسلم - : " ما أبين من حى فهو ميت " أى : فهو محرم ، فقد جاء تخصيص هذا العموم بقوله - تعالى - : ( وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا ) أى : ليس محرما ، ومن أمثلة تخصيص الكتاب بالسنة قوله - تعالى - : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة والدم ) فقد جاء تخصيص هذا العموم بحديث : " أحلت لنا ميتتان ودمان ، أما الميتتان : فالجراد والحوت ، وأما الدمان : فالكبد والطحال " .
وقال بعض المفسرين : إنها ليست مخصصة للمعاهدة ، لأن النساء لم يدخلن فيها ابتداء ، وإنما كانت فى حق الرجال فقط .
والذى يظهر - والله أعلم - أنها مخصصة لمعاهدة الحديبية ، وهى من أحسن الأمثلة لتخصيص السنة بالقرآن - كما قال الإمام ابن كثير .
وقوله - سبحانه - : ( لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) تعليل للنهى عن رد المؤمنات المهاجرات إلى دار الكفر ، أو إلى أزواجهن الكفار .
أى : لا ترجعوا - أيها المؤمنون - النساء المؤمنات المهاجرات إليكم من أرض الكفر إلى أزواجهن الكافرين ، فإن هؤلاء المؤمنات صرن بسبب إيمانهن لا يصح ارتباطهن بأزواجهن الكفار ، كما لا يصح لهؤلاء الكافرين الارتباط بالنساء المؤمنات .
فالجملة الكريمة المقصود بها تأكيد النهى عن رد المؤمنات المهاجرات إلى أرض الكفر ، ووجوب التفرقة بين المرأة المؤمنة وزوجها الكافر فى جميع الأحوال .
قال ابن كثير : هذه الآية هى التى حرمت المسلمات على المشركين وقد كان ذلك جائزا فى أول الإسلام ، أن يتزوج المشرك المؤمنة . . .
وقوله - تعالى - : ( وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ ) بيان لمظهر من مظاهر عدالة الإسلام فى أحكامه . والخطاب لولاة الأمور . وهذا الإيتاء إنما هو للأزواج المعاهدين ، أما إذا كانوا حزبيين فلا يعطون شيئا .
أى : وسلموا إلى المشركين الذين جاءكم نساؤهم مؤمنات ، ما دفعوه لهن من مهور ، قال القرطبى : قوله : ( وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ ) : أمر الله - تعالى - إذا أُمسِكَتْ المرأة المسلمة ، أن يرد إلى زوجها المشرك ما أنفق ، وذلك من الوفاء بالعهد ، لأنه لما مُنِع من أهله ، بحرمة الإسلام ، أمر- سبحانه - برد المال إليه ، حتى لا يقع عليهم خسران من الوجهين : الزوجة والمال .
فالمراد بقوله - تعالى - ( مَّآ أَنفَقُواْ ) : ما دفعه المشركون لأزواجهم المؤمنات .
وعبر عن هذه المهور بالنفقة ، للإشعار بأن هؤلاء الزوجات المؤمنات ، أصبحت لا صلة لهن بأزواجهن المشركين .
وقوله - سبحانه - : ( وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) تكريم لهؤلاء النساء المشركين ، وبعد استبرائكم لأرحامهن ، وعليكم أن تدفعوا لهن مهورهن كاملة غير منقوصة .
ونص على دف المهر لهن - مع أنه أمر معلوم - لكى لا يتوهم متوهم ، أن رد المهر إلى الزوج الكافر ، يغنى عن دفع مهر جديد لهن إذا تزوجن بعد ذلك بأزواج مسلمين ، إذ المهر المردود للكفار ، لا يقوم مقام المهر الذى يجب على المسلم إذا ما تزوج بامرأة مسلمة فارقت زوجها الكافر .
والمراد بالإيتاء : ما يشمل الدفع العاجل ، والتزام الدفع فى المستقبل .
ثم نهى الله - تعالى - المسلمين عن إبقاء الزوجات المشركات فى عصمتهم فقال : ( وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر ) .
والعصم : جمع عصمة ، والمراد بها هنا : عقد النكاح الذى يربط بين الزوج والزوجة ، والكوافر : جمع كافرة ، كضوارب جمع ضاربة .
أى : ولا يصح لكم - أيها المؤمنون - أن تبقوا فى عصمتكم ، زوجاتكم اللائى آثرن الكفر على الإيمان ، وأبين الهجرة معكم من دار الكفر إلى دار الإسلام ، وقد بادر المسلمون بعد نزول هذه الآية بتطليق زوجاتهم الكافرات فطلق عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - امرأتين له كانتا مشركتين ، وطلق طلحة بن عبيد الله إحدى زوجاته وكانت مشركة .
وهذه الجلمة الكريمة تأكيد لقوله - تعالى - قبل ذلك : ( لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) .
ثم بين - سبحانه - حكما آخر من الأحكام التى تدل على عدالة الإسلام فى تشريعاته فقال : ( وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ) والجملة الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - قبل ذلك : ( وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ ) .
أى : كما أنى شرعت لكم أن تعطوا الأزواج المشركين ، مهور نسائهم المسلمات اللائى فررن إليكم ، وتركن أزواجهن الكفار ، فكذلك شرعت لكم أن تطلبوا مهور نسائكم المشركات اللائى انفصلتم عنهن لكفرهن ، ولحقن بهؤلاء المشركين ، وليطلب المشركون منكم مهور نسائهم المؤمنات اللائى انفصلن عنهم وهاجرن إليكم .
ثم ختم - سبحانه - هذه الآية الكريمة ببيان أن هذه الأحكام ، إنما هى من الله - تعالى - العليم بأحوال النفوس ، الحكيم فى أقواله وأفعاله ، فقال : ( ذَلِكُمْ حُكْمُ الله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .
أى : ذلكم الذى ذكرناه لكم من تشريعات تتعلق بالمؤمنات المهاجرات هى أحكام من الله - تعالى - فاتبعوها ، فهو - سبحانه - صاحب الحكم المطلق بينكم ، وهو - سبحانه - عليم بأحوال عباده ، حكيم فى كل تصرفاته وتشريعاته .
- البغوى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
قوله - عز وجل - ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ) الآية .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أنه سمع مروان والمسور بن مخرمة يخبران عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالا لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه لا يأتيك منا أحد - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه . فكره المؤمنون ذلك وأبي سهيل إلا ذلك فكاتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما وجاءت المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ مهاجرة وهي عاتق فجاء أهلها يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن : " إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن " إلى " ولا هم يحلون لهن "
قال عروة فأخبرتني عائشة رضي الله تعالى عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمتحنهن بهذه الآية : " يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات " إلى قوله : " غفور رحيم " .
قال عروة : قالت عائشة رضي الله عنها : فمن أقرت بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بايعتك كلاما يكلمها به والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله .
قال ابن عباس : أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتمرا حتى إذا كان بالحديبية صالحه مشركو مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يردوه إليه وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم - وقال مقاتل هو : صيفي بن الراهب - في طلبها وكان كافرا فقال : يا محمد رد علي امرأتي فإنك قد شرطت أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طية الكتاب لم تجف بعد فأنزل الله - عز وجل - : " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات " من دار الكفر إلى دار الإسلام ( فامتحنوهن )
قال ابن عباس : امتحانها : أن تستحلف ما خرجت لبغض زوجها ولا عشقا لرجل من المسلمين ولا رغبة عن أرض إلى أرض ولا لحدث أحدثته ولا لالتماس دنيا وما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحبا لله ولرسوله .
قال فاستحلفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك فحلفت فلم يردها وأعطى زوجها مهرها وما أنفق عليها فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان يرد من جاءه من الرجال ويحبس من جاءه من النساء بعد الامتحان ويعطي أزواجهن مهورهن .
( الله أعلم بإيمانهن ) [ أي هذا الامتحان لكم والله أعلم بهن ] ( فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) ما أحل الله مؤمنة لكافر ( وآتوهم ) يعني أزواجهن الكفار ( ما أنفقوا ) عليهن يعني المهر الذي دفعوا إليهن ( ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ) أي مهورهن أباح الله نكاحهن للمسلمين وإن كان لهن أزواج في دار الكفر لأن الإسلام فرق بينهن وبين أزواجهن الكفار ( ولا تمسكوا ) [ قرأ أبو عمرو ويعقوب : بالتشديد والآخرون : بالتخفيف من الإمساك ] ( بعصم الكوافر ) " والعصم " : جمع العصمة وهي ما يعتصم به من العقد والنسب . " والكوافر " : جمع الكافرة .
نهى الله المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات يقول : من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتد بها فقد انقطعت عصمة الزوجية بينهما .
قال الزهري : فلما نزلت هذه الآية طلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأتين كانتا له بمكة مشركتين : قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة والأخرى أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم ابنه عبد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن غانم وهما على شركهما . وكانت أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب تحت طلحة بن عبيد الله فهاجر طلحة وهي بمكة على دين قومها ففرق الإسلام بينهما فتزوجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص بن أمية .
قال الشعبي : وكانت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة أبي العاص بن الربيع أسلمت ولحقت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأقام أبو العاص بمكة مشركا ثم أتى المدينة فأسلم فردها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
( واسألوا ) أيها المؤمنون ( ما أنفقتم ) أي : إن لحقت امرأة منكم بالمشركين مرتدة فاسألوا ما أنفقتم من المهر إذا منعوها ممن تزوجها منهم ( وليسألوا ) يعني : المشركين الذين لحقت أزواجهم بكم ( ما أنفقوا ) من المهر ممن تزوجها منكم ( ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم ) قال الزهري : لولا الهدنة والعهد الذي كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش يوم الحديبية لأمسك النساء ولم يرد الصداق وكذلك كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد فلما نزلت هذه الآية أقر المؤمنون بحكم الله - عز وجل - وأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين على نسائهم وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما أمروا به من أداء نفقات المسلمين [ على نسائهم ] فأنزل الله - عز وجل - : ( وإن فاتكم ) .
- ابن كثير : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
تقدم في سورة " الفتح " ذكر صلح الحديبية الذي وقع بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كفار قريش فكان فيه : " على ألا يأتيك منا رجل - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا " . وفي رواية : " على أنه لا يأتيك منا أحد - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا " . وهذا قول عروة ، والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد ، والزهري ، ومقاتل ، والسدي . فعلى هذه الرواية تكون هذه الآية مخصصة للسنة ، وهذا من أحسن أمثلة ذلك ، وعلى طريقة بعض السلف ناسخة ، فإن الله ، عز وجل ، أمر عباده المؤمنين إذا جاءهم النساء مهاجرات أن يمتحنوهن ، فإن علموهن مؤمنات فلا يرجعوهن إلى الكفار ، لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن .
وقد ذكرنا في ترجمة عبد الله بن أبي أحمد بن جحش ، من المسند الكبير ، من طريق أبي بكر بن أبي عاصم ، عن محمد بن يحيى الذهلي ، عن يعقوب بن محمد ، عن عبد العزيز بن عمران ، عن مجمع بن يعقوب ، عن حسين بن أبي لبانة ، عن عبد الله بن أبي أحمد قال : هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط في الهجرة ، فخرج أخواها عمارة ، والوليد حتى قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلماه فيها أن يردها إليهما ، فنقض الله العهد بينه وبين المشركين في النساء خاصة ، ومنعهن أن يرددن إلى المشركين ، وأنزل الله آية الامتحان .
قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا يونس بن بكير ، عن قيس بن الربيع ، عن الأغر بن الصباح ، عن خليفة ، عن حصين ، عن أبي نصر الأسدي قال : سئل ابن عباس : كيف كان امتحان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء ؟ قال : كان يمتحنهن : بالله ما خرجت من بغض زوج ؟ وبالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض ؟ وبالله ما خرجت التماس دنيا ؟ وبالله ما خرجت إلا حبا لله ولرسوله ؟ .
ثم رواه من وجه آخر ، عن الأغر بن الصباح به . وكذا رواه البزار من طريقه ، وذكر فيه أن الذي كان يحلفهن عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له عمر بن الخطاب .
وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ) كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبد الله ورسوله .
وقال مجاهد : ( فامتحنوهن ) فاسألوهن : عما جاء بهن ؟ فإن كان بهن غضب على أزواجهن أو سخطة أو غيره ، ولم يؤمن فارجعوهن إلى أزواجهن .
وقال عكرمة : يقال لها : ما جاء بك إلا حب الله ورسوله ؟ وما جاء بك عشق رجل منا ، ولا فرار من زوجك ؟ فذلك قوله : ( فامتحنوهن )
وقال قتادة : كانت محنتهن أن يستحلفن بالله : ما أخرجكن النشوز ؟ وما أخرجكن إلا حب الإسلام وأهله وحرص عليه ؟ فإذا قلن ذلك قبل ذلك منهن .
وقوله : ( فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار ) فيه دلالة على أن الإيمان يمكن الاطلاع عليه يقينا .
وقوله : ( لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين ، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة ; ولهذا كان أبو العاص بن الربيع زوج ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب رضي الله عنها ، وقد كانت مسلمة وهو على دين قومه ، فلما وقع في الأسارى يوم بدر بعثت امرأته زينب في فدائه بقلادة لها كانت لأمها خديجة ، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رق لها رقة شديدة ، وقال للمسلمين : " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فافعلوا " . ففعلوا ، فأطلقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يبعث ابنته إليه ، فوفى له بذلك وصدقه فيما وعده ، وبعثها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع زيد بن حارثة ، رضي الله عنه ، فأقامت بالمدينة من بعد وقعة بدر وكانت سنة اثنتين إلى أن أسلم زوجها العاص بن الربيع سنة ثمان فردها عليه بالنكاح الأول ، ولم يحدث لها صداقا ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن إسحاق ، حدثنا داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رد ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع وكانت هجرتها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول ، ولم يحدث شهادة ولا صداقا .
ورواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . ومنهم من يقول : " بعد سنتين " ، وهو صحيح ; لأن إسلامه كان بعد تحريم المسلمات على المشركين بسنتين . وقال الترمذي : " ليس بإسناده بأس ، ولا نعرف وجه هذا الحديث ، ولعله جاء من حفظ داود بن الحصين . وسمعت عبد بن حميد يقول : سمعت يزيد بن هارون يذكر عن ابن إسحاق هذا الحديث ، وحديث ابن الحجاج - يعني ابن أرطاة - عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رد ابنته على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد . فقال يزيد : حديث ابن عباس أجود إسنادا والعمل على حديث عمرو بن شعيب " .
قلت : وقد روى حديث الحجاج بن أرطاة ، عن عمرو بن شعيب الإمام أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ، وضعفه الإمام أحمد ، وغير واحد ، والله أعلم .
وأجاب الجمهور عن حديث ابن عباس بأن ذلك كان قضية عين يحتمل أنه لم تنقض عدتها منه ; لأن الذي عليه الأكثرون أنها متى انقضت العدة ولم يسلم انفسخ نكاحها منه .
وقال آخرون : بل إذا انقضت العدة هي بالخيار ، إن شاءت أقامت على النكاح واستمرت ، وإن شاءت فسخته وذهبت فتزوجت ، وحملوا عليه حديث ابن عباس ، والله أعلم .
وقوله : ( وآتوهم ما أنفقوا ) يعني : أزواج المهاجرات من المشركين ، ادفعوا إليهم الذي غرموه عليهن من الأصدقة . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والزهري ، وغير واحد .
وقوله : ( ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ) يعني : إذا أعطيتموهن أصدقتهن فانكحوهن ، أي : تزوجوهن بشرطه من انقضاء العدة ، والولي ، وغير ذلك .
وقوله : ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) تحريم من الله ، عز وجل ، على عباده المؤمنين نكاح المشركات ، والاستمرار معهن .
وفي الصحيح ، عن الزهري ، عن عروة ، عن المسور ، ومروان بن الحكم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاء نساء من المؤمنات ، فأنزل الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ) إلى قوله : ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) فطلق عمر بن الخطاب يومئذ امرأتين ، تزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان ، والأخرى صفوان بن أمية .
وقال ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري : أنزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بأسفل الحديبية حين صالحهم على أنه من أتاه منهم رده إليهم ، فلما جاءه النساء نزلت هذه الآية ، وأمره أن يرد الصداق إلى أزواجهن ، وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردوا الصداق إلى زوجها ، وقال : ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وقال : وإنما حكم الله بينهم بذلك ، لأجل ما كان بينهم وبينهم من العهد .
وقال محمد بن إسحاق ، عن الزهري : طلق عمر يومئذ قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة ، فتزوجها معاوية ، وأم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية ، وهي أم عبيد الله ، فتزوجها أبو جهم بن حذيفة بن غانم ، رجل من قومه ، وهما على شركهما ، وطلق طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، فتزوجها بعده خالد بن سعيد بن العاص .
وقوله : ( واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ) أي : وطالبوا بما أنفقتم على أزواجكم اللاتي يذهبن إلى الكفار ، إن ذهبن ، وليطالبوا بما أنفقوا على أزواجهم اللاتي هاجرن إلى المسلمين .
وقوله : ( ذلكم حكم الله يحكم بينكم ) أي : في الصلح واستثناء النساء منه ، والأمر بهذا كله هو حكم الله يحكم به بين خلقه : ( والله عليم حكيم ) أي عليم بما يصلح عباده ، حكيم في ذلك .
- القرطبى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فيه ست عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات لما أمر المسلمين بترك موالاة المشركين اقتضى ذلك مهاجرة المسلمين عن بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، وكان التناكح من أوكد أسباب الموالاة ; فبين أحكام مهاجرة النساء . قال ابن عباس : جرى الصلح مع مشركي قريش عام الحديبية ، على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم ، فجاءت سعيدة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب ، والنبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية بعد ; فأقبل زوجها وكان كافرا - وهو صيفي بن الراهب . وقيل : مسافر المخزومي - فقال : يا محمد ، اردد علي امرأتي ، فإنك شرطت ذلك ! وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقيل : جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردها . وقيل : هربت من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها عمارة والوليد ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخويها وحبسها ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ردها علينا للشرط ، فقال صلى الله عليه وسلم : " كان الشرط في الرجال لا في النساء " فأنزل الله تعالى هذه الآية . وعن عروة قال : كان مما اشترط سهيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية : ألا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا ، حتى أنزل الله تعالى في المؤمنات ما أنزل ; يومئ إلى أن الشرط في رد النساء نسخ بذلك . وقيل : إن التي جاءت أميمة بنت بشر ، كانت عند ثابت بن الشمراخ ففرت منه وهو يومئذ كافر ، فتزوجها سهل بن حنيف فولدت له عبد الله ، قال زيد بن حبيب . كذا قال الماوردي : أميمة بنت بشر كانت عند ثابت بن الشمراخ . وقال المهدوي : وروى ابن وهب عن خالد أن هذه الآية نزلت في أميمة بنت بشر من بني عمرو بن عوف . وهي امرأة حسان بن الدحداح ، وتزوجها بعد هجرتها سهل بن حنيف . وقال مقاتل : إنها سعيدة زوجة صيفي بن الراهب مشرك من أهل مكة . والأكثر من أهل العلم أنها أم كلثوم بنت عقبة .
الثانية : واختلف أهل العلم هل دخل النساء في عقد المهادنة لفظا أو عموما ; فقالت طائفة منهم : قد كان شرط ردهن في عقد المهادنة لفظا صريحا فنسخ الله ردهن من العقد ومنع منه ، وبقاه في الرجال على ما كان . وهذا يدل على أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجتهد رأيه في الأحكام ، ولكن لا يقره الله على خطأ . وقالت طائفة من أهل العلم : لم يشترط ردهن في العقد لفظا ، وإنما أطلق العقد في رد من أسلم ; فكان ظاهر العموم اشتماله عليهن مع الرجال . فبين الله تعالى خروجهن عن عمومه . وفرق بينهن وبين الرجال لأمرين : أحدهما : أنهن ذوات فروج يحرمن عليهم . الثاني : أنهن أرق قلوبا وأسرع تقلبا منهم . فأما المقيمة منهن على شركها فمردودة عليهم .
الثالثة : قوله تعالى : فامتحنوهن قيل : إنه كان من أرادت منهن إضرار زوجها فقالت : سأهاجر إلى محمد صلى الله عليه وسلم ; فلذلك أمر صلى الله عليه وسلم بامتحانهن . واختلف فيما كان يمتحنهن به على ثلاثة أقوال :
الأول : قال ابن عباس : كانت المحنة أن تستحلف بالله أنها ما خرجت من بغض زوجها ، ولا رغبة من أرض إلى أرض ، ولا التماس دنيا ، ولا عشقا لرجل منا ; بل حبا لله ولرسوله . فإذا حلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك ، أعطى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردها ; فذلك قوله تعالى : فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن .
الثاني : أن المحنة كانت أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ; قاله ابن عباس أيضا
الثالث : بما بينه في السورة بعد من قوله تعالى : يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات قالت عائشة رضي الله عنها : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن إلا بالآية التي قال الله : إذا جاءك المؤمنات يبايعنك رواه معمر عن الزهري عن عائشة . خرجه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح .
الرابعة : أكثر العلماء على أن هذا ناسخ لما كان عليه الصلاة والسلام عاهد عليه قريشا ، من أنه يرد إليهم من جاءه منهم مسلما ; فنسخ من ذلك النساء . وهذا مذهب من يرى نسخ السنة بالقرآن . وقال بعض العلماء : كله منسوخ في الرجال والنساء ، ولا يجوز أن يهادن الإمام العدو على أن يرد إليهم من جاءه مسلما ، لأن إقامة المسلم بأرض الشرك لا تجوز . وهذا مذهب الكوفيين . وعقد الصلح على ذلك جائز عند مالك . وقد احتج الكوفيون لما ذهبوا إليه من ذلك بحديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن خالد بن الوليد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى قوم من خثعم فاعتصموا بالسجود فقتلهم ، فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف الدية ، وقال : " أنا بريء من كل مسلم أقام مع مشرك في دار الحرب لا تراءى نارهما " قالوا : فهذا ناسخ لرد المسلمين إلى المشركين ، إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد برئ ممن أقام معهم في دار الحرب . ومذهب مالك والشافعي أن هذا الحكم غير منسوخ . قال الشافعي : وليس لأحد هذا العقد إلا الخليفة أو رجل يأمره ، لأنه يلي الأموال كلها . فمن عقد غير الخليفة هذا العقد فهو مردود .
الخامسة : قوله تعالى : الله أعلم بإيمانهن أي هذا الامتحان لكم ، والله أعلم بإيمانهن ، لأنه متولي السرائر .
فإن علمتموهن مؤمنات أي بما يظهر من الإيمان . وقيل : إن علمتموهن مؤمنات قبل الامتحان
فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن أي لم يحل الله مؤمنة لكافر ، ولا نكاح مؤمن لمشركة .
وهذا أدل دليل على أن الذي أوجب فرقة المسلمة من زوجها إسلامها لا هجرتها . وقال أبو حنيفة : الذي فرق بينهما هو اختلاف الدارين . وإليه إشارة في مذهب مالك بل عبارة . والصحيح الأول ، لأن الله تعالى قال : لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن فبين أن العلة عدم الحل بالإسلام وليس باختلاف الدار . والله أعلم .
وقال أبو عمر : لا فرق بين الدارين لا في الكتاب ولا في السنة ولا في القياس ، وإنما المراعاة في ذلك الدينان ، فباختلافهما يقع الحكم وباجتماعهما ، لا بالدار . والله المستعان .
السادسة : قوله تعالى : وآتوهم ما أنفقوا ، أمر الله تعالى إذا أمسكت المرأة المسلمة أن يرد على زوجها ما أنفق وذلك من الوفاء بالعهد ، لأنه لما منع من أهله بحرمة الإسلام ، أمر برد المال إليه حتى لا يقع عليهم خسران من الوجهين : الزوجة والمال .
السابعة : ولا غرم إلا إذا طالب الزوج الكافر ، فإذا حضر وطالب منعناها وغرمنا . فإن كانت ماتت قبل حضور الزوج لم نغرم المهر إذ لم يتحقق المنع . وإن كان المسمى خمرا أو خنزيرا لم نغرم شيئا ، لأنه لا قيمة له . وللشافعي في هذه الآية قولان : أحدهما : أن هذا منسوخ . قال الشافعي : وإذا جاءتنا المرأة الحرة من أهل الهدنة مسلمة مهاجرة من دار الحرب إلى الإمام في دار السلام أو في دار الحرب ، فمن طلبها من ولي سوى زوجها منع منها بلا عوض . وإذا طلبها زوجها لنفسه أو غيره بوكالته ففيه قولان : أحدهما : يعطي العوض ، والقول ما قال الله عز وجل . وفيه قول آخر : أنه لا يعطى الزوج المشرك الذي جاءت زوجته مسلمة العوض . فإن شرط الإمام رد النساء كان الشرط ورسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يرد النساء كان شرط من شرط رد النساء منسوخا وليس عليه عوض ، لأن الشرط المنسوخ باطل ولا عوض للباطل .
الثامنة : أمر الله تعالى برد مثل ما أنفقوا إلى الأزواج ، وأن المخاطب بهذا الإمام ، ينفذ مما بين يديه من بيت المال الذي لا يتعين له مصرف . وقال مقاتل : يرد المهر الذي يتزوجها من المسلمين ، فإن لم يتزوجها من المسلمين أحد فليس لزوجها الكافر شيء . وقال قتادة : الحكم في رد الصداق إنما هو في نساء أهل العهد ; فأما من لا عهد بينه وبين المسلمين فلا يرد إليهم الصداق . والأمر كما قاله .
التاسعة : قوله تعالى : ولا جناح عليكم أن تنكحوهن يعني إذا أسلمن وانقضت عدتهن لما ثبت من تحريم نكاح المشركة والمعتدة . فإن أسلمت قبل الدخول ثبت النكاح في الحال ولها التزوج .
العاشرة : قوله تعالى : إذا آتيتموهن أجورهن أباح نكاحها بشرط المهر ; لأن الإسلام فرق بينها وبين زوجها الكافر .
الحادية عشرة : قوله تعالى : ولا تمسكوا بعصم الكوافر قراءة العامة بالتخفيف من الإمساك . وهو اختيار أبي عبيد لقوله تعالى : فأمسكوهن بمعروف . وقرأ الحسن وأبو العالية وأبو عمرو " ولا تمسكوا " مشددة من التمسك . يقال : مسك يمسك تمسكا ; بمعنى أمسك يمسك . وقرئ " ولا تمسكوا " بنصب التاء ; أي لا تتمسكوا . والعصم جمع العصمة ; وهو ما اعتصم به . والمراد بالعصمة هنا النكاح . يقول : من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتد بها ، فليست له امرأة ، فقد انقطعت عصمتها لاختلاف الدارين . وعن النخعي : هي المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر ; وكان الكفار يتزوجون المسلمات والمسلمون يتزوجون المشركات ; ثم نسخ ذلك في هذه الآية . فطلق عمر بن الخطاب حينئذ امرأتين له بمكة مشركتين : قريبة بنت أبي أمية فتزوجها معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة . وأم كلثوم بنت عمرو الخزاعية أم عبد الله بن المغيرة ; فتزوجها أبو جهم بن حذافة وهما على شركهما . فلما ولي عمر قال أبو سفيان لمعاوية : طلق قريبة لئلا يرى عمر سلبه في بيتك ، فأبى معاوية من ذلك . وكانت عند طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ففرق الإسلام بينهما ، ثم تزوجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص ، وكانت ممن فر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من نساء الكفار ، فحبسها وزوجها خالدا . وزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب ابنته - وكانت كافرة - من أبي العاص بن الربيع ، ثم أسلمت وأسلم زوجها بعدها . ذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن رجل عن ابن شهاب قال : أسلمت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وهاجرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة الأولى ، وزوجها أبو العاص بن الربيع عبد العزى مشرك بمكة . الحديث . وفيه : أنه أسلم بعدها . وكذلك قال الشعبي . قال الشعبي : وكانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أبي العاص بن الربيع ، فأسلمت ثم لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أتى زوجها المدينة فأمنته فأسلم فردها عليه النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس : بالنكاح الأول ; ولم يحدث شيئا . قال محمد بن عمر في حديثه : بعد ست سنين . وقال الحسن بن علي : بعد سنتين . قال أبو عمر : فإن صح هذا فلا يخلو من وجهين : إما أنها لم تحض حتى أسلم زوجها ، وإما أن الأمر فيها منسوخ بقول الله عز وجل : وبعولتهن أحق بردهن في ذلك يعني في عدتهن . وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء أنه عنى به العدة . وقال ابن شهاب الزهري رحمه الله في قصة زينب هذه : كان قبل أن تنزل الفرائض . وقال قتادة : كان هذا قبل أن تنزل سورة " التوبة " بقطع العهود بينهم وبين المشركين . والله أعلم .
الثانية عشرة : قوله تعالى : بعصم الكوافر المراد بالكوافر هنا عبدة الأوثان من لا يجوز ابتداء نكاحها ، فهي خاصة بالكوافر من غير أهل الكتاب . وقيل : هي عامة ، نسخ منها نساء أهل الكتاب . ولو كان إلى ظاهر الآية لم تحل كافرة بوجه . وعلى القول الأول إذا أسلم وثني أو مجوسي ولم تسلم امرأته فرق بينهما . وهذا قول بعض أهل العلم . ومنهم من قال : ينتظر بها تمام العدة . فمن قال يفرق بينهما في الوقت ولا ينتظر تمام العدة إذا عرض عليها الإسلام ولم تسلم - مالك بن أنس . وهو قول الحسن وطاوس ومجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة والحكم ، واحتجوا بقوله تعالى : ولا تمسكوا بعصم الكوافر . وقال الزهري : ينتظر بها العدة . وهو قول الشافعي وأحمد . واحتجوا بأن أبا سفيان بن حرب أسلم قبل هند بنت عتبة امرأته ، وكان إسلامه بمر الظهران ثم رجع إلى مكة وهند بها كافرة مقيمة على كفرها ، فأخذت بلحيته وقالت : اقتلوا الشيخ الضال . ثم أسلمت بعده بأيام ، فاستقرا على نكاحهما لأن عدتها لم تكن انقضت . قالوا : ومثله حكيم بن حزام أسلم قبل امرأته ، ثم أسلمت بعده فكانا على نكاحهما . قال الشافعي : ولا حجة لمن احتج بقوله تعالى : ولا تمسكوا بعصم الكوافر لأن نساء المسلمين محرمات على الكفار ; كما أن المسلمين لا تحل لهم الكوافر والوثنيات ولا المجوسيات بقول الله عز وجل : ولا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ثم بينت السنة أن مراد الله من قوله هذا أنه لا يحل بعضهم لبعض إلا أن يسلم الباقي منهما في العدة . وأما الكوفيون وهم سفيان وأبو حنيفة وأصحابه فإنهم قالوا في الكافرين الذميين : إذا أسلمت المرأة عرض على الزوج الإسلام ، فإن أسلم وإلا فرق بينهما . قالوا : ولو كانا حربيين فهي امرأته حتى تحيض ثلاث حيض إذا كانا جميعا في دار الحرب أو في دار الإسلام . وإن كان أحدهما في دار الإسلام والآخر في دار الحرب انقطعت العصمة بينهما فراعوا الدار ; وليس بشيء . وقد تقدم .
الثالثة عشرة : هذا الاختلاف إنما هو في المدخول بها ، فإن كانت غير مدخول بها فلا نعلم اختلافا في انقطاع العصمة بينهما ; إذ لا عدة عليها . كذا يقول مالك في المرأة ترتد وزوجها مسلم : انقطعت العصمة بينهما . وحجته : ولا تمسكوا بعصم الكوافر وهو قول الحسن البصري والحسن بن صالح بن حي . ومذهب الشافعي وأحمد أنه ينتظر بها تمام العدة .
الرابعة عشرة : فإن كان الزوجان نصرانيين فأسلمت الزوجة ففيها أيضا اختلاف . ومذهب مالك وأحمد والشافعي الوقوف إلى تمام العدة . وهو قول مجاهد . وكذا الوثني تسلم زوجته ، إنه إن أسلم في عدتها فهو أحق بها ; كما كان صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل أحق بزوجتيهما لما أسلما في عدتيهما ; على حديث ابن شهاب . ذكره مالك في الموطأ . قال ابن شهاب : كان بين إسلام صفوان وبين إسلام زوجته نحو من شهر . قال ابن شهاب : ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجها كافر مقيم بدار الحرب إلا فرقت هجرتها بينه وبينها ; إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها . ومن العلماء من قال : ينفسخ النكاح بينهما . قال يزيد بن علقمة : أسلم جدي ولم تسلم جدتي ففرق عمر بينهما رضي الله عنه ; وهو قول طاوس . وجماعة غيره منهم عطاء والحسن وعكرمة قالوا : لا سبيل عليها إلا بخطبة .
الخامسة عشرة : قوله تعالى : واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا قال المفسرون : كان من ذهب من المسلمات مرتدات إلى الكفار من أهل العهد يقال للكفار : هاتوا مهرها . ويقال للمسلمين إذا جاء أحد من الكافرات مسلمة مهاجرة : ردوا إلى الكفار مهرها . وكان ذلك نصفا وعدلا بين الحالتين . وكان هذا حكم الله مخصوصا بذلك الزمان في تلك النازلة خاصة بإجماع الأمة ; قاله ابن العربي .
السادسة عشرة : قوله تعالى : ذلكم حكم الله ؛ أي ما ذكر في هذه الآية .
يحكم بينكم والله عليم حكيم تقدم في غير موضع .
- الطبرى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ (10)
يقول تعالى ذكره للمؤمنين من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ ) النساء ( الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ) من دار الكفر إلى دار الإسلام ( فَامْتَحِنُوهُنَّ ) وكانت محنة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إياهن إذا قَدِمن مهاجرات.
كما حدثنا أَبو كُريب، قال: ثنا يونس بن بكير، عن قيس بن الربيع، عن الأغرّ بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أَبي نصر الأسديّ، قال: سُئِلَ ابن عباس: كيف كان امتحان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم النساء؟ قال: كان يمتحنهنّ بالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض، وبالله ما خرجت التماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حبًّا لله ورسوله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا الحسن بن عطية، عن قيس، قال: أخبرنا الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أَبي نصر، عن ابن عباس، في ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ) قال كانت المرأة إذا أتت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حلفها بالله ما خرجت... ثم ذكر نحوه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، أن عائشة قالت: ما كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يمتحن المؤمنات إلا بالآية، قال الله: إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ولا ولا ".
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة زوج النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يمتحنّ بقول الله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ... إلى آخر الآية، قالت عائشة: فمن أقرّ بهذا من المؤمنات، فقد أقرّ بالمحبة، فكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا أقررن بذلك من قولهنّ قال لهنّ: انطلقن فقد بايعتكنّ، ولا والله ما مست يد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يد امرأة قطّ، غير أنه بايعهنّ بالكلام؛ قالت عائشة: والله ما أخذ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على النساء قطّ، إلا بما أمره الله عزّ وجلّ، وكان يقول لهنّ إذا أخذ عليهنّ قد بايعتكنّ كلامًا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبى، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ) ... إلى قوله: عَلِيمٌ حَكِيمٌ كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( فَامْتَحِنُوهُنَّ ) قال: سلوهنّ ما جاء بهنّ فإن كان جاء بهنّ غضب على أزواجهنّ، أو سخطة، أو غيره، ولم يؤمنّ، فارجعوهنّ إلى أزواجهنّ.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَامْتَحِنُوهُنَّ ) كانت محنتهنّ أن يستحلفن بالله ما أخرجكنّ النشوز، وما أخرجكنّ إلا حبّ الإسلام وأهله، وحِرْصٌ عليه، فإذا قلن ذلك قُبل ذلك منهنّ.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( فَامْتَحِنُوهُنَّ ) قال: يحلفن ما خرجن إلا رغبة في الإسلام، وحبًّا لله ورسوله.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه أو عكرِمة ( إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ) قال: يقال: ما جاء بك إلا حبّ الله، ولا جاء بك عشق رجل منا، ولا فرارا من زوجك، فذلك قوله: ( فَامْتَحِنُوهُنَّ ) .
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: "
كانت المرأة من المشركين إذا غضبت على زوجها، وكان بينه وبينها كلام، قالت: والله لأهاجرنّ إلى محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه، فقال الله عز وجل: ( إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ) إن كان الغضب أتى بها فردّوها، وإن كان الإسلام أتى بها فلا تردّوها.حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشجّ، قال: كان امتحانهنّ إنه لم يخرجك إلا الدين.
وقوله: ( اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ) يقول: الله أعلم بإيمان من جاء من النساء مهاجرات إليكم.
وقوله: ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ) يقول: فإن أقررن عند المحنة بما يصحّ به عقد الإيمان لهنّ، والدخول في الإسلام، فلا تردوهنّ عند ذلك إلى الكفار. وإنما قيل ذلك للمؤمنين، لأن العهد كان جرى بين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبين مشركي قريش في صلح الحديبية أن يرد المسلمون إلى المشركين من جاءهم مسلمًا، فأبطل ذلك الشرط في النساء إذا جئن مؤمنات مهاجرات فامتحنّ، فوجدهنّ المسلمون مؤمنات، وصح ذلك عندهم مما قد ذكرنا قبل، وأمروا أن لا يردّوهنّ إلى المشركين إذا علم أنهنّ مؤمنات، وقال جل ثناؤه لهم: ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) يقول: لا المؤمنات حل للكفار، ولا الكفار يحلون للمؤمنات.
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار.
* ذكر بعض ما روي في ذلك من الأثر:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهريّ، قال: " دخلت على عُرْوة بن الزُّبير، وهو يكتب كتابًا إلى ابن أَبي هُنيد صاحب الوليد بن عبد الملك، وكتب إليه يسأله عن قول الله عزّ وجلّ: ( إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ) ... إلى قوله: وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وكتب إليه عُرْوَة بن الزُّبير: إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان صالح قريشًا عام الحديبية على أن يردّ عليهم من جاء بغير إذن وليه؛ فلما هاجر النساء إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وإلى الإسلام، أَبى الله أن يُرْدَدْن إلى المشركين، إذا هنّ امْتَحنّ محنة الإسلام، فعرفوا أنهنّ إنما جئن رغبة فيه ".
القول في تأويل قوله تعالى : وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)
وقوله: ( وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ) يقول جل ثناؤه: وأعطوا المشركين الذين جاءكم نساؤهم مؤمنات إذا علمتموهنّ مؤمنات، فلم ترجعوهنّ إليهم ما أنفقوا في نكاحهم إياهنّ من الصداق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ... إلى قوله: ( عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) قال: كان امتحانهنّ أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فإذا علموا أن ذلك حقّ منهنّ لم يرجعوهنّ إلى الكفار، وأعطى بعلها من الكفار الذين عقد لهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم صداقه الذي أصدقها.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ) وآتوا أزواجهنّ صدقاتهن.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ حتى بلغ ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) هذا حكم حكمه الله عزّ وجلّ بين أهل الهدى وأهل الضلالة، كنّ إذا فررن من المشركين الذين بينهم وبين نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه عهد إلى أصحاب نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فتزوّجوهنّ بعثوا مهورهنّ إلى أزواجهنّ من المشركين الذين بينهم وبين نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عهد، وإذا فررن من أصحاب نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى المشركين الذين بينهم وبين نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عهد بعثوا بمهورهنّ إلى أزواجهنّ من أصحاب نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ قال: نـزلت عليه وهو بأسفل الحديبية، وكان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم صالحهم أنه من أتاه منهم ردّه إليهم؛ فلما جاءه النساء نـزلت عليه هذه الآية، وأمره أن يردّ الصداق إلى أزوجهنّ حكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردّوا الصداق إلى أزواجهنّ فقال: ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) .
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ كان نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عاهد من المشركين ومن أهل الكتاب، فعاهدهم وعاهدوه، وكان في الشرط أن يردّوا الأموال والنساء، فكان نبيّ الله إذا فاته أحد من أزواج المؤمنين، فلحق بالمعاهدة تاركًا لدينه مختارًا للشرك، ردّ على زوجها ما أنفق عليها، وإذا لحق بنبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أحد من أزوج المشركين امتحنها نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فسألها ما أخرجك من قومك، فإن وجدها خرجت تريد الإسلام قبلها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وردّ على زوجها ما أنفق عليها، وإن وجدها فرّت من زوجها إلى آخر بينها وبينه قرابة، وهي متمسكة بالشرك ردّها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى زوجها من المشركين.
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ... الآية كلها، قال: لما هادن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم المشركين " كان في الشرط الذي شرط، أن ترد إلينا من أتاك منا، ونردّ إليك من أتانا منكم، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " مَنْ أتَانَا مِنْكُمْ فَنَرُدُّهُ إِلَيْكُمْ، وَمَنْ أتَاكُمْ مِنَّا فَاخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ فَلا حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ"، وقال: فأبى الله ذلك للنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في النساء، ولم يأبه للرجال، فقال الله عزّ وجلّ: إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ... إلى قوله: ( وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ) أزواجهنّ.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشجّ، قال كان بين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمشركين هدنة فيمن فرّ من النساء، فإذا فرّت المشركة أعطى المسلمون زوجها نفقته عليها وكان المسلمون يفعلون وكان إذا لم يعط هؤلاء ولا هؤلاء أخرج المسلمون للمسلم الذي ذهبت امرأته نفقتها.
وقوله: ( وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) يقول تعالى ذكره: ولا حرج عليكم أيها المؤمنون أن تنكحوا هؤلاء المهاجرات اللاتي لحقن بكم من دار للحرب مفارقات لأزوجهنّ، وإن كان لهنّ أزواج في دار الحرب إذا علمتموهنّ مؤمنات إذا أنتم أعطيتموهنّ أجورهن، ويعني بالأجور: الصَّدُقات. وكان قتادة يقول: كنّ إذا فررن من المشركين الذين بينهم وبين نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه عهدٌ إلى أصحاب نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فتزوجوهن، بعثوا بمهورهن إلى أزواجهن من المشركين الذين بينهم وبين أصحاب نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عهد.
حدثنا بذلك بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، وكان الزهريّ يقول: إنما أمر الله بردّ صداقهنّ إليهم إذا حُبِسن عنهم وإن هم ردّوا المسلمين على صداق من حبسوا عنهم من نسائهم.
حدثنا بذلك ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهريّ، حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ) ولها زوج ثمَّ، لأنه فرق بينهما الإسلام إذا استبرأتنّ أرحامهنّ.
وقوله: ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) يقول جلّ ثناؤه للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: لا تمسكوا أيها المؤمنون بحبال النساء الكوافر وأسبابهنّ، والكوافر: جمع كافرة، والعصم: جمع عصمة، وهى ما اعتصم به من العقد والسبب، وهذا نهي من الله للمؤمنين عن الإقدام على نكاح النساء المشركات من أهل الأوثان، وأمر لهم بفراقهنّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، قال أخبرنا معمر، عن الزهريّ، عن عروة، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم " أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جاءه نسوة مؤمنات بعد أن كتب كتاب القضية بينه وبين قريش، فأنـزل الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ حتى بلغ ( بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له بالشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: " بلغنا أن آية المحنة التي مادّ فيها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كفار قريش من أجل العهد الذي كان بين كفار قريش وبين النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فكان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يردّ إلى كفار قريش ما أنفقوا على نسائهم اللاتي يسلمن ويهاجرن، وبعولتهنّ كفار للعهد الذي كان بين النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبينهم، ولو كانوا حربًا ليست بينهم وبين النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مدّة وعقد لم يردّ عليهم شيئًا مما أنفقوا، وحكم الله للمؤمنين على أهل المدّة من الكفار بمثل ذلك، قال الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ حتى بلغ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فطلق المؤمنون حين أنـزلت هذه الآية كل امرأة كافرة كانت تحت رجل منهم، فطلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأته ابنة أبي أمية بن المغيرة من بني مخزوم فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وابنة جرول من خزاعة، فتزوجها أبو جهم بن حذافة العَدَوِيّ، وجعل الله ذلك حكمًا حكم به بين المؤمنين والمشركين فى هذه المدة التي كانت.
حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: وقال الزهريّ: لما نـزلت هذه الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ ... إلى قوله: ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) كان ممن طلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأته قريبة ابنة أَبي أمية بن المغيرة، فتزوّجها بعده معاوية بن أبي سفيان، وهما على شركهما بمكة، وأم كلثوم ابنة جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حُذافة بن غانم رجل من قومه، وهما على شركهما، وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو التيمي كانت عنده أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، ففرّق بينهما الإسلام حين نهى القرآن عن التمسك بعصم الكوافر، وكان طلحة قد هاجر وهي بمكة على دين قومها، ثم تزوّجها في الإسلام بعد طلحة خالد بن سعيد بن العاص بن أُمية بن عبد شمس. وكان ممن فرّ إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من نساء الكفار ممن لم يك بينه وبين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عهد فحبسها وزوّجها رجلا من المسلمين أميمة بنت بشر الأنصارية، ثم إحدى نساء بنِي أمية بن زيد من أوس الله، كانت عند ثابت بن الدحداحة، ففرّت منه، وهو يومئذ كافر إلى رسول الله، فزوّجها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سهل بن حنيف أحد بني عمرو بن عوف، فولدت عبد الله بن سهل.
حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، قال الله: ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) قال: الزهريّ: فطلق عمر امرأتين كانتا له بمكة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) قال: أصحاب محمد أُمروا بطلاق نسائهم كوافر بمكة، قعدن مع الكفار.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) مشركات العرب اللاتي يأبين الإسلام أُمِرَ أن يُخلَّى سبِيلُهن.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) إذا كفرت المرأة فلا تمسكوها، خلوها، وقعت الفرقة بينها وبين زوجها حين كفرت.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَلا تُمْسِكُوا ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والمدينة والكوفة والشأم، ( وَلا تُمْسِكُوا ) بتخفيف السين. وقرأ ذلك أبو عمرو ( وَلا تُمَسِّكُوا ) بتشديدها، وذكر أنها قراءة الحسن، واعتبر من قرأ ذلك بالتخفيف، وإمساك بمعروف.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان، محكي عن العرب أمسكت به ومسكت، وتمسَّكت به.
وقوله: ( وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ) يقول تعالى ذكره لأزواج اللواتي لحقن من المؤمنين من دار الإسلام بالمشركين إلى مكة من كفار قريش: واسألوا أيها المؤمنون الذين ذهبت أزواجهم فلحقن بالمشركين ما أنفقتم على أزواجكم اللواتي لحقن بهم من الصداق من تزوّجهن منهم، وليسئلكم المشركون منهم الذين لحق بكم أزواجهم مؤمنات إذا تزوّجن فيكم من تزوّجها منكم ما أنفقوا عليهنّ من الصداق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أقرّ المؤمنون بحكم الله، وأدَّوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم، وأبى المشركون أن يقرّوا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ( وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ) قال: ما ذهب من أزواج أصحاب محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى الكفار، فليعطهم الكفار صدقاتهن، وليمسكوهن، وما ذهب من أزواج الكفار إلى أصحاب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فمثل ذلك، في صلح كان بين محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبين قريش.
وقوله: ( ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ) يقول تعالى ذكره: هذا الحكم الذي حكمت بينكم من أمركم أيها المؤمنون بمسألة المشركين، ما أنفقتم على أزواجكم اللاتي لحقن بهم وأمرهم بمسألتكم مثل ذلك في أزواجهنّ اللاتي لحقن بكم، حكم الله بينكم فلا تعتدوه، فإنه الحقّ الذي لا يسمع غيره، فانتهى المؤمنون من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما ذُكر إلى أمر الله وحكمه، وامتنع المشركون منه وطالبوا الوفاء بالشروط التي كانوا شارطوها بينهم في ذلك الصلح، وبذلك جاءت الآثار والأخبار عن أهل السير وغيرهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، قال: أما المؤمنون فأقرّوا بحكم الله، وأما المشركون فأبوا أن يقرّوا، فأنـزل الله عزّ وجلّ وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ ... الآية.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهريّ، قال: قال الله: ( ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ) ، فأمسك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم النساء، وردّ الرجال، وسأل الذي أمره الله أن يسأل من صدقات النساء من حبسوا منهنّ، وأن يردّوا عليهم مثل الذي يردّون عليهم إن هم فعلوا، ولولا الذي حكم الله به من هذا الحكم ردّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم النساء، كما ردّ الرجال، ولولا الهدنة والعهد الذي كان بينه وبين قريش يوم الحديبية أمسك النساء ولم يرد إليهم صداقًا، وكذلك يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد، قوله: ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) يقول جلّ ثناؤه: والله ذو علم بما يصلح خلقه وغير ذلك من الأمور، حكيم في تدبيره إياهم.
- ابن عاشور : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)
{ ياأيها الذين ءَامَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أَعْلَمُ بإيمانهن فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مؤمنات فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار لاَ هُنَّ حِلٌّ } .
لا خلاف في أن هذه الآيات إلى آخر السورة نزلت عقب صلح الحديبية وقد علمت أنا رجحنا أن أول السورة نزلت قبل هذه وأن كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين كان عند تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم للحديبية .
ومناسبة ورود هذه الآية بعد ما قبلها ، أي النهي عن موالاة المشركين يتطرق إلى ما بين المسلمين والمشركين من عقود النكاح والمصاهرة فقد يكون المسلم زوجاً لمشركة وتكون المسلمة زوجاً لمشرك فتحدث في ذلك حوادث لا يستغني المسلمون عن معرفة حكم الشريعة في مثلها .
وقد حدث عقب الصلح الذي انعقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين في الحديبية سنة ستّ مَجيء أبي جندل بن سهيل بن عَمرو يَرسُف في الحديد وكان مسلماً وكان موثقاً في القيود عند أبيه بمكة فانفلت وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الحديبية وكان من شروط الصلح «أن من أتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه» فرده النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ، ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجرتْ أُم كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعيط هاربة من زوجها عَمرو بن العاص ، وجاءت سبيعة الأسلمية مهاجرة هاربة من زوجها صيفي بن الراهب أو مسافر المخزومي ، وجاءت أُميمة بنت بشر هاربة من زوجها ثابت بن الشِّمْراخ وقيل : حسان بن الدحداحة . وطَلَبهُن أزواجهن فجاء بعضهم إلى المدينة جاء زوج سبيعة الأسلمية يطلب ردها إليه وقال : إن طينة الكتاب الذي بيننا وبينك لم تَجف بعدُ ، فنزلت هذه الآية فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يردها إليه ولم يرد واحدة إليهم وبقيت بالمدينة فتزوج أمَّ كلثوم بنت عقبة زيدُ بن حارثة . وتزوج سُبيعة عمر رضي الله عنه وتزوج أميمة سهلُ بن حنيف .
وجاءت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم مسلمة ولحق بها زوجها أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بعد سنين مشركاً ثم أسلم في المدينة فردها النبي صلى الله عليه وسلم إليه .
وقد اختلف : هل كان النهي في شأن المؤمنات المهاجرات أن يرجعوهن إلى الكفار نسخاً لما تضمنته شرط الصلح الذي بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين أو كان الصلح غير مصرح فيه بإرجاع النساء لأن الصيغة صيغة جمع المذكر فاعتبر مجملاً وكان النهيُ الذي في هذه الآية بياناً لذلك المجمل . وقد قيل : إن الصلح صرح فيه بأن من جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم من غير إذن وليّه من رجل أو امرأة يُرد إلى وليه .
فإذا صحّ ذلك كان صريحاً وكانت الآية ناسخة لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم
والذي في سيرة ابن إسحاق من رواية ابن هشام خلي من هذا التصريح ولذلك كان لفظ الصلح محتملاً لإِرادة الرجال لأن الضمائر التي اشتمل عليها ضمائر تذكير .
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذين سألوه إرجاع النساء المؤمنات وطلبوا تنفيذ شروط الصّلح : إنما الشرط في الرجال لا في النساء فكانت هذه الآية تشريعاً للمسلمين فيما يفعلونه إذا جاءهم المؤمنات مهاجرات وإيذاناً للمشركين بأن شرطهم غير نص ، وشأن شروط الصلح الصراحة لعظم أمر المصالحات والحقوق المترتبة عليها ، وقد أذهل الله المشركين عن الاحتياط في شرطهم ليكون ذلك رحمة بالنساء المهاجرات إذ جعل لهن مخرجاً وتأييداً لرسول صلى الله عليه وسلم كما في الآية التي بعدها لقصد أن يشترك من يمكنه الاطّلاع من المؤمنين على صدق إيمان المؤمنات المهاجرات تعاوناً على إظهار الحق ، ولأن ما فيها من التكليف يرجع كثير منه إلى أحوال المؤمنين مع نسائهم .
والامتحان : الاختِبار . والمراد اختبار إيمانهن .
وجملة { الله أعلم بإيمانهن } معترضة ، أي أن الله يعلم سرائرهنّ ولكن عليكم أن تختبروا ذلك بما تستطيعون من الدلائل .
ولذلك فرع على ما قبل الاعتراض قوله : { فإن علمتموهن مؤمنات } الخ ، أي إن حصل لكم العلم بأنهن مؤمنات غير كاذبات في دعواهن . وهذا الالتحاق هو الذي سُمي المبايعة في قوله في الآية الآتية : { يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله } الآية [ الممتحنة : 12 ] .
وفي «صحيح البخاري» عن عائشة : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر من المؤمنات بهذه الآية يقول الله : { يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك } إلى قوله : { غفور رحيم } [ الممتحنة : 12 ] وزاد ابن عباس فقال : كانت الممتحنة أن تستحْلف أنها ما خرجت بغضاً لزوجها ، ولا رغبة من أرض إلى أرض ، ولا التماس دنيا ، ولا عشقاً لرجل منّا ، ولا بجريرة جرتها بل حبا لله ولرسوله والدار الآخرة ، فإذا حلفت بالله الذي لا إله إلاّ هو على ذلك أعطى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردها . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر عمر بن الخطاب بتولّي تحليفهن فإذا تبين إيمان المرأة لم يردها النبي صلى الله عليه وسلم إلى دار الكفر كما هو صريح الآية . { فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } .
وموقع قوله : { لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } موقع البيان والتفصيل للنهي في قوله : { فلا ترجعوهن إلى الكفار } تحقيقاً لوجوب التفرقة بين المرأة المؤمنة وزوجها الكافر .
وإذ قد كان المخاطب بذلك النهي جميع المؤمنين كما هو مقتضى قوله : { يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات } إلى آخره ، تعين أن يقوم بتنفيذه من إليه تنفيذ أمُور المسلمين العامة في كل مكان وكل زمان وهم ولاة الأمور من أمراء وقضاة إذ لا يمكن أن يقوم المسلمون بما خوطبوا به من مثل هذه الأمور العامة إلاّ على هذا الوجه ولكن على كل فرد من المسلمين التزام العمل به في خاصة نفسه والتزام الامتثال لما يقرره ولاة الأمور .
وإذ قد كان محمل لفظ الحل وما تصرف منه في كلام الشارع منصرفاً إلى معنى الإِباحة الشرعية وهي الجواز وضد التحريم .
ومن الواضح أن الكفار لا تتوجه إليهم خِطابات التكليف بأمور الإِسلام إذ هم خارجون عنه فمطالبتهم بالتكاليف الإسلامية لا يتعلّق به مقصد الشريعة ، ولذلك تعدّ المسألة الملقبة في علم الأصول بمسألة : خطاب الكفار بالفروع ، مسألةً لا طائل تحتها ولا ينبغي الاشتغال بها بَله التفريع عليها .
وإذ قد علق حكم نفي حل المرأة الذي هو معنى حرمة دوام عصمتها على ضمير الكفار في قوله تعالى : { لا هن حل لهم } . ولم يكن الكفار صالحين للتكليف بهذا التحريم فقد تعين تأويل هذا التحريم بالنسبة إلى كونه على الكافرين ، وذلك بإرجاع وصف الحل المنفي إلى النساء في كلتا الجملتين وإبداء وجه الإِتيان بالجملتين ووجه التعاكس في ترتيب أجزائهما . وذلك أن نقول : إن رجوع المرأة المؤمنة إلى الزوج الكافر يقع على صورتين :
إحداهما : أن ترجع المرأة المؤمنة إلى زوجها في بلاد الكفر ، وذلك هو ما ألح الكفار في طلبه لمّا جاءت بعض المؤمنات مهاجرات .
والثانية : أن ترجع إلى زوجها في بلاد الإِسلام بأن يخلى بينها وبين زوجها الكافر يقيم معها في بلاد الإِسلام إذا جاء يطلبها ومُنع من تسلمها . وكلتا الصورتين غير حلال للمرأة المسلمة فلا يجيزها ولاة الأمور ، وقد عبر عن الصورة الأولى بجملة { لا هن حل لهم } إذ جعل فيها وصف حل خبراً عن ضمير النساء وأدخلت اللام على ضمير الرجال ، وهي لام تعدية الحلّ وأصلها لام الملك فأفاد أن لا يملك الرجال الكفار عصمة أزواجهم المؤمنات وذلك يستلزم أن بقاء النساء المؤمنات في عصمة أزواجهن الكافرين غير حلال ، أي لم يحللهن الإِسلام لهم .
وقدم { لا هن حل لهم } لأنه راجع إلى الصورة الأكثر أهمية عند المشركين إذ كانوا يَسألون إرجاع النساء إليهم ويرسلون الوسائط في ذلك بقصد الرد عليهم بهذا .
وجيء في الجملة الأولى بالصفة المشبهة وهي { حل } المفيدة لثبوت الوصف إذ كان الرجال الكافرون يظنون أن العصمة التي لهم على أزواجهم المؤمنات مثبتة أنهم حلّ لهم .
وعبّر عن الثانية بجملة { ولا هم يحلون لهن } فعُكس الإِخبار بالحل إذ جعل خبراً عن ضمير الرجال ، وعدي الفعل إلى المحلَّل باللام داخلة على ضمير النساء فأفاد أنهم لا يحلّ لهن أزواجهن الكافرون ولو بقي الزوج في بلاد الإِسلام .
ولهذا ذكرت الجملة الثانية { ولا هم يحلون لهن } كالتتمة لحكم الجملة الأولى ، وجيء في الجملة الثانية بالمسند فعلاً مضارعاً لدلالته على التجدد لإِفادة نفي الطماعية في التحليل ولو بتجدده في الحال بعقد جديد أو اتفاق جديد على البقاء في دار الإِسلام خلافاً لأبي حنيفة إذ قال : إن موجب الفرقة هو اختلاف الدارين لا اختلاف الدين .
ويجوز في الآية وجه آخر وهو أن يكون المراد تأكيد نفي الحال فبعد أن قال : { لا هن حل لهم } وهو الأصل كما علمت آنفاً أكد بجملة { ولا هم يحلون لهن } أي أن انتفاء الحلّ حاصل من كل جهة كما يقال : لست منك ولست مني .
ونظيره قوله تعالى : { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } في سورة [ البقرة : 187 ] تأكيداً لشدة التلبس والاتصال من كل جهة .
وفي الكلام محسّن العكس من المحسنات البديعية مع تغيير يسير بين حل } و { يحلون } اقتضاه المقام ، وإنّما يُوفر حظّ التحسين بمقدار ما يسمح له به مقتضى حال البلاغة .
{ لَهُنَّ وَءَاتُوهُم مَّآ } .
المراد ب { ما أنفقوا } ما أعْطَوه من المهور ، والعدول عن إطلاق اسم المهور والأجور على ما دفعه المشركون لنسائهم اللاء أسلمن من لطائف القرآن لأن أولئك النساء أصبحن غير زوجات . فألغي إطلاق اسم المهور على ما يدفع لهم .
وقد سمّى الله بعد ذلك ما يعطيه المسلمون لهن أجوراً بقوله تعالى : { ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن .
والمكلف بإرجاع مهور الأزواج المشركين إليهم هم ولاة أمور المسلمين مما بين أيديهم من أموال المسلمين العامة .
أَنفَقُواْ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ }
.وإنما قال تعالى : { ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن } للتنبيه على خصوص قوله : { إذا آتيتموهن أجورهن } لئلا يظن أن ما دفع للزوج السابق مسقط استحقاق المرأة المهر ممن يروم تزويجها ومعلوم أن نكاحها بعد استبرائها بثلاثة أقراء .
{ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ } .
نهى الله المسلمين عن إبقاء النساء الكوافر في عصمتهم وهن النساء اللاء لم يخرجن مع أزواجهن لكفرهن فلما نزلت هذه الآية طلق المسلمون من كان لهم من أزواج بمكة ، فطلق عمرُ امرأتين له بقيتا بمكة مشركتين ، وهما : قُرَيبة بنت أبي أمية ، وأمّ كلثوم بنت عمرو الخزاعية .
والمراد بالكوافر : المشركات . وهنّ موضوع هذه التشريعات لأنها في حالة واقعة فلا تشمل الآية النهي عن بقاء المرأة المسلمة في عصمة زوج مشرك وإنما يُؤخذ حكم ذلك بالقياس .
قال ابن عطية : رأيت لأبي علي الفارسي إنه قال : سمعت الفقيه أبا الحسن الكرخي يقول في تفسير قوله تعالى : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } أنه في الرجال والنسوان ، فقلت له : النحويون لا يرونه إلا في النساء لأن كوافر جمع كافرة ، فقال : وآيْش يمنع من هذا ، أليس الناس يقولون : طائفَة كافرة ، وفرقة كافرة ، فبُهتُّ وقلتُ : هذا تأييد اه .
وجواب أبي الحسن الكرخي غير مستقيم لأنه يمنع منه ضمير الذكور في قوله : { ولا تمسكوا } فهم الرجال المؤمنون والكوافر نساؤهم . ومن العجيب قول أبي علي : فبهتُ وقلتُ . . . الخ . وقرأ الجمهور { ولا تمسكوا } بضم التاء وسكون الميم وكسر السين مخففة . وقرأ أبو عمرو بضم التاء وفتح الميم وتشديد السين مكسورة مُضارع مَسك بمعنى أمسك .
{ الكوافر وَاسْھَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْھَلُواْ مَآ } .
عطف على قوله : { وآتوهم ما أنفقوا } وهو تتميم لحكمه ، أي كما تعطونهم مهور أزواجهم اللاء فررْنَ منهم مسلماتتٍ ، فكذلك إذا فرت إليهم امرأةُ مسلم كافرة ولا قدرة لكم على إرجاعها إليكم تسألون المشركين إرجاعَ مهرها إلى زوجها المسلممِ الذي فرّت منه وهذا إنصاف بين الفريقين ، والأمرُ للإِباحة .
وقوله : { وليسألوا ما أنفقوا } تكملة لقوله : { واسألوا ما أنفقتم } لإِفادة أن معنى واو العطف هنا على المعية بالقرينة لأن قوله : { وليسألوا ما أنفقوا } لو أريد حكمهُ بمفرده لكان مغنياً عنه قوله : { وآتوهم ما أنفقوا } ، فلما كُرر عَقب قوله : { واسألوا ما أنفقتم } علمنا أن المراد جمع مضمون الجملتين ، أي إذا أعطوا ما عليهم أعطوهم ما عليكم وإلا فلا . فالواو مفيدة معنى المعية هنا بالقرينة . وينبغي أن يحمل عليه ما قاله بعض الحنفية من أن معنى واو العطف المعية . قال إمام الحرمين في البرهان في معاني الواو : «اشتهر من مذهب الشافعي أنها للترتيب وعند بعض الحنفية أنها للمعية . وقد زَل الفريقان» اه . وقد أشار إليه في «مغني اللبيب» ولم يرده . وقال المازري في «شرح البرهان» : «وأما قولهم : لا تأكل السمك وتشرب اللبن» ، فإن المراد النهي عن تناول السمك وتناول اللبن فيكون الإِعراب مختلفاً فإذا قال : وتشربَ اللبن بفتح الباء كان نهياً عن الجمع ويكون الانتصاب بمعنى تقدير حرف ( أَنْ ) اه . وهو يرمي إلى أن هذا المحمل يحتاج إلى قرينة .
فأفاد قوله : { وليسألوا ما أنفقوا } أنهم إن أبوا من دفع مهور نساء المسلمين يفرّون إليهم كان ذلك مخوِّلاً للمؤمنين أن لا يعطوهم مهور من فرّوا من أزواجهم إلى المسلمين ، كما يقال في الفقه : خيرتهُ تنفي ضررَه .
{ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ الله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ والله عَلِيمٌ } .
أي هذا حكم الله ، وهو عدل بين الفريقين إذ ليس لأحد أن يأخذ بأحد جانبيه ويترك الآخر . قال الزُهري : لولا العهد لأمسك النساء ولم يُردّ إلى أزواجهم صداق . وجملة { يحكم بينكم } يجوز كونها حالاً من اسم الجلالة أو حالاً من { حكم الله } مع تقدير ضمير يربط الجملة بصاحب الحال تقديره : يحكمه بينكم ، وأن تكون استئنافاً .
وقوله : { والله عليم حكيم } تذييل يشير إلى أن هذا حكم يقتضيه علم الله بحاجات عباده وتقتضيه حكمته إذ أعطى كل ذي حق حقّه .
وقد كانت هذه الأحكام التي في هذه الآيات من الترادّ في المهور شرعاً في أحوال مخصوصة اقتضاها اختلاط الأمر بين أهل الشرك والمؤمنين وما كان من عهد المهادنة بين المسلمين والمشركين في أوائل أمر الإِسلام خاصّاً بذلك الزمان بإجماع أهل العلم ، قاله ابن العربي والقرطبي وأبو بكر الجصاص .
- إعراب القرآن : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» سبق إعرابه ، «إِذا» ظرفية شرطية غير جازمة «جاءَكُمُ» ماض ومفعوله و«الْمُؤْمِناتُ» فاعل والجملة في محل جر بالإضافة «مُهاجِراتٍ» حال ، «فَامْتَحِنُوهُنَّ» الفاء رابطة وأمر مبني على حذف النون والواو فاعله والهاء مفعوله والجملة جواب الشرط لا محل لها «اللَّهُ أَعْلَمُ» مبتدأ وخبره «بِإِيمانِهِنَّ» متعلقان بأعلم والجملة الاسمية اعتراضية لا محل لها ، «فَإِنْ» الفاء حرف عطف «إن» شرطية «عَلِمْتُمُوهُنَّ» ماض وفاعله ومفعول به أول «مُؤْمِناتٍ» مفعول به ثان والجملة ابتدائية لا محل لها. «فَلا تَرْجِعُوهُنَّ» الفاء رابطة ومضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله والهاء مفعوله «إِلَى الْكُفَّارِ» متعلقان بالفعل والجملة في محل جزم جواب الشرط. «لا» نافية «هُنَّ حِلٌّ» مبتدأ وخبره و«لَهُمْ» متعلقان بحل والجملة الاسمية تعليل لا محل لها ، «وَ» الواو حرف عطف «لا» نافية «هُمْ» مبتدأ «يَحِلُّونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله و«لَهُنَّ» متعلقان بالفعل والجملة الفعلية خبر المبتدأ والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها. «وَ» الواو حرف عطف «آتُوهُمْ» أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والهاء مفعوله الأول «ما» مفعوله الثاني والجملة معطوفة على ما قبلها «أَنْفَقُوا» ماض وفاعله والجملة صلة. «وَلا» الواو حرف استئناف «لا» نافية للجنس «جُناحَ» اسمها المبني على الفتح «عَلَيْكُمْ»
متعلقان بالخبر المحذوف «أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ» مضارع منصوب بأن والواو فاعله والهاء مفعوله والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان بالخبر المحذوف ، «إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ» إذا ظرف زمان وماض وفاعله ومفعوله الأول «أُجُورَهُنَّ» مفعوله الثاني والجملة في محل جر بالإضافة. «وَلا تُمْسِكُوا» الواو حرف عطف ومضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله «بِعِصَمِ» متعلقان بالفعل «الْكَوافِرِ» مضاف إليه والجملة معطوفة على ما قبلها. «وَسْئَلُوا» الواو حرف عطف وأمر وفاعله والجملة معطوفة على ما قبلها «ما» مفعول به «أَنْفَقْتُمْ» ماض وفاعله والجملة صلة «وَلْيَسْئَلُوا» حرف عطف ومضارع مجزوم بلام الأمر والواو فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها «ما» مفعول به «أَنْفَقُوا» ماض وفاعله والجملة صلة و«ذلِكُمْ حُكْمُ» مبتدأ وخبره «اللَّهُ» لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة استئنافية لا محل لها. «يَحْكُمُ» مضارع فاعله مستتر «بَيْنَكُمْ» ظرف مكان والجملة استئنافية لا محل لها. «وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» مبتدأ وخبران والجملة استئنافية لا محل لها.
- English - Sahih International : O you who have believed when the believing women come to you as emigrants examine them Allah is most knowing as to their faith And if you know them to be believers then do not return them to the disbelievers; they are not lawful [wives] for them nor are they lawful [husbands] for them But give the disbelievers what they have spent And there is no blame upon you if you marry them when you have given them their due compensation And hold not to marriage bonds with disbelieving women but ask for what you have spent and let them ask for what they have spent That is the judgement of Allah; He judges between you And Allah is Knowing and Wise
- English - Tafheem -Maududi : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(60:10) Believers, when believing women come to you as Emigrants (in the cause of faith), examine them. Allah fully knows (the truth) concerning their faith. And when you have ascertained them to be believing women, do not send them back to the unbelievers. *14 Those women are no longer lawful to the unbelievers, nor are those unbelievers lawful to those (believing) women. Give their unbelieving husbands whatever they have spent (as bridal-dues); and there is no offence for you to marry those women if you give them their bridal-dues. *15 Do not hold on to your marriages with unbelieving women: ask for the return of the bridal-due you gave to your unbelieving wives and the unbelievers may ask for the return of the bridal-due they had given to their believing wives. *16 Such is Allah’s command. He judges between you. Allah is All-Knowing, Most Wise.
- Français - Hamidullah : O vous qui avez cru Quand les croyantes viennent à vous en émigrées éprouvez-les; Allah connaît mieux leur foi; si vous constatez qu'elles sont croyantes ne les renvoyez pas aux mécréants Elles ne sont pas licites [en tant qu'épouses] pour eux et eux non plus ne sont pas licites [en tant qu'époux] pour elles Et rendez-leur ce qu'ils ont dépensé comme mahr Il ne vous sera fait aucun grief en vous mariant avec elles quand vous leur aurez donné leur mahr Et ne gardez pas de liens conjugaux avec les mécréantes Réclamez ce que vous avez dépensé et que les mécréants aussi réclament ce qu'ils ont dépensé Tel est le jugement d'Allah par lequel Il juge entre vous et Allah est Omniscient et Sage
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O die ihr glaubt wenn gläubige Frauen als Auswanderer zu euch kommen dann prüft sie Allah weiß besser über ihren Glauben Bescheid Wenn ihr sie dann als gläubig erkennt dann schickt sie nicht zu den Ungläubigen zurück Weder sind sie ihnen zur Ehe erlaubt noch sind sie ihnen diesen Frauen erlaubt Und gebt ihnen jedoch was sie früher als Morgengabe ausgegeben haben Es ist für euch kein Vergehen sie zu heiraten wenn ihr ihnen ihren Lohn gebt Und haltet nicht an der Ehe mit den ungläubigen Frauen fest und fordert was ihr als Morgengabe ausgegeben habt zurück Auch sie sollen zurückfordern was sie ausgegeben haben Das ist Allahs Urteil; Er richtet zwischen euch Und Allah ist Allwissend und Allweise
- Spanish - Cortes : ¡Creyentes Cuando vengan a vosotros mujeres creyentes que hayan emigrado ¡examinadlas Alá conoce bien su fe Si comprobáis que de verdad son creyentes no las devolváis a los infieles ni ellas son lícitas para ellos ni ellos lo son para ellas ¡Reembolsadles lo que hayan gastado No tenéis nada que reprocharos si os casáis con ellas con tal que les entreguéis su dote Pero no retengáis a las infieles Pedid lo que hayáis gastado y que ellos también pidan lo que hayan gastado Ésa es la decisión de Alá Él decide entre vosotros Alá es omnisciente sabio
- Português - El Hayek : Ó fiéis quando se vos apresentarem as fugitivas fiéis examinaias muito embora Deus conheça a sua fé melhor do queninguém; porém se as julgardes fiéis não as restituais aos incrédulos porquanto elas não lhes cabem por direito nem eles aelas; porém restituí o que eles gastaram com os seus dotes Não sereis recriminados se as desposardes contanto que asdoteis; porém não vos apegueis à tutela das incrédulas mas exigi a restituição do que gastastes no seu dote; e que osincrédulos por sua vez exijam o que gastaram Tal é o Juízo de Deus com que vos julga porque Deus é Sapiente Prudentíssimo
- Россию - Кулиев : О те которые уверовали Когда к вам прибывают переселившиеся верующие женщины то подвергайте их испытанию Аллаху лучше знать об их вере Если вы узнаете что они являются верующими то не возвращайте их неверующим ибо им не дозволено жениться на них а им не дозволено выходить замуж за них Возвращайте им неверующим то что они потратили на брачный дар На вас не будет греха если вы женитесь на них после уплаты их вознаграждения брачного дара Не держитесь за узы с неверующими женами и требуйте назад то что вы потратили на брачный дар И пусть они неверующие требуют то что они потратили на брачный дар Таково решение Аллаха Он решает между вами Аллах - Знающий Мудрый
- Кулиев -ас-Саади : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
О те, которые уверовали! Когда к вам прибывают переселившиеся верующие женщины, то подвергайте их испытанию. Аллаху лучше знать об их вере. Если вы узнаете, что они являются верующими, то не возвращайте их неверующим, ибо им не дозволено жениться на них, а им не дозволено выходить замуж за них. Возвращайте им (неверующим) то, что они потратили на брачный дар. На вас не будет греха, если вы женитесь на них после уплаты их вознаграждения (брачного дара). Не держитесь за узы с неверующими женами и требуйте назад то, что вы потратили на брачный дар. И пусть они (неверующие) требуют то, что они потратили на брачный дар. Таково решение Аллаха. Он решает между вами. Аллах - Знающий, Мудрый.Условия Худейбийского мира обязывали Пророка, да благословит его Аллах и приветствует, возвращать язычникам всех мусульман, которые сбегут от них в Медину. Текст мирного договора носил общий характер и распространялся как на мужчин, так и на женщин. Аллах не запретил Своему посланнику, да благословит его Аллах и приветствует, возвращать в руки неверующих мужчин, чтобы он мог выполнить свои обязательства и не нарушить мира, который сам по себе принес мусульманам большую пользу. Однако Господь запретил возвращать к неверующим уверовавших женщин, потому что подобный шаг мог повлечь за собой много вредных последствий. Аллах велел мусульманам испытывать переселившихся к ним мусульманок в том случае, если они усомнятся в искренности их веры, дабы различить между теми, кто предан Аллаху и Его посланнику, да благословит его Аллах и приветствует, и теми, кто переселился только ради того, чтобы встретиться с мужем, просто переехать в другой город или обрести иную мирскую выгоду. Если выяснялось, что переселившиеся женщины преследовали исключительно мирские цели, то Аллах предписал возвращать их к неверующим, дабы выполнить условия договора и не повлечь дурных последствий. Если же было очевидно или выяснялось в результате испытания, что они уверовали искренне, то их нельзя было отправлять обратно, ибо неверующим не дозволено жениться на них, а верующим женщинам не дозволено выходить замуж за неверующих. Таким образом, Аллах принял во внимание и значительную пагубность последствий того, что правоверные мусульманки могут быть возвращены к язычникам, и обязательство мусульман возвращать переселившимся к ним верующих, и приказал заботиться об уверовавших женщинах и не возвращать их к неверующим, а взамен - отправлять к ним их неверующих жен и отдавать им брачный дар (махр), который они потратили на жен, которых лишились. Более того, Он разрешил мусульманам жениться на них, даже несмотря на то, что у них были неверующие мужья, но при условии, что мусульмане заплатят своим будущим женам полагающийся брачный дар и будут обеспечивать их надлежащим образом. Мусульманка не имеет права выходить замуж за неверующего, и мусульманин не может жениться на неверующей, пока те не отрекутся от неверия. Исключением являются лишь женщины из числа людей Писания, на которых Аллах разрешил жениться мусульманам-мужчинам. А если мусульманам запрещено находиться с неверующими в браке, то им тем более не дозволено вступать в такой брак. О правоверные! Когда вы будете отправлять своих неверующих жен к неверующим, то потребуйте вернуть вам то, что вы заплатили своим бывшим женам в качестве брачного дара. Если же неверующие станут удерживать то, что они должны вернуть вам, то вам разрешается вычесть эту сумму из тех денег, что вы должны неверующим за то, что их бывшие жены бросили их после обращения в ислам. Этот аят свидетельствует о том, что если муж вынужден прервать супружескую жизнь со своей женой, то имеет право на возмещение этого. Если же после заключения брака кто-либо сообщает о том, что муж по причине молочного родства или по какой-либо иной причине не может состоять в браке со своей женой, то сообщивший об этом должен выплатить мужу сумму, потраченную им на брачный дар. Так Аллах изложил и разъяснил вам свое волеизъявление. Среди Его прекрасных имен - Знающий и Мудрый. Он ведает о том, какие законы приемлемы для вас, и утверждает их для вас благодаря Своей мудрости и Своему милосердию.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey inananlar İnanmış kadınlar hicret ederek size gelirlerse onları deneyin hicretlerinin sebebini inceleyin Allah onların imanlarını çok iyi bilir Onların mümin kadınlar olduklarını öğrenirseniz inkarcılara geri çevirmeyin Bu kadınlar o inkarcılara helal değildir Onlar da bunlara helal olmazlar İnkarcıların bu kadınlara verdikleri mehirleri iade edin Bu kadınların mehirlerini kendilerine verdiğiniz zaman onlarla evlenmenizde bir engel yoktur İnkarcı kadınları nikahınızda tutmayın; onlara verdiğiniz mehri isteyin; inkarcı erkekler de hicret eden mümin kadınlara verdikleri mehirleri istesinler Allah'ın hükmü budur; aranızda O hükmeder Allah bilendir Hakim'dir
- Italiano - Piccardo : O voi che credete quando giungono a voi le credenti che sono emigrate esaminatele ; Allah ben conosce la loro fede Se le riconoscerete credenti non rimandatele ai miscredenti esse non sono lecite per loro né essi sono loro leciti e restituite loro ciò che avranno versato Non vi sarà colpa alcuna se le sposerete versando loro il dono nuziale Non mantenete legami coniugali con le miscredenti Rivendicate quello che avete versato ed essi rivendichino quel che hanno versato Questo è il giudizio di Allah con il quale giudica fra voi e Allah è sapiente saggio
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی ئهوانهی باوهڕتان هێناوه کاتێک ئافرهته ئیماندارهکان کۆچ دهکهن و دێن بۆ لاتان تاقیان بکهنهوهو بهوردیی پرسیاریان لێ بکهن سهبارهت بهکۆچ و هۆی هاتنهکهیان خوا ئاگاداره به ئیمانهکهیان جا ئهگهر زانیتان باوهڕدارن ئهوه مهیانگێڕنهوه بۆ لای مێرده بێ باوهڕهکانیان نه ئهم ئافرهته حهڵاڵی ئهو بێ باوهڕانهن نهئهو بێ باوهڕانهش حهڵاڵن بۆ ئهم ئافرهته ئیماندارانه ئهو مارهییهی مێرده کافرهکانیان خهرجیان کردووه بۆیان بگێڕنهوه ئیتر هیچ ڕهخنهیهکیش لهسهرتان نیه ئهو ئافرته ماره بکهن کاتێك مارهییان بدهنێ ئافرهتانی کافرمههێڵنهوه لای خۆتان واته مارهیان مهکهن ئێوهش ئهی ئیمانداران ئهگهر مهسرهفێکتان کردووه له ئافرهتێکی کافردا داوای بکهنهوه ئهوانیش ئهگهر مهسرهفێکیان کردووه له ئافرهتێکی ئیمانداردا با داوای بکهنهوه ئائهوه حوکم و فهرمانی خوایه که خۆی فهرمانڕهوایی دهکات له نێوانتاندا خوای گهورهش ههمیشه زانا و دانایه
- اردو - جالندربرى : مومنو جب تمہارے پاس مومن عورتیں وطن چھوڑ کر ائیں تو ان کی ازمائش کرلو۔ اور خدا تو ان کے ایمان کو خوب جانتا ہے۔ سو اگر تم کو معلوم ہو کہ مومن ہیں تو ان کو کفار کے پاس واپس نہ بھیجو۔ کہ نہ یہ ان کو حلال ہیں اور نہ وہ ان کو جائز۔ اور جو کچھ انہوں نے ان پر خرچ کیا ہو وہ ان کو دے دو۔ اور تم پر کچھ گناہ نہیں کہ ان عورتوں کو مہر دے کر ان سے نکاح کرلو اور کافر عورتوں کی ناموس کو قبضے میں نہ رکھو یعنی کفار کو واپس دے دو اور جو کچھ تم نے ان پر خرچ کیا ہو تم ان سے طلب کرلو اور جو کچھ انہوں نے اپنی عورتوں پر خرچ کیا ہو وہ تم سے طلب کرلیں۔ یہ خدا کا حکم ہے جو تم میں فیصلہ کئے دیتا ہے اور خدا جاننے والا حکمت والا ہے
- Bosanski - Korkut : O vjernici kada vam vjernice kao muhadžirke dođu ispitajte ih – a Allah dobro zna kakvo je vjerovanje njihovo – pa ako se uvjerite da su vjernice onda ih ne vraćajte nevjernicima one njima nisu dopuštene niti su oni njima dopušteni; a njima podajte ono što su potrošili Nije vam grijeh da se njima ženite kad im vjenčane darove njihove date U braku mnogoboškinje ne zadržavajte Tražite ono što ste potrošili a neka i oni traže ono što su potrošili To je Allahov sud On sudi među vama – a Allah sve zna i mudar je
- Swedish - Bernström : TROENDE När troende kvinnor som har utvandrat kommer till er förhör dem Ingen utom Gud känner deras tro men om ni har övertygat er om att de är troende sänd då inte tillbaka dem till förnekarna av sanningen; deras män har inte [längre] rätt att leva med dem och de har inte rätt att leva med sina män Men ge tillbaka till männen vad [brudgåvan] har kostat dem Och ni begår ingen synd om ni sedan tar dem till hustrur efter att ha gett dem deras brudgåva Håll inte fast vid det äktenskapliga bandet med kvinnor som förnekar sanningen; begär att få tillbaka det som ni har gett [dem som brudgåva] och låt dem [vars hustrur går över till er] begära tillbaka det som de har gett ut [för sina hustrur] Detta är Guds dom; Han dömer [rättvist] mellan er [och de icketroende] Gud är allvetande vis
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai orangorang yang beriman apabila datang berhijrah kepadamu perempuanperempuan yang beriman maka hendaklah kamu uji keimanan mereka Allah lebih mengetahui tentang keimanan mereka; maka jika kamu telah mengetahui bahwa mereka benarbenar beriman maka janganlah kamu kembalikan mereka kepada suamisuami mereka orangorang kafir Mereka tiada halal bagi orangorang kafir itu dan orangorang kafir itu tiada halal pula bagi mereka Dan berikanlah kepada suami suami mereka mahar yang telah mereka bayar Dan tiada dosa atasmu mengawini mereka apabila kamu bayar kepada mereka maharnya Dan janganlah kamu tetap berpegang pada tali perkawinan dengan perempuanperempuan kafir; dan hendaklah kamu minta mahar yang telah kamu bayar; dan hendaklah mereka meminta mahar yang telah mereka bayar Demikianlah hukum Allah yang ditetapkanNya di antara kamu Dan Allah Maha Mengetahui lagi Maha Bijaksana
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(Hai orang-orang yang beriman, apabila datang kepada kalian perempuan-perempuan yang beriman) secara lisannya (untuk berhijrah) dari orang-orang kafir sesudah kalian mengadakan perjanjian perdamaian dengan orang-orang kafir dalam perjanjian Hudaibiah, yaitu bahwa barang siapa yang datang kepada orang-orang mukmin dari kalangan mereka, maka orang itu harus dikembalikan lagi kepada mereka (maka hendaklah kalian uji mereka) melalui sumpah, yaitu bahwa sesungguhnya mereka sekali-kali tidak keluar meninggalkan kampung halamannya melainkan karena senang kepada Islam, bukan karena benci terhadap suami mereka yang kafir, dan bukan pula karena mencintai orang-orang lelaki dari kalangan kaum muslimin. Demikianlah isi sumpah yang dilakukan oleh Nabi saw. kepada perempuan-perempuan itu (Allah telah mengetahui tentang keimanan mereka; maka jika kalian telah mengetahui, bahwa mereka) yakni kalian menduga melalui sumpah yang telah mereka ucapkan, bahwa mereka (benar-benar beriman maka janganlah kalian kembalikan mereka) janganlah kalian mengembalikan mereka (kepada orang-orang kafir. Mereka tidak halal bagi orang-orang kafir itu dan orang-orang kafir itu tiada halal pula bagi mereka. Dan berikanlah kepada mereka) yakni kembalikanlah kepada orang-orang kafir yang menjadi suami mereka (mahar yang telah mereka bayar) kepada perempuan-perempuan mukmin itu. (Dan tiada dosa atas kalian mengawini mereka) dengan syarat (apabila kalian bayar kepada mereka maharnya) maskawinnya. (Dan janganlah kalian tetap berpegang) dapat dibaca tumsikuu, dan tumassikuu yakni dengan memakai tasydid dan tanpa tasydid (pada tali perkawinan dengan perempuan-perempuan kafir) yakni istri-istri kalian yang kafir, karena keislaman kalian telah memutuskannya dari kalian berikut syarat-syaratnya. Atau perempuan-perempuan yang menyusul atau mengikuti orang-orang musyrik dalam keadaan murtad, karena kemurtadannya telah memutuskan tali perkawinan mereka dengan kalian, berikut syarat-syaratnya (dan hendaklah kalian minta) hendaklah kalian tuntut (apa yang telah kalian nafkahkan) kepada mereka yaitu mahar-mahar yang telah kalian bayar kepada mereka, berupa pengembalian dari orang-orang kafir yang mengawini mereka (dan hendaklah mereka meminta mahar yang telah mereka bayar) kepada perempuan-perempuan yang ikut berhijrah, sebagaimana penjelasan yang telah lalu yaitu bahwasanya kaum musliminlah yang membayarkannya. (Demikianlah hukum Allah yang ditetapkan-Nya di antara kalian) untuk kalian laksanakan. (Dan Allah Maha Mengetahui lagi Maha Bijaksana).
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : মুমিনগণ যখন তোমাদের কাছে ঈমানদার নারীরা হিজরত করে আগমন করে তখন তাদেরকে পরীক্ষা কর। আল্লাহ তাদের ঈমান সম্পর্কে সম্যক অবগত আছেন। যদি তোমরা জান যে তারা ঈমানদার তবে আর তাদেরকে কাফেরদের কাছে ফেরত পাঠিও না। এরা কাফেরদের জন্যে হালাল নয় এবং কাফেররা এদের জন্যে হালাল নয়। কাফেররা যা ব্যয় করেছে তা তাদের দিয়ে দাও। তোমরা এই নারীদেরকে প্রাপ্য মোহরানা দিয়ে বিবাহ করলে তোমাদের অপরাধ হবে না। তোমরা কাফের নারীদের সাথে দাম্পত্য সম্পর্ক বজায় রেখো না। তোমরা যা ব্যয় করেছ তা চেয়ে নাও এবং তারাও চেয়ে নিবে যা তারা ব্যয় করেছে। এটা আল্লাহর বিধান; তিনি তোমাদের মধ্যে ফয়সালা করেন। আল্লাহ সর্বজ্ঞ প্রজ্ঞাময়।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : ஈமான் கொண்டவர்களே முஃமினான பெண்கள் ஹிஜ்ரத் செய்து நாடு துறந்தவர்களாக உங்களிடம் வந்தால் அவர்களை நீங்கள் பரிசோதித்துக் கொள்ளுங்கள் அல்லாஹ் அவர்கள் ஈமானை நன்கறிந்தவன் எனவே அவர்கள் முஃமினான பெண்கள் என நீங்கள் அறிந்தால் காஃபிர்களிடம் அவர்களைத் திருப்பியனுப்பி விடாதீர்கள் ஏனெனில் அந்த பெண்கள் அந்த ஆண்களுக்கு அனுமதிக்கப்பட்டவர்களில்லை அந்த ஆண்கள் இந்தப் பெண்களுக்கு அனுமதிக்கப்பட்டவர்களில்லை ஆனால் இப் பெண்களுக்காக அவர்கள் செலவு செய்திருந்ததை அவர்களுக்குக் கொடுத்து விடுங்கள் அன்றியும் நீங்கள் அப்பெண்களுக்குரிய மஹரை கொடுத்து அவர்களை விவாகம் செய்து கொள்வது உங்கள் மீது குற்றமில்லை மேலும் நிராகரித்துக் கொண்டிருக்கும் பெண்களின் விவாக பந்தத்தை நீங்கள் பற்றிப்பிடித்துக் கொள்ள வேண்டாம் அன்றியும் நீங்கள் செலவு செய்திருந்ததை அவர்கள் போய்ச் சேருவோரிடம் கேளுங்கள் அவ்வாறே ஈமான் கொண்டு உங்களிடம் வந்து விட்டோருக்காகத் தாங்கள் செலவு செய்ததை அவர்கள் உங்களிடம் கேட்கலாம் இதுவே அல்லாஹ்வுடைய கட்டளையாகும் உங்களிடையே அவன் இவ்வாறே தீர்ப்பு வழங்குகிறான் மேலும் அல்லாஹ் நன்கறிந்தவன்; ஞானம் மிக்கவன்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : โอ้บรรดาผู้ศรัทธาเอ๋ย เมื่อบรรดาหญิงผู้ศรัทธาเป็นผู้ลี้ภัยมาหาพวกเจ้า ก็จงสอบสวนพวกนาง อัลลอฮฺทรงรู้ดียิ่งในการศรัทธาของพวกนาง ครั้นเมื่อพวกเจ้ารู้ว่าพวกนางเป็นผู้ศรัทธา ก็อย่าได้ส่งพวกนางกลับไปยังพวกปฏิเสธศรัทธา พวกนางมิได้เป็นที่อนุมัติแก่พวกเขา และพวกเขาก็มิได้เป็นที่อนุมัติแก่พวกนาง และจงจ่ายคืนให้พวกเขา สามีเดิมที่เป็นกาเฟร สิ่งที่พวกเขาได้จ่ายไป มะฮัร และไม่เป็นบาปอันใดแก่พวกเจ้าที่จะแต่งงานกับพวกนาง เมื่อพวกเจ้าได้ให้แก่พวกนางซึ่งของหมั้นของพวกนาง และอย่าหน่วงเหนี่ยวพันธะการแต่งงานของบรรดาหญิงผู้ปฏิเสธศรัทธา และจงขอคืนสิ่งที่พวกเจ้าได้ใช้จ่ายไป และให้พวกเขาขอคืนสิ่งที่พวกเขาได้ใช้จ่ายไป นั่นคือข้อตัดสินของอัลลอฮฺ พระองค์ทรงตัดสินในระหว่างพวกเจ้า และอัลลอฮฺเป็นผู้ทรงรอบรู้ ผู้ทรงปรีชาญาณ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй иймон келтирганлар Агар сизларга мўминалар ҳижрат қилиб келсалар уларни имтиҳон қилиб кўринглар Аллоҳ уларнинг иймонини билгувчидир Бас мўминаликларини билсангиз уларни кофирларга қайтариб юборманг Бу аёллар уларга ҳалол эмас ва улар ҳам буларга ҳалол бўлмаслар Ва укофирларга нафақа қилган нарсаларини қайтариб беринглар Ва уаёлларни никоҳлаб олсангиз агар маҳрларини берсангиз сизларга гуноҳ бўлмас Кофир хотинларингизни никоҳларингизда ушлаб турманглар Нафақа қилган нарсаларингизни сўранглар улар ҳам нафақа қилган нарсаларини сўрасинлар Бу сизларга Аллоҳнинг ҳукмидир Орангизда ҳукм қиладир Аллоҳ билгувчи ва ҳикматлидир Душман тарафдан келган ҳар бир кишини ҳам қучоқ очиб кутиб олинавермайди Чунки душман жосус юбориши ҳам мумкин Шунинг учун Аллоҳ таоло имтиҳон қилиб кўришни амр қилмоқда Ушбу ояти карима тушгунча мусулмонлардан баъзилари мушрика хотинлари билан бирга яшаётган эдилар Оят тушгандан сўнг уларни талоқ қилдилар
- 中国语文 - Ma Jian : 信道的人们啊!当信女们迁移而来的时候,你们当试验她们。真主是至知她们的信德的如果你们认为她们确是信女,那末,就不要使她们再归不信道的丈夫。她们对於他们是不合法的,他们对於她们也是不合法的。你们应当把他们所纳的聘礼偿还他们。当你们把她们的聘礼交付给她们的时候,你们娶她们为妻,对於你们是毫无罪过的。你们不要坚持不信道的妻子的婚约,你们当索回你们所纳的聘礼,叫他们也索回他们所纳的聘礼。这是真主的律例,他依此而替你们判决。真主是全知的,是至睿的。
- Melayu - Basmeih : Wahai orangorang yang beriman Apabila orangorang perempuan yang mengaku beriman datang berhijrah kepada kamu maka ujilah iman mereka Allah lebih mengetahui akan iman mereka dengan yang demikian sekiranya kamu mengetahui bahawa mereka beriman maka janganlah kamu mengembalikan mereka kepada orangorang yang kafir Mereka tidak halal bagi orangorang kafir itu sebagai isteri dan orangorang kafir itu pula tidak halal bagi mereka sebagai suami Dan berilah kepada suamisuami yang kafir itu apa yang mereka telah belanjakan Dan tidaklah menjadi salah kamu berkahwin dengan mereka perempuanperempuan yang berhijrah itu apabila kamu memberi kepada mereka maskahwinnya Dan janganlah kamu wahai orangorang Islam tetap berpegang kepada akad perkahwinan kamu dengan perempuanperempuan yang kekal dalam keadaan kafir dan mintalah balik maskahwin yang kamu telah berikan dan biarkanlah mereka suamisuami yang kafir itu meminta balik apa yang mereka telah belanjakan Demikianlah hukum Allah; Ia hukumkan di antara kamu dengan adil Dan ingatlah Allah Maha Mengetahui lagi Maha Bijaksana
- Somali - Abduh : Kuwa xaqa rumeeyow hadday idiin yimaaddaan Haween Mu'miniin ah oo Gaalada ka soo Hijrooday ka soo tegay Imtixaana inay ka dhabtahay iyo in kale Eebaa og Iimaankooda haddaad ogaataan inay xaqa dhabnimo u rumeeyeen waa inaydaan Gaalada u celinin maxaa yeelay Xalaal isuma aha Meherkiina ha u celiyeen Gaalada inaad isguursataanna waxba kuma jiro haddaad Meher siinaysaan Haweenka Gaalooba Nikaax isuguma kiin xirna ee ha haysanina weydiista waxaad Meher u bixiseen Gaaladuna ha weydiisato waxay Meher u bixiyeen xaaladaasina waa xukunka Eebe uu dhexdiina xukumay Ilaahayna waa ogyahay waxa la Camal falo waana Falsame
- Hausa - Gumi : Yã kũ waɗanda suka yi ĩmãni Idan mãtã mũminai suka zo muku sunã mãsu hijira to ku jarraba su Allah Shĩ ne mafi sani ga ĩmãninsu To idan kun san sũ mũminai ne kada ku mayar da su zuwa ga kãfirai Sũ mãtan bã su halatta ga aurensu sũ kuma kãfiran bã su halatta ga auren mãtan Ku bã su abin da suka ɓatar na dũkiya Kuma bãbu laifi a kanku ga ku aure su idan kun bã su sadãkõkinsu Kuma kada ku riƙe auren mãtã kãfirai kuma ku tambayi abin da kuka ɓatar daga dũkiya su kuma kãfirai su tambayi abin da suka ɓatar na dũkiya Wannan hukuncin Allah ne Yanã hukunci a tsakãninku kuma Allah Masani ne Mai hikima
- Swahili - Al-Barwani : Enyi mlio amini Wakikujilieni wanawake Waumini walio hama basi wafanyieni mtihani Mwenyezi Mungu ndiye Mwenye kujua zaidi Imani yao Mkiwa mnawajua kuwa ni Waumini basi msiwarudishe kwa makafiri Wanawake hao si halali kwa hao makafiri wala hao makafiri hawahalalikii wanawake Waumini Na wapeni hao wanaume mahari walio toa Wala hapana makosa kwenu kuwaoa mkiwapa mahari yao Wala msiwaweke wanawake makafiri katika kifungo cha ndoa zenu Na takeni mlicho kitoa na wao watake walicho kitoa Hiyo ndiyo hukumu ya Mwenyezi Mungu anayo kuhukumuni Na Mwenyezi Mungu ni Mwenye kujua Mwenye hikima
- Shqiptar - Efendi Nahi : O besimtarë kur u vijnë juve besimtaret emigrante provoni besimin tek ato e Perëndia më së miri e di besimin e tyre Nëse bindeni se ato janë besimtare mos i ktheni te pabesimtarët Ato nuk u lejohen atyre si dhe as ata nuk janë të lejueshëm për to Jepni shpenzimet e bëra atyre jobesimtarëve Nuk ka pengesë që t’i merrni ju ato për bashkëshorte pasi t’u jepini dhurata martese Mos qëndroni në martesë me idhujtare pagane Kërkoni atë që keni dhënë si dhuratë martese por dhe ata jobesimtarët le të kërkojnë atë që kanë dhënë si dhuratë martese Ky është gjykimi i Zotit Ai gjykon në mes jush e Perëndia di çdo gjë dhe është i Gjithëdijshëm
- فارسى - آیتی : اى كسانى كه ايمان آوردهايد، چون زنان مؤمنى كه مهاجرت كردهاند به نزدتان آيند، بيازماييدشان. خدا به ايمانشان داناتر است. پس، اگر دانستيد كه ايمان آوردهاند، نزد كافران بازشان مگردانيد. زيرا اينان بر مردان كافر حلال نيستند و مردان كافر نيز بر آنها حلال نيستند. و هر چه آن كافران براى اين گونه زنان هزينه كردهاند بپردازيد. و اگر آنها را نكاح كنيد و مهرشان را بدهيد مرتكب گناهى نشدهايد. و زنان كافر خود را نگه مداريد. و هر چه هزينه كردهايد از مردان كافر بخواهيد و آنها نيز هر چه هزينه كردهاند از شما بخواهند. اين حكم خداست. خدا ميان شما حكم مىكند و او دانا و حكيم است.
- tajeki - Оятӣ : Эй касоне, ки имон овардаед, чун занони мӯъмине, ки муҳоҷират (тарки Ватан) кардаанд, ба наздатон оянд, онҳоро бисанҷед. Худо ба имонашон донотар аст. Пас агар донистед, ки имон овардаанд, назди кофирон бозашон нагардонед. Зеро инҳо бар мардони кофир ҳалол нестанд ва мардони кофир низ бар онҳо ҳалол нестанд. Ва ҳар чӣ он кофирон барои ин гуна занон нафақа кардаанд, бипардозед. Ва агар онҳоро никоҳ кунед ва маҳрашонро бидиҳед, гуноҳе накардаед. Ва занони кофири худро нигоҳ надоред. Ва ҳар чӣ нафақа кардаед, аз мардони кофир бихоҳед ва онҳо низ ҳар чӣ хазина (нафақа) кардаанд, аз шумо бихоҳанд. Ин ҳукми Худост. Худо миёни шумо ҳукм мекунад, ва Ӯ донову ҳаким аст!
- Uyghur - محمد صالح : ئى مۆمىنلەر! سىلەرگە مۆمىن ئاياللار ھىجرەت قىلىپ كەلسە، ئۇلارنى سىناپ كۆرۈڭلار، ئۇلارنىڭ ئىمانىنى اﷲ ئوبدان بىلىدۇ، ئەگەر ئۇلارنى (سىنىغاندىن كېيىن ھەقىقىي) مۆمىنە دەپ تونۇساڭلار، ئۇلارنى كاپىرلارغا قايتۇرۇپ بەرمەڭلار، ئۇلار كاپىرلارغا ھالال ئەمەس، كاپىرلارمۇ ئۇلارغا ھالال ئەمەس، كاپىر ئەرلىرىنىڭ ئۇلارغا بەرگەن مەھرىنى قايتۇرۇپ بېرىڭلار، ئۇلارنىڭ مەھرىلىرىنى بېرىپ نىكاھىڭلارغا ئالساڭلار سىلەرگە ھېچ گۇناھ بولمايدۇ، كاپىر ئاياللارنى ئەمرىڭلاردا ساقلىماڭلار، ئۇلارغا بەرگەن مەھرىڭلارنى تەلەپ قىلىڭلار، كاپىرلارمۇ (ھىجرەت قىلىپ كەلگەن مۆمىن ئاياللىرىغا بەرگەن) مەھرىلىرىنى تەلەپ قىلسۇن، اﷲ نىڭ ھۆكمى ئەنە شۇ. اﷲ ئاراڭلاردا ھۆكۈم چىقىرىدۇ، اﷲ ھەممىنى بىلگۈچىدۇر، ھېكمەت بىلەن ئىش قىلغۇچىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വിശ്വസിച്ചവരേ, വിശ്വാസിനികള് അഭയം തേടി നിങ്ങളെ സമീപിച്ചാല് അവരെ പരീക്ഷിച്ചു നോക്കുക. അവരുടെ വിശ്വാസവിശുദ്ധിയെ സംബന്ധിച്ച് അല്ലാഹു നന്നായറിയുന്നു. അവര് യഥാര്ഥ വിശ്വാസിനികളാണെന്ന് ബോധ്യമായാല് പിന്നെ നിങ്ങളവരെ സത്യനിഷേധികളിലേക്ക് തിരിച്ചയക്കരുത്. ആ വിശ്വാസിനികള് സത്യനിഷേധികള്ക്ക് അനുവദിക്കപ്പെട്ടവരല്ല. ആ സത്യനിഷേധികള് വിശ്വാസിനികള്ക്കും അനുവദനീയരല്ല. അവര് വ്യയം ചെയ്തത് നിങ്ങള് അവര്ക്ക് മടക്കിക്കൊടുക്കുക. നിങ്ങള് അവരെ വിവാഹം ചെയ്യുന്നതിന് വിലക്കൊന്നുമില്ല- അവര്ക്ക് അവരുടെ വിവാഹമൂല്യം നല്കുകയാണെങ്കില്. സത്യനിഷേധിനികളുമായുള്ള വിവാഹബന്ധം നിങ്ങളും നിലനിര്ത്തരുത്. നിങ്ങളവര്ക്കു നല്കിയത് തിരിച്ചു ചോദിക്കുക. അവര് ചെലവഴിച്ചതെന്തോ അതത്രയും അവരും ആവശ്യപ്പെട്ടുകൊള്ളട്ടെ. അതാണ് അല്ലാഹുവിന്റെ വിധി. അവന് നിങ്ങള്ക്കിടയില് വിധി കല്പിക്കുന്നു. അല്ലാഹു സര്വജ്ഞനും യുക്തിമാനുമാണ്.
- عربى - التفسير الميسر : يا ايها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اذا جاءكم النساء المومنات مهاجرات من دار الكفر الى دار الاسلام فاختبروهن لتعلموا صدق ايمانهن الله اعلم بحقيقه ايمانهن فان علمتموهن مومنات بحسب ما يظهر لكم من العلامات والبينات فلا تردوهن الى ازواجهن الكافرين فالنساء المومنات لا يحل لهن ان يتزوجن الكفار ولا يحل للكفار ان يتزوجوا المومنات واعطوا ازواج اللاتي اسلمن مثل ما انفقوا عليهن من المهور ولا اثم عليكم ان تتزوجوهن اذا دفعتم لهن مهورهن ولا تمسكوا بنكاح ازواجكم الكافرات واطلبوا من المشركين ما انفقتم من مهور نسائكم اللاتي ارتددن عن الاسلام ولحقن بهم وليطلبوا هم ما انفقوا من مهور نسائهم المسلمات اللاتي اسلمن ولحقن بكم ذلكم الحكم المذكور في الايه هو حكم الله يحكم به بينكم فلا تخالفوه والله عليم لا يخفى عليه شيء حكيم في اقواله وافعاله
*14) The background of this injunction is that after the peace treaty of Hudaibiyah, in the beginning, the Muslim men started fleeing Makkah and arriving at Madinah and they were sent back according to the terms of the treaty. Then the Muslim women started arriving and, first of all, Umm Kulthum Uqbah bin Abi Mu'ait emigrated to Madinah, The disbelievers invoked the treaty and demanded return, ands two brothers of Umm Kulthum, Walid bin `Uqbah and 'Amarah bin `Uqbah, came to Madinah to take her back. At this the question arose whether the treaty of Hudaibiyah applied to the women as well. Allah has answered this very question here, saying: "If they are Minims, and it is ascertained that they have emigrated only for the sake of the Faith? and for no other motive, they arc not to be returned "
Here, a complication has arisen on account of the narration of the Hadith from the viewpoint of the meaning and content, and it must be resolved. The traditions that are found in the Ahadith about the conditions of the treaty of Hudaibiyah are mostly traditions narrated from the viewpoint of the meaning and purport, About the condition under discussion the words in the different traditions are different. In same the words are to the effect: "Whoever reaches us from you, we will not return hira, but whoever reaches you from us, you shall return. " In some others the words arc to the effect: "Whoever of his Companions comes to the Messenger of AIIah without the permission of his guardian, he will send him back." And in still another the words are: "Whoever,from the Quraish goes to Muhammad without the permission of his guardian, he will return him to Quraish. " The style of these traditions by itself shows that this condition of the treaty has not been reported in the actual words of the treaty, but the reporters have reported its purport in their own words. But since most of the traditions arc of the same nature, the commentators and traditionists generally have understood that the treaty was general, which applied to both men and women, and the women too were to be returned according to it. Later, when this injunction of the Qur'an that the believing women were not to be returned, came to their knowledge, they interpreted it to mean that AIIah in this verse had decided to break the treaty in so far as it related to the believing women But this was not an ordinary thing which should be accepted so easily. If the treaty was general, without any exception in respect of men and women, it could not be lawful for one party to amend it unilaterally ar change a part of it by itself. And even if such a thing happened, it is strange that the Quraish did not protest against it, whereas they remained on the lookout for an opportunity to raise objections against everything that the Holy Prophet (upon whom be Allah's peace) and the Muslims did. Had they found that the Holy Prophet had committed a breach of the treaty conditions, they would have raised a loud clamour. But we do not find any trace of it in any tradition that they took an exception to this ruling of the Qur'an. Had this question been carefully considered the problem could have been resolved by reference to the actual words of the treaty. But many people paid no attention they it; if some scholars (e.g Qadi Abu Bakr Ibn al-'Arabi) did pay any attention, they did not hesitate to say that the reason why the Quraish did not raise any objection was that AIIah had miraculously scaled their mouths in this matter. It is strange how these scholars felt satisfied at this explanation.
The fact of the matter is that this condition of the peace treaty had been proposed by the disbelieving Quraish, and not by the Muslims, and the words that Suhail bin 'Amr, their representative, had-got included in the treaty were: "And that whichever man (rajul) cornea to you from us, even if he be on your religion, you will return him to us." These words of the treaty have been reproduced in Bukhari (Kitab ash-Shurut: Bab ash-Shurut fil-Jihad wal-Masalahah) through authentic channels. It may be that Suhail used the word rajul in the meaning of a person, but this might be the meaning he had in his mind. The word written in the treaty was rajul, which is used for a full-grown man in Arabic. That is why when the brothers of Umm Kulthum bint 'Uqbah came to the Holy Prophet (upon whom be Allah's peace) and demanded her return, (according to Imam Zuhri's tradition) the Holy Prophet (upon whom be Allah's peace) refused return her, saying: "The condition was about the men, not the women. " (Ibn al- Arabi, Ahkam al-Qur an; Loam Razi, Tafsir Kabir) Until then the people of Quraish themselves were under the delusion that the treaty applied to all kinds of emigrants, men or women; But when the Holy Prophet drew their attention to these words of the treaty, they were struck dumb and had to accept this decision.
According to this condition of the treaty the Muslims had the right to decline return of any woman who emigrated from Makkah to Madinah, for any reason whatever. But Islam was interested only in safeguarding the believing omen and not to make the holy city of Madinah a place of refuge for every kind of female fugitive. Therefore, Allah enjoined: "Ascertain by examination the faith of the women who emigrated to you and profess to have believed; and when it is fully ascertained that they have emigrated with genuine faith, and no other motive, do not return them." Thus, the procedure adopted for carrying out this Command was was that the women who emigrated were questioned whether they believed in the oneness of Allah and the Prophethood of Muhammad (upon whom be Allah's peace) and had emigrated only for the sake of Allah and His Messenger, and not out of any worldly consideration, e.g. hatred of the husband, or love of somebody in Madinah, or some other worldly motive. Only those women who gave satisfactory answers to these questions were detained, others were sent back. (Ibn Jarir on the authority of Iba `Abbas, Qatadah, Mujahid, `Ikrimah, Ibn Zaid).
In this verse a basic principle of the Law of Evidence also bas been stated and its further clarification has been made by the procedure that the Holy Prophet (upon whom be Allah's peace) had prescribed for implementing it, The verse enjoins three things: (1) Examine the faith of the emigrating women who present themselves as believers; (2) Allah alone knows the truth about their faith; the Muslims have no means to find out whether they have really believed or not; and (3) when it has been ascertained that they are believers, they are not to be returned. Then, in accordance with this injunction, the method that the Holy Prophet prescribed for examining and ascertaining the faith of the women was that the statement given by them on oath should be relied on and it should be made sure after necessary examination that they had no other motive of emigration than the Faith. First, it gives the principle that for taking decision on different matters it is not necessary for the court to have direct knowledge of the truth; for the court only that knowledge is sufficient which is obtained through evidence. Second, the statement given by a person on oath will be regarded as reliable until it is proved to be false by a clear evidence. Third, whatever declaration a person himself may make about his creed and faith, will be accepted and no search will be made into finding out,whether what he states actually constitutes his faith or not, unless there is a clear indication to the contrary. And fourth, in the personal affairs of a person, which no one else can know, his own statement will be trusted. e.g. in the matters of divorce and the waiting period (iddat) the woman's own statement about her menstrual course and state of purity will be regarded as reliable, whether it is true or false. According to these very rules, in the science of the Hadith also, those traditions will be accepted, the apparent state of whose reporters testifies to their being righteous, unless, of course, there are other circumstances which forbid the acceptance of a particular tradition.
*15) This means that a Muslim who wants to marry any of these women should pay a fresh dower and marry her. The dowers to he repaid to their unbelieving husbands will not be considered their dowers.
*16) Four very important injunctions have been, laid down in these verses, which relate both to the family law of Islam and to the international law.
First, that the woman who becomes a Muslim is no longer lawful for her unbelieving husband nor her unbelieving husband is lawful for her.
Second, that the marriage of the married woman who becomes a Muslim and emigrates from the abode of disbelief (dar al-kufr to the abode of Islam (dar al-lslam) is automatically annulled, and any Muslim who likes can marry her after paying her dower.
Third, that it is not lawful for a man who becomes a Muslim to retain his wife in wedlock if she likes to remain an infidel.
Fourth that if there exist relations of peace between the abode of disbelief and the abode of Islam, the Islamic government should try to settle the question of the return of dowers with the non-Muslim government, thus: The dowers of the married women of the disbelievers, who become Muslims and emigrate to the abode of Islam, should be returned by the Muslims, and the dowers of the unbelieving married women of the Muslims. who are left behind is the abode of disbelief, should be got back from the disbelievers.
The historical background of these injunctions is as follows: In the beginning of Islam, there were many such men, who accepted Islam but their wives did not become Muslim, and there were many such women who became Muslim but their husbands did not accept Islam. Abul-'As, the husband of Zainab, a daughter of the Holy Prophet (upon whom be Allah's peace), was a non-Muslim and he remained non-Muslim for several years. In the early period no command had been given to the effect that the pagan husband was unlawful for the Muslim wife and the pagan wife was unlawful for the Muslim husband. Therefore, the marital relations continued to exist between them, Even after the migration for several years, it so happened that many women became Muslim and emigrated Madinah while their pagan husbands remained in the abode of disbelief. Likewise, many Muslim men emigrated and their pagan wives were left in the abode of disbelief. But in spite of this their marriage continued. This was creating complications for the women in particular, for the men could marry other women, but this was not possible for the women. Until their marriage with their previous husbands was dissolved, they could not remarry. After the peace treaty of Hudaibiyah when these verses came down, they annulled the previous marriage between the Muslims and the pagans, and laid down an absolute and clear law for guidance in future. The jurists of Islam have codified this law under four major heads:
First, the case when both the man and the wife are in the abode of Islam and one of them becomes a Muslim and the of her remains an infidel.
Second, the case when both the man and the wife are in the abode of disbelief, and one of them becomes a Muslim and the other remains an infidel.
Third, the cast when one of the spouses becomes a Muslim and emigrates to the abode of Islam and the other remains an infidel in the abode of disbelief.
Fourth, the case when either of the Muslim spouses becomes an apostate.
Below we give the viewpoints of the jurists with regard to a 11 the four cases separately:
(1) In the first case, if the husband has accepted Islam and' his wife is a Christian or a Jewess, and she remains faithful to her religion, their marriage will endure, for it is permissible for a Muslim to have a wife who is a follower of the earlier scriptures. This is agreed upon by all jurists.
And if the wife of the man, who has accepted Islam, is not a follower of the 'earlier Books, and she adheres to her Faith, the Hanafis say that Islam will be presented before her; if she accepts it, the marriage will endure; if she refuses to accept it, separation will be effected between them. In this case, if consummation between them had taken place, the woman will be entitled to the dower; if there was no consummation, she will not be entitled to any dower, for separation has been caused because of her refusal. (AI-Mabsut; Hedayah; Fath al-Qadir). Imam Shafe'i and Imam Ahmad say that if the spouses did not have had consummation, the woman would be outside wedlock as soon as the man accepted Islam, and if . consummation had taken place; the woman will remain in wedlock till three menstruations. During this period if she accepts Islam of her own tree wills the marriage will continue, otherwise it will become void automatically as soon as she is free from her third menstrual course. Imam Shafei also adds that it is not right to present Islam before the woman an the basis of the pledge of non-interference in religion that the dhimmis have been given by the Muslims. But this, in fact, is a weak argument for interference in the dhimmi woman's rcligion would be if she wascompelled to accept Islam. It is no interference to tell her that if she accepted Islam, she would continue to be her husband's wife, otherwise she would be separated from him. In Hadrat Ali's time there has been a precedent of this nature An Iraqi landowner who was a Majusi by rcligion accepted Islam and his wife remained an unbeliever, Hadrat 'AIi presented Islam before her, and when she refused to accept it, he effected separation between them. (Al-Mabsut). Imam Malik says that if consummation has not taken place, the unbelieving wife would forthwith cease to be the wife as soon as the man embraced Islam, and if consummation has taken place, Islam would be presented before the woman, and in case she refuses to accept it. separation will result. (Ibn Qudamah, Al-Mughni ).
And if Islam has been accepted by the woman and the Fan remains an infidel. whether he is a follower of an earlier scripture or a non-follower, the Hanafis say that Islam will be presented before the husband whether consummation between them has taken place or not. If he accepts it, the woman will continue to be his wife; if he rejects it the qadi will effect separation between them. So long as the man does not refuse to acecpt Islam, the woman will remain his wife, but he will not have the right to have sexual relations with her. In cast the husband refuses, separation will become effective just like an irrevocable divorce. If consummation has not taken place before this, the woman will be entitled to half the dower, and if it has taken place, the woman will be entitled to full dower as well as maintenance during the waiting period ( iddat). (AI-Mabsut; Hedayah; Fath at-Qadir). According to Imam Shafe`i, marriage will dissolve as soon as the woman accepted lslam in case consummation has not taken place, and in case it has taken place, the woman will continue to be the man's wife till the end of the waiting period. If in the mean-time he accepts Islam, marriage will remain valid, otherwise separation will take place as soon as the waiting period comes to an end. But in the case of the man also Imam Shafe'i has expressed the same opinion as he has expressed about the woman as cited above. That is, it is not right to present Islam before him. But this is a weak opinion. In the time of Hadrat 'Umar, on several occasions, the woman accepted Islam and the man was invited to Islam; when he refused to accept it, separation was effected between the spouses There is, for examples the case of the wife of a Christian of the Bani Taghlib, which was brought before him. Hadrat `Umar said to the man, "Accept Islam, otherwise I will effect separation between you two." He declined, and the Caliph enforced the decree. The case of a newly converted lady of Bahz al-Malik was sent to him. In her case too he ordered that Islam be presented before her husband; if he accepts it well and good, otherwise separation be effected between them. These incidents had happened in front of the Companions and no dispute or difference of opinion has been reported. (AI-Jassas, Ahkam al-Qur an; Al Mabsut; Fath al-Qadir). Imam Malik's opinion in this connection is that if the woman becomes a Muslim before the consummation of marriage Islam should be presented before the husband; if he accepts it, well and 'good; otherwise separation should be effected forthwith. An!? if consummation has taken place, and the woman has accepted Islam afterwards, she will have to wait till the end of the waiting period. If the husband accepts Islam in the meantime, marriage will continue otherwise separation will take place as soon as the waiting period expires. A saying of Imam Ahmad is in support of Imam Shafe'i. His other saying is to the effect that the event of the difference of religion between the spouses will in any case lead to immediate separation, whether consummation between them has taken place or not. (AI-Mughni).
(2) If in dar al-kufr (abode of disbelief ) the woman becomes a Muslim and the man remains an infidel, or the man becomes a Muslim and the wife (who neither is Christian nor Jew but is follower of a non-revealed religion) remains an infidel the Hanafi viewpoint is that separation will not take place, whether consuummation between them has taken place or not, until the woman completes three menstrual courses, or until she passes three months in case she is non-menstruating. If in the meantime the other spouse is also converted, marriage will remain valid, otherwise separation will take place on the expiry of the term. Imam Shafe'i, in this case also, distinguishes between the occurrence of consummation and its nonoccurrence He maintains that if there was no consummation, separation would occur immediately on the event of the difference of religion between the spouses. And if the difference of religion has occurred after the consummation, marriage will continue valid until the end of the waiting period. If in the meantime the other spouse does.not accept Islam, marriage will dissolve as soon as the waiting period comes to an end. (AIMabsut, Fath al-Qadir, AI-Jassas Ahkam al-Qur an).
In case where along with the difference of religion between the spouses the separation of abode also takes place, i.e. one of them remains an infidel in daral-kufr(the non-Muslim state) and the other emigrates to dar aI-lslam (the Islamic state), the Hanafi viewpoint is that marriage between them will automatically dissolve. If the emigrant is the woman, she has the right to remarry immediately; she does not have to observe any waiting period. However, her husband will have to abstain from sexual intercourse until after she has discharged the menses once; and if she is pregnant, even then marriage can be contracted, but the husband must abstain from cohabitation until after the delivery. Imam Muhammad and Imam Abu Yusuf have differed from Imam Abu Hanifah in this. They say that the woman has to observe the waiting period; and if she is pregnant, she cannot contract marriage before the delivery. (Al-Mabsut; Hedayah; AI-Jassas, Ahkam al-Qur'an). Imam Shafe.'i, Imam Ahmad and Imam Malik maintain that the separatIon of abode has nothing to do with this, for the real thing is only the deference of religion. If this difference takes place between the spouses, the injunctions to govern this are the same as those which govern it in case such a difference takes place between the spouses in the Islamic state (AI-Mughni). Imam Shafe`i along with his above-cited opinion has also expressed the view that if the emigrant Muslim woman has emigrated after a quarrel with her infide I husband, with the intention of dissolving his marital right, an immediate separation will take place not on the basis of the separation of abode (ikhtilaf dar) but on the basis of her this intention. (Al-Mabsut' Hedayah).
But a careful consideration of the Qur'anic verse under discussion clearly shows that in this matter the most sound opinion is the one that Imam Abu Hanifah has expressed. AIlah has sent down this verse concerning the believing women who emigrated and about them He has said that they are no longer lawful for the pagan husbands whom they have left behind in dar al-k-kufr, and has allowed the Muslims of the Islamic state to marry them after they have paid them the dowers. On the other hand, the emigrant Muslims have been addressed and enjoined not to keep those of their pagan wives in wedlock, who are left is dar al-kufr, and to ask of the disbelievers the dowers that they had given to those women. Obviously, these injunctions do not pertain only to the difference of religion, but it is the difference of abode that has given these injunctions this particular form. If on account of migration the marriages of the Muslim women with. their pagan husbands had not become dissolved, how could the Muslims be permitted to marry them, and .that too in a way that the permission does not contain any reference to the observance of the waiting period by them? Likewise, if even after the revelation of the Command, "and you also should not hold back unbelieving women in marriage the pagan wives of the Muslim emigrants had continued to be their wives, they also would have been commanded to divorce them. But there is no reference here to this either. No doubt, it is correct that after the revelation of this verse, Hadrat `Umar and Hadrat Talhah and some other Emigrants had divorced their wives, but this is no proof that such a thing was at aII necessary, and their severing of the marital relationship with those wives depended on their pronouncing divorce on them, and if they had not pronounced the divorce, the wives would have continued to be their legal wives.
In response to this, three events of the Holy Prophet's time arc quoted as precedents, which arc regarded as a proof that even after the revelation these verses the Holy prophet (upon whom be Allah's peace), in spite of the separation of abode, allowed the marriage relationship to continue between the believing and the unbelieving spouses. The first event .is - this, A little before the conquest of Makkah, Abu Sufyan visited the Islamic army at Marr az-Zahran (present Wadi Fatimah) and accepted Islam, and his wife, Hind, remained a pagan in Makkah. Then Hind accepted Islam after the conquest of Makkah, and the Holy Prophet (upon whom be peace) ruled that their previous marriage would continue to be valid. The second event is that after the conquest of Makkah, `Ikrimah bin Abu Jahl and Hakim bin Hizam fled Makkah and in their absence the wives of both became Muslims Then they sought the Holy Prophet's protection for their husbands and went and brought them back. Both the men come before the Holy Prophet and accepted Islam and in their case too he held their previous marriages as valid. The third event relates to the Holy Prophet's own daughter, Hadrat Zainab, who emigrated to Madinah and her husband, Abul-'As, was left an infidel in Makkah. About him Musnad Ahmad, Abu Da'ud, Tirmidhi and Ibn Majah contain a tradition on the authority of Ibn `Abbas, saying that he came to Madinah in A.H. 8 and became a Muslim, and the Holy Prophet allowed his daughter to continue in marriage with him, without renewal of marriage. But the first two of these events, in fact, do not come under the definition of the difference of abode. For the difference of abode does not mean a person's .temporarily leaving one place for another, or his fleeting to another place, but the difference takes place only in case a person emigrates from one place and settles down in another place and the difference of nationality takes place between him and his wife. As for the event relating to Hadrat Zainab (may Allah bless her), there arc two traditions, one related on the authority of Ibn `Abbas, as referred to above, and the other related by Imam Ahmad, Tirmidhi and Ibn Majah on the authority of Hadrat 'Abdullah bin 'Amr bin `As. In this second tradition it has been stated that the Holy Prophet (upon whom be Allah's peace) allowed his daughter to continue as the wife of Abul-'As after renewal of the marriage, and with a fresh dower. Thus, in the first place, this precedent, due to the difference in reporting, no longer remains a definite argument with those who deny the legal effect of the separation of abode. Secondly, if they insist on the authenticity of Ibn `Abbas's tradition, it contradicts their own viewpoint. For, according to their viewpoint, the marriage of the spouses between whom difference of religion takes place and who have consummated their marriage remains valid only until three menstruations. In the meantime if the other party also accepts Islam the marriage continues to be valid, otherwise it dissolves automatically as soon as the third menstrual course starts. But in the case of Hadrat Zainab from which they take their argument, the difference of religion between the spouses had taken place several years earlier. Abul-'As had affirmed the faith six years after Hadrat Zainab's emigration, and at least two years before his conversion to Islam the injunction had been revealed' in the Qur'an, according to which the Muslim woman had been forbidden for the pagans. (4) The fourth case is of apostasy. Its one form is that both the husband and the wife should become apostates together, and the other that one of them becomes an apostate and the other remains a Muslim.
If both the husband and the wife become apostates together, the Shafe'is and the Hanbalis say that their marriage contracted in Islam will dissolve immediately if this happened before consummation, and after the lapse of the waiting period if it happened after consummation. On the contrary, the Hanafis hold the view that. although according to common sense their marriage should dissolve, yet in the time of Hadrat Abu Bakr, when thousands of people became apostates, and then again became Muslims, the Companions did not direct anyone to renew the marriage; therefore, we accept this unanimous decision of the ('companions and admit, contrary to common sense, that in case both the husband and the wife become apostates together, their ' marriages do not dissolve."(AIMabsut; Hedayah; Fath al-Qadir Al-Fiqh 'alal-Madhahib al- Arba'h).
If the husband becomes an apostate and the wife continues to be Muslim, according to the Hanafis and the Malikis, the marriage will dissolve immediately, whether this happens before consummation or after it. But the Shafe'is and the Hanbalis in this connection make a distinction between the two states. If it happens before consummation, the marriage will dissolved immediately, and if it happens after consumation it will endure till the end of the waiting period, In the meantime ii' the person returns to Islam, marriage will continue to hold good, otherwise, on teh expiry of the waiting period, it will be deemed to have dissolved since he became an apostate. That is, the woman will not have to observe another waiting period afresh. AlI the four jurists are agreed that if this happened before consummation, the woman would be entitled to half the dower, and if after consumation to full dower.
And if the woman became an apostate, the old ruling of the Hanafis was that in this case too. marriage would dissolve immediately. But later the scholars of Balkh and Samarkand gave the ruling that in case the woman becomes an apostate, separation does not take place immediately; and by this their object was to discourage the women from adopting this course in order to get rid of their husbands. The Malikis' verdict is somewhat similar. They say that if circumstances testify that the woman adopted this course only as a pretence to win separation from the husband, separation will not take place. The Shafe'is and the Hanbalis say that in case of the woman's turning an apostate too, the law is the same as in case of the husband's turning an apostate. That is, if she became an apostate before consummation, marriage would dissolve immediately and if after consummation, Marriage will endure till the end of the waiting period. If conversion takes place in the meantime marriage will continue to hold good, otherwise it will be deemed to have dissolved since the time of apostasy. There is consensus with regard to the dower. If the woman became an apostate, before consumation she would not be entitled to any dower, and if she adopted apostasy after consummation, she would be entitled to full dower. (AI-Mabsut.' Hedayah; Fath al-Qadlr, AI Mughni; Al-Fiqh alal-Madhahib al-Arb ah).