- عربي - نصوص الآيات عثماني : إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوْلَىٰهُ وَجِبْرِيلُ وَصَٰلِحُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۖ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
- عربى - نصوص الآيات : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ۖ وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ۖ والملائكة بعد ذلك ظهير
- عربى - التفسير الميسر : إن ترجعا (حفصة وعائشة) إلى الله فقد وُجد منكما ما يوجب التوبة حيث مالت قلوبكما إلى محبة ما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من إفشاء سرِّه، وإن تتعاونا عليه بما يسوءه، فإن الله وليه وناصره، وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد نصرة الله أعوان له ونصراء على مَن يؤذيه ويعاديه.
- السعدى : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
{ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } الخطاب للزوجتين الكريمتين من أزواجه صلى الله عليه وسلم عائشة وحفصة رضي الله عنهما، كانتا سببًا لتحريم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه ما يحبه، فعرض الله عليهما التوبة، وعاتبهما على ذلك، وأخبرهما أن قلوبهما قد صغت أي: مالت وانحرفت عما ينبغي لهن، من الورع والأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، واحترامه، وأن لا يشققن عليه، { وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } أي: تعاونا على ما يشق عليه، ويستمر هذا الأمر منكن، { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } أي: الجميع أعوان للرسول، مظاهرون، ومن كان هؤلاء أعوانه فهو المنصور، وغيره ممن يناوئه مخذول وفي هذا أكبر فضيلة وشرف لسيد المرسلين، حيث جعل الباري نفسه [الكريمة]، وخواص خلقه، أعوانًا لهذا الرسول الكريم.
- الوسيط لطنطاوي : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
ثم وجه - سبحانه - بعد ذلك خطابه إلى حفصة وعائشة ، فأمرهما بالتوبة عما صدر منهما .
فقال : ( إِن تَتُوبَآ إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) .
ولفظ ( صَغَتْ ) بمعنى مالت وانحرفت عن الواجب عليهما . يقال صغا فلان يصغو ويصغى صغوا ، إذا مال نحو شىء معين . ويقال : صغت : الشمس ، إذا مالت نحو الغروب ، ومنه قوله - تعالى - : ( ولتصغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة ) وجواب الشرط محذوف ، والتقدير : إن تتوبا إلى الله ، فلتوبتكما موجب أو سبب ، فقد مالت قلوبكما عن الحق ، وانحرفت عما يجب عليكما نحو الرسول - صلى الله عليه وسلم - من كتمان لسره ، ومن حرص على راحته ، ومن احترام لكل تصرف من تصرفاته .
. . وجاء الخطاب لهما على سبيل الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ، مبالغة فى المعاتبة ، فإن المبالغ فى ذلك يوجه الخطاب إلى من يريد معاتبته مباشرة .
وقال - سبحانه - ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) بصيغة الجمع للقلوب ، ولم يقل قلبا كما بالتثنية ، لكراهة اجتماع تثنيتين فيما هو كالكلمة الواحدة ، مع ظهور المراد ، وأمن اللبس .
ثم ساق - سبحانه - ما هو أشد فى التحذير والتأديب فقال : ( إِن تَتُوبَآ إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) .
وقوله ( تَظَاهَرَا ) أصله تتظاهرا فحذفت إحدى التاءين تخفيفا . والمراد بالتظاهر : التعاون والتآزر ، يقال : ظاهر فلان فلانا إذا أعانه على ما يريده ، وأصله من الظهر ، لأن من يعين غيره فكأنه يشد ظهره ، ويقوى أمره
قال - تعالى - : ( إِلاَّ الذين عَاهَدتُّم مِّنَ المشركين ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فأتموا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلى مُدَّتِهِمْ ) وجواب الشرط - أيضا - محذوف - أى : وإن تتعاونا عليه بما يزعجه ، ويغضبه ، من الإفراط فى الغيرة ، وإفشاء سره . فلا يعدم ناصرا ولا معينا بل سيجد الناصر الذى ينصره عليكما ، فإن الله - تعالى - ( هُوَ مَوْلاَهُ ) أى : ناصره ومعينه ( وَجِبْرِيلُ ) كذلك ناصره ومعينه عليكما .
( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) أى : وكذلك الصالحون من المؤمنين من أنصاره وأعوانه .
( وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) أى : والملائكة بعد نصر الله - تعالى - له ، وبعد نصر جبريل وصالح المؤمنين له ، مؤيدونه ومناصرونه وواقفون فى صفه ضدكما .
وفى هذه الآية الكريمة أقوى ألوان النصر والتأييد للرسول - صلى الله عليه وسلم - وأسمى ما يتصوره الإنسان من تكريم الله - تعالى - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ومن غيرته - عز وجل - عليه ، ومن دفاعه عنه - صلى الله عليه وسلم - .
وفيها تعريض بأن من يحاول إغضاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن لا يكون من صالح المؤمنين .
وقوله : ( وَجِبْرِيلُ ) مبتدأ ، وقوله : ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ ) معطوف عليه .
وقوله : ( بَعْدَ ذَلِكَ ) متعلق بقوله ( ظَهِيرٌ ) الذى هو خبر عن الجميع .
وقد جاء بلفظ المفرد ، لأن صيغة فعيل يستوى فيها الواحد وغيره . فكأنه - تعالى - قال : الجمع بعد ذلك مظاهرون له ، واختير الإفراد للإشعار بأنهم جميعا كالشىء الواحد فى تأييده ونصرته ، وبأنهم يد واحدة على من يعاديه .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : قوله : ( بَعْدَ ذَلِكَ ) تعظيم للملائكة ومظاهرتهم ، وقد تقدمت نصرة الله وجبريل وصالح المؤمنين ، ونصرة الله - تعالى - أعظم وأعظم؟
قلت : مظاهرة الملائكة من جملة نصرة الله ، فكأنه فضل نصرته - تعالى - بهم وبمظاهرتهم على غيرها من وجوه نصرته ، لفضلهم . . " .
وخص جبريل بالذكر مع أنه من الملائكة ، للتنويه بمزيد فضله ، فهو أمين الوحى ، والمبلغ عن الله - تعالى - إلى رسله .
هذا ، ومما يدل على أن الخطاب فى قوله - تعالى - : ( إِن تَتُوبَآ إِلَى الله ) ، لحفصة وعائشة ، ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن ابن عباس أنه قال : لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله - تعالى - فيهما : ( إِن تَتُوبَآ إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) .
فلما كان ببعض الطريق . . . قلت : يا أمير المؤمنين ، من المرأتان من أزواج النبى - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله تعالى - فيهما : ( إِن تَتُوبَآ إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) .
فقال عمر : واعجبا لك يا ابن عباس . . . هما حفصة وعائشة .
- البغوى : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
( إن تتوبا إلى الله ) أي من التعاون على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإيذاء . يخاطب عائشة وحفصة ( فقد صغت قلوبكما ) أي زاغت ومالت عن الحق واستوجبتما التوبة . قال ابن زيد : مالت قلوبهما بأن سرهما ما كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اجتناب جاريته .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن عبد الله بن عباس قال : لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله تعالى لهما : " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " حتى حج وحججت معه وعدل وعدلت معه بإداوة ، فتبرز ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضأ فقلت له : يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله تعالى لهما : " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " ؟ فقال : واعجبا لك يا ابن عباس هما عائشة وحفصة .
ثم استقبل عمر الحديث يسوقه فقال : إني كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد ، وهي من عوالي المدينة ، وكنا نتناوب النزول على النبي - صلى الله عليه وسلم - فينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك .
وكنا معشر قريش نغلب النساء ، فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصخبت علي امرأتي فراجعتني فأنكرت أن تراجعني فقالت : ولم تنكر أن أراجعك ! فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه ، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل . فأفزعني وقلت : خاب من فعل ذلك منهن .
ثم جمعت علي ثيابي [ فنزلت ] فدخلت على حفصة ، فقلت لها : أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي - صلى الله عليه وسلم - اليوم حتى الليل ؟ قالت : نعم ، فقلت : خبت وخسرت ، أفتأمنين أن يغضب الله تعالى لغضب رسوله فتهلكي لا تستكثري للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه وسليني ما بدا لك ، ولا يغرنك أن كانت [ جارتك ] [ أوضأ ] منك وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة - .
قال عمر : وكنا تحدثنا أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته فرجع إلينا عشاء فضرب بابي ضربا شديدا وقال : أثم هو ؟
ففزعت فخرجت إليه فقال : قد حدث اليوم أمر عظيم ؟ فقلت : ما هو أجاء غسان ! قال : لا بل أعظم منه وأهول ، طلق النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه . فقلت : قد خابت حفصة وخسرت كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون .
فجمعت علي ثيابي وصليت صلاة الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشربة فاعتزل فيها فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي ، فقلت : ما يبكيك ألم أكن حذرتك ؟ أطلقكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟
قالت : لا أدري ها هو ذا معتزل في المشربة . فجئت إلى المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم ، فجلست معهم قليلا ثم غلبني ما أجد ، فجئت المشربة التي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت لغلام له أسود : استأذن لعمر ، فدخل فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع فقال : كلمت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرتك له فصمت ، فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ، ثم غلبني ما أجد فجئت فقلت إلى الغلام فقلت : استأذن فاستأذن ثم رجع إلي فقال : قد ذكرتك له فصمت [ فرجعت فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ، ثم غلبني ما أجد فجئت الغلام فقلت : استأذن لعمر ، فاستأذن ثم رجع إلي فقال : قد ذكرتك له فصمت ] .
فلما وليت منصرفا قال إذا الغلام يدعوني فقال : قد أذن لك النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئا على وسادة من أدم حشوها ليف ، فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم : يا رسول الله أطلقت نساءك ؟ فرفع إلي بصره فقال : لا ، فقلت : الله أكبر . ثم قلت وأنا قائم أستأنس : يا رسول الله لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم ، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قلت : يا رسول الله لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لها : لا يغرنك أن كانت جارتك [ أوضأ ] منك وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة - فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - تبسمة أخرى ، فجلست حين رأيته يبتسم فرفعت بصري في بيته ، فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة ، فقلت يا رسول الله ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم قد وسع عليهم وأعطوا من الدنيا وهم لا يعبدون الله .
فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان متكئا فقال : " أو في هذا أنت يا ابن الخطاب ؟ إن أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا " .
فقلت : يا رسول الله استغفر لي .
فاعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة تسعا وعشرين ليلة ، وكان قال : ما أنا بداخل عليهن شهرا - من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله - عز وجل -
فلما مضت تسع وعشرون ليلة ، دخل على عائشة رضي الله عنها فبدأ بها فقالت له عائشة : يا رسول الله إنك كنت أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة أعدها عدا ! فقال : الشهر تسع وعشرون ، وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة .
قالت عائشة : ثم أنزل الله التخيير فبدأ بي أول امرأة من نسائه ، فاخترته ثم خير نساءه كلهن فقلن مثل ما قالتعائشة .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن الزهري ، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه فبدأ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني ذاكر لك أمرا فلا عليك [ أن لا تعجلي ] حتى تستأمري أبويك ، وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه قالت ثم قال إن الله قال : " يا أيها النبي قل لأزواجك " إلى تمام الآيتين ، فقلت : أو في هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني زهير بن حرب ، حدثنا عمر بن يونس الحنفي ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن سماك [ بن زميل ] حدثنا عبد الله بن عباس ، حدثني عمر بن الخطاب قال : لما اعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه وذكر الحديث . وقال : دخلت عليه فقلت : يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء ؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك . وقلما تكلمت - وأحمد الله تعالى - بكلام إلا رجوت أن الله يصدق قولي الذي أقول ، ونزلت هذه الآية : " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن " . " وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " .
قوله : ( وإن تظاهرا عليه ) أي تتظاهرا وتتعاونا على أذى النبي - صلى الله عليه وسلم - . قرأ أهل الكوفة بتخفيف الظاء ، والآخرون بتشديدها .
( فإن الله هو مولاه ) أي وليه وناصره : ( وجبريل وصالح المؤمنين ) روي عن ابن مسعود وأبي بن كعب : ( وصالح المؤمنين ) أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قال الكلبي : هم المخلصون الذي ليسوا بمنافقين . ( والملائكة بعد ذلك ظهير ) قال مقاتل : بعد الله وجبريل " وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " أي : أعوان للنبي - صلى الله عليه وسلم - . وهذا من الواحد الذي يؤدي عن الجمع ، كقوله : " وحسن أولئك رفيقا " ( النساء - 69 ) .
- ابن كثير : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
قال الله تعالى "إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما" حتى حج عمر وحججت معه فلما كان ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى "إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما" فقال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس قال الزهري: كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه قال هي عائشة وحفصة قال ثم أخذ يسوق الحديث قال: كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم: قال وكان منزلي في دار أمية بن زيد بالعوالي قال فغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل قال فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت نعم.
قلت: وتهجره إحد اليوم إلى الليل؟ قالت نعم قلت قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا وسليني من مالي ما بدالك ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم - أي أجمل - وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك يريد عائشة قال - وكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك وقال وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي يوما ثم أتى عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه فقال حدث أمر عظيم فقلت وما ذاك أجاءت غسان؟ قال لا بل أعظم من ذلك وأطول طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فقلت قد خابت حفصة وخسرت قد كنت أظن هذا كائنا حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت لا أدري هو هذا معتزل في هذه المشربة فأتيت غلاما له أسود فقلت استأذن لعمر فدخل الغلام ثم خرج إلي فقال له فصمت فانطلقت حتى أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم فجلست عنده قليلا ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني فقال ادخل قد أذن لك فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على رمال حصير- قال الإمام أحمد: وحدثناه يعقوب في حديث صالح قال رمال حصير - وقد أثر في جنبه فقلت: أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إلي وقال "لا" فقلت الله أكبر ولو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فغضبت علي امرأتي يوما فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فقلت قد خاب من فعل ذلك منكن وخسرت أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قد دخلت على حفصة فقلت لا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم أو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فتبسم أخرى فقلت أستأنس يا رسول الله؟ قال "نعم" فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت في البيت شيئا يرد البصر إلا أهب مقامة فقلت أدع الله يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالسا وقال "أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا" فقلت استغفر لي يا رسول الله وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل وقد رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عن الزهري به وأخرجه الشيخان من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجا فخرجت معه فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له قال فوقفت حتى فرغ ثم سرت معه فقلت يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم؟ هذا لفظ البخاري ولمسلم من المرأتان اللتان قال الله تعالى "وإن تظاهرا عليه" قال عائشة وحفصة ثم ساق الحديث بطوله ومنهم من اختصره.
وقال مسلم أيضا حدثني زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس الحنفي ثنا عكرمة بن عمار عن سماك بن الوليد أبي زميل حدثني عبدالله بن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب فقلت لأعلمن ذلك اليوم فذكر الحديث في دخوله على عائشة وحفصة ووعظه إياهما إلى أن قال فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أسكفة المشربة فناديت فقلت يا رباح استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحو ما تقدم - إلى أن قال - فقلت يا رسول الله ما يشق عليك من أمر النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكال وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك وقلما تكلمت - وأحمد الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي.
- القرطبى : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
قوله تعالى : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير
قوله تعالى : إن تتوبا إلى الله يعني حفصة وعائشة ، حثهما على التوبة على ما كان منهما من الميل إلى خلاف محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقد صغت قلوبكما أي زاغت ومالت عن الحق . وهو أنهما أحبتا ما كره النبي صلى الله عليه وسلم من اجتناب جاريته واجتناب العسل ، وكان عليه السلام يحب العسل والنساء . قال ابن زيد : مالت قلوبهما بأن سرهما أن يحتبس عن أم ولده ، فسرهما ما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : فقد مالت قلوبكما إلى التوبة . وقال : فقد صغت قلوبكما ولم يقل : فقد صغى قلباكما ، ومن شأن العرب إذا ذكروا الشيئين ، من اثنين جمعوهما ، لأنه لا يشكل . وقد مضى هذا المعنى في " المائدة " في قوله تعالى : فاقطعوا أيديهما . وقيل : كلما ثبتت الإضافة فيه مع التثنية فلفظ الجمع أليق به ، لأنه أمكن وأخف . وليس قوله : فقد صغت قلوبكما جزاء للشرط ، لأن هذا الصغو كان سابقا ، فجواب الشرط محذوف للعلم به . أي إن تتوبا كان خيرا لكما ، إذ قد صغت قلوبكما .
قوله تعالى : وإن تظاهرا عليه أي تتظاهرا وتتعاونا على النبي صلى الله عليه وسلم بالمعصية والإيذاء . وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال : مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له ، حتى خرج حاجا فخرجت معه ، فلما رجع فكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له ، فوقفت حتى فرغ ، ثم سرت معه فقلت : يا أمير المؤمنين ، من اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه ؟ فقال : تلك حفصة وعائشة . قال : فقلت له : والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك . قال : فلا تفعل ، ما ظننت أن عندي من علم فسلني عنه ، فإن كنت أعلمه أخبرتك . . . وذكر الحديث .
فإن الله هو مولاه أي وليه وناصره ، فلا يضره ذلك التظاهر منهما .
وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير قال عكرمة وسعيد بن جبير : أبو بكر وعمر ، لأنهما أبوا عائشة وحفصة ، وقد كانا عونا له عليهما . وقيل : صالح المؤمنين علي رضي الله عنه . وقيل : خيار المؤمنين . وصالح : اسم جنس كقوله تعالى : والعصر إن الإنسان لفي خسر ، قاله الطبري . وقيل : صالح المؤمنين هم الأنبياء ، قاله العلاء بن زيادة وقتادة وسفيان . وقال ابن زيد : هم الملائكة . السدي : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : صالح المؤمنين ليس لفظ الواحد وإنما هو صالحو المؤمنين : فأضاف الصالحين إلى المؤمنين ، وكتب بغير واو على اللفظ لأن لفظ الواحد والجمع واحد فيه . كما جاءت أشياء في المصحف متنوع فيها حكم اللفظ دون وضع الخط . وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال : حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه - وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب - فقال عمر : فقلت لأعلمن ذلك اليوم ، قال : فدخلت على عائشة فقلت : يا بنت أبي بكر ، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقالت : مالي ومالك يا ابن الخطاب ! عليك بعيبتك ! قال : فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لها : يا حفصة ، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ! والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك ، ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبكت أشد البكاء ، فقلت لها : أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : هو في خزانته في المشربة . فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب ، وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر . فناديت : يا رباح ، استأذن لي عندك على رسول الله ، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا . ثم قلت : يا رباح ، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا . ثم رفعت صوتي فقلت : يا رباح ، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة ، والله لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها ، ورفعت صوتي فأومأ إلي أن ارقه ; فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير ، فجلست فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره ; وإذا الحصير قد أثر في جنبه ، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع ، ومثلها قرظا في ناحية الغرفة ; وإذا أفيق معلق - قال - فابتدرت عيناي . قال : " ما يبكيك يا ابن الخطاب ؟ " قلت : يا نبي الله ، ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك ، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى ! وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته ، وهذه خزانتك ! فقال : " يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا " . قلت : بلى . قال : ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب ، فقلت : يا رسول الله ، ما يشق عليك من شأن النساء ; فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل ، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك . وقلما تكلمت - وأحمد الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله عز وجل يصدق قولي الذي أقول ، ونزلت هذه الآية ، آية التخيير : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن . وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير . وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : يا رسول الله ، أطلقتهن ؟ قال : " لا " . قلت : يا رسول الله ، إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن ؟ قال : " نعم إن شئت " . فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه ، وحتى كشر فضحك ، وكان من أحسن الناس ثغرا . ثم نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ونزلت ; فنزلت أتشبث بالجذع ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده . فقلت : يا رسول الله ، إنما كنت في الغرفة تسعا وعشرين . قال : " إن الشهر يكون تسعا وعشرين " فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي : لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه . ونزلت هذه الآية : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم . فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر ; وأنزل الله آية التخيير .
قوله تعالى : وجبريل فيه لغات تقدمت في سورة " البقرة " . ويجوز أن يكون معطوفا على " مولاه " والمعنى : الله وليه وجبريل وليه ; فلا يوقف على مولاه ويوقف على جبريل ويكون " وصالح المؤمنين " مبتدأ والملائكة معطوفا عليه . و " ظهير " خبرا ; وهو بمعنى الجمع . وصالح المؤمنين أبو بكر ; قاله المسيب بن شريك . وقال سعيد بن جبير : عمر . وقال عكرمة : أبو بكر وعمر . وروى شقيق عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى : فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين قال : إن صالح المؤمنين أبو بكر وعمر . وقيل : هو علي . عن أسماء بنت عميس قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : وصالح المؤمنين علي بن أبي طالب . وقيل غير هذا مما تقدم القول فيه . ويجوز أن يكون وجبريل مبتدأ وما بعده معطوفا عليه . والخبر ظهير وهو بمعنى الجمع أيضا . فيوقف على هذا على مولاه . ويجوز أن يكون جبريل وصالح المؤمنين معطوفا على مولاه فيوقف على المؤمنين ويكون والملائكة بعد ذلك ظهير ابتداء وخبرا . ومعنى " ظهير " أعوان . وهو بمعنى ظهراء ; كقوله تعالى : وحسن أولئك رفيقا . وقال أبو علي : قد جاء فعيل للكثرة كقوله تعالى : ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم وقيل : كان التظاهر منهما في التحكم على النبي صلى الله عليه وسلم في النفقة ، ولهذا آلى منهن شهرا واعتزلهن . وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال : دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم ، قال : فأذن لأبي بكر فدخل ، ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له ، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا - قال - فقال : لأقولن شيئا أضحك النبي صلى الله عليه وسلم ; فقال : يا رسول الله ، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها ; فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " هن حولي كما ترى يسألنني النفقة " . فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها ، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها ; كلاهما يقول : تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده ! فقلن : والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده . ثم اعتزلهن شهرا أو تسعا وعشرين . ثم نزلت عليه هذه الآية : يا أيها النبي قل لأزواجك حتى بلغ للمحسنات منكن أجرا عظيما الحديث . وقد ذكراه في سورة " الأحزاب " .
- الطبرى : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
يقول تعالى ذكره: إن تتوبا إلى الله أيتها المرأتان فقد مالت قلوبكما إلى محبة ما كرهه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من اجتنابه جاريته، وتحريمها على نفسه، أو تحريم ما كان له حلالا مما حرّمه على نفسه بسبب حفصة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) يقول: زاغت قلوبكما، يقول: قد أثمت قلوبكما.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مجاهد، قال: كنا نرى أن قوله: ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) شيء هين، حتى سمعت قراءة ابن مسعود ( إن تَتُوبَا إِلى اللهِ فَقَدْ زَاغَتْ قُلُوبُكُمُا ).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) : أي مالت قلوبكما.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن قتادة ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) مالت قلوبكما.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) يقول: زاغت.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) قال: زاغت قلوبكما.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد، قال الله عزّ وجلّ: ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) قال: سرهما أن يجتنب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جاريته، وذلك لهما موافق ( صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) إلى أن سرّهما ما كره رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
وقوله: ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ ) يقول تعالى ذكره للتي أسرّ إليها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حديثه، والتي أفشت إليها حديثه، وهما عائشة وحفصة رضي الله عنهما.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، اللتين قال الله جلّ ثناؤه: ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) قال: فحجّ عمر، وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل عمر، وعدلت معه بإداوة، ثم أتاني فسكبت على يده وتوضأ فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اللتان قال الله لهما( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) قال عمر: واعجباً لك يا بن عباس، قال الزهري: وكره والله ما سأله ولم يكتم، قال: هي حفصة وعائشة؛ قال: ثم أخذ يسوق الحديث، فقال: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة، ثم ذكر الحديث بطوله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن أشهب، عن مالك، عن أَبي النضر، عن عليّ بن حسين، عن ابن عباس، أنه سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن المتظاهرتين على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: عائشة وحفصة.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد بن حنين أنه سمع ابن عباس يقول: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن المتظاهرتين، فما أجد له موضعًا أسأله فيه، حتى خرج حاجا، وصحبته حتى إذا كان بمرّ الظَّهران ذهب لحاجته، وقال: أدركني بإداوة من ماء؛ فلما قضى حاجته ورجع، أتيته بالإداوة أصبها عليه، فرأيت موضعًا، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان المتظاهرتان على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ فما قضيت كلامي حتى قال: عائشة وحفصة رضي الله عنهما.
حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا ثنا عمر بن يونس، قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: ثنا سماك أَبو زميل، قال: ثني عبد الله بن عباس، قال: ثني عمر بن الخطاب، قال: لما اعتزل نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نساءه، دخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله ما شقّ عليك من شأن النساء، فلئن كنت طلقتهنّ فإن الله معك وملائكته، وجبرائيل وميكائيل، وأنا وأَبو بكر معك، وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام، إلا رجوت أن يكون الله مصدّق قولي، فنـزلت هذه الآية، آية التخيير: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ ، ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) ... الآية، وكانت عائشة ابنة أَبي بكر وحفصة تتظاهران على سائر نساء النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ ) يقول: على معصية النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأذاه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، قال ابن عباس لعمر: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسالك عن أمر وإني لأهابك، قال: لا تهبني، فقال: من اللتان تظاهرتا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ قال: عائشة وحفصة.
وقوله: ( فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) يقول: فإن الله هو وليه وناصره، وصالح المؤمنين، وخيار المؤمنين أيضًا مولاه وناصره.
وقيل: عني بصالح المؤمنين في هذا الموضع: أَبو بكر، وعمر رضي الله عنهما.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ بن الحسن الأزدي، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن عبد الوهاب، عن مجاهد، في قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: أَبو بكر وعمر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك، في قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: خيار المؤمنين أَبو بكر الصدّيق وعمر.
حدثنا إسحاق بن إسرائيل، قال: ثنا الفضل بن موسى السيناني - من قرية بمرو يقال لها سينان - عن عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: أَبو بكر وعمر.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) يقول: خيار المؤمنين.
وقال آخرون: عُنِي بصالح المؤمنين: الأنبياء صلوات الله عليهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: هم الأنبياء.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: هم الأنبياء.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال الأنبياء.
والصواب من القول في ذلك عندي: أن قوله: ( وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) وإن كان في لفظ واحد، فإنه بمعنى الجميع، وهو بمعنى قوله: إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ فالإنسان وإن كان في لفظ واحد، فإنه بمعنى الجميع، وهو نظير قول الرجل: لا تقْريَنّ إلا قارئ القرآن، يقال: قارئ القرآن، وإن كان في اللفظ واحدًا، فمعناه الجمع، لأنه قد أذن لكل قارئ القرآن أن يقريه، واحدًا كان أو جماعة.
وقوله: ( وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) يقول: والملائكة مع جبريل وصالح المؤمنين لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أعوان على من أذاه، وأراد مساءته. والظهير في هذا الموضع بلفظ واحد في معنى جمع. ولو أخرج بلفظ الجميع لقيل: والملائكة بعد ذلك ظهراء.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: وبدأ بصالح المؤمنين ها هنا قبل الملائكة، قال: ( وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) .
- ابن عاشور : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)
التفات من ذكر القصتين إلى موعظة من تعلقت بهما فهو استئناف خطاب وجهه الله إلى حفصة وعائشة لأن إنباء النبي صلى الله عليه وسلم بعلمه بما أفشته القصد منه الموعظة والتحذير والإِرشاد إلى رأْب ما انثلم من واجبها نحو زوجها . وإذ قد كان ذلك إثماً لأنه إضاعة لحقوق الزوج وخاصة بإفشاء سرّه ذكَّرها بواجب التوبة منه .
وخطاب التّثنية عائدة إلى المنبئة والمنأبة فأمّا المنبئة فمعادها مذكور في الكلام بقوله : { إلى بعض أزواجه } [ التحريم : 3 ] .
وأما المنبَّأة فمعادها ضمنيّ لأن فعل { نبأت } [ التحريم : 3 ] يقتضيه فأما المنبَّئة فأمرها بالتوبة ظاهر . وأما المُذاع إليها فلأنها شريكة لها في تلقي الخبر السر ولأن المذيعة ما أذاعت به إليها إلا لعلمها بأنها ترغب في تطلع مثل ذلك فهاتان موعظتان لمذيع السرّ ومشاركة المذاع إليه في ذلك وكان عليها أن تنهاها عن ذلك أو أن تخبر زوجها بما أذاعته عنه ضرتها .
و { صَغت } : مالت ، أي مالت إلى الخير وحق المعاشرة مع الزوج ، ومنه سمي سماع الكلام إصغاء لأن المستمع يُميل سمعه إلى من يكلمه ، وتقدم عند قوله تعالى : { ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة } في سورة [ الأنعام : 113 ] . وفيه إيماء إلى أن فيما فعَلَتَاه انحرافاً عن أدب المعاشرة الذي أمر الله به وأن عليهما أن تتوبا مما صنعتاه ليقع بذلك صلاح ما فسد من قلوبهما .
وهذان الأدَبَان الثامن والتاسع من الآداب التي اشتملت عليها هذه الآيات .
والتوبة : الندم على الذنب ، والعزم على عدم العودة إليه وسيأتي الكلام عليها في هذه السورة .
وإذْ كان المخاطب مثنَّى كانت صيغة الجمع في ( قلوب ) مستعملة في الاثنين طلباً لخفة اللفظ عند إضافته إلى ضمير المثنى كراهية اجتماع مثنيين فإن صيغة التثنية ثقيلة لقلة دورانها في الكلام . فلما أُمن اللبس ساغ التعبير بصيغة الجمع عن التثنية .
وهذا استعمال للعرب غير جار على القياس . وذلك في كل اسم مثنى أضيف إلى اسم مثنى فإن المضاف يصير جمعاً كما في هذه الآية وقول خطام المجُاشعي
: ... ومَهمهين قَذَفين مَرْتَيْنْ
ظهراهما مثلُ ظُهور التُرسين ... وأكثر استعمال العرب وأفصحه في ذلك أن يعبروا بلفظ الجمع مضافاً إلى اسم المثنى لأن صيغة الجمع قد تطلق على الاثنين في الكلام فهما يتعاوران . ويقلّ أن يؤتى بلفظ المفرد مضافاً إلى الاسم المثنى . وقال ابن عصفور : هو مقصور على السماع .
وذكر له أبو حيّان شاهداً قول الشاعر
: ... حمامةَ بطننِ الواديين ترنّمي
سقاك من الغُرّ الغوادي مطيرها ... وفي التسهيل } : ترجيح التعبير عن المثنى المضاففِ إلى مثنى باسممٍ مفرد ، على التعبير عنه بلفظ المثنى . وقال أبو حيّان في «البحر المحيط» : إن ابن مالك غلط في ذلك . قلت : وزعم الجاحظ في كتاب «البيان والتبيين» ، أن قول القائل : اشترِ رأسَ كبشين يريد رأسَيْ كبشين خطأ .
قال : لأن ذلك لا يكون اه . وذلك يؤيد قول ابن عصفور بأن التعبير عن المضاففِ المثنى بلفظ الإِفراد مقصور على السماع ، أي فلا يصار إليه . وقيّد الزمخشري في «المفصل» هذا التعبير بقيد أن لا يكون اللفظان متصلين . فقال : «ويُجعل الاثنان على لفظ جمع إذا كانا متصلين كقوله : { فقد صغت قلوبكما } ولم يقولوا في المنفصلين : أفراسهما ولا غلمانهما . وقد جاء وضَعا رحالهما» . فخالف إطلاق ابن مالك في «التسهيل» وطريقة صاحب «المفصل» أظهر .
وقوله : { وإن تظّاهرا عليه } هو ضد { إن تتوبا } أي وإن تصرّا على العود إلى تألبكما عليه فإن الله مولاه الخ .
والمظاهرة : التعاون ، يقال : ظاهره ، أي أيده وأعانه . قال تعالى : { ولم يظاهروا عليكم أحداً } في سورة [ براءة : 4 ] . ولعلّ أفعال المظاهر ووصف ظهير كلها مشتقة من الاسم الجامد ، وهو الظَّهر لأن المعين والمؤيد كأنه يشد ظَهر من يعينه ولذلك لم يسمع لهذه الأفعال الفرعية والأوصاف المتفرعة عنها فعل مجرد . وقريب من هذا فعل عَضَد لأنهم قالوا : شَد عضده .
وأصل تظّاهرا } تتظاهرا فقلبت التاء ظاء لقرب مخرجيها وأدغمت في ظاء الكلمة وهي قراءة الجمهور . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي { تَظَاهرا } بتخفيف الظاء على حذف إحدى التاءين للتخفيف .
{ وصالحُ } مفرد أريد به معنى الفريق الصالح أو الجنس الصالح من المؤمنين كقوله تعالى : { فمنهم مهتد } [ الحديد : 26 ] . والمراد ب { صالح المؤمنين } المؤمنون الخالصون من النفاق والتردد .
وجملة { فإن الله هو مولاه } قائمة من مقام جواب الشرط معنى لأنها تفيد معنى يتولّى جزاءكما على المظاهرة عليه ، لأن الله مولاه . وفي هذا الحذف مجال تذهب فيه نفس السامع كل مذهب من التهويل .
وضمير الفصل في قوله : { هو مولاه } يفيد القصر على تقدير حصول الشرط ، أي إن تظاهرتما متناصرتين عليه فإن الله هو ناصره لا أنتما ، أي وبطل نصركما الذي هو واجبكما إذْ أخللتما به على هذا التقدير . وفي هذا تعريف بأن الله ناصر رسولَه صلى الله عليه وسلم لئلا يقع أحد من بعد في محاولة التقصير من نصره .
فهذا المعنى العاشر من معاني الموعظة والتأديب التي في هذه الآيات .
وعطفُ { وجبريل وصالح المؤمنين } في هذا المعنى تنويه بشأن رسول الوحي من الملائكة وشأن المؤمنين الصالحين . وفيه تعريض بأنهما تكونان ( على تقدير حصول هذا الشرط ) من غير الصالحين .
وهذان التنويهان هما المعنيان الحادي عشر والثاني عشر من المعاني التي سبقت إشارتي إليها .
وقوله : { والملائكة بعد ذلك ظهير } عطف جملةٍ على التي قبلها ، والمقصود منه تعظيم هذا النصر بوفرة الناصرين تنويهاً بمحبة أهل السماء للنبيء صلى الله عليه وسلم وحسننِ ذكره بينهم فإن ذلك مما يزيد نصر الله إياه شأناً .
وفي الحديث «إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني قد أحببت فلاناً فأحِبَّه فيحبُّه جبريل ثم ينادي جبريلُ في أهل السماء إن الله قد أحب فلاناً فأحِبُّوه فيحبُّه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض» .
فالمراد بأهل الأرض فيه المؤمنون الصالحون منهم لأن الذي يحبه الله يحبّه لصلاحه والصالح لا يحبّه أهل الفساد والضلال . فهذه الآية تفسيرها ذلك الحديث .
وهذا المعنى الثالث عشر من معاني التعليم التي حوتها الآيات .
وقوله : { بعد ذلك } اسم الإِشارة فيه للمذكور ، أي بعد نصر الله وجبريل وصالح المؤمنين .
وكلمة { بعد } هنا بمعنى ( مع ) فالبَعدية هنا بَعدية في الذّكر كقوله : { عتل بعد ذلك زنيم } [ القلم : 13 ] .
وفائدة ذكر الملائكة بعد ذكر تأييد الله وجبريل وصالح والمؤمنين أن المذكورين قبلهم ظاهره آثار تأييدهم بوحي الله للنبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل ونصره إياه بواسطة المؤمنين فنبه الله المرأتين على تأييد آخر غيرِ ظاهرة آثاره وهو تأييد الملائكة بالنصر في يوم بدر وغير النصر من الاستغفار في السماوات ، فلا يتوهم أحد أن هذا يقتضي تفضيل نصرة الملائكة على نصرة جبريل بَلْه نصرة الله تعالى .
و { ظهير } وصف بمعنى المظاهر ، أي المؤيد وهو مشتقّ من الظهر ، فهو فعيل بمعنى مفاعل مثل حكيم بمعنى محكم كما تقدم آنفاً في قوله : { وإن تظاهرا عليه } ، وفعيل الذي ليس بمعنى مفعول أصله أن يطابق موصوفه في الإِيراد وغيره فإن كان هنا خبراً عن الملائكة كما هو الظاهر كان إفراده على تأويل جمع الملائكة بمعنى الفَوج المظاهر أو هو من إجراء فعيل الذي بمعنى فاعل مجرى فعيل بمعنى مفعول . كقوله تعالى : { إن رحمة الله قريب من المحسنين } [ الأعراف : 56 ] ، وقوله : { وكان الكافر على ربه ظهيراً } [ الفرقان : 55 ] وقوله : { وحسن أولئك رفيقاً } [ النساء : 69 ] ، وإن كان خبراً عن جبريل كان { صالح المؤمنين والملائكة } عطفاً على جبريل وكان قولُه { بعد ذلك } حالاً من الملائكة .
وفي الجمع بين { أظهره الله عليه } [ التحريم : 3 ] وبين { وإن تظاهرا عليه } وبين { ظهير } تجنيسات .
- إعراب القرآن : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
«إِنْ تَتُوبا» حرف شرط جازم ومضارع مجزوم لأنه فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون والألف فاعل «إِلَى اللَّهِ» متعلقان بالفعل والجملة ابتدائية لا محل لها «فَقَدْ» الفاء حرف تعليل «قد صَغَتْ» حرف تحقيق وماض «قُلُوبُكُما» فاعله وجواب الشرط محذوف وجملة صغت تعليل لا محل لها ومعنى صغت : مالت «وَإِنْ» الواو حرف عطف «إِنْ تَظاهَرا» معطوف على إن تتوبا وجواب الشرط محذوف تقديره يجد ناصرا «عَلَيْهِ» متعلقان بالفعل ، «فَإِنَّ» الفاء حرف تعليل «إن اللَّهِ» إن واسمها «هُوَ» ضمير فصل «مَوْلاهُ» خبر إن والجملة الاسمية تعليلية لا محل لها ، «وَجِبْرِيلُ» مبتدأ «وَصالِحُ» معطوف على جبريل «الْمُؤْمِنِينَ» مضاف إليه «وَالْمَلائِكَةُ» مبتدأ «بَعْدَ ذلِكَ» ظرف زمان مضاف إلى اسم الإشارة «ظَهِيرٌ» خبر لما سبق.
- English - Sahih International : If you two [wives] repent to Allah [it is best] for your hearts have deviated But if you cooperate against him - then indeed Allah is his protector and Gabriel and the righteous of the believers and the angels moreover are [his] assistants
- English - Tafheem -Maududi : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ(66:4) If the two of you turn in repentance to Allah (that is better for you), for the hearts of both of you have swerved from the Straight Path. *7 But if you support one another against the Prophet, *8 then surely Allah is his Protector; and after that Gabriel and all righteous believers and the angels are all his supporters. *9
- Français - Hamidullah : Si vous vous repentez à Allah c'est que vos cœurs ont fléchi Mais si vous vous soutenez l'une l'autre contre le Prophète alors ses alliés seront Allah Gabriel et les vertueux d'entre les croyants et les Anges sont par surcroît [son] soutien
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Wenn ihr beide euch in Reue zu Allah umkehrt - so werden eure Herzen sich ja der Aufrichtigkeit zuneigen - Und wenn ihr einander gegen ihn beisteht so ist Allah sein Schutzherr; und Gibril die Rechtschaffenen von den Gläubigen und die Engel werden darüber hinaus ihm Beistand sein
- Spanish - Cortes : Si os volvéis ambas arrepentidas a Alá es señal de que vuestros corazones han cedido Si al contrario os prestáis ayuda en contra de él entonces Alá es su Protector Y le ayudarán Gabriel los buenos creyentes y además los ángeles
- Português - El Hayek : Se vós ambas voltardes arrependidas a Deus os vossos corações inclinarseão para isso; porém se confabulardescontra ele sabei que Deus é o seu Protetor bem como Gabriel os virtuosos dentre os fiéis e os anjos serão os seus socorredores
- Россию - Кулиев : Если вы обе покаетесь перед Аллахом то ведь ваши сердца уже уклонились в сторону Если же вы станете поддерживать друг друга против него то ведь ему покровительствует Аллах а Джибрил Гавриил и праведные верующие являются его друзьями А кроме того ангелы помогают ему
- Кулиев -ас-Саади : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
Если вы обе покаетесь перед Аллахом, то ведь ваши сердца уже уклонились в сторону. Если же вы станете поддерживать друг друга против него, то ведь ему покровительствует Аллах, а Джибрил (Гавриил) и праведные верующие являются его друзьями. А кроме того, ангелы помогают ему.Этими словами Всевышний обратился к двум благородным женам посланника Аллаха - Хафсе и Аише, потому что именно они послужили поводом к тому, что он поклялся Аллахом отказаться от того, что ему любо. Аллах предложил им покаяться и упрекнул их за то, что они совершили. Он сказал, что их сердца отклонились от истины, то есть от надлежащих богобоязненности и благонравия. Жены Пророка были обязаны учтиво обходиться с ним, почитать его, уважать его пожелания и ни в коем случае не стеснять его своими прихотями. Если же вы станете упорствовать и поддерживать друг друга и постараетесь обременить его, то помните, что ему покровительствует Аллах, а Джибрил и праведные верующие - друзья ему. Даже ангелы служат ему помощниками. Все они помогают посланнику Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, и содействуют ему. Воистину, человек с такой поддержкой непременно одержит верх над своими врагами, а всякий, кто пожелает воспротивиться ему, будет унижен. Таким образом, сам Всевышний Создатель обязал себя и свои избранные творения помогать благородному Пророку Мухаммаду, да благословит его Аллах и приветствует, и это - величайшая честь, оказанная ему. Кроме того, в этом аяте отчетливо выражено предупреждение, обращенное к двум благородным женам Посланника, да благословит его Аллах и приветствует. Поэтому далее Аллах пригрозил им разводом, который, как известно, является самым тяжелым и неприятным шагом в жизни женщины.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey Peygamber'in eşleri Eğer ikiniz de Allah'a tevbe ederseniz kaymış olan kalpleriniz düzelmiş olur Eğer eşinizin aleyhinde yardımlaşarak bir şey yapmağa kalkarsanız bilin ki Allah onun dostu bundan başka Cebrail iyi müminler ve melekler de yardımcısıdır
- Italiano - Piccardo : Se entrambe ritornerete ad Allah è segno che i vostri cuori si sono pentiti; se invece vi sosterrete a vicenda contro il Profeta [sappiate] allora che il suo Padrone è Allah e che Gabriele e i devoti tra i credenti e gli angeli saranno il suo sostegno
- كوردى - برهان محمد أمين : بۆیه خوا گهوره پێیان دهفهرموێت ئهگهر ههردووکتان داوای تهوبه و پهشیمانی بکهن و بگهڕێنهوه بۆ لای خوا ئهوه باشه چونکه دڵهکانتان لهخشته چوو بوو و ترازا بوو خۆ ئهگهر پشتی یهکتر بگرن دژ به پێغهمبهر صلی الله علیه وسلم ئهوه چاک بزانن که خوا خۆی یاریدهدهرێتی و ههروهها جوبرهئیل و ئیمانداره چاکهکان فریشتهکانیش لهوهودوا پشتیوانن بۆی
- اردو - جالندربرى : اگر تم دونوں خدا کے اگے توبہ کرو تو بہتر ہے کیونکہ تمہارے دل کج ہوگئے ہیں۔ اور اگر پیغمبر کی ایذا پر باہم اعانت کرو گی تو خدا اور جبریل اور نیک کردار مسلمان ان کے حامی اور دوستدار ہیں۔ اور ان کے علاوہ اور فرشتے بھی مددگار ہیں
- Bosanski - Korkut : Ako vas dvije učinite pokajanje Allahu pa – vi ste bile učinile ono zbog čega ste se trebale pokajati A ako se protiv njega udružite pa – Allah je zaštitnik njegov i Džibril i čestiti vjernici; najposlije i svi meleki će mu na pomoći biti
- Swedish - Bernström : [Det är bäst för er båda] att ni vänder åter till Gud i ånger över [ert handlingssätt] eftersom era hjärtan har avvikit [från pliktens väg] Om ni gör gemensam sak mot honom [bör ni veta att] Gud är hans Beskyddare och att därför också Gabriel och de främsta bland de troende och [alla] änglar står vid hans sida
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Jika kamu berdua bertaubat kepada Allah maka sesungguhnya hati kamu berdua telah condong untuk menerima kebaikan; dan jika kamu berdua bantumembantu menyusahkan Nabi maka sesungguhnya Allah adalah Pelindungnya dan begitu pula Jibril dan orangorang mukmin yang baik; dan selain dari itu malaikatmalaikat adalah penolongnya pula
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ
(Jika kamu berdua bertobat) yakni Siti Hafshah dan Siti Aisyah (kepada Allah, maka sesungguhnya hati kamu berdua telah condong) cenderung untuk diharamkannya Siti Mariyah, artinya, kamu berdua merahasiakan hal tersebut dalam hati kamu, padahal Nabi saw. tidak menyukai hal tersebut, dan hal ini adalah suatu perbuatan yang berdosa. Jawab Syarat dari kalimat ini tidak disebutkan, yakni jika kamu berdua bertobat kepada Allah, maka tobat kamu diterima. Diungkapkan dengan memakai lafal quluubun dalam bentuk jamak sebagai pengganti dari lafal qalbaini, hal ini tiada lain karena dirasakan amat berat mengucapkan dua isim tatsniah yang digabungkan dalam satu lafal (dan jika kamu berdua saling bantu-membantu) lafal tazhaahara artinya bantu-membantu. Menurut qiraat yang lain dibaca tazhzhaharaa bentuk asalnya adalah Tatazhaaharaa, kemudian huruf ta yang kedua diidgamkan ke dalam huruf zha sehingga jadilah tazhzhaaharaa (terhadapnya) terhadap Nabi saw. dalam melakukan hal-hal yang tidak disukainya, yakni membuat susah Nabi saw. (maka sesungguhnya Allah adalah) lafal huwa ini merupakan dhamir fashl (Pelindungnya) maksudnya, yang menolongnya (dan begitu pula Jibril dan orang-orang mukmin yang saleh) seperti Abu Bakar dan Umar r.a. Lafal ini diathafkan secara mahall kepada isimnya inna, yakni begitu pula mereka akan menjadi penolongnya (dan selain dari itu malaikat-malaikat) yaitu sesudah pertolongan Allah dan orang-orang yang telah disebutkan tadi (adalah penolongnya pula) maksudnya mereka semua menjadi penolong Nabi terhadap kamu berdua.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তোমাদের অন্তর অন্যায়ের দিকে ঝুঁকে পড়েছে বলে যদি তোমরা উভয়ে তওবা কর তবে ভাল কথা। আর যদি নবীর বিরুদ্ধে একে অপরকে সাহায্য কর তবে জেনে রেখ আল্লাহ জিবরাঈল এবং সৎকর্মপরায়ণ মুমিনগণ তাঁর সহায়। উপরন্তুত ফেরেশতাগণও তাঁর সাহায্যকারী।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நீங்கள் இருவரும் இதற்காக அல்லாஹ்விடம் தவ்பா செய்வீர்களாயின் அது உங்களுக்கு நலமாகும் ஏனெனில் நிச்சயமாக உங்களிருவரின் இதயங்களும் இவ்விஷயத்தில் கோணிச் சாய்ந்து விட்டன தவிர நீங்கள் இருவரும் அவருக்கெதிராய் ஒருவருக்கொருவர் உதவி செய்து கொண்டால் நிச்சயமாக அல்லாஹ் அவருடைய எஜமானன் அவருக்கு உதவுவான் அன்றியும் ஜிப்ரயீலும் ஸாலிஹான முஃமின்களும் உதவுவார்கள் அதன் பின் மலக்குகளும் அவருக்கு உதவியாளராக இருப்பார்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : หากเจ้าทั้งสองกลับเนื้อกลับตัวขออภัยโทษต่อัลลอฮฺ ก็จะเป็นการดีแก่เจ้าทั้งสอง เพราะแน่นอนหัวใจของเจ้าทั้งสองก็โอนอ่อนอยู่แล้ว แต่หากเจ้าทั้งสองร่วมกันต่อต้านเขา ท่านนะบี แท้จริงอัลลอฮฺ พระองค์เป็นผู้ทรงคุ้มครองเขา อีกทั้งญิบรีล และบรรดาผู้ศรัทธาที่ดี ๆ และนอกจากนั้น มะลาอิกะฮฺก็ยังเป็นผู้ช่วยเหลือสนับสนุนอีกด้วย
- Uzbek - Мухаммад Содик : Агар икковингиз Аллоҳга тавба қилсангиз батаҳқиқ қалбларингиз ҳаққа моил бўлур Агар унга қарши чиқсангиз бас албатта Аллоҳ унинг ёрдамчисидир ва Жаброил ҳам солиҳ мўминлар ҳам Ундан сўнг фаришталар ҳам унга суянчиқдир
- 中国语文 - Ma Jian : 如果你们俩向真主悔罪,(那末,你们俩的悔罪是应当的),因为你们俩的心确已偏向了。如果你们俩一致对付他,那末,真主碓是他的保佑者,吉卜利里和行善的信士,也是他的保护者。此外,众天神是他的扶助者。
- Melayu - Basmeih : Jika kamu berdua bertaubat kepada Allah wahai isteriisteri Nabi maka itulah yang sewajibnya kerana sesungguhnya hati kamu berdua telah cenderung kepada perkara yang menyusahkan Nabi; dan jika kamu berdua saling membantu untuk melakukan sesuatu yang menyusahkannya maka yang demikian itu tidak akan berjaya kerana sesungguhnya Allah adalah Pembelanya; dan selain dari itu Jibril serta orangorang yang soleh dari kalangan orangorang yang beriman dan malaikatmalaikat juga menjadi penolongnya
- Somali - Abduh : Haddaad Eebe u noqotaan inkastoo qalbigiinnu iishay Eebe wuu idiin dhaafi haddaadse isu kaalmaysataan Nabiga dhibkiisa waxaa u gargaari Eebe Jibriil iyo kuwa suuban ee Mu'miniinta ah Malaa'igta kalana markaas ka dib yey xoojin
- Hausa - Gumi : Idan kũ biyu kuka tũba zuwa ga Allah to haƙĩƙa zukãtanku sun karkata Kuma idan kun taimaki jũna a kansa to lalle Allah Shĩ ne Mataimakinsa da Jibrĩlu da sãlihan mũminai Kuma malã'iku a bãyan wancan mataimaka ne
- Swahili - Al-Barwani : Kama nyinyi wawili hamkutubia kwa Mwenyezi Mungu basi nyoyo zenu zimekwisha elekea huko Na mkisaidiana dhidi yake Mtume basi hakika Mwenyezi Mungu ndiye kipenzi chake na Jibrili na Waumini wema na zaidi ya hayo Malaika pia watasaidia
- Shqiptar - Efendi Nahi : Nëse ju të dyja pendoheni te Perëndia se zemrat tuaja kanë anuar Perëndia ju falë Nëse ju të dyja bashkoheni kundër tij kurrgjë nuk mund të arrini se me të vërtetë Perëndia është mbrojtësi i tij dhe Xhebraili dhe besimtarët e mirë; e pastaj edhe gjithë engjëjt janë përkrahësit e tij
- فارسى - آیتی : اگر شما دو زن توبه كنيد بهتر است، زيرا دلهايتان از حق باز گشته است. و اگر براى آزارش همدست شويد، خدا ياور اوست و نيز جبرئيل و مؤمنان شايسته و فرشتگان از آن پس ياور او خواهند بود.
- tajeki - Оятӣ : Агар шумо ду зан тавба кунед, беҳтар аст, зеро дилҳоятон аз ҳақ бозгаштааст. Ва агар барои озораш ҳамдаст шавед, Худо ёвари ӯст ва низ Ҷабраил ва мӯъминони шоиставу фаришгагон аз он пас ёвари ӯ хоҳанд буд,
- Uyghur - محمد صالح : ئەگەر (ئائىشە، ھەفسە) ئىككىڭلار اﷲ قا تەۋبە قىلساڭلار (ئۆزۈڭلار ئۈچۈن ياخشىدۇر). سىلەرنىڭ دىلىڭلار (رەسۇلۇللاھ قا ئىخلاس قىلىشتىن) بۇرۇلۇپ كەتتى، ئەگەر سىلەر (رەسۇلۇ اﷲ خوپ كۆرمەيدىغان ئىش ئۈستىدە) ئۇنىڭغا تاقابىل تۇرساڭلار، ئۇ چاغدا اﷲ ئۇنىڭ مەدەتكارىدۇ، ئۇلاردىن باشقا پەرىشتىلەرمۇ (ئۇنىڭغا) يۆلەنچۈكتۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നിങ്ങളിരുവരും അല്ലാഹുവിലേക്ക് പശ്ചാത്തപിച്ചു മടങ്ങുന്നുവെങ്കില് അതാണ് നിങ്ങള്ക്കുത്തമം. കാരണം, നിങ്ങളിരുവരുടെയും മനസ്സുകള് വ്യതിചലിച്ചു പോയിട്ടുണ്ട്. അഥവാ നിങ്ങളിരുവരും അദ്ദേഹത്തിനെതിരെ പരസ്പരം സഹായിക്കുകയാണെങ്കില് അറിയുക: അല്ലാഹുവാണ് അദ്ദേഹത്തിന്റെ രക്ഷകന്. പിന്നെ ജിബ്രീലും സച്ചരിതരായ മുഴുവന് സത്യവിശ്വാസികളും മലക്കുകളുമെല്ലാം അദ്ദേഹത്തിന്റെ സഹായികളാണ്.
- عربى - التفسير الميسر : ان ترجعا حفصه وعائشه الى الله فقد وجد منكما ما يوجب التوبه حيث مالت قلوبكما الى محبه ما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم من افشاء سره وان تتعاونا عليه بما يسوءه فان الله وليه وناصره وجبريل وصالح المومنين والملائكه بعد نصره الله اعوان له ونصراء على من يوذيه ويعاديه
*7) The word saghat in the original is from Baghy which means to swerve and to become crooked. Shah Waliyullah and Shah Rafi'uddin have translated this sentence thus: "Crooked have become your hearts." Hadrat 'Abdullah bin Mas'ud, 'Abdullah bin 'Abbas, Sufyan Thauri and Dahhak have given this meaning of it: "Your hearts have swerved from the right path." Imam Razi explains it thus: "Your hearts have swerved from what is right, and the right implies the right of the Holy Prophet (upon whom be Allah's peace)." And 'Allama Alusi's commentary is Although it is incumbent on you that you should approve what the Holy Messenger (upon whom he peace) approves and disapprove what he disapproves, yet in this matter your hearts have swerved from conformity with him and turned in opposition to him. "
*8) The word tazahur means to cooperate mutually in opposition to another person, or to be united against another person. Shah Waliyullah has translated this sentence, thus: "If you mutually join together to cause distress to the Prophet. " Shah 'Abdul Qadir's translation is: "If you both overwhelm him." Maulana Ashraf 'AII Thanwi's translation urns: "And if you both continued to work thus against the Prophet. " And Maulana Shabbir Ahmad 'Uthmami has explained it thus: ,"lf you two continued to work and behave thus (against the Prophet)."
The verse is clearly addressed to two ladies and the context shows that these ladies arc from among the wives of the Holy Prophet (upon whom be peace) for in vv. 1-5 of this Surah the affairs concerning the Holy Prophet's wives only have been discussed continuously, and this becomes obvious from the style of the Qur'an itself. .As for the question who were the wives, and what was the matter which caused Allah's displeasure, the details are found in the Hadith. In Musnad Ahmad, Bukhari, Muslim, Tirmidhi and Nasa'i, a detailled tradition of Hadrat 'Abdullah bin 'Abbas has been related, which describes the incident with sane variation in wording. Ibn 'Abbas says:
"I had been thinking a long time to ask Hadrat 'Umar as to who were the two of the Holy Prophet's wives, who had joined each other against him, and about whom Allah sent down this verse: In tatuba.....; but I could not muster courage because of his awe-inspiring personality until he left for Hajj and I accompanied him. On our way back while helping him to perform ablutions for the Prayer at one place I had an opportunity to ask him this question. He replied: they were 'A'ishah and Hafsah. Then he began to relate the background, saying: "We, the people of Quraish, were used to keeping our women folk under strict control. Then. when we came to Madinah, we found that the people here were under the control of their wives, and the women of Quraish too started learning the same thing from them. One day when I became angry with my wife, I was amazed to see that she argued with me. I felt badly about her conduct. She said, 'Why should you feel so angry at my behaviour? By God, the wives of the Holy Prophet (upon whom be peace) answer him back face to face,' (the word in the original is li yuraji nahu) and some one of them remains angrily apart from hire for the whole day. (According to Bukhari: the Holy Prophet remains angry and- apart from her the whole day). Hearing this I came out of my house and went to Hafsah (who was Hadrat `Umar's daughter and the Holy Prophet's wife). I asked her. Do you answer back to the Holy Prophet (upon whom be peace) face to face? She said: Yes. asked: And does one of you remain apart from him for the whole day (According to Bukhiiri: the Holy Prophet remains angry and apart from her for the entire day). She said: Yes. I said: Wretched is the one from among you, who behaves thus. Has one of you become so fearless of this that AIIah should afflict her with His wrath because of the wrath of His Prophet and she should perish? So, do not be rude to the Prophet (here also the words are: la turaji-'i), nor demand of him anything, but demand of me whatever you desire. Do not be misled by this that your neighbor (i.e. Hadrat `A'ishah) is more beautiful and dearer to the Holy Prophet. After this I left her house and went to the house of Umm Salamah, who was related to me, and talked to her on this subject. She said: Son of Khattab, you are a strange man: you have meddled in every matter until you are now interfering in the affair between Allah's Messenger and his wives. She discouraged me. Then it so happened that an Ansari neighbor came to my house at night and he called out to me. We used to sit in the Holy Prophet's assembly by turns and each used to pass on to the other the news of the day of his turn. It was the time when we were apprehending an attack by the Ghassanids any time. On his call when I came out of my house, he said that something of grave significance had happened. 1 said: Have the Ghassanids launched an attack? He said: No, but something even more serious! The Holy Prophet (upon whom be peace) has divorced his wives. I said: Doomed is Hafsah (the words in Bukhari are: Raghima anfu Hafsah wa `Aishah). I already had a premonition of this."
We have left out what happened after this, how next morning Hadrat 'Umar went before the Holy Prophet and tried to appease his anger. We have described this incident by combining the traditions of Musnad Ahmad and Bukhari. In this the word muraj`at which Hadrat `Umar has used cannot be taken in its literal sense, but the context shows that the word has been used in the sense of answering back face to face and Hadrat `Umar's saying to his daughter: La turaji- `I Rasul Allah clearly has the meaning: Do not be impudent to the Messenger of Allah, Some people say that this is a wrong translation, and their objection is: Although it is correct to translate muraja `at as answering hack, or answering hack face to face, yet it is not correct to translate it as "bing impudent" . These objectors do not understand that if a person of a lower rank or position answers back or retorts to a person of a higher rank and position, or answers him back face to face this very thing is described as impudence. For example, if a father rebukes his son for something or feels angry at his behaviour, and the son instead of keeping quiet or offering an excuse, answers back promptly this could only he described as impudence. Then, when the matter is not between a father and a son, but between the Messenger of Allah and an individual of his community, only a foolish person could say that it was not impudence.
Some other people regard this translation of ours as disrespectful, whereas it could be disrespectful in case we had had the boldness to use such words in respect of Hadrat Hafsah from ourselves. We have only given the correct meaning of the words of .Hadrat 'Umar, and these words he had used while scolding and reproving his daughter for her error. Describing it as disrespectful would mean that either the father should treat his daughter with due respect and reverence even when scolding and rebuking her or else the translator should render his rebuke and reproof in a way as to make it sound respectful and reverent.
Here, what needs to be considered carefully is that if it was such an ordinary and trivial matter that when the Holy Prophet said something to his wives they would retort to Him, why was it given so much importance that in the Qur'an AIIah administered a severe warning directly to the wives themselves? And why did Hadrat 'Umar take it as such a grave matter that first he reproved his own daughter, then visited the house of the other wives and asked them to fear the wrath of Allah? And, about alI, was the Holy Prophet (upon whom be peace) also so sensitive that he would take offence at minor things and become annoyed with his wives, and was he, God forbid, so irritable that once having been annoyed at such things he had severed his connections with all his wives and retired to his private apartment in seclusion? If a person considers these questions deeply, he will inevitably have to adopt one of the two views in the explanation of these verses Either on account of his excessive concern for reverence for the holy wives he should not at aII mind if a fault is imputed to AIIah and His Messenger, or else he should admit in a straightforward way that at that time the attitude and behaviour of these holy wives has actually become so objectionable that the Holy Prophet (upon whom be peace) was justified in becoming annoyed over it, and more than that, AIIah Himself was justified that He should administer a severe warning to the wives on their unseemly behaviour and attitude.
*9) That is, "You would only harm yourselves if you upheld and supported each other against the Messenger of AIlah (upon whom be Allah's peace), for none could succeed against him whose Protector was Allah and who had Gabriel and the angels and alI the righteous Believers on his side. "