- عربي - نصوص الآيات عثماني : إِلَّا مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍۢ فَإِنَّهُۥ يَسْلُكُ مِنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِۦ رَصَدًا
- عربى - نصوص الآيات : إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا
- عربى - التفسير الميسر : قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: ما أدري أهذا العذاب الذي وُعدتم به قريب زمنه، أم يجعل له ربي مدة طويلة؟ وهو سبحانه عالم بما غاب عن الأبصار، فلا يظهر على غيبه أحدًا من خلقه، إلا من اختاره الله لرسالته وارتضاه، فإنه يُطلعهم على بعض الغيب، ويرسل من أمام الرسول ومن خلفه ملائكة يحفظونه من الجن؛ لئلا يسترقوه ويهمسوا به إلى الكهنة؛ ليعلم الرسول صلى الله عليه وسلم، أن الرسل قبله كانوا على مثل حاله من التبليغ بالحق والصدق، وأنه حُفظ كما حُفظوا من الجن، وأن الله سبحانه أحاط علمه بما عندهم ظاهرًا وباطنًا من الشرائع والأحكام وغيرها، لا يفوته منها شيء، وأنه تعالى أحصى كل شيء عددًا، فلم يَخْفَ عليه منه شيء.
- السعدى : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
{ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } أي: فإنه يخبره بما اقتضت حكمته أن يخبره به، وذلك لأن الرسل ليسوا كغيرهم، فإن الله أيدهم بتأييد ما أيده أحدا من الخلق، وحفظ ما أوحاه إليهم حتى يبلغوه على حقيقته، من غير أن تتخبطهم الشياطين، ولا يزيدوا فيه أو ينقصوا، ولهذا قال: { فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } أي: يحفظونه بأمر الله.
- الوسيط لطنطاوي : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
وقوله : ( إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) استثناء من النفى فى قوله : ( فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً ) .
أى : هو - سبحانه - عالم الغيب ، فلا يطلع على غيبه أحدا من خلقه ، إلا الرسول الذى ارتضاه واختاره من خلقه ، فإنه - سبحانه - قد يطلعه على بعض غيوبه ، ليكون ذلك معجزة له ، دالة على صدقه أمام قومه .
فإذا ما أراد - سبحانه - إطلاع رسوله المصطفى لحمل رسالته على بعض غيوبه ، سخر له من جميع جوانبه حرسا من الملائكة يحرسونه من وسوسة الشيطان ونوازعه ، ومن كل ما يتعارض مع توصيل وحيه - سبحانه - إلى رسله - بكل أمانة وصيانة .
ومعنى ( إِلاَّ مَنِ ارتضى . . . ) من اختار واصطفى واجتنبى ، وعبر عن ذلك بقوله ( مَنِ ارتضى ) للإِشعار بأنه - سبحانه - يخص هؤلاء الذين رضى عنهم ورضوا عنه بالاطلاع على بعض غيوبه ، على سبيل التأييد والتكريم لهم .
و " من " فى قوله ( مِن رَّسُولٍ ) للبيان . والمراد بالرسول هنا : ما يشمل كل رسول اختاره - سبحانه - لحمل رسالته ، سواء أكان من البشر أم من الملائكة .
والضمير فى قوله - تعالى - ( فَإِنَّهُ ) و ( يَسْلُكُ ) يعودان على الله - عز وجل - وأطلق السلك على إيصال الخبر إلى الرسول المرتضى ، للإِشعار بأن هذا الخبر الذى أطلع الله - تعالى - رسوله عليه ، قد وصل إليه وصولا مؤكدا ، ومحفوظا من كل تحريف ، كما يدخل الشئ فى الشئ دخولا تاما بقوة وضبط ، إذ حقيقة السلك . إدخال الشئ فى الشئ بشدة وعناية . .
والمراد بقوله : ( مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ) جميع الجهات ، وعبر عن جميع الجهات بذلك ، لأن معظم ما يتعرض له الإِنسان يكون من هاتين الجهتين .
والرصد : جمع راصد ، وهو ما يحفظ الشئ ، ويصونه من كل ما لا يريده ، أى : إلا من ارتضى - سبحانه - من رسول ، فإنه - عز وجل - يطلعه على ما يشاؤه من غيوبه ، ويجعل له حراسا من جميع جوانبه ، يحفظونه من كل سوء .
قال الآلوسى : قوله : ( إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ . . ) أى : لكن الرسول المرتضى بظهره - جل وعلا - على بعض الغيوب المتعلقة برسالته . . إما لكون بعض هذه الغيوب من مباديها ، بأن يكون معجزة ، وإما لكونه من أركانها وأحكامها كعامة التكاليف الشرعية ، وكيفيات الأعمال وأجزيتها ، ونحو ذلك من الأمور الغيبية ، التى بيانها من وظائف الرسالة ، بأن يسلك من جميع جوانبه عند إطلاعه على ذلك ، حرسا من الملائكة يحرسونه من تعرض الشياطين ، لما أريد إطلاعه عليه . .
- البغوى : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
( إلا من ارتضى من رسول ) إلا من يصطفيه لرسالته فيظهره على ما يشاء من الغيب لأنه يستدل على نبوته بالآية المعجزة بأن يخبر عن الغيب ( فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) ذكر بعض الجهات دلالة على جميعها رصدا أي : يجعل بين يديه وخلفه حفظة من الملائكة يحفظونه من الشياطين أن يسترقوا السمع ، ومن الجن أن يستمعوا الوحي فيلقوا إلى الكهنة .
قال مقاتل وغيره : كان الله إذا بعث رسولا أتاه إبليس في صورة ملك يخبره فيبعث الله من بين يديه ومن خلفه رصدا من الملائكة يحرسونه ويطردون الشياطين ، فإذا جاءه شيطان في صورة ملك أخبروه بأنه شيطان ، فاحذره وإذا جاءه ملك قالوا له : هذا رسول ربك .
- ابن كثير : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
إلا من ارتضى من رسول ) وهذا يعم الرسول الملكي والبشري .
ثم قال : ( فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) أي : يختصه بمزيد معقبات من الملائكة يحفظونه من أمر الله ، ويساوقونه على ما معه من وحي الله ; ولهذا قال :
- القرطبى : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
إلا من ارتضى من رسول فإنه يظهره على ما يشاء من غيبه ; لأن الرسل مؤيدون بالمعجزات ، ومنها الإخبار عن بعض الغائبات ; وفي التنزيل : وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم .
وقال ابن جبير : ( إلا من ارتضى من رسول ) هو جبريل - عليه السلام - . وفيه بعد ، والأولى أن يكون المعنى : أي لا يظهر على غيبه إلا من ارتضى أي اصطفى للنبوة ، فإنه يطلعه على ما يشاء من غيبه : ليكون ذلك دالا على نبوته .
قال العلماء - رحمة الله عليهم - : لما تمدح سبحانه بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه ، كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه ، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل ، فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم ، وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم . وليس المنجم ومن ضاهاه ممن يضرب بالحصى وينظر في الكتب ويزجر بالطير ممن ارتضاه من رسول فيطلعه على ما يشاء من غيبه ، بل هو كافر بالله مفتر عليه بحدسه وتخمينه وكذبه .
قال بعض العلماء : وليت شعري ما يقول المنجم في سفينة ركب فيها ألف إنسان على اختلاف أحوالهم ، وتباين رتبهم ، فيهم الملك والسوقة ، والعالم والجاهل ، والغني والفقير ، والكبير والصغير ، مع اختلاف طوالعهم ، وتباين مواليدهم ، ودرجات نجومهم ; فعمهم حكم الغرق في ساعة واحدة ؟ فإن قال المنجم - قبحه الله - : إنما أغرقهم الطالع الذي ركبوا فيه ، فيكون على مقتضى ذلك أن هذا الطالع أبطل أحكام تلك الطوالع كلها على اختلافها عند ولادة كل واحد منهم ، وما يقتضيه طالعه المخصوص به ، فلا فائدة أبدا في عمل المواليد ، ولا دلالة فيها على شقي ولا سعيد ، ولم يبق إلا معاندة القرآن العظيم . وفيه استحلال دمه على هذا التنجيم ، ولقد أحسن الشاعر حيث قال :
حكم المنجم أن طالع مولدي يقضي علي بميتة الغرق قل للمنجم صبحة الطوفان
هل ولد الجميع بكوكب الغرق
وقيل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لما أراد لقاء الخوارج : أتلقاهم والقمر في العقرب ؟ فقال - رضي الله عنه - : فأين قمرهم ؟ وكان ذلك في آخر الشهر . فانظر إلى هذه الكلمة التي أجاب بها ، وما فيها من المبالغة في الرد على من يقول بالتنجيم ، والإفحام لكل جاهل يحقق أحكام النجوم . وقال له مسافر بن عوف : يا أمير المؤمنين ! لا تسر في هذه الساعة وسر في ثلاث ساعات يمضين من النهار . فقال له علي - رضي الله عنه - : ولم ؟ قال : إنك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك بلاء وضر شديد ، وإن سرت في الساعة التي أمرتك بها ظفرت وظهرت وأصبت ما طلبت . فقال علي - رضي الله عنه - : ما كان لمحمد - صلى الله عليه وسلم - منجم ، ولا لنا من بعده - من كلام طويل يحتج فيه بآيات من التنزيل - فمن صدقك في هذا القول لم آمن عليه أن يكون كمن اتخذ من دون الله ندا أو ضدا ، اللهم لا طير إلا طيرك ، ولا خير إلا خيرك . ثم قال للمتكلم : نكذبك ونخالفك ونسير في الساعة التي تنهانا عنها . ثم أقبل على الناس فقال : يا أيها الناس إياكم وتعلم النجوم إلا ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ; وإنما المنجم كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار ، والله لئن بلغني أنك تنظر في النجوم وتعمل بها لأخلدنك في الحبس ما بقيت وبقيت ، ولأحرمنك العطاء ما كان لي سلطان . ثم سافر في الساعة التي نهاه عنها ، ولقي القوم فقتلهم وهي وقعة النهروان الثابتة في الصحيح لمسلم . ثم قال : لو سرنا في الساعة التي أمرنا بها وظفرنا وظهرنا لقال قائل سار في الساعة التي أمر بها المنجم ، ما كان لمحمد - صلى الله عليه وسلم - منجم ولا لنا من بعده ، فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر وسائر البلدان - ثم قال : يا أيها الناس ! توكلوا على الله وثقوا به ; فإنه يكفي ممن سواه .
فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا يعني ملائكة يحفظونه عن أن يقرب منه شيطان ; فيحفظ الوحي من استراق الشياطين والإلقاء إلى الكهنة . قال الضحاك : ما بعث الله نبيا إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين عن أن يتشبهوا بصورة الملك ، فإذا جاءه شيطان في صورة الملك قالوا : هذا شيطان فاحذره . وإن جاءه الملك قالوا : هذا رسول ربك .
وقال ابن عباس وابن زيد : رصدا أي حفظة يحفظون النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمامه وورائه من الجن والشياطين . قال قتادة وسعيد بن المسيب : هم أربعة من الملائكة حفظة .
وقال الفراء : المراد جبريل كان إذا نزل بالرسالة نزلت معه ملائكة يحفظونه من أن تستمع الجن الوحي ، فيلقوه إلى كهنتهم ، فيسبقوا الرسول .
وقال السدي : رصدا أي حفظة يحفظون الوحي ، فما جاء من عند الله قالوا : إنه من عند الله ، وما ألقاه الشيطان قالوا : إنه من الشيطان . و ( رصدا ) نصب على المفعول .
وفي الصحاح : والرصد القوم يرصدون كالحرس ، يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث وربما قالوا أرصادا . والراصد للشيء الراقب له ; يقال : رصده يرصده رصدا ورصدا . والترصد الترقب والمرصد موضع الرصد .
- الطبرى : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) فإنه يظهره من الغيب على ما شاء إذا ارتضاه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) قال: ينـزل من غيبه ما شاء على الأنبياء أنـزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الغيب القرآن، قال: وحدثنا فيه بالغيب بما يكون يوم القيامة.
وقوله: (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) يقول: فإنه يرسل من أمامه ومن خلفه حرسا وحفظة يحفظونه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن الضحاك (إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا بعث إليه الملك بالوحي بعث معه ملائكة يحرسونه من بين يديه ومن خلفه، أن يتشبَّه الشيطان على صورة الملك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن منصور، عن إبراهيم (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) قال: ملائكة يحفظونهم من بين أيديهم ومن خلفهم.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) قال: الملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه من الجنّ.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن طلحة، يعني ابن مصرف، عن إبراهيم، في قوله: (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) قال: الملائكة رصد من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من الجن.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) قال: هي معقبات من الملائكة يحفظون النبيّ صلى الله عليه وسلم من الشيطان حتى يتبين الذي أرسل به إليهم، وذلك حين يقول: (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ ).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) قال: الملائكة.
- ابن عاشور : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) فقوله : { ارتضى } مستثنى من عموم { أحداً } . والتقدير : إلاّ أحداً ارتضاه ، أي اختاره للاطلاع على شيء من الغيب لحكمة أرادها الله تعالى .
والإِتيان بالموصول والصلة في قوله : { إلاّ مَن ارتضَى مِن رسول } لقصد ما تؤذن به الصلة من الإِيماء إلى تعليل الخبر ، أي يطلع الله بعض رسله لأجل ما أراده الله من الرسالة إلى النّاس ، فيُعْلم من هذا الإِيمان أن الغيب الذي يطلع الله عليه الرسل هو من نوع ما له تعلق بالرسالة ، وهو غيب ما أراد الله إبلاغه إلى الخلق أن يعتقدوه أو أن يفعلوه ، وما له تعلق بذلك من الوعد والوعيد من أمور الآخرة ، أو أمور الدنيا ، وما يؤيد به الرسل عن الإِخبار بأمور مغيبة كقوله تعالى : { غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين } [ الروم : 24 ] .
والمراد بهذا الإِطلاعُ المحقق المفيد علماً كعلم المشاهدة . فلا تشمل الآية ما قد يحصل لبعض الصالحين من شرح صدر بالرؤيا الصادقة ، ففي الحديث : « الرؤيا الصالحة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوءة ، أو بالإِلهام » قال النبي صلى الله عليه وسلم « قد كان يكون في الأمم قبلكم محدِّثون فإن يَكُنْ في أمتِي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم » رواه مسلم . قال مسلم : قال ابن وهب : تفسير محدثون : ملهِمون .
وقد قال مالك في الرؤيا الحسنة : أنها تسرُّ ولا تغرُّ ، يريد لأنها قد يقع الخطأ في تأويلها .
و { مِن رسول } بيان لإِبهام { مَنْ } الموصولة ، فدل على أن مَا صْدَقَ { مَن } جماعةٌ من الرسل ، أي إلاّ الرسل الذين ارتضاهم ، أي اصطفاهم .
وشمل { رسول } كلّ مرسل من الله تعالى فيشمل الملائكة المرسلين إلى الرسل بإبلاغ وحي إليهم مثل جبريل عليه السلام . وشمل الرسل من البشر المرسلين إلى الناس بإبلاغ أمر الله تعالى إليهم من شريعة أو غيرها مما به صلاحهم .
وهنا أربعة ضمائر غيبة :
الأول ضمير { فإنه } وهو عائد إلى الله تعالى .
والثاني الضمير المستتِر في { يسلك } وهو لا محالة عائد إلى الله تعالى كما عاد إليه ضمير { فإنه } .
والثالث والرابع ضميرَا { من بين يديه ومن خلفه } ، وهما عائدان إلى { رسول } أي فإن الله يسلك أي يرسل للرسول رصَداً من بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ومن خلفه رصداً ، أي ملائكة يحفظون الرسول صلى الله عليه وسلم من إلقاء الشياطين إليه ما يخلط عليه ما أطلعه الله عليه من غيبه .
والسّلْك حقيقته : الإِدخال كما في قوله تعالى : { كذلك نسْلكه في قلوب المجرمين } في سورة الحجر ( 12 ) .
وأطلق السَّلك على الإِيصال المباشر تشبيهاً له بالدخول في الشيء بحيث لا مصرف له عنه كما تقدم آنفاً في قوله : { ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذاباً صعَدَاً } [ الجن : 17 ] أي يرسل إليه ملائكة متجهين إليه لا يبتعدون عنه حتى يَبْلُغَ إليه ما أُوحي إليه من الغيب ، كأنّهم شبه اتصالهم به وحراستهم إياه بشيء داخل في أجزاء جسم . وهذا من جملة الحفظ الذي حفظ الله به ذكره في قوله : { إنا نحن نزلنا الذّكر وإنا له لحافظون } [ الحجر : 9 ] .
والمراد ب { مِن بين يديه ومن خلفه } الكناية عن جميع الجهات ، ومن تلك الكناية ينتقل إلى كناية أخرى عن السلامة من التغيير والتحريف .
والرصد : اسم جمع كما تقدم آنفاً في قوله : { يجد له شهاباً رصداً } [ الجن : 9 ] . وانتصب { رصداً } على أنه مفعول به لفعل { يسلك .
ويتعلق ليعلم }
بقوله : { يسلك ، } أي يفعل الله ذلك ليبلّغ الغيب إلى الرسول كما أرسل إليه لا يخالطه شيء مما يلبس عليه الوحي فيعلم الله أن الرسُل أبلغوا ما أوحي إليه كما بعثَه دون تغيير ، فلما كان علم الله بتبليغ الرسول الوحي مفرعاً ومسبباً عن تبليغ الوحي كما أنزل الله ، جعل المُسَبب علّة وأقيم مقام السَّبب إيجازاً في الكلام لأن علم الله بذلك لا يكون إلاّ على وفق ما وقع ، وهذا كقول إياس بن قبيصة :وأقبلتُ والخطّيُّ يخطِر بيننَا ... لأعلَمَ مَنْ جَبَانُها مِن شجاعها
أي ليظهر من هو شجاع ومن هو جبان فأعلمَ ذلك . وهذه العلة هي المقصد الأهم من اطلاع من ارتضى من رسول على الغيب ، وذكر هذه العلة لا يقتضي انحصار علل الاطلاع فيها .
وجيء بضمير الإِفراد في قوله : { من بين يديه ومن خلفه } مراعاة للفظ { رَسول ، }
- إعراب القرآن : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
«إِلَّا» حرف حصر و«مَنِ» مبتدأ «ارْتَضى » ماض فاعله مستتر و«مِنْ رَسُولٍ» متعلقان بمحذوف حال «فَإِنَّهُ» الفاء رابطة وإن واسمها «يَسْلُكُ» مضارع فاعله مستتر والجملة خبر إن والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط و«مِنْ بَيْنِ» متعلقان بالفعل و«يَدَيْهِ» مضاف إليه «وَمِنْ خَلْفِهِ» معطوفان على ما قبلهما «رَصَداً» مفعول به وجملتا الشرط والجواب خبر من.
- English - Sahih International : Except whom He has approved of messengers and indeed He sends before each messenger and behind him observers
- English - Tafheem -Maududi : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا(72:27) other than to a Messenger whom He chooses *27 (for the bestowal of any part of the knowledge of the Unseen), whereafter He appoints guards who go before him and behind him, *28
- Français - Hamidullah : sauf à celui qu'Il agrée comme Messager et qu'Il fait précéder et suivre de gardiens vigilants
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : außer dem Gesandten den Er bewilligt; da läßt Er vor ihm und hinter ihm Wächter einhergehen
- Spanish - Cortes : salvo a aquél a quien acepta como enviado Entonces hace que le observen por delante y por detrás
- Português - El Hayek : Salvo a um mensageiro que tenta escolhido e faz um grupo de guardas marcharem na frente e por trás dele
- Россию - Кулиев : кроме тех посланников которыми Он доволен и к которым Он приставляет спереди и сзади стражей
- Кулиев -ас-Саади : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
кроме тех посланников, которыми Он доволен и к которым Он приставляет спереди и сзади стражей,- Turkish - Diyanet Isleri : Ancak peygamberlerden bildirmek istediği bunun dışındadır Rablerinin bildirilerini tebliğ etmelerini ortaya koymak için her peygamberin önünden ve ardından gözcüler salar; onların yaptıklarını ilmiyle kuşatır ve herşeyi bir bir sayar
- Italiano - Piccardo : se non a un messaggero di cui si compiace che fa precedere e seguire da una guardia [angelica]
- كوردى - برهان محمد أمين : مهگهر بۆ پێغهمبهرێك خوا خۆی ڕازی بێت بهوهی ههندێ نهێنی بزانێت ئهو کاته فریشته دهکاته پاسهوانی له بهرو پشتهوه تا پهری و شهیتانهکان نهتوانن زهفهری پێ بهرن
- اردو - جالندربرى : ہاں جس پیغمبر کو پسند فرمائے تو اس کو غیب کی باتیں بتا دیتا اور اس کے اگے اور پیچھے نگہبان مقرر کر دیتا ہے
- Bosanski - Korkut : osim onome koga On za poslanika odabere; zato On i ispred njega i iza njega postavlja one koji će ga čuvati
- Swedish - Bernström : utom det sändebud som Han [utser till detta] Och då sätter Han ut vakter framför och bakom sändebudet
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Kecuali kepada rasul yang diridhaiNya maka sesungguhnya Dia mengadakan penjagapenjaga malaikat di muka dan di belakangnya
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
(Kecuali kepada rasul yang diridai-Nya, maka sesungguhnya Dia) di samping Dia memperhatikan hal yang gaib kepada Rasul-Nya sesuai dengan apa yang dikehendaki-Nya sebagai mukjizat bagi rasul itu (mengadakan) menjadikan dan memberlakukan (di muka) rasul itu (dan di belakangnya penjaga-penjaga) yang terdiri dari malaikat-malaikat untuk menjaganya, hingga rasul itu dapat menyampaikan hal tersebut, di antara sejumlah wahyu-wahyu-Nya kepada manusia.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তাঁর মনোনীত রসূল ব্যতীত। তখন তিনি তার অগ্রে ও পশ্চাতে প্রহরী নিযুক্ত করেন
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : "தான் பொருந்திக் கொண்ட தூதருக்குத் தவிர எனவே அவருக்கு முன்னும் அவருக்குப் பின்னும் பாதுகாவலர்களான மலக்குகளை நிச்சயமாக நடத்தாட்டுகிறான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : นอกจากผู้ที่พระองค์ทรงยินดีเช่นร่อซูล ดังนั้นพระองค์จะทรงส่งผู้พิทักษ์เฝ้าดูแลข้างหน้าและข้างหลังเขา
- Uzbek - Мухаммад Содик : Магар Ўзи рози бўлган Пайғамбарлар Албатта Аллоҳ унинг олдидан ҳам ортидан ҳам кузатиб юрувчи қўйиб қўядир
- 中国语文 - Ma Jian : 除非他所喜悦的使者,因为他派遣卫队,在使者的前面和后面行走,
- Melayu - Basmeih : "Melainkan kepada manamana Rasul yang di redaiNya untuk mengetahui sebahagian dari perkara ghaib yang berkaitan dengan tugasnya; apabila Tuhan hendak melakukan yang demikian maka Ia mengadakan di hadapan dan di belakang Rasul itu malaikatmalaikat yang menjaga dan mengawasnya sehingga perkara ghaib itu selamat sampai kepada yang berkenaan
- Somali - Abduh : Marka laga Reebo ciduu ka raalli Noqday oo Rasuulah Isagoo hor iyo gadaalba ka ilaalin
- Hausa - Gumi : "Fãce ga wanda Yã yarda da shi wato wani manzo sa'an nan lalle ne zai sanya gãdi a gaba gare shi da bãya gare shi"
- Swahili - Al-Barwani : Isipo kuwa Mtume wake aliye mridhia Naye huyo humwekea walinzi mbele yake na nyuma yake
- Shqiptar - Efendi Nahi : përveç atij të cilin Ai e ka zgjedhur për të dërguar pejgamber; andaj Ai para tij dhe pas tij i vë ata që e ruajnë engjëjt
- فارسى - آیتی : مگر بر آن پيامبرى كه از او خشنود باشد كه براى نگهبانى از او پيش روى و پشت سرش نگهبانى مىگمارد،
- tajeki - Оятӣ : магар бар он паёмбаре, ки аз ӯ хушнуд бошад, зеро ки барои нигаҳбонӣ аз ӯ пеши рӯй ва пушти сараш нигаҳбоне қарор медиҳад,
- Uyghur - محمد صالح : پەقەت اﷲ ئۆزى مەمنۇن بولغان پەيغەمبىرىگىلا (بەزى غەيبنى بىلدۈرىدۇ)، ئۇنىڭ ئالدىغا ۋە ئارقىسىغا كۆزەتچى (پەرىشتە) سېلىپ قويىدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അവന് തൃപ്തിപ്പെട്ട് അംഗീകരിച്ച ദൂതന്നൊഴികെ. അദ്ദേഹത്തിന്റെ മുന്നിലും പിന്നിലും അവന് കാവല്ക്കാരെ ഏര്പ്പെടുത്തുന്നു.
- عربى - التفسير الميسر : قل ايها الرسول لهولاء المشركين ما ادري اهذا العذاب الذي وعدتم به قريب زمنه ام يجعل له ربي مده طويله وهو سبحانه عالم بما غاب عن الابصار فلا يظهر على غيبه احدا من خلقه الا من اختاره الله لرسالته وارتضاه فانه يطلعهم على بعض الغيب ويرسل من امام الرسول ومن خلفه ملائكه يحفظونه من الجن لئلا يسترقوه ويهمسوا به الى الكهنه ليعلم الرسول صلى الله عليه وسلم ان الرسل قبله كانوا على مثل حاله من التبليغ بالحق والصدق وانه حفظ كما حفظوا من الجن وان الله سبحانه احاط علمه بما عندهم ظاهرا وباطنا من الشرائع والاحكام وغيرها لا يفوته منها شيء وانه تعالى احصى كل شيء عددا فلم يخف عليه منه شيء
*27) That is, the Messenger by himself is no knower of the unseen, but when AIIah chooses him to perform the mission of Prophethood, He grants him the knowledge of those of the unseen truths which He is pleased to grant.
*28) "Guards": Angels. That is, when Allah sends down the knowledge of the unseen realities to the Messenger by revelation, He appoints angels on every side to safeguard it so that the knowledge reaches the Messenger in a safe condition, free from every kind of adulteration. This is the same thing which has been expressed in vv. 8-9 above, saying: After the appointment of the Holy Messenger the jinn found that all the doors to the heavens had been closed, and they noticed that strict security measures had been adopted because of which no room had been left for them to eavesdrop.