البغوى : وقل للمومنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن او ابائهن او اباء بعولتهن او ابنائهن او ابناء بعولتهن او اخوانهن او بني اخوانهن او بني اخواتهن او نسائهن او ما ملكت ايمانهن او التابعين غير اولي الاربه من الرجال او الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعا ايه المومنون لعلكم تفلحون قوله عز وجل وقل للمومنات يغضضن من ابصارهن عما لا يحل ويحفظن فروجهن عمن لا يحل وقيل ايضا " يحفظن فروجهن " يعني يسترنها حتى لا يراها احد وروي عن ام سلمه انها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونه اذ اقبل ابن ام مكتوم فدخل عليه وذلك بعدما امرنا بالحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجبا منه فقلت يا رسول الله اليس هو اعمى لا يبصرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " افعمياوان انتما الستما تبصرانه " قوله تعالى ولا يبدين زينتهن اي لا يظهرن زينتهن لغير محرم واراد بها الزينه الخفيه وهما زينتان خفيه وظاهره فالخفيه مثل الخلخال والخضاب في الرجل والسوار في المعصم والقرط والقلائد فلا يجوز لها اظهارها ولا للاجنبي النظر اليها والمراد من الزينه موضع الزينه قوله تعالى الا ما ظهر منها اراد به الزينه الظاهره واختلف اهل العلم في هذه الزينه الظاهره التي استثناها الله تعالى قال سعيد بن جبير والضحاك والاوزاعي هو الوجه والكفان وقال ابن مسعود هي الثياب بدليل قوله تعالى " خذوا زينتكم عند كل مسجد " الاعراف 31 واراد بها الثياب وقال الحسن الوجه والثياب وقال ابن عباس الكحل والخاتم والخضاب في الكف فما كان من الزينه الظاهره جاز للرجل الاجنبي النظر اليه اذا لم يخف فتنه وشهوه فان خاف شيئا منها غض البصر وانما رخص في هذا القدر ان تبديه المراه من بدنها لانه ليس بعوره وتومر بكشفه في الصلاه وسائر بدنها عوره يلزمها ستره قوله عز وجل وليضربن بخمرهن اي ليلقين بمقانعهن على جيوبهن وصدورهن ليسترن بذلك شعورهن وصدورهن واعناقهن واقراطهن قالت عائشه رحم الله نساء المهاجرات الاول لما انزل الله عز وجل وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها ولا يبدين زينتهن يعني الزينه الخفيه التي لم يبح لهن كشفها في الصلاه ولا للاجانب وهو ما عدا الوجه والكفين الا لبعولتهن قال ابن عباس ومقاتل يعني لا يضعن الجلباب ولا الخمار الا لبعولتهن اي الا لازواجهن او ابائهن او اباء بعولتهن او ابنائهن او ابناء بعولتهن او اخوانهن فيجوز لهولاء ان ينظروا الى الزينه الباطنه ولا ينظرون الى ما بين السره والركبه ويجوز للزوج ان ينظر الى جميع بدنها غير انه يكره له النظر الى فرجها قوله تعالى او نسائهن اراد انه يجوز للمراه ان تنظر الى بدن المراه الا ما بين السره والركبه كالرجل المحرم هذا اذا كانت المراه مسلمه فان كانت كافره فهل يجوز للمسلمه ان تنكشف لها اختلف اهل العلم فيه فقال بعضهم يجوز كما يجوز ان تنكشف للمراه المسلمه لانها من جمله النساء وقال بعضهم لا يجوز لان الله تعالى قال " او نسائهن " والكافره ليست من نسائنا ولانها اجنبيه في الدين فكانت ابعد من الرجل الاجنبي كتب عمر بن الخطاب الى ابي عبيده بن الجراح ان يمنع نساء اهل الكتاب ان يدخلن الحمام مع المسلمات قوله تعالى او ما ملكت ايمانهن اختلفوا فيها فقال قوم عبد المراه محرم لها فيجوز له الدخول عليها اذا كان عفيفا وان ينظر الى بدن مولاته الا ما بين السره والركبه كالمحارم وهو ظاهر القران وروي ذلك عن عائشه وام سلمه وروى ثابت عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اتى فاطمه بعبد قد وهبه لها وعلى فاطمه ثوب اذا قنعت به راسها لم يبلغ رجليها واذا غطت رجليها لم يبلغ راسها فلما راى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال " انه ليس عليك باس انما هو ابوك وغلامك " وقال قوم هو كالاجنبي معها وهو قول سعيد بن المسيب وقال المراد من الايه الاماء دون العبيد وعن ابن جريج انه قال او نسائهن او ما ملكت ايمانهن انه لا يحل لامراه مسلمه ان تتجرد بين يدي امراه مشركه الا ان تكون تلك المراه المشركه امه لها قوله عز وجل او التابعين غير اولي الاربه من الرجال قرا ابو جعفر وابن عامر وابو بكر " غير " بنصب الراء على القطع لان " التابعين " معرفه و " غير " نكره وقيل بمعنى " الا " فهو استثناء معناه يبدين زينتهن للتابعين الا ذا الاربه منهم فانهن لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا اربه وقرا الاخرون بالجر على نعت " التابعين " والاربه والارب الحاجه والمراد ب " التابعين غير اولي الاربه " هم الذين يتبعون القوم ليصيبوا من فضل طعامهم لا همه لهم الا ذلك ولا حاجه لهم في النساء وهو قول مجاهد وعكرمه والشعبي وعن ابن عباس انه الاحمق العنين وقال الحسن هو الذي لا ينتشر ولا يستطيع غشيان النساء ولا يشتهيهن وقال سعيد بن جبير هو المعتوه وقال عكرمه المجبوب وقيل هو المخنث وقال مقاتل الشيخ الهرم والعنين والخصي والمجبوب ونحوه اخبرنا الامام ابو علي الحسين بن محمد القاضي اخبرنا احمد بن الحسين الحيري اخبرنا محمد بن احمد بن محمد بن معقل بن محمد الميداني اخبرنا محمد بن يحيى اخبرنا عبد الرزاق اخبرنا معمر عن الزهري عن عروه عن عائشه قالت كان رجل يدخل على ازواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث وكانوا يعدونه من غير اولي الاربه فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امراه فقال انها اذا اقبلت اقبلت باربع واذا ادبرت ادبرت بثمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم " الا ارى هذا يعلم ما هاهنا لا يدخلن عليكن هذا " فحجبوه او الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء اراد بالطفل الاطفال يكون واحدا وجمعا اي لم يكشفوا عن عورات النساء للجماع فيطلعوا عليها وقيل لم يعرفوا العوره من غيرها من الصغر وهو قول مجاهد وقيل لم يطيقوا امر النساء وقيل لم يبلغوا حد الشهوه ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن كانت المراه اذا مشت ضربت برجلها ليسمع صوت خلخالها او يتبين خلخالها فنهيت عن ذلك وتوبوا الى الله جميعا من التقصير الواقع في امره ونهيه وقيل راجعوا طاعه الله فيما امركم به ونهاكم عنه من الاداب المذكوره في هذه السوره ايها المومنون لعلكم تفلحون قرا ابن عامر " ايه المومنون " و " يا ايه الساحر " و " ايه الثقلان " بضم الهاء فيهن ويقف بلا الف على الخط وقرا الاخرون بفتح الهاءات على الاصل اخبرنا عبد الواحد المليحي اخبرنا ابو منصور محمد بن محمد بن سمعان اخبرنا ابو جعفر محمد بن احمد بن عبد الجبار الرياني اخبرنا حميد بن زنجويه اخبرنا وهب بن جرير اخبرنا شعبه عن عمرو بن مره عن ابي برده انه سمع الاغر يحدث عن ابن عمر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يا ايها الناس توبوا الى ربكم فاني اتوب الى ربي كل يوم مائه مره " اخبرنا ابو الحسن عن عبد الرحمن بن محمد الداودي اخبرنا محمد بن عبد الله بن احمد بن حمويه السرخسي اخبرنا ابو اسحاق ابراهيم بن حزيم الشاشي اخبرنا ابو محمد عبد بن حميد الكشي حدثني ابن ابي شيبه اخبرنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول عن محمد بن سوقه عن نافع عن ابن عمر قال ان كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول " رب اغفر لي وتب علي انك انت التواب الرحيم " مائه مره وجمله الكلام في بيان العورات انه لا يجوز للناظر ان ينظر الى عوره الرجل وعورته ما بين السره الى الركبه وكذلك المراه مع المراه ولا باس بالنظر الى سائر البدن اذا لم يكن خوف فتنه وقال مالك وابن ابي ذئب الفخذ ليس بعوره لما روي عن عبد العزيز بن صهيب عن انس قال اجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم فرسا في زقاق خيبر وان ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ثم حسر الازار عن فخذه حتى اني لانظر الى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم واكثر اهل العلم على ان الفخذ عوره لما اخبرنا ابو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي اخبرنا ابو الحسن الطيسفوني اخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري حدثنا احمد بن علي الكشميهني اخبرنا علي بن حجر اخبرنا اسماعيل بن جعفر عن العلاء بن ابي كثير عن محمد بن جحش قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان قال " يا معمر غط فخذيك فان الفخذين عوره " وروي عن ابن عباس وجرهد بن خويلد كان من اصحاب الصفه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الفخذ عوره " قال محمد بن اسماعيل " وحديث انس اسند وحديث جرهد احوط " اما المراه مع الرجل فان كانت اجنبيه حره فجميع بدنها في حق الاجنبي عوره ولا يجوز النظر الى شيء منها الا الوجه والكفين وان كانت امه فعورتها مثل عوره الرجل ما بين السره الى الركبه وكذلك المحارم بعضهم مع بعض والمراه في النظر الى الرجل الاجنبي كهو معها ويجوز للرجل ان ينظر الى جميع بدن امراته وامته التي تحل له وكذلك هي منه الا نفس الفرج فانه يكره النظر اليه واذا زوج الرجل امته حرم عليه النظر الى عورتها كالامه الاجنبيه وروي عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اذا زوج احدكم عبده امته فلا ينظرن الى ما دون السره وفوق الركبه "