الطبرى : الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاه فيها مصباح المصباح في زجاجه الزجاجه كانها كوكب دري يوقد من شجره مباركه زيتونه لا شرقيه ولا غربيه يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شيء عليم يعني تعالى ذكره بقوله الله نور السماوات والارض هادي من في السماوات والارض فهم بنوره الى الحق يهتدون وبهداه من حيره الضلاله يعتصمون واختلف اهل التاويل في تاويل ذلك فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا * ذكر من قال ذلك حدثني علي قال ثنا عبد الله قال ثني معاويه عن علي عن ابن عباس قوله الله نور السماوات والارض يقول الله سبحانه هادي اهل السماوات والارض حدثني سليمان بن عمر بن خلده الرقي قال ثنا وهب بن راشد عن فرقد عن انس بن مالك قال ان الهي يقول نوري هداي وقال اخرون بل معنى ذلك الله مدبر السماوات والارض * ذكر من قال ذلك حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابن جريج قال قال مجاهد وابن عباس في قوله الله نور السماوات والارض يدبر الامر فيهما نجومهما وشمسهما وقمرهما وقال اخرون بل عنى بذلك النور الضياء وقالوا معنى ذلك ضياء السماوات والارض * ذكر من قال ذلك حدثني عبد الاعلى بن واصل قال ثنا عبيد الله بن موسى قال ثنا ابو جعفر الرازي عن الربيع بن انس عن ابي العاليه عن ابي بن كعب في قول الله الله نور السماوات والارض قال فبدا بنور نفسه فذكره ثم ذكر نور المومن وانما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك; لانه عقيب قوله ولقد انـزلنا اليكم ايات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظه للمتقين فكان ذلك بان يكون خبرا عن موقع يقع تنـزيله من خلقه ومن مدح ما ابتدا بذكر مدحه اولى واشبه ما لم يات ما يدل على انقضاء الخبر عنه من غيره فاذا كان ذلك كذلك فتاويل الكلام ولقد انـزلنا اليكم ايها الناس ايات مبينات الحق من الباطل ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظه للمتقين فهديناكم بها وبينا لكم معالم دينكم بها لاني هادي اهل السماوات واهل الارض وترك وصل الكلام باللام وابتدا الخبر عن هدايه خلقه ابتداء وفيه المعنى الذي ذكرت استغناء بدلاله الكلام عليه من ذكره ثم ابتدا في الخبر عن مثل هدايته خلقه بالايات المبينات التي انـزلها اليهم فقال مثل نوره كمشكاه فيها مصباح يقول مثل ما انار من الحق بهذا التنـزيل في بيانه كمشكاه وقد اختلف اهل التاويل في المعني بالهاء في قوله مثل نوره علام هي عائده ومن ذكر ما هي فقال بعضهم هي من ذكر المومن وقالوا معنى الكلام مثل نور المومن الذي في قلبه من الايمان والقران مثل مشكاه * ذكر من قال ذلك حدثنا عبد الاعلى بن واصل قال ثنا عبيد الله بن موسى قال اخبرنا ابو جعفر الرازي عن الربيع بن انس عن ابي العاليه عن ابي بن كعب في قول الله مثل نوره قال ذكر نور المومن فقال مثل نوره يقول مثل نور المومن قال وكان ابي يقروها كذلك مثل المومن قال هو المومن قد جعل الايمان والقران في صدره حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابي جعفر الرازي عن ابي العاليه عن ابي بن كعب الله نور السماوات والارض مثل نوره قال بدا بنور نفسه فذكره ثم قال مثل نوره يقول مثل نور من امن به قال وكذلك كان يقرا ابي قال هو عبد جعل الله القران والايمان في صدره حدثنا ابن بشار قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير مثل نوره قال مثل نور المومن حدثني علي بن الحسن الازدي قال ثنا يحيى بن اليمان عن ابي سنان عن ثابت عن الضحاك في قوله مثل نوره قال نور المومن وقال اخرون بل عني بالنور محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا الهاء التي في قوله مثل نوره عائده على اسم الله * ذكر من قال ذلك حدثنا ابن حميد قال ثنا يعقوب القمي عن حفص عن شمر قال جاء ابن عباس الى كعب الاحبار فقال له حدثني عن قول الله عز وجل الله نور السماوات والارض الايه فقال كعب الله نور السماوات والارض مثل نوره مثل محمد صلى الله عليه وسلم كمشكاه حدثني علي بن الحسن الازدي قال ثنا يحيى بن اليمان عن اشعث عن جعفر بن ابي المغيره عن سعيد بن جبير في قوله مثل نوره قال محمد صلى الله عليه وسلم وقال اخرون بل عني بذلك هدي الله وبيانه وهو القران قالوا والهاء من ذكر الله قالوا ومعنى الكلام الله هادي اهل السماوات والارض باياته المبينات وهي النور الذي استنار به السماوات والارض مثل هداه واياته التي هدى بها خلقه ووعظهم بها في قلوب المومنين كمشكاه * ذكر من قال ذلك حدثني علي قال ثنا ابو صالح قال ثني معاويه عن علي عن ابن عباس مثل نوره مثل هداه في قلب المومن حدثني يعقوب بن ابراهيم قال ثنا ابن عليه عن ابي رجاء عن الحسن في قوله مثل نوره قال مثل هذا القران في القلب كمشكاه حدثني يونس قال اخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله مثل نوره نور القران الذي انـزل على رسوله وعباده هذا مثل القران كمشكاه فيها مصباح قال اخبرنا ابن وهب قال اخبرني عبد الله بن عياش قال قال زيد بن اسلم في قول الله تبارك وتعالى الله نور السماوات والارض مثل نوره ونوره الذي ذكر القران ومثله الذي ضرب له وقال اخرون بل معنى ذلك مثل نور الله وقالوا يعني بالنور الطاعه * ذكر من قال ذلك حدثني محمد بن سعد قال ثني ابي قال ثني عمي قال ثني ابي عن ابيه عن ابن عباس قوله الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاه فيها مصباح وذلك ان اليهود قالوا لمحمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله مثل ذلك لنوره فقال الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاه قال وهو مثل ضربه الله لطاعته فسمى طاعته نورا ثم سماها انوارا شتى وقوله كمشكاه اختلف اهل التاويل في معنى المشكاه والمصباح وما المراد بذلك وبالزجاجه فقال بعضهم المشكاه كل كوه لا منفذ لها وقالوا هذا مثل ضربه الله لقلب محمد صلى الله عليه وسلم * ذكر من قال ذلك حدثنا ابن حميد قال ثنا يعقوب عن حفص عن شمر قال جاء ابن عباس الى كعب الاحبار فقال له حدثني عن قول الله مثل نوره كمشكاه قال المشكاه وهي الكوه ضربها الله مثلا لمحمد صلى الله عليه وسلم المشكاه فيها مصباح المصباح قلبه في زجاجه الزجاجه صدره الزجاجه كانها كوكب دري شبه صدر النبي صلى الله عليه وسلم بالكوكب الدري ثم رجع المصباح الى قلبه فقال يوقد من شجره مباركه زيتونه لا شرقيه ولا غربيه لم تمسها شمس المشرق ولا شمس المغرب يكاد زيتها يضيء يكاد محمد يبين للناس وان لم يتكلم انه نبي كما يكاد ذلك الزيت يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور حدثني علي قال ثنا عبد الله قال ثني معاويه عن علي عن ابن عباس قوله كمشكاه يقول موضع الفتيله حدثني محمد بن سعد قال ثني ابي قال ثني عمي قال ثني ابي عن ابيه عن ابن عباس قوله الله نور السماوات والارض الى كمشكاه قال المشكاه كوه البيت وقال اخرون عنى بالمشكاه صدر المومن وبالمصباح القران والايمان وبالزجاجه قلبه * ذكر من قال ذلك حدثني عبد الاعلى بن واصل قال ثنا عبيد الله بن موسى قال اخبرنا ابو جعفر الرازي عن الربيع بن انس عن ابي العاليه عن ابي بن كعب مثل نوره كمشكاه فيها مصباح قال مثل المومن قد جعل الايمان والقران في صدره كمشكاه قال المشكاه صدره فيها مصباح قال والمصباح القران والايمان الذي جعل في صدره المصباح في زجاجه قال والزجاجه قلبه الزجاجه كانها كوكب دري يوقد قال فمثله مما استنار فيه القران والايمان كانه كوكب دري يقول مضيء يوقد من شجره مباركه والشجره المباركه اصله المباركه الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له لا شرقيه ولا غربيه قال فمثله مثل شجره التف بها الشجر فهي خضراء ناعمه لا تصيبها الشمس على اي حال كانت لا اذا طلعت ولا اذا غربت وكذلك هذا المومن قد اجير من ان يصيبه شيء من الغير وقد ابتلي بها فثبته الله فيها فهو بين اربع خلال ان اعطي شكر وان ابتلي صبر وان حكم عدل وان قال صدق فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشي في قبور الاموات قال نور على نور فهو يتقلب في خمسه من النور فكلامه نور وعمله نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره الى النور يوم القيامه في الجنه حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني يحيى بن اليمان عن ابي جعفر الرازي عن الربيع بن انس عن ابي العاليه عن ابي بن كعب قال المشكاه صدر المومن فيها مصباح قال القران قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابي جعفر عن الربيع عن ابي العاليه عن ابي بن كعب نحو حديث عبد الاعلى عن عبيد الله حدثني علي قال ثنا ابو صالح قال ثني معاويه عن علي عن ابن عباس مثل نوره كمشكاه قال مثل هداه في قلب المومن كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل ان تمسه النار فاذا مسته النار ازداد ضوءا على ضوء كذلك يكون قلب المومن يعمل بالهدى قبل ان ياتيه العلم فاذا جاءه العلم ازداد هدى على هدى ونورا على نور كما قال ابراهيم صلوات الله عليه قبل ان تجيئه المعرفه قال هذا ربي حين راى الكوكب من غير ان يخبره احد ان له ربا فلما اخبره الله انه ربه ازداد هدى على هدى حدثني محمد بن سعد قال ثني ابي قال ثني عمي قال ثني ابي عن ابيه عن ابن عباس قوله الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاه فيها مصباح وذلك ان اليهود قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله مثل ذلك لنوره فقال الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاه فيها مصباح والمشكاه كوه 3 البيت فيها مصباح المصباح في زجاجه الزجاجه كانها كوكب دري والمصباح السراج يكون في الزجاجه وهو مثل ضربه الله لطاعته فسمى طاعته نورا وسماها انواعا شتى قوله يوقد من شجره مباركه زيتونه لا شرقيه قال هي شجره لا يفيء عليها ظل شرق ولا ظل غرب ضاحيه ذلك اصفى للزيت 4 يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار قال معمر وقال الحسن ليست من شجر الدنيا ليست شرقيه ولا غربيه وقال اخرون هو مثل للمومن غير ان المصباح وما فيه مثل لفواده والمشكاه مثل لجوفه * ذكر من قال ذلك حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابن جريج قال قال مجاهد وابن عباس جميعا المصباح وما فيه مثل فواد المومن وجوفه المصباح مثل الفواد والكوه مثل الجوف قال ابن جريج كمشكاه كوه غير نافذه قال ابن جريج وقال ابن عباس قوله نور على نور يعني ايمان المومن وعمله وقال اخرون بل ذلك مثل للقران في قلب المومن * ذكر من قال ذلك حدثني يعقوب قال ثنا ابن عليه عن ابي رجاء عن الحسن في قوله الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاه قال ككوه فيها مصباح المصباح في زجاجه الزجاجه كانها كوكب دري حدثني يونس قال اخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قول الله الله نور السماوات والارض مثل نوره نور القران الذي انـزل على رسوله وعباده فهذا مثل القران كمشكاه فيها مصباح المصباح في زجاجه فقرا حتى بلغ مباركه فهذا مثل القران يستضاء به في نوره ويعلمونه وياخذون به وهو كما هو لا ينقص فهذا مثل ضربه الله لنوره وفي قوله يكاد زيتها يضيء قال الضوء اشراق ذلك الزيت والمشكاه التي فيها الفتيله التي فيها المصباح والقناديل تلك المصابيح حدثنا محمد بن بشار قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن ابي اسحاق عن سعيد بن عياض في قوله كمشكاه قال الكوه حدثنا ابن بشار قال ثنا ابو عامر قال ثنا قره عن عطيه في قوله كمشكاه قال قال ابن عمر المشكاه الكوه وقال اخرون المشكاه القنديل * ذكر من قال ذلك حدثني محمد بن عمرو قال ثنا ابو عاصم قال ثنا عيسى عن ابن ابي نجيح عن مجاهد في قول الله كمشكاه قال القنديل ثم العمود الذي فيه القنديل حدثني الحارث قال ثنا الحسن قال ثنا ورقاء عن ابن ابي نجيح عن مجاهد كمشكاه الصفر الذي في جوف القنديل حدثني اسحاق بن شاهين قال ثنا خالد بن عبد الله عن داود عن رجل عن مجاهد قال المشكاه القنديل وقال اخرون المشكاه الحديد الذي يعلق به القنديل * ذكر من قال ذلك حدثنا محمد بن المثنى قال ثنا محمد بن المفضل قال ثنا هشيم قال ثنا داود بن ابي هند عن مجاهد قال المشكاه الحدائد التي يعلق بها القنديل واولى الاقوال في ذلك بالصواب قول من قال ذلك مثل ضربه الله للقران في قلب اهل الايمان به فقال مثل نور الله الذي انار به لعباده سبيل الرشاد الذي انـزله اليهم فامنوا به وصدقوا بما فيه في قلوب المومنين مثل مشكاه وهي عمود القنديل الذي فيه الفتيله وذلك هو نظير الكوه التي تكون في الحيطان التي لا منفذ لها وانما جعل ذلك العمود مشكاه لانه غير نافذ وهو اجوف مفتوح الاعلى فهو كالكوه التي في الحائط التي لا تنفذ ثم قال فيها مصباح وهو السراج وجعل السراج وهو المصباح مثلا لما في قلب المومن من القران والايات المبينات ثم قال المصباح في زجاجه يعني ان السراج الذي في المشكاه في القنديل وهو الزجاجه وذلك مثل للقران يقول القران الذي في قلب المومن الذي انار الله قلبه في صدره ثم مثل الصدر في خلوصه من الكفر بالله والشك فيه واستنارته بنور القران واستضاءته بايات ربه المبينات ومواعظه فيها بالكوكب الدري فقال الزجاجه وذلك صدر المومن الذي فيه قلبه كانها كوكب دري واختلفت القراء في قراءه قوله دري فقراته عامه قراء الحجاز دري بضم الدال وترك الهمزه وقرا بعض قراء البصره والكوفه " دريء " بكسر الدال وهمزه وقرا بعض قراء الكوفه " دريء " بضم الدال وهمزه وكان الذين ضموا داله وتركوا الهمزه وجهوا معناه الى ما قاله اهل التفسير الذي ذكرنا عنهم من ان الزجاجه في صفائها وحسنها كالدر وانها منسوبه اليه لذلك من نعتها وصفتها ووجه الذين قرءوا ذلك بكسر داله وهمزه الى انه فعيل من دريء الكوكب اي دفع ورجم به الشيطان من قوله ويدرا عنها العذاب اي يدفع والعرب تسمي الكواكب العظام التي لا تعرف اسماءها الدراري بغير همز وكان بعض اهل العلم بكلام العرب من اهل البصره يقول هي الدرارئ بالهمز من يدرانواما الذين قرءوه بضم داله وهمزه فان كانوا ارادوا به دروء مثل سبوح وقدوس من درات ثم استثقلوا كثره الضمات فيه فصرفوا بعضها الى الكسره فقالوا دريء كما قيل وقد بلغت من الكبر عتيا وهو فعول من عتوت عتوا ثم حولت بعض ضماتها الى الكسر فقيل عتيا فهو مذهب والا فلا اعرف لصحه قراءتهم ذلك كذلك وجها وذلك انه لا يعرف في كلام العرب فعيل وقد كان بعض اهل العربيه يقول هو لحن والذي هو اولى القراءات عندي في ذلك بالصواب قراءه من قرا دري بضم داله وترك همزه على النسبه الى الدر لان اهل التاويل بتاويل ذلك جاءوا وقد ذكرنا اقوالهم في ذلك قبل ففي ذلك مكتفى عن الاستشهاد على صحتها بغيره فتاويل الكلام الزجاجه وهي صدر المومن كانها يعني كان الزجاجه وذلك مثل لصدر المومن كوكب يقول في صفائها وضيائها وحسنها وانما يصف صدره بالنقاء من كل ريب وشك في اسباب الايمان بالله وبعده من دنس المعاصي كالكوكب الذي يشبه الدر في الصفاء والضياء والحسن واختلفوا ايضا في قراءه قوله " توقد من شجره مباركه" فقرا ذلك بعض المكيين والمدنيين وبعض البصريين " توقد من شجره" بالتاء وفتحها وتشديد القاف وفتح الدال وكانهم وجهوا معنى ذلك الى توقد المصباح من شجره مباركه وقراه بعض عامه قراء المدنيين يوقد بالياء وتخفيف القاف ورفع الدال بمعنى يوقد المصباح موقده من شجره ثم لم يسم فاعله وقرا ذلك عامه قراء الكوفه " توقد" بضم التاء وتخفيف القاف ورفع الدال بمعنى يوقد الزجاجه موقدها من شجره مباركه 5 لما لم يسم فاعله فقيل توقد وقراه بعض اهل مكه " توقد" بفتح التاء وتشديد القاف وضم الدال بمعنى تتوقد الزجاجه من شجره ثم اسقطت احدى التاءين اكتفاء بالباقيه من الذاهبه وهذه القراءات متقاربات المعاني وان اختلفت الالفاظ بها وذلك ان الزجاجه اذا وصفت بالتوقد او بانها توقد فمعلوم معنى ذلك فان المراد به توقد فيها المصباح او يوقد فيها المصباح ولكن وجهوا الخبر الى ان وصفها بذلك اقرب في الكلام منها وفهم السامعين معناه والمراد منه فاذا كان ذلك كذلك فباي القراءات قرا القارئ فمصيب غير ان اعجب القراءات الي ان اقرا بها في ذلك " توقد" بفتح التاء وتشديد القاف وفتح الدال بمعنى وصف المصباح بالتوقد; لان التوقد والاتقاد لا شك انهما من صفته دون الزجاجه فمعنى الكلام اذن كمشكاه فيها مصباح المصباح من دهن شجره مباركه زيتونه لا شرقيه ولا غربيه وقد ذكرنا بعض ما روي عن بعضهم من الاختلاف في ذلك فيما قد مضى ونذكر باقي ما حضرنا مما لم نذكره قبل فقال بعضهم انما قيل لهذه الشجره لا شرقيه ولا غربيه اي ليست شرقيه وحدها حتى لا تصيبها الشمس اذا غربت وانما لها نصيبها من الشمس بالغداه ما دامت بالجانب الذي يلي الشرق ثم لا يكون لها نصيب منها اذا مالت الى جانب الغرب ولا هي غربيه وحدها فتصيبها الشمس بالعشي اذا مالت الى جانب الغرب ولا تصيبها بالغداه ولكنها شرقيه غربيه تطلع عليه الشمس بالغداه وتغرب عليها فيصيبها حر الشمس بالغداه والعشي قالوا اذا كانت كذلك كان اجود لزيتها * ذكر من قال ذلك حدثنا هناد قال ثنا ابو الاحوص عن سماك عن عكرمه في قوله زيتونه لا شرقيه ولا غربيه قال لا يسترها من الشمس جبل ولا واد اذا طلعت واذا غربت حدثنا ابن المثنى قال ثنا حرمي بن عماره قال ثنا شعبه قال اخبرني عماره عن عكرمه في قوله لا شرقيه ولا غربيه قال الشجره تكون في مكان لا يسترها من الشمس شيء تطلع عليها وتغرب عليها حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابن جريج قال قال مجاهد وابن عباس لا شرقيه ولا غربيه قالا هي التي بشق الجبل التي يصيبها شروق الشمس وغروبها اذا طلعت اصابتها واذا غربت اصابتها وقال اخرون بل معنى ذلك ليست شرقيه ولا غربيه * ذكر من قال ذلك حدثني سليمان بن عبد الجبار قال ثني محمد بن الصلت قال ثنا ابو كدينه عن قابوس عن ابيه عن ابن عباس لا شرقيه ولا غربيه قال هي شجره وسط الشجر ليست من الشرق ولا من الغرب حدثني يونس قال اخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله زيتونه لا شرقيه ولا غربيه متيامنه الشام لا شرقي ولا غربي وقال اخرون ليست هذه الشجره من شجر الدنيا * ذكر من قال ذلك حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال ثنا بشر بن المفضل قال ثنا عوف عن الحسن في قول الله لا شرقيه ولا غربيه قال والله لو كانت في الارض لكانت شرقيه او غربيه ولكنما هو مثل ضربه الله لنوره حدثنا ابن بشار قال ثنا عثمان يعني ابن الهيثم قال ثنا عوف عن الحسن في قول الله زيتونه لا شرقيه ولا غربيه قال لو كانت في الارض هذه الزيتونه كانت شرقيه او غربيه ولكن والله ما هي في الارض وانما هو مثل ضربه الله لنوره حدثني يعقوب قال ثنا هشيم قال اخبرنا عوف عن الحسن في قوله زيتونه لا شرقيه ولا غربيه قال هذا مثل ضربه الله ولو كانت هذه الشجره في الدنيا لكانت اما شرقيه واما غربيه واولى هذه الاقوال بتاويل ذلك قول من قال انها شرقيه غربيه وقال ومعنى الكلام ليست شرقيه تطلع عليها الشمس بالعشي دون الغداه ولكن الشمس تشرق عليها وتغرب فهي شرقيه غربيه وانما قلنا ذلك اولى بمعنى الكلام لان الله انما وصف الزيت الذي يوقد على هذا المصباح بالصفاء والجوده فاذا كان شجره شرقيا غربيا كان زيته لا شك اجود واصفى واضوا وقوله يكاد زيتها يضيء يقول تعالى ذكره يكاد زيت هذه الزيتونه يضيء من صفائه وحسن ضيائه ولو لم تمسسه نار يقول فكيف اذا مسته النار وانما اريد بقوله يوقد من شجره مباركه ان هذا القران من عند الله وانه كلامه فجعل مثله ومثل كونه من عنده مثل المصباح الذي يوقد من الشجره المباركه التي وصفها جل ثناوه في هذه الايه وعنى بقوله يكاد زيتها يضيء ان حجج الله تعالى ذكره على خلقه تكاد من بيانها ووضوحها تضيء لمن فكر فيها ونظر او اعرض عنها ولها ولو لم تمسسه نار يقول ولو لم يزدها الله بيانا ووضوحا بانـزاله هذا القران اليهم منبها لهم على توحيده فكيف اذا نبههم به وذكرهم باياته فزادهم به حجه الى حججه عليهم قبل ذلك فذلك بيان من الله ونور على البيان والنور الذي كان قد وضعه لهم ونصبه قبل نـزوله وقوله نور على نور يعني النار على هذا الزيت الذي كاد يضيء ولو لم تمسسه النار كما حدثني محمد بن عمرو قال ثنا ابو عاصم قال ثنا عيسى وحدثني الحارث قال ثنا الحسن قال ثنا ورقاء جميعا عن ابن ابي نجيح عن مجاهد نور على نور قال النار على الزيت قال ابو جعفر وهو عندي كما ذكرت مثل القران ويعني بقوله نور على نور هذا القران نور من عند الله انـزله الى خلقه يستضيئون به على نور على الحجج والبيان الذي قد نصبه لهم قبل مجيء القران انـزاله اياه مما يدل على حقيقه وحدانيته فذلك بيان من الله ونور على البيان والنور الذي كان وضعه لهم ونصبه قبل نـزوله وذكر عن زيد بن اسلم في ذلك ما حدثني يونس قال اخبرنا ابن وهب قال اخبرني عبد الله بن عياش قال قال زيد بن اسلم في قوله نور على نور يضيء بعضه بعضا يعني القران وقوله يهدي الله لنوره من يشاء يقول تعالى ذكره يوفق الله لاتباع نوره وهو هذا القران من يشاء من عباده وقوله ويضرب الله الامثال للناس يقول ويمثل الله الامثال والاشباه للناس كما مثل لهم مثل هذا القران في قلب المومن بالمصباح في المشكاه وسائر ما في هذه الايه من الامثال والله بكل شيء عليم يقول والله يضرب الامثال وغيرها من الاشياء كلها ذو علم الهوامش 3 الكوه بفتح الكاف والضم لغه اللسان 4 في الاصل الزيت بدون لام قبلها واظنه محرفا عما اثبتناه 5 لعل هنا سقطا في العباره تقديره " ثم بنى" كما يفهم من السياق