ابن كثير : اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب يذكر تعالى عبده ورسوله ايوب عليه السلام وما كان ابتلاه تعالى به من الضر في جسده وماله وولده حتى لم يبق من جسده مغرز ابره سليما سوى قلبه ولم يبق له من حال الدنيا شيء يستعين به على مرضه وما هو فيه غير ان زوجته حفظت وده لايمانها بالله ورسوله فكانت تخدم الناس بالاجره وتطعمه وتخدمه نحوا من ثماني عشره سنه وقد كان قبل ذلك في مال جزيل واولاد وسعه طائله من الدنيا فسلب جميع ذلك حتى ال به الحال الى ان القي على مزبله من مزابل البلده هذه المده بكمالها ورفضه القريب والبعيد سوى زوجته رضي الله عنها فانها كانت لا تفارقه صباحا و لا مساء الا بسبب خدمه الناس ثم تعود اليه قريبا فلما طال المطال واشتد الحال وانتهى القدر المقدور وتم الاجل المقدر تضرع الى رب العالمين واله المرسلين فقال اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين الانبياء 83 وفي هذه الايه الكريمه قال رب اني مسني الشيطان بنصب وعذاب قيل بنصب في بدني وعذاب في مالي وولدي فعند ذلك استجاب له ارحم الراحمين وامره ان يقوم من مقامه وان يركض الارض برجله ففعل فانبع الله عينا وامره ان يغتسل منها فاذهب جميع ما كان في بدنه من الاذى ثم امره فضرب الارض في مكان اخر فانبع له عينا اخرى وامره ان يشرب منها فاذهبت ما كان في باطنه من السوء وتكاملت العافيه ظاهرا وباطنا ولهذا قال تعالى اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب قال ابن جرير وابن ابي حاتم جميعا حدثنا يونس بن عبد الاعلى اخبرنا ابن وهب اخبرني نافع بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب عن انس بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ان نبي الله ايوب عليه السلام لبث به بلاوه ثماني عشره سنه فرفضه القريب والبعيد الا رجلين كانا من اخص اخوانه به كانا يغدوان اليه ويروحان فقال احدهما لصاحبه تعلم والله لقد اذنب ايوب ذنبا ما اذنبه احد من العالمين قال له صاحبه وما ذاك قال من ثماني عشره سنه لم يرحمه الله فيكشف ما به فلما راحا اليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له فقال ايوب لا ادري ما تقول غير ان الله يعلم اني كنت امر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله عز وجل فارجع الى بيتي فاكفر عنهما كراهيه ان يذكرا الله الا في حق قال وكان يخرج الى حاجته فاذا قضاها امسكت امراته بيده حتى يبلغ فلما كان ذات يوم ابطا عليها واوحى الله تعالى الى ايوب عليه السلام ان اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فاستبطاته فتلقته تنظر فاقبل عليها قد اذهب الله ما به من البلاء وهو على احسن ما كان فلما راته قالت اي بارك الله فيك هل رايت نبي الله هذا المبتلى فوالله على ذلك ما رايت رجلا اشبه به منك اذ كان صحيحا قال فاني انا هو قال وكان له اندران اندر للقمح واندر للشعير فبعث الله سحابتين فلما كانت احداهما على اندر القمح افرغت فيه الذهب حتى فاض وافرغت الاخرى في اندر الشعير حتى فاض هذا لفظ ابن جرير رحمه الله وقال الامام احمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا ابو هريره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بينما ايوب يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب فجعل ايوب يحثو في ثوبه فناداه ربه يا ايوب الم اكن اغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنى بي عن بركتك " انفرد باخراجه البخاري من حديث عبد الرزاق به