البغوى : يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاه وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم ان الله كان عفوا غفورا قوله عز وجل ياايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاه وانتم سكارى الايه والمراد من السكر السكر من الخمر عند الاكثرين وذلك ان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه صنع طعاما ودعا ناسا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واتاهم بخمر فشربوها قبل تحريم الخمر وسكروا فحضرت صلاه المغرب فقدموا رجلا ليصلي بهم فقرا قل يا ايها الكافرون اعبد ما تعبدون بحذف لا هكذا الى اخر السوره فانزل الله تعالى هذه الايه فكانوا بعد نزول هذه الايه يجتنبون السكر اوقات الصلوات حتى نزل تحريم الخمر وقال الضحاك بن مزاحم اراد به سكر النوم نهى عن الصلاه عند غلبه النوم اخبرنا ابو الحسن السرخسي انا زاهر بن احمد انا ابو القاسم جعفر بن محمد بن المغلس انا هارون بن اسحاق الهمذاني اخبرنا عبده بن سليمان عن هشام بن عروه عن ابيه عن عائشه رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اذا نعس احدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فان احدكم اذا صلى وهو ينعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه " قوله تعالى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا نصب على الحال يعني ولا تقربوا الصلاه وانتم جنب يقال رجل جنب وامراه جنب ورجال جنب ونساء جنب واصل الجنابه البعد وسمي جنبا لانه يتجنب موضع الصلاه او لمجانبته الناس وبعده منهم حتى يغتسل قوله تعالى الا عابري سبيل حتى تغتسلوا اختلفوا في معناه فقالوا الا ان تكونوا مسافرين ولا تجدون الماء فتيمموا منع الجنب من الصلاه حتى يغتسل الا ان يكون في سفر ولا يجد ماء فيصلي بالتيمم وهذا قول علي وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد رضي الله عنهم وقال الاخرون المراد من الصلاه موضع الصلاه كقوله تعالى " وبيع وصلوات " الحج 40 ومعناه لا تقربوا المسجد وانتم جنب الا مجتازين فيه للخروج منه مثل ان ينام في المسجد فيجنب او تصيبه جنابه والماء في المسجد او يكون طريقه عليه فيمر فيه ولا يقيم وهذا قول عبد الله بن مسعود وسعيد بن المسيب والضحاك والحسن وعكرمه والنخعي والزهري وذلك ان قوما من الانصار كانت ابوابهم في المسجد فتصيبهم الجنابه ولا ماء عندهم ولا ممر لهم الا في المسجد فرخص لهم في العبور واختلف اهل العلم فيه فاباح بعضهم المرور فيه على الاطلاق وهو قول الحسن وبه قال مالك والشافعي رحمهم الله ومنع بعضهم على الاطلاق وهو قول اصحاب الراي وقال بعضهم يتيمم للمرور فيه اما المكث فلا يجوز عند اكثر اهل العلم لما روينا عن عائشه رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " وجهوا هذه البيوت عن المسجد فاني لا احل المسجد لحائض ولا جنب " وجوز احمد المكث فيه وضعف الحديث لان راويه مجهول وبه قال المزني ولا يجوز للجنب الطواف كما لا يجوز له الصلاه ولا يجوز له قراءه القران اخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي انا عبد الرحمن بن ابي شريح انا ابو القاسم البغوي انا علي بن الجعد انا شعبه اخبرني عمرو بن مره قال سمعت عبد الله بن سلمه يقول دخلت على علي رضي الله عنه فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي الحاجه وياكل معنا اللحم ويقرا القران وكان لا يحجبه او لا يحجزه عن قراءه القران شيء الا الجنابه " وغسل الجنابه يجب باحد الامرين اما بنزول المني او بالتقاء الختانين وهو تغييب الحشفه في الفرج وان لم ينزل وكان الحكم في الابتداء ان من جامع امراته فاكسل لا يجب عليه الغسل ثم صار منسوخا اخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب انا عبد العزيز بن احمد الخلال انا ابو العباس الاصم انا الربيع انا الشافعي انا سفيان عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب ان ابا موسى الاشعري سال عائشه رضي الله عنها عن التقاء الختانين فقالت عائشه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اذا التقى الختانان او مس الختان الختان فقد وجب الغسل " قوله تعالى وان كنتم مرضى جمع مريض واراد به مريضا يضره امساس الماء مثل الجدري ونحوه او كان على موضع طهارته جراحه يخاف من استعمال الماء فيها التلف او زياده الوجع فانه يصلي بالتيمم وان كان الماء موجودا وان كان بعض اعضاء طهارته صحيحا والبعض جريحا غسل الصحيح منها وتيمم للجريح لما اخبرنا ابو طاهر عمر بن عبد العزيز القاشاني انا ابو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي انا ابو علي محمد بن احمد بن عمرو اللولوي انا ابو داود سليمان بن الاشعث السجستاني انا موسى بن عبد الرحمن الانطاكي انا محمد بن سلمه عن الزبير بن خريق عن جابر بن عبد الله قال خرجنا في سفر فاصاب رجلا منا حجر فشجه في راسه فاحتلم فسال اصحابه هل تجدون لي رخصه في التيمم قالوا ما نجد لك رخصه وانت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بذلك فقال " قتلوه قتلهم الله الا سالوا اذا لم يعلموا فانما شفاء العي السوال انما كان يكفيه ان يتيمم ويعصر او يعصب شك الراوي على جرحه خرقه ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده " ولم يجوز اصحاب الراي الجمع بين التيمم والغسل وقالوا ان كان اكثر اعضائه صحيحا غسل الصحيح ولا يتيمم عليه وان كان الاكثر جريحا اقتصر على التيمم والحديث حجه لمن اوجب الجمع بينهما قوله تعالى او على سفر اراد انه اذا كان في سفر طويلا كان او قصيرا وعدم الماء فانه يصلي بالتيمم ولا اعاده عليه لما روي عن ابي ذر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم " ان الصعيد الطيب وضوء المسلم وان لم يجد الماء عشر سنين فاذا وجد الماء فليمسه بشره " اما اذا لم يكن الرجل مريضا ولا في سفر لكنه عدم الماء في موضع لا يعدم فيه الماء غالبا بان كان في قريه انقطع ماوها فانه يصلي بالتيمم ثم يعيد اذا قدر على الماء عند الشافعي وعند مالك والاوزاعي لا اعاده عليه وعند ابي حنيفه رضي الله عنه يوخر الصلاه حتى يجد الماء قوله تعالى او جاء احد منكم من الغائط اراد به اذا احدث والغائط اسم للمطمئن من الارض وكانت عاده العرب اتيان الغائط للحدث فكني عن الحدث بالغائط او لامستم النساء قرا حمزه والكسائي " لمستم " هاهنا وفي المائده وقرا الباقون لامستم النساء واختلفوا في معنى اللمس والملامسه فقال قوم المجامعه وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتاده وكني باللمس عن الجماع لان الجماع لا يحصل الا باللمس وقال قوم هما التقاء البشرتين سواء كان بجماع او غير جماع وهو قول ابن مسعود وابن عمر والشعبي والنخعي واختلف الفقهاء في حكم الايه فذهب جماعه الى انه اذا افضى الرجل بشيء من بدنه الى شيء من بدن المراه ولا حائل بينهما ينتقض وضوءهما وهو قول ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما وبه قال الزهري والاوزاعي والشافعي رضي الله عنهم وقال مالك والليث بن سعد واحمد واسحاق ان كان اللمس بشهوه نقض الطهر وان لم يكن بشهوه فلا ينتقض وقال قوم لا ينتقض الوضوء باللمس بحال وهو قول ابن عباس وبه قال الحسن والثوري وقال ابو حنيفه رضي الله عنه لا ينتقض الا ان يحدث الانتشار واحتج من لم يوجب الوضوء باللمس بما اخبرنا ابو الحسن السرخسي انا زاهر بن احمد انا ابو اسحاق الهاشمي انا ابو مصعب عن مالك عن ابي النضر مولى عمر بن عبد الله عن ابي سلمه بن عبد الرحمن عن عائشه رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت كنت انام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فاذا سجد غمزني فقبضت رجلي واذا قام بسطتهما قالت والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح اخبرنا ابو الحسن السرخسي انا زاهر بن احمد انا ابو اسحاق الهاشمي انا ابو مصعب عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي ان عائشه رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كنت نائمه الى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففقدته من الليل فلمسته بيدي فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد وهو يقول " اعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك " واختلف قول الشافعي رضي الله عنه فيما لو لمس امراه من محارمه كالام والبنت والاخت او لمس اجنبيه صغيره اصح القولين انه لا ينقض الوضوء لانها ليست بمحل الشهوه كما لو لمس رجلا واختلف قوله في انتقاض وضوء الملموس على قولين احدهما ينتقض لاشتراكهما في الالتذاذ كما يجب الغسل عليهما بالجماع والثاني لا ينتقض لحديث عائشه رضي الله عنها حيث قالت فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد ولو لمس شعر امراه او سنها او ظفرها لم ينتقض وضوءه عنده واعلم ان المحدث لا تصح صلاته ما لم يتوضا اذا وجد الماء او يتيمم اذا لم يجد الماء اخبرنا حسان بن سعيد المنيعي اخبرنا ابو طاهر الزيادي انا ابو بكر محمد بن الحسين القطان انا احمد بن يوسف السلمي انا عبد الرزاق انا معمر عن همام بن منبه انا ابو هريره رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقبل صلاه احدكم اذا احدث حتى يتوضا " والحدث هو خروج الخارج من احد الفرجين عينا كان او اثرا والغلبه على العقل بجنون او اغماء على اي حال كان واما النوم فمذهب الشافعي رضي الله عنه انه يوجب الوضوء الا ان ينام قاعدا متمكنا فلا وضوء عليه لما اخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب اخبرنا عبد العزيز الخلال انا ابو العباس الاصم اخبرنا الربيع انا الشافعي انا الثقه عن حميد الطويل عن انس رضي الله عنهما قال كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء فينامون احسبه قال قعودا حتى تخفق رءوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون وذهب قوم الى ان النوم يوجب الوضوء بكل حال وهو قول ابي هريره رضي الله عنه وعائشه رضي الله عنها وبه قال الحسن واسحاق والمزني وذهب قوم الى انه لو نام قائما او قاعدا او ساجدا فلا وضوء عليه حتى ينام مضطجعا وبه قال الثوري وابن المبارك واصحاب الراي واختلفوا في مس الفرج من نفسه او من غيره فذهب جماعه الى انه يوجب الوضوء وهو قول عمر وابن عباس وسعد بن ابي وقاص وابي هريره وعائشه رضي الله عنها وبه قال سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعروه بن الزبير واليه ذهب الاوزاعي والشافعي واحمد واسحاق وكذلك المراه تمس فرجها غير ان الشافعي رضي الله عنه يقول لا ينتقض الا ان يمس ببطن الكف او بطون الاصابع واحتجوا بما اخبرنا ابو الحسن السرخسي انا زاهر بن احمد اخبرنا ابو اسحاق الهاشمي انا ابو مصعب عن مالك عن عبد الله بن ابي بكر محمد بن محمد بن عمرو بن حزم انه سمع عروه بن الزبير يقول دخلت على مروان بن الحكم فذكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان من مس الذكر الوضوء فقال عروه ما علمت ذلك فقال مروان اخبرتني بسره بنت صفوان انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " اذا مس احدكم ذكره فليتوضا " وذهب جماعه الى انه لا يوجب الوضوء روي ذلك عن علي وابن مسعود وابي الدرداء وحذيفه وبه قال الحسن واليه ذهب الثوري وابن المبارك واصحاب الراي واحتجوا بما روي عن طلق بن علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مس الرجل ذكره فقال " هل هو الا بضعه منك " ويروى " هل هو الا بضعه او مضغه منه " ومن اوجب الوضوء منه قال هذا منسوخ بحديث بسره لان ابا هريره يروي ايضا ان الوضوء من مس الذكر وهو متاخر الاسلام وكان قدوم طلق بن علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم اول زمن الهجره حين كان يبني المسجد واختلفوا في خروج النجاسه من غير الفرجين بالفصد والحجامه وغيرهما من القيء ونحوه فذهب جماعه الى انه لا يوجب الوضوء روي ذلك عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وبه قال عطاء وطاوس والحسن وسعيد بن المسيب واليه ذهب مالك والشافعي وذهبت جماعه الى ايجاب الوضوء بالقيء والرعاف والفصد والحجامه منهم سفيان الثوري وابن المبارك واصحاب الراي واحمد واسحاق واتفقوا على ان القليل منه وخروج الريح من غير السبيلين لا يوجب الوضوء ولو اوجب الوضوء كثيره لاوجب قليله كالفرج فلم تجدوا ماء فتيمموا اعلم ان التيمم من خصائص هذه الامه روى حذيفه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكه وجعلت لنا الارض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا اذا لم نجد الماء " وكان بدء التيمم ما اخبرنا ابو الحسن محمد بن محمد السرخسي اخبرنا ابو علي زاهر بن احمد السرخسي اخبرنا ابو اسحاق ابراهيم بن عبد الصمد الهاشمي اخبرنا ابو مصعب عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن ابيه عن عائشه رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره حتى اذا كنا بالبيداء او بذات الجيش انقطع عقد لي فاقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه واقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فاتى الناس ابا بكر رضي الله عنه فقالوا الا ترى ما صنعت عائشه اقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء ابو بكر رضي الله عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع راسه على فخذي قد نام فقال احبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء قالت فعاتبني ابو بكر رضي الله عنه وقال ما شاء الله ان يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك الا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اصبح على غير ماء فانزل الله تعالى ايه التيمم فتيمموا فقال اسيد بن حضير وهو احد النقباء ما هذه باول بركتكم يا ال ابي بكر قالت عائشه رضي الله عنها فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته واخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي انا احمد بن عبد الله النعيمي انا محمد بن يوسف انا محمد بن اسماعيل انا عبيد بن اسماعيل انا ابو اسامه عن هشام عن ابيه عن عائشه رضي الله عنها انها استعارت من اسماء قلاده فهلكت فارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من اصحابه في طلبها فادركتهم الصلاه فصلوا بغير وضوء فلما اتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك اليه فنزلت ايه التيمم فقال اسيد بن حضير جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك امر قط الا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركه فتيمموا اي اقصدوا صعيدا طيبا اي ترابا طاهرا نظيفا قال ابن عباس رضي الله عنهما الصعيد هو التراب واختلف اهل العلم فيما يجوز به التيمم فذهب الشافعي رحمه الله تعالى الى انه يختص بما يقع عليه اسم التراب مما يعلق باليد منه غبار لان النبي صلى الله عليه وسلم قال " وجعلت تربتها لنا طهورا " وجوز اصحاب الراي التيمم بالزرنيخ والجص والنوره وغيرها من طبقات الارض حتى قالوا لو ضرب يديه على صخره لا غبار عليها او على التراب ثم نفخ فيه حتى زال كله فمسح به وجهه ويديه صح تيممه وقالوا الصعيد وجه الارض لما روي عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " جعلت لي الارض مسجدا وطهورا " وهذا مجمل وحديث حذيفه في تخصيص التراب مفسر والمفسر من الحديث يقضي على المجمل وجوز بعضهم التيمم بكل ما هو متصل بالارض من شجر ونبات ونحوهما وقال ان الصعيد اسم لما تصاعد على وجه الارض والقصد الى التراب شرط لصحه التيمم لان الله تعالى قال فتيمموا والتيمم القصد حتى لو وقف في مهب الريح فاصاب الغبار وجهه ونوى لم يصح قوله تعالى فامسحوا بوجوهكم وايديكم ان الله كان عفوا غفورا اعلم ان مسح الوجه واليدين واجب في التيمم واختلفوا في كيفيته فذهب اكثر اهل العلم الى انه يمسح الوجه واليدين مع المرفقين بضربتين يضرب كفيه على التراب فيمسح جميع وجهه ولا يجب ايصال التراب الى ما تحت الشعور ثم يضرب ضربه اخرى فيمسح يديه الى المرفقين لما اخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن الخطيب انا عبد العزيز بن احمد الخلال انا ابو العباس الاصم انا الربيع انا الشافعي انا ابراهيم بن محمد عن ابي الحويرث عن الاعرج عن ابي الصمه قال مررت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام الى جدار فحته بعصا كانت معه ثم وضع يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد علي " ففيه دليل على وجوب مسح اليدين الى المرفقين كما يجب غسلهما في الوضوء الى المرفقين ودليل على ان التيمم لا يصح ما لم يعلق باليد غبار التراب لان النبي صلى الله عليه وسلم حت الجدار بالعصا ولو كان مجرد الضرب كافيا لما كان حته وذهب الزهري الى انه يمسح اليدين الى المنكبين لما روي عن عمار انه قال تيممنا الى المناكب وذلك حكايه فعله لم ينقله عن النبي صلى الله عليه وسلم كما روي انه قال اجنبت فتمعكت في التراب فلما سال النبي صلى الله عليه وسلم امره بالوجه والكفين وذهب جماعه الى ان التيمم ضربه واحده للوجه والكفين وهو قول علي وابن عباس رضي الله عنهم وبه قال الشعبي وعطاء بن ابي رباح ومكحول واليه ذهب الاوزاعي واحمد واسحاق واحتجوا بما اخبرنا عبد الواحد المليحي انا احمد بن عبد الله النعيمي انا محمد بن يوسف انا محمد بن اسماعيل انا ادم انا شعبه اخبرنا الحكم عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن ابزى عن ابيه قال جاء رجل الى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال اني اجنبت فلم اصب الماء فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب اما تذكر انا كنا في سفر انا وانت فاما انت فلم تصل واما انا فتمعكت فصليت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " انما كان يكفيك هكذا فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الارض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه " وقال محمد بن اسماعيل انا محمد بن كثير عن شعبه باسناده فقال عمار لعمر رضي الله عنه تمعكت فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال " يكفيك الوجه والكفان " وفي الحديث دليل على ان الجنب اذا لم يجد الماء يصلي بالتيمم وكذا الحائض والنفساء اذا طهرتا وعدمتا الماء وذهب عمر وابن مسعود رضي الله عنهما الى ان الجنب لا يصلي بالتيمم بل يوخر الصلاه الى ان يجد الماء فيغتسل وحملا قوله تعالى او لامستم النساء على اللمس باليد دون الجماع وحديث عمار رضي الله عنه حجه وكان عمر نسي ما ذكر له عمار فلم يقنع بقوله وروي ان ابن مسعود رضي الله عنه رجع عن قوله وجوز التيمم للجنب والدليل عليه ايضا ما اخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب انا عبد العزيز بن احمد الخلال انا ابو العباس الاصم انا الربيع انا الشافعي انا ابراهيم بن محمد بن عياد بن منصور عن ابي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم امر رجلا كان جنبا ان يتيمم ثم يصلي فاذا وجد الماء اغتسل واخبرنا عمر بن عبد العزيز انا ابو القاسم بن جعفر الهاشمي انا ابو علي اللولوي انا ابو داود السجستاني انا مسدد انا خالد الواسطي عن خالد الحذاء عن ابي عمرو عن بجدان عن ابي ذر رضي الله عنهم قال اجتمعت غنيمه من الصدقه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ابا ذر ابد فيها فبدوت الى الربذه وكانت تصيبني الجنابه فامكث الخمس والست فاتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو الى عشر سنين فاذا وجدت الماء فامسه جلدك فان ذلك خير " ومسح الوجه واليدين في التيمم تاره يكون بدلا من غسل جميع البدن في حق الجنب والحائض والنفساء والميت وتاره يكون بدلا عن غسل الاعضاء الاربع في حق المحدث وتاره يكون بدلا عن غسل بعض اعضاء الطهاره بان يكون على بعض اعضاء طهارته جراحه لا يمكنه غسل محلها فعليه ان يتيمم بدلا عن غسله ولا يصح التيمم لصلاه الوقت الا بعد دخول الوقت ولا يجوز ان يجمع بين فريضتين بتيمم واحد لان الله تعالى قال اذا قمتم الى الصلاه فاغسلوا وجوهكم الى ان قال فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ظاهر الايه يدل على وجوب الوضوء او التيمم اذا لم يجد الماء عند كل صلاه الا ان الدليل قد قام في الوضوء فان النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم فتح مكه الصلوات بوضوء واحد فبقي التيمم على ظاهره وهذا قول علي وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وبه قال الشعبي والنخعي وقتاده واليه ذهب مالك والشافعي واحمد واسحاق وذهب جماعه الى ان التيمم كالطهاره بالماء يجوز تقديمه على وقت الصلاه ويجوز ان يصلي به ما شاء من الفرائض ما لم يحدث وهو قول سعيد بن المسيب والحسن والزهري والثوري واصحاب الراي واتفقوا على انه يجوز ان يصلي بتيمم واحد مع الفريضه ما شاء من النوافل قبل الفريضه وبعدها وان يقرا القران ان كان جنبا وان كان تيممه بعذر السفر وعدم الماء فيشترط طلب الماء وهو ان يطلبه من رحله ورفقائه وان كان في صحراء لا حائل دون نظره ينظر حواليه وان كان دون نظره حائل قريب من تل او جدار عدل عنه لان الله تعالى قال فلم تجدوا ماء فتيمموا ولا يقال لم يجد الماء الا لمن طلب وعند ابي حنيفه رضي الله عنه طلب الماء ليس بشرط فان راى الماء ولكن بينه وبين الماء حائل من عدو او سبع يمنعه من الذهاب اليه او كان الماء في البئر وليس معه اله الاستقاء فهو كالمعدوم يصلي بالتيمم ولا اعاده عليه