السعدى : وهو الذي انشا جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا اكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره اذا اثمر واتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين لما ذكر تعالى تصرف المشركين في كثير مما احله الله لهم من الحروث والانعام ذكر تبارك وتعالى نعمته عليهم بذلك ووظيفتهم اللازمه عليهم في الحروث والانعام فقال وهو الذي انشا جنات اي بساتين فيها انواع الاشجار المتنوعه والنباتات المختلفه معروشات وغير معروشات اي بعض تلك الجنات مجعول لها عرش تنتشر عليه الاشجار ويعاونها في النهوض عن الارض وبعضها خال من العروش تنبت على ساق او تنفرش في الارض وفي هذا تنبيه على كثره منافعها وخيراتها وانه تعالى علم العباد كيف يعرشونها وينمونها و انشا تعالى النخل والزرع مختلفا اكله اي كله في محل واحد ويشرب من ماء واحد ويفضل الله بعضه على بعض في الاكل وخص تعالى النخل والزرع على اختلاف انواعه لكثره منافعها ولكونها هي القوت لاكثر الخلق و انشا تعالى الزيتون والرمان متشابها في شجره وغير متشابه في ثمره وطعمه كانه قيل لاي شيء انشا الله هذه الجنات وما عطف عليها فاخبر انه انشاها لمنافع العباد فقال كلوا من ثمره اي النخل والزرع اذا اثمر واتوا حقه يوم حصاده اي اعطوا حق الزرع وهو الزكاه ذات الانصباء المقدره في الشرع امرهم ان يعطوها يوم حصادها وذلك لان حصاد الزرع بمنزله حولان الحول لانه الوقت الذي تتشوف اليه نفوس الفقراء ويسهل حينئذ اخراجه على اهل الزرع ويكون الامر فيها ظاهرا لمن اخرجها حتى يتميز المخرج ممن لا يخرج وقوله ولا تسرفوا يعم النهي عن الاسراف في الاكل وهو مجاوزه الحد والعاده وان ياكل صاحب الزرع اكلا يضر بالزكاه والاسراف في اخراج حق الزرع بحيث يخرج فوق الواجب عليه ويضر نفسه او عائلته او غرماءه فكل هذا من الاسراف الذي نهى الله عنه الذي لا يحبه الله بل يبغضه ويمقت عليه وفي هذه الايه دليل على وجوب الزكاه في الثمار وانه لا حول لها بل حولها حصادها في الزروع وجذاذ النخيل وانه لا تتكرر فها الزكاه لو مكثت عند العبد احوالا كثيره اذا كانت لغير التجاره لان الله لم يامر بالاخراج منه الا وقت حصاده وانه لو اصابها افه قبل ذلك بغير تفريط من صاحب الزرع والثمر انه لا يضمنها وانه يجوز الاكل من النخل والزرع قبل اخراج الزكاه منه وانه لا يحسب ذلك من الزكاه بل يزكي المال الذي يبقى بعده وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث خارصا يخرص للناس ثمارهم ويامره ان يدع لاهلها الثلث او الربع بحسب ما يعتريها من الاكل وغيره من اهلها وغيرهم